عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 03:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون * وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين * قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون * وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون}
هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عن فعل قريش وقولها، أي: هذه يا محمد سيرة الأمم، فلا يهمنك أمر قومك، و"القرية": المدينة، و"المترف": المنعم البطال الغني القليل تعب النفس والجسم، فعادتهم المبادرة بالتكذيب).[المحرر الوجيز: 7/ 189]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا} يحتمل أن يعود الضمير على "المترفين"، ويكون ذلك من قولهم مع تكذيبهم، ولما كانت قريش مثلهم أمره الله تعالى بأن يقول: {إن ربي يبسط} الآية، ويحتمل أن يعود الضمير في "قالوا" لقريش، ويكون كلام "المترفين" قد تقدم، ثم تطرد الآية بعد. ومعنى قولهم: نحن أكثر أموالا وأولادا الاحتجاج بأن الله لم يعطنا هذا وقدره لنا إلا لرضاه عنا وعن طريقتنا، ونحن ممن لا يعذب البتة; إذ الله الذي تزعم أنت علمه بجميع الأشياء وإحاطته قد قدر علينا النعم، فهو إذن راض عنا. وقال بعض المفسرين: معنى قولهم: وما نحن بمعذبين أي: بالفقر، وهذا ليس كالأول في القوة،
فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: إن الأمر ليس كما ظنوا، بل بسط الرزق وقدره معلق بالمشيئة في كافر ومؤمن، وليس شيء من ذلك دليلا على رضى الله تعالى والقرب منه; لأنه قد يعطي ذلك إملاء واستدراجا، وكثير من الناس لا يعلم ذلك كأنتم أيها الكفرة. وقرأت فرقة: "ويقدر"، وقرأت فرقة بالتشديد، وهي راجعة إلى معنى التضييق الذي هو ضد البسط). [المحرر الوجيز: 7/ 189-190]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبرهم بأن أموالهم وأولادهم ليست بمقربة من الله "زلفى"، وهي مصدر بمعنى القرب، وكأنه قال: تقربكم عندنا تقريبا، وقرأ الضحاك: "زلفى" بفتح اللام وتنوين. وقوله: {إلا من آمن} استثناء، و"من" في موضع نصب بالاستثناء. وقال الزجاج: هي بدل من الضمير في "تقربكم"، وقال الفراء: في موضع رفع، وتقدير الكلام: ما هو مقرب إلا من آمن. وقرأ الجمهور: "جزاء الضعف" بالإضافة، وقرأ قتادة: "جزاء" منونا "الضعف" رفعا، وحكى عنه الداني "جزاء" نصبا منونا "الضعف" نصبا. و"الضعف" هنا اسم جنس، أي بالتضعيف; إذ بعضهم يجازى إلى عشرة، وبعضهم أكثر صاعدا إلى سبعمائة بحسب الأعمال ومشيئة الله فيها.
وقرأ الجمهور: "في الغرفات" بالجمع، وقرأ حمزة وحده: "في الغرفة" على اسم الجنس يراد به الجمع، ورويت عن الأعمش، وهما في القراءة حسنتان. قال أبو علي: وقد يجيء هذا الجمع بالألف والتاء "الغرفات" ونحوه للتكثير، ومنه قول حسان:
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
فلم يرد إلا كثرة جفان، وتأمل نقد الأعشى في هذا البيت.
وقرأ الأعشى، والحسن، وعاصم - بخلاف -: "في الغرفات" بسكون الراء). [المحرر الوجيز: 7/ 190]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون * قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}
لما ذكر تعالى المؤمنين العاملين الصالحات وثوابهم عقب بذكر ضدهم وذكر جزائهم ليظهر تباين المنازل، وقرأت فرقة: "معاجزين"، وفرقة "معجزين"، وقد تقدم تفسيرها.
و"محضرون" من الإحضار والإعداد). [المحرر الوجيز: 7/ 191]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم كرر القول ببسط الرزق وقدره تأكيدا وتبيينا، وقصد به هاهنا رزق المؤمنين، وليس سوقه على المعنى الأول الذي جلب للكافرين، بل هذا هنا على جهة الوعظ والتزهيد في الدنيا، والحض على النفقة في الطاعات، ثم وعد بالخلف في ذلك وهو بشرط الاقتصاد والنية في الطاعة ودفع المضرات وعد منجز، إما في الدنيا، وإما في الآخرة. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله قال لي: أنفق أنفق عليك"، وفي البخاري: "أن الملك ينادي كل يوم، اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول ملك آخر: اللهم أعط ممسكا تلفا".
وأما قوله: {وهو خير الرازقين} فمن حيث يقال في الإنسان: إنه يرزق عياله، والأمير جنده، لكن ذلك من مال يملك عليهم، والله تعالى من خزائن لا تفنى، ومن إخراج من عدم إلى وجود. وقرأ الأعمش: "ويقدر" بضم الياء وشد الدال). [المحرر الوجيز: 7/ 191]

رد مع اقتباس