عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:40 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {الر تلك آيات الكتاب الحكيم (1) أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم أن أنذر النّاس وبشّر الّذين آمنوا أنّ لهم قدم صدقٍ عند ربّهم قال الكافرون إنّ هذا لساحرٌ مبينٌ (2) }
أمّا الحروف المقطّعة في أوائل السّور، فقد تقدّم الكلام عليها [مستوفًى] في أوائل سورة البقرة.
وقال أبو الضّحى، عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: "الر"، أي: أنا اللّه أرى. وكذا قال الضّحّاك وغيره.
{تلك آيات الكتاب الحكيم} أي: هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال مجاهدٌ: {الر تلك آيات الكتاب الحكيم} [قال: التّوراة والإنجيل].
[وقال الحسن: التّوراة والزّبور].
وقال قتادة: {تلك آيات الكتاب} قال: الكتب الّتي كانت قبل القرآن.
وهذا القول لا أعرف وجهه ولا معناه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 245]

تفسير قوله تعالى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم أن أنذر النّاس وبشّر الّذين آمنوا} الآية، يقول تعالى منكرًا على من تعجّب من الكفّار من إرسال المرسلين من البشر، كما أخبر تعالى عن القرون الماضية من قولهم: {أبشرٌ يهدوننا} [التّغابن: 6] وقال هودٌ وصالحٌ لقومهما: {أوعجبتم أن جاءكم ذكرٌ من ربّكم على رجلٍ منكم} [الأعراف: 63: 69] وقال تعالى مخبرًا عن كفّار قريشٍ أنّهم قالوا: {أجعل الآلهة إلهًا واحدًا إنّ هذا لشيءٌ عجابٌ} [ص: 5].
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: لمّا بعث اللّه تعالى محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم رسولًا أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر منهم، فقالوا: اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشرًا مثل محمد. قال: فأنزل الله عزوجلّ: {أكان للنّاس عجبًا أن أوحينا إلى رجلٍ منهم}
وقوله: {أنّ لهم قدم صدقٍ عند ربّهم} اختلفوا فيه، فقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {أنّ لهم قدم صدقٍ [عند ربّهم]} يقول: سبقت لهم السّعادة في الذّكر الأوّل.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {أنّ لهم قدم صدقٍ عند ربّهم} يقول: أجرًا حسنًا، بما قدّموا. وكذا قال الضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم. وهذا كقوله تعالى: {لينذر بأسًا شديدًا من لدنه ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرًا حسنًا ماكثين فيه أبدًا} [الكهف: 2، 3]
وقال مجاهدٌ: {أنّ لهم قدم صدقٍ عند ربّهم} قال: الأعمال الصّالحة صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم.
[وقال عمرو بن الحارث عن قتادة أو الحسن {أنّ لهم قدم صدقٍ عند ربّهم]} قال: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم شفيعٌ لهم. وكذا قال زيد بن أسلم، ومقاتل بن حيّان.
وقال قتادة: سلف صدقٍ عند ربّهم.
واختار ابن جريرٍ قول مجاهدٍ -أنّها الأعمال الصّالحة الّتي قدّموها -قال: كما يقال: "له قدمٌ في الإسلام" ومنه قول [حسّان] رضي اللّه عنه.
لنا القدم العليا إليك وخلفنا لأوّلنا في طاعة الله تابع
وقول ذي الرّمة:
لكم قدمٌ لا ينكر الناس أنّها = مع الحسب العاديّ طمّت على البحر
وقوله تعالى: {قال الكافرون إنّ هذا لساحرٌ مبينٌ} أي: مع أنّا بعثنا إليهم رسولًا منهم، رجلًا من جنسهم، بشيرًا ونذيرًا، {قال الكافرون إنّ هذا لساحرٌ مبينٌ} أي: ظاهرٌ، وهم الكاذبون في ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 245-246]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّ ربّكم اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّامٍ ثمّ استوى على العرش يدبّر الأمر ما من شفيعٍ إلّا من بعد إذنه ذلكم اللّه ربّكم فاعبدوه أفلا تذكّرون (3) }
يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه، وأنّه خلق السّموات والأرض في ستّة أيّامٍ -قيل: كهذه الأيّام، وقيل: كلّ يومٍ كألف سنةٍ ممّا تعدّون. كما سيأتي بيانه [إن شاء اللّه تعالى] ثم استوىعلى العرش، والعرش أعظم المخلوقات وسقفها.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا حجّاج بن حمزة، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت سعد الطّائيّ يقول: العرش ياقوتةٌ حمراء.
وقال وهب بن منبّهٍ: خلقه اللّه من نوره.
وهذا غريبٌ.
{يدبّر الأمر} أي: يدبّر أمر الخلائق، {لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السّماوات ولا في الأرض} [سبأٍ: 3]، ولا يشغله شأنٌ عن شأنٍ، ولا تغلّظه المسائل، ولا يتبرّم بإلحاح الملحّين ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصّغير، في الجبال والبحار والعمران والقفار، {وما من دابّةٍ في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبينٍ} [هودٍ: 6]. {وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبينٍ} [الأنعام: 59].
وقال الدّراورديّ، عن سعد بن إسحاق بن كعب [بن عجرة] أنّه قال حين نزلت هذه الآية: {إنّ ربّكم اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّامٍ} لقيهم ركبٌ عظيمٌ [لا يرون إلّا أنّهم] من العرب، فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا. من الجنّ، خرجنا من المدينة، أخرجتنا هذه الآية. رواه ابن أبي حاتمٍ.
[وقوله] {ما من شفيعٍ إلا من بعد إذنه} كقوله تعالى: {من ذا الّذي يشفع عنده إلا بإذنه} [البقرة: 255] وكقوله تعالى: {وكم من ملكٍ في السّماوات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلا من بعد أن يأذن اللّه لمن يشاء ويرضى} [النّجم: 26] وقوله: {ولا تنفع الشّفاعة عنده إلا لمن أذن له} [سبأٍ: 23].
وقوله: {ذلكم اللّه ربّكم فاعبدوه أفلا تذكّرون} أي: أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له، {أفلا تذكّرون} أي: أيّها المشركون في أمركم، تعبدون مع اللّه غيره، وأنتم تعلمون أنّه المتفرّد بالخلق، كقوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ اللّه} [الزّخرف: 87]، وقوله: {قل من ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم سيقولون للّه قل أفلا تتّقون} [المؤمنون: 86 -87]، وكذا الآية الّتي قبلها والّتي بعدها). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 246-247]

تفسير قوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إليه مرجعكم جميعًا وعد اللّه حقًّا إنّه يبدأ الخلق ثمّ يعيده ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات بالقسط والّذين كفروا لهم شرابٌ من حميمٍ وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون (4) }
أخبر تعالى أنّ إليه مرجع الخلائق يوم القيامة، لا يترك منهم أحدًا حتّى يعيده كما بدأه. ثمّ ذكر تعالى أنّه كما بدأ الخلق كذلك يعيده، {وهو الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده وهو أهون عليه} [الرّوم: 27].
{ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات بالقسط} أي: بالعدل والجزاء الأوفى، {والّذين كفروا لهم شرابٌ من حميمٍ وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون} أي: بسبب كفرهم يعذّبون يوم القيامة بأنواع العقاب، من {سمومٍ وحميمٍ وظلٍّ من يحمومٍ} [الواقعة: 42، 43]. {هذا فليذوقوه حميمٌ وغسّاقٌ وآخر من شكله أزواجٌ} [ص: 57، 58]. {هذه جهنّم الّتي يكذّب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميمٍ آنٍ} [الرّحمن: 43، 44]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 248]


رد مع اقتباس