عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 10:20 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ألم يروا أنّا جعلنا اللّيل ليسكنوا فيه} يقول تعالى ذكره: ألم ير هؤلاء المكذّبون بآياتنا تصريفنا اللّيل والنّهار، ومخالفتنا بينهما بتصييرنا هذا سكنًا لهم يسكنون فيه، ويهدءون لراحة أبدانهم من تعب التّصرّف والتّقلّب نهارًا، وهذا مضيئًا يبصرون فيه الأشياء ويعاينونها فيتقلّبون فيه لمعايشهم، فيتفكّروا في ذلك، ويتدبّروا ويعلموا أنّ مصرّف ذلك كذلك هو الإله الّذي لا يعجزه شيءٌ، ولا يتعذّر عليه إماتة الأحياء، وإحياء الأموات بعد الممات، كما لم يتعذّر عليه الذّهاب بالنّهار والمجيء باللّيل، والمجيء بالنّهار والذّهاب باللّيل مع اختلاف أحوالهما، {إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يؤمنون} يقول تعالى ذكره: إنّ في تصييرنا اللّيل سكنًا، والنّهار مبصرًا، لدلالةً لقومٍ يؤمنون باللّه على قدرته على ما آمنوا به من البعث بعد الموت، وحجّةً لهم على توحيد اللّه). [جامع البيان: 18/130-131]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألم يروا أنّا جعلنا اللّيل ليسكنوا فيه والنّهار مبصرًا إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون (86)
قوله تعالى: ألم يروا أنّا جعلنا اللّيل ليسكنوا فيه والنّهار مبصراً
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ عبد الأعلى بن حمّادٍ النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: والنّهار مبصرًا أي هو منيرٌ.
قوله تعالى: إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: إنّ في ذلك يعين الّذي بهم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2928]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ووقع القول} قال: وجب القول، والقول الغضب وفي قوله {والنهار مبصرا} قال: منيرا والله أعلم). [الدر المنثور: 11/413] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري أحسبه عن ابن المسيب في قوله ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله قال بلغني أن مسلما ويهوديا تدارءا في أمر فقال للمسلم والذي اصطفى موسى على البشر لقد كان كذا وكذا فصكه المسلم فأتى اليهودي النبي فشكا إليه فقال النبي لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فأرى موسى متعلقا بالعرش فلا أدري أبعث قبلي أم كان فيمن استثنى الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/85]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة وكل أتوه داخرين قال صاغرين). [تفسير عبد الرزاق: 2/86]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ويوم ينفخ في الصّور}
- أخبرنا عبيد الله بن سعيدٍ، حدّثنا يحيى، عن التّميميّ، عن أسلم، عن بشر بن شغافٍ، عن عبد الله بن عمرٍو، سأل أعرابيٌّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الصّور، فقال: «قرنٌ ينفخ فيه»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/209]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم ينفخ في الصّور ففزع من في السّموات ومن في الأرض إلاّ من شاء اللّه وكلٌّ أتوه داخرين}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله تعالى: {ويوم ينفخ في الصّور} وقد ذكرنا اختلافهم فيما مضى، وبيّنا الصّواب من القول في ذلك عندنا بشواهده، غير أنّا نذكر في هذا الموضع بعض ما لم يذكر هناك من الأخبار، فقال بعضهم: هو قرنٌ ينفخ فيه.
ذكر بعض من لم يذكر فيما مضى قبل من الخبر عن ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ويوم ينفخ في الصّور} قال كهيئة البوق.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: الصّور: البوق قال: هو البوق، صاحبه آخذٌ به يقبض قبضتين بكفّيه على طرف القرن، بين طرفه وبين فيه قدر قبضةٍ أو نحوها، قد برك على ركبة إحدى رجليه، فأشار، فبرك على ركبة يساره مقعيًا على قدمها، عقبها تحت فخذه وأليته، وأطراف أصابعها في التّراب.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، قال: الصّور كهيئة القرن قد حجن إحدى ركبتيه إلى السّماء، وخفض الأخرى، لم يلق جفون عينيه على غمضٍ منذ خلق اللّه السّموات مستعدًّا مستجدًّا، قد وضع الصّور على فيه ينتظر متى يؤمر أن ينفخ فيه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافعٍ المدنيّ، عن يزيد بن زيادٍ، قال أبو جعفرٍ: والصّواب: يزيد بن أبي زيادٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن رجلٍ من الأنصار، عن أبي هريرة، أنّه قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا رسول اللّه، ما الصّور؟ قال: قرنٌ، قال: وكيف هو؟ قال: قرنٌ عظيمٌ ينفخ فيه ثلاث نفخاتٍ: الأولى: نفخة الفزع، والثّانية: نفخة الصّعق، والثّالثة: نفخة القيام للّه ربّ العالمين، يأمر اللّه إسرافيل بالنّفخة الأولى، فيقول: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السّماوات وأهل الأرض، إلاّ من شاء اللّه، ويأمره اللّه فيمدّ بها ويطوّلها، فلا يفتر، وهي الّتي يقول اللّه: {ما ينظر هؤلاء إلاّ صيحةً واحدةً ما لها من فواقٍ} فيسيّر اللّه الجبال، فتكون سربًا، وترجّ الأرض بأهلها رجًّا، وهي الّتي يقول اللّه: {يوم ترجف الرّاجفة، تتبعها الرّادفة، قلوبٌ يومئذٍ واجفةٌ} فتكون الأرض كالسّفينة الموثقة في البحر، تضربها الأمواج، تكفأ بأهلها، أو كالقنديل المعلّق بالوتر ترجّحه الأرياح، فتميد النّاس على ظهرها، فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، وتطير الشّياطين هاربةً، حتّى تأتي الأقطار، فتتلقّاها الملائكة، فتضرب وجوهها فترجع، ويولّي النّاس مدبرين ينادي بعضهم بعضًا، وهو الّذي يقول اللّه: {يوم التّناد، يوم تولّون مدبرين ما لكم من اللّه من عاصمٍ، ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ} فبينما هم على ذلك إذ تصدّعت الأرض من قطرٍ إلى قطرٍ، فرأوا أمرًا عظيمًا، فأخذهم لذلك من الكرب ما اللّه أعلم به، ثمّ نظروا إلى السّماء، فإذا هي كالمهل، ثمّ خسف شمسها وقمرها، وانتثرت نجومها، ثمّ كشطت عنهم. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: والأموات لا يعلمون بشيءٍ من ذلك، فقال أبو هريرة: يا رسول اللّه، فمن استثنى اللّه حين يقول: {ففزع من في السّموات ومن في الأرض إلاّ من شاء اللّه} قال: أولئك الشّهداء، وإنّما يصل الفزع إلى الأحياء، أولئك أحياءٌ عند ربّهم يرزقون، وقاهم اللّه فزع ذلك اليوم وآمنهم، وهو عذاب اللّه يبعثه على شرار خلقه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن رافعٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه تبارك وتعالى لمّا فرغ من السّماوات والأرض، خلق الصّور، فأعطاه ملكًا، فهو واضعه على فيه، شاخصٌ ببصره العرش، ينتظر متى يؤمر. قال: قلت: يا رسول اللّه، وما الصّور؟ قال: قرنٌ، قلت: فكيف هو؟ قال: عظيمٌ، والّذي نفسي بيده، إنّ عظم دائرةٍ فيه لكعرض السّماوات والأرض، يأمره فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السّماوات والأرض إلاّ من شاء اللّه، ثمّ ذكر باقي الحديث نحو حديث أبي كريبٍ عن المحاربيّ، غير أنّه قال في حديثه كالسّفينة المرفأة في البحر.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ونفخ في صور الخلق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ويوم ينفخ في الصّور} أي في الخلق.
قوله: {ففزع من في السّموات ومن في الأرض} يقول: ففزع من في السّماوات من الملائكة ومن في الأرض من الجنّ والإنس والشّياطين، من هول ما يعاينون ذلك اليوم.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: {ففزع}، فجعل فزع وهي فعل مردودةً على {ينفخ}، وهي يفعل؟
قيل: العرب تفعل ذلك في المواضع الّتي تصلح فيها إذا، لأنّ إذا يصلح معها فعل ويفعل، كقولك: أزورك إذا زرتني، وأزورك إذا تزورني، فإذا وضع مكان إذا يوم أجري مجرى إذا.
فإن قيل: فأين جوّاب قوله: {ويوم ينفخ في الصّور ففزع}؟
قيل: جائزٌ أن يكون مضمرًا مع الواو، كأنّه قيل: ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون، وذلك يوم ينفخ في الصّور. وجائزٌ أن يكون متروكًا اكتفى بدلالة الكلام عليه منه، كما قيل: {ولو يرى الّذين ظلموا} فترك جوابه.
وقوله: {إلاّ من شاء اللّه} قيل: إنّ الّذين استثناهم اللّه في هذا الموضع من أن ينالهم الفزع يومئذٍ الشّهداء، وذلك أنّهم أحياءٌ عند ربّهم يرزقون، وإن كانوا في عداد الموتى عند أهل الدّنيا، وبذلك جاء الأثر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد ذكرناه في الخبر الماضي.
- وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام، عمّن حدّثه، عن أبي هريرة، أنّه قرأ هذه الآية: {ففزع من في السّموات ومن في الأرض إلاّ من شاء اللّه} قال: هم الشّهداء.
وقوله: {وكلٌّ أتوه داخرين} يقول: وكلٌّ أتوه صاغرين.
وبمثل الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكلٌّ أتوه داخرين} يقول: صاغرين.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وكلٌّ أتوه داخرين} قال: صاغرين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وكلٌّ أتوه داخرين} قال: الدّاخر: الصّاغر الرّاغم، قال: لأنّ المرء الّذي يفزع إذا فزع إنّما همّته الهرب من الأمر الّذي فزع منه، قال: فلمّا نفخ في الصّور فزعوا، فلم يكن لهم من اللّه منجى.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وكلٌّ أتوه داخرين} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار: (وكلٌّ آتوه)، بمدّ الألف من (أتوه) على مثال (فاعلوه)، سوى ابن مسعودٍ، فإنّه قرأه: {وكلٌّ أتوه} على مثال (فعلوه)، واتّبعه على القراءة به المتأخّرون الأعمش وحمزة.
واعتلّ الّذين قرءوا ذلك على مثال فاعلوه بإجماع القرّاء على قوله: {وكلّهم آتيه} قالوا: فكذلك قوله: (آتوه)، في الجمع. وأمّا الّذين قرءوا على قراءة عبد اللّه، فإنّهم ردّوه على قوله: {ففزع} كأنّهم وجّهوا معنى الكلام إلى: ويوم ينفخ في الصّور ففزع من في السّماوات ومن في الأرض، وأتوه كلّهم داخرين، كما يقال في الكلام: رأني ففرّ وعاد وهو صاغرٌ.
والصّواب من القول في ذلك عندي أنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ومتقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ). [جامع البيان: 18/131-137]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ويوم ينفخ في الصّور
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن سليمان التّيميّ، عن أسلم، عن بشر بن شغافٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، عن الصّور قال: قرنٌ ينفخ فيه.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا يحيى بن عباد، ثنا خالد ابن أبي خالدٍ، ثنا عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ قال: قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لو أنّ أهل منًى اجتمعوا على أن يقلّوا القرن من الأرض ما أقلّوه.
- قرئ على أحمد بن محمّد بن عثمان الدّمشقيّ، ثنا محمد بن شعيب ابن شابور أنبأ أبو رافعٍ المدينيّ إسماعيل بن رافعٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة أنّه قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في طائفةٍ من أصحابه فقال: إنّ اللّه عزّ وجلّ لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصّور، فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخصًا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر فقلت: يا رسول اللّه وما الصّور؟ قال: قرنٌ قال: قلت: وكيف هو؟ قال: قرنٌ عظيمٌ والّذي نفسي بيده إنّ عظم دائرة فيه كعرض السموات والأرض ينفخ فيه ثلاث نفخاتٍ: الأولى نفخة الفزع، والثّانية نفخة الصّعق، والثّالثة نفخة القيام لرب العالمين، وذكر الحديث بطوله.
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله: ونفخ في الصّور قال: الصّور مع إسرافيل فيه أرواح كلّ شيءٍ تكون فيه، ثمّ ينفخ فيه الصّاعقة فإذا نفخ نفخة البعث قال: اللّه: بعزّتي ليرجعنّ كلّ روحٍ إلى جسده وداره... أعظم من سبع سموات ومن الأرض قال: فخلق الصّور على في إسرافيل وهو شاخصٌ بصره متى يؤمر بالنّفخ في الصّور.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ونفخ في الصّور قال: كهيئة البوق.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ونفخ في الصّور أي في الخلق.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ أنبأ حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ الصّور البوق.
- قال: مجاهدٌ: هو القرن، صاحبه آخذٌ به، فقبض مجاهدٌ قبضتين بكفّيه على طفّ القرن، بين طرفيه، وبين قدر قبضةٍ أو نحوها قد برك على ركبة إحدى رجليه، فأشار فبرك على ركبة يسراه مقعيًا على قدمي عقبه تحت فخذه وإليته وأطراف أصابعه في التّراب، قد نصب ركبته اليمنى ووضع قدمها في التّراب.
قوله تعالى: ففزع من في السّماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه
- قرئ على أحمد بن محمّد بن عثمان الدّمشقيّ، ثنا محمد بن شعيب ابن شابور أنبأ أبو رافعٍ المدينيّ، إسماعيل بن رافعٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة رضي اللّه عليه أنّه قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في طائفةٍ من أصحابه فقال: إنّ اللّه عز وجل لما فرغ من خلق السموات خلق الصّور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخصًا بصره إلى العرش، ينتظر متى يؤمر ينفخ فيه ثلاث نفخاتٍ: الأولى نفخة الفزع، والثّانية نفخة الصّعق، والثّالثة نفخة القيام لربّ العالمين، فأمر اللّه إسرافيل بالنّفخة الأولى فيقول له: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السموات والأرض إلا ما شاء اللّه، ويأمره فيمدّ بها ويطوّلها فلا يفتر وهي الّتي يقول اللّه عزّ وجلّ: وما ينظر هؤلاء إلا صيحةً واحدةً ما لها من فواقٍ فيسيّر الله الجبال ف تمر مر السحاب، ثم يجعلها سرابا، وترج الأرض بأهلها رجًّا فتكون الأرض كالسّفينة المرنقة في البحر أو كالقنديل المعلّق بالعرش ترجّجه الأرواح، فيميد النّاس على ظهرها وهي الّتي يقول اللّه تبارك وتعالى: يوم ترجف الرّاجفة تتبعها الرّادفة قلوبٌ يومئذٍ واجفةٌ أبصارها خاشعةٌ فتذهل المراضع وتضع الحوامل وتشيب الولدان، وتطير الشّياطين هاربةً من الفزع حتّى تأتي الأقطار، فتأتيها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع، ويولّي النّاس مدبرين، ينادي بعضهم بعضًا. وهي الّتي يقول اللّه تبارك وتعالى: يوم التّناد يوم تولّون مدبرين ما لكم من اللّه من عاصمٍ فبينا النّاس على ذلك إذ انصدعت الأرض فانصدعت من قطرٍ إلى قطرٍ فرأوا أمرًا عظيمًا لم يروا مثله، فأخذهم لذلك من الكرب والهول ما لله به عليمٌ، ثمّ نظروا إلى السّماء فإذا هي كالمهل انشقّت من قطرٍ، إلى قطرٍ فخسف بشمسها وقمرها وانتثرت نجومها قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: والأموات لا يعلمون بشيءٍ من ذلك.
قوله تعالى: إلا من شاء
- به، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّه قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في طائفةٍ من أصحابه قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ أمر إسرافيل بالنّفخة الأولى فيقول له انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السموات والأرض إلا من شاء اللّه فقال: أبو هريرة: يا رسول اللّه فمن استثنى اللّه حين يقول: ففزع من في السّماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه فقال: أولئك الشّهداء، فهم أحياءٌ عند ربّهم يرزقون وقاهم اللّه فزع ذلك اليوم، وأمّنهم منه وهو عذاب اللّه يبعثه على شرار خلقه. هو الّذي يقول اللّه تبارك وتعالى: يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم إنّ زلزلة السّاعة شيءٌ عظيمٌ. يوم ترونها تذهل كلّ مرضعةٍ عمّا أرضعت وتضع كلّ ذات حملٍ حملها وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب اللّه شديدٌ ممكّنون في البلاء إلا من شاء اللّه يطوّل ذلك عليهم، ثمّ يأمر اللّه إسرافيل بنفخة الصّعق فيقول له: انفخ نفخة الصّعق، فيصعق أهل السموات والأرض إلا من شاء الله فإذا هم خمدوا جاء ملك الموت فقال: يا ربّ قد مات أهل السّماء والأرض إلّا من شئت. فيقول اللّه تبارك وتعالى: فمن بقي؟ وهو أعلم، فيقول: يا ربّ بقيت أنت الحيّ الّذي لا يموت، وبقي حملة عرشك، وبقي جبريل وميكائيل وبقيت أنا. فيقول اللّه عزّ وجلّ: ليمت جبريل وميكائيل. فيتكلّم العرش فيقول يا ربّ يموت جبريل وميكائيل فيقول اللّه عزّ وجلّ له: اسكت إنّي كتبت الموت على كلّ من كان تحت عرشي، فيموتان فيأتي ملك الموت إلى الجبّار عزّ وجلّ فيقول: يا ربّ قد مات جبريل وميكائيل، فيقول اللّه عزّ وجلّ له وهو أعلم من بقي؟ فيقول: بقيت أنت يا ربّ الحيّ الّذي لا يموت، وبقي حملة عرشك، وبقيت أنا فيقول اللّه عزّ وجلّ، ليمت حملة عرشي. فيموتون، ويأمر اللّه العرش فيقبل الصّور من إسرافيل، ثمّ يأتي ملك الموت فيقول: يا ربّ قد مات حملة عرشك، فيقول اللّه له وهو أعلم: من بقي؟ فيقول: يا ربّ بقيت أنت الحيّ الّذي لا يموت، وبقيت أنا. فيقول اللّه عزّ وجلّ: يا ملك الموت أنت خلقٌ من خلقي خلقتك لما رأيت فمت ثمّ لا تحي فإذا لم يبق إلا اللّه الواحد الأحد الصّمد ليس بوالدٍ ولا ولدٍ كان آخر ما كان أوّلا، قال اللّه تبارك وتعالى: لا موت على أهل الجنّة، ولا موت على أهل النّار، ثمّ طوى الله السموات والأرض كطيّ السّجلّ للكتب ثمّ دحا بهما ثمّ تلقّفهما، ثمّ قال: أنا الجبّار، ثمّ دحا بهما ثمّ تلقّفهما ثمّ قال: أنا الجبّار، ثمّ دحا بهما، ثمّ تلقّفهما ثمّ قال: أنا الجبّار. ثمّ هتف بصوته فقال: لمن الملك اليوم؟ ثمّ قال: لمن الملك اليوم؟ ثمّ قال: لمن الملك اليوم؟ ثمّ قال لنفسه للّه الواحد القهّار ثمّ بدّل الأرض غير الأرض والسموات فبسطها وسطحها ومدّها مدّ الأديم العكاظيّ لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا.
قوله تعالى: وكلٌّ أتوه داخرين
- وبه، عن أبي هريرة رضي اللّه، عنه أنّه قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو في طائفةٍ من أصحابه قال: ثمّ بدّل الأرض غير الأرض والسموات فبسطها وسطحها، ومدّها مدّ الأديم العكاظيّ لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا ثمّ هتف بصوته فقال: ألا من كان لي شريكًا فليأت ألا من كان لي شريكًا فليأت ألا من كان لي شريكًا فليأت، فلا يأتيه أحدٌ، ثمّ ينزل اللّه عليكم ماءً من تحت العرش يقال له: الحيوان فقطر السّماء عليكم أربعين يومًا، حتّى يكون الماء فوقكم ثنتي عشر ذراعًا، ويأمر اللّه تبارك وتعالى الأجساد أن تنبت فتنبت نبات الطّراثيث وكنبات البقل حتّى إذا تكاملت أجسادكم فكانت كما كانت قال اللّه تبارك وتعالى: ليحي حملة عرشي فيحيون، ويأمر اللّه إسرافيل فيقبض الصّور من العرش، ثمّ يقول اللّه ليحي جبريل وميكائيل فيجيبان، ثمّ يأمر اللّه تبارك وتعالى الأرواح فيؤتى بها تتوهّج أرواح المسلمين نورًا والآخرين ظلمةً، فيقبضها اللّه جميعًا فيلقيها في الصّور، ثمّ يأمر اللّه إسرافيل بنفخة البعث، فينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنّها النّحل قد ملأت ما بين السّماء والأرض، فيقول الجبّار: وعزّتي وجلالي ليرجعنّ كلّ روحٍ إلى جسده، فتدخل الأرواح على الأجساد في الأرض، ثمّ تدخل في الخياشيم، ثمّ تمشي في الأجساد، تمشّي السّمّ في اللّديغ، ثمّ تشقّق الأرض، عنكم وأنا أوّل من تنشقّ، عنه الأرض، فتخرجون منها شبابًا كلّكم على سنّ ثلاثين، واللّسان يومئذٍ سريانيّ، وذلك يوم الخروج وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا تخرجون سراعًا إلى ربّكم تمشون مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يومٌ عسرٌ حفاةً عراةً غلفًا غرلا، ثمّ توقفون موقفًا واحدًا مقدار سبعين عامًا لا ينظر إليكم ولا يقضي بينكم، فتبكون حتّى ينقطع الدّمع، فتدمعون دمًا، وتعرقون حتّى يبلغ العرق منكم الأذقان، ويلجمكم العرق فيصيح من يصيح ويقولون: من يشفع لنا إلى ربّنا، فيقضي بيننا.
- حدّثنا أبي ثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ، ثنا يحيى بن آدم، ثنا زهيرٌ، ثنا أبو إسحاق حدّثني أبو جبرٍ، عن أبيه قال: سمعت عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه، عنه يقرأ: وكلٌّ أتوه داخرين خفيفةً على معنى جاءوه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا يحيى بن آدم عن أبي بكرٍ، عن عاصمٍ وكلٌّ آتوه مثقّلةٌ ممدودةٌ على معنى فاعلوه.
قوله تعالى: داخرين
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وكلٌّ أتوه داخرين يقول: صاغرين- وروي، عن الحسن وقتادة والثّوريّ مثل ذلك.
- خبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه عزّ وجلّ: وكلٌّ أتوه داخرين قال: الدّاخر، الصّاغر الرّاهب لأنّ المرء يفزع إذا فزع إنّما همّته الهرب من الأمر الّذي فزع منه، فلمّا نفخ في الصّور فزعوا فلم يكن لهم من اللّه منجًى). [تفسير القرآن العظيم: 9/2928-2933]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين.
أخرج سعيد بن منصور، وابن جرير عن أبي هريرة في قوله {ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال: هم الشهداء). [الدر المنثور: 11/413]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عاصم انه قرأ {وكل أتوه داخرين} ممدودة مرفوعة التاء على معنى فاعلوه). [الدر المنثور: 11/413-414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود انه قرأ {وكل أتوه داخرين} خفيفة بنصب التاء على معنى جاؤه، يعني بلا مد). [الدر المنثور: 11/414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النمل {وكل أتوه داخرين} على معنى جاؤه). [الدر المنثور: 11/414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {داخرين} قال: صاغرين.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة، مثله). [الدر المنثور: 11/414]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: الداخر: الصاغر الراهب لأن المرء إذا فزع انما همته الهرب من الامر الذي فزع منه فلما نفخ في الصور فزعوا فلم يكن لهم من الله منجا). [الدر المنثور: 11/414-415]

تفسير قوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله أتقن كل شيء قال أحكم كل شيء). [تفسير عبد الرزاق: 2/86]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({جامدةً} [النمل: 88] : «قائمةً»). [صحيح البخاري: 6/112]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله جامدةٌ قائمةٌ وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ مثله). [فتح الباري: 8/505]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله 73 النّمل {عسى أن يكون ردف لكم} قال اقترب لكم
وبه في قوله 88 النّمل {وترى الجبال تحسبها جامدة} يقول قائمة). [تغليق التعليق: 4/276] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (جامدةً قائمةً
أشار به إلى قوله عز وجل: {وترى الجبال تحسبها جامدة} (النّمل: 88) وفسرها بقوله: (قائمة) هكذا رواه الطّبريّ من طريق عليّ ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس). [عمدة القاري: 19/103]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({جامدة}) في قوله: {وترى الجبال تحسبها جامدة} [النمل: 88] أي (قائمة) قاله ابن عباس). [إرشاد الساري: 7/281]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرّ مرّ السّحاب صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ إنّه خبيرٌ بما تفعلون}.
يقول تعالى ذكره: {وترى الجبال} يا محمّد {تحسبها} قائمةً {وهي تمرّ}.
- كالّذي: حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وترى الجبال تحسبها جامدةً} يقول: قائمةً.
وإنّما قيل: {وهي تمرّ مرّ السّحاب} لأنّها تجمع ثمّ تسير، فيحسب رائيها لكثرتها أنّها واقفةٌ، وهي تسير سيرًا حثيثًا، كما قال الجعديّ:
بأرعن مثل الطّود تحسب أنّهم = وقوفٌ لحاجٍ والرّكاب تهملج
وقوله: {صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ} وأوثق خلقه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ} يقول: أحكم كلّ شيءٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ} يقول: أحسن كلّ شيءٍ خلقه وأوثقه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الّذي أتقن كلّ شيءٍ} قال: أترص كلّ شيءٍ وسوّى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {أتقن} أترص.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: قوله: {صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ} قال: أحسن كلّ شيءٍ.
وقوله: {إنّه خبيرٌ بما يفعلون} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه ذو علمٍ وخبرةٍ بما يفعل عباده من خيرٍ وشرٍّ وطاعةٍ له ومعصيةٍ، وهو مجازي جميعهم على جميع ذلك، على الخير الخير، وعلى الشّرّ الشّرّ نظيره). [جامع البيان: 18/137-139]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وترى الجبال تحسبها جامدةً وهي تمرّ مرّ السّحاب صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ إنّه خبيرٌ بما تفعلون (88)
قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدةً
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وترى الجبال تحسبها جامدةً يقول: قائمةٌ.
- أخبرنا عبيد بن محمّدٍ الحضرميّ فيما كتب إليّ، ثنا أبو الجماهر حدّثني سعيدٌ، عن قتادة وترى الجبال تحسبها جامدةً أي تحسبها ثابتةً في أصولها لا تحرّك، وهي تمرّ مرّ السّحاب.
قوله تعالى: تمرّ مرّ السّحاب
- قرئ على أحمد بن محمّد بن عثمان الدّمشقيّ، ثنا محمّد بن شعيب ابن شابور أنبأ أبو رافعٍ المدينيّ إسماعيل بن رافعٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن أبي هريرة أنّه قال: حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يسيّر اللّه الجبال فتمر مر السحاب، ثم يجعلها سرابا، وترجّ الأرض بأهلها رجًّا، فتكون الأرض كالسّفينة المرنقة في البحر، أو كالقنديل المعلّق بالعرش.
قوله عزّ وجلّ: صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ أتقن كلّ شيءٍ يقول: أحكم كلّ شيءٍ- وروي، عن الحسن وعطاءٍ الخراسانيّ والثّوريّ مثل ذلك.
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن رجاءٍ أنبأ إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ في قوله: أتقن كلّ شيءٍ قال: أحصى كلّ شيءٍ.
- حدّثنا محمّد بن حسّان الأزرق، ثنا أبو النّضر، ثنا أبو عقيلٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ قال أترص كلّ شيء.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا يحيى بن خلفٍ، ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: الّذي أتقن كلّ شيءٍ قال أبرم كلّ شيءٍ.
- أخبرنا محمّد بن سعيد بن عطيّة فيما كتب إليّ، حدّثني أبي حدّثني عمّي، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: أتقن كلّ شيءٍ يقول: أحسن كلّ شيءٍ خلقه وأوثقه
- وروي، عن قتادة والسّدّيّ وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم أنّهم قالوا: أحسن كلّ شيءٍ.
- ذكر، عن محمّد بن عبد اللّه بن نميرٍ، ثنا حفص بن غياثٍ، عن أشعث، عن الحسن صنع اللّه الّذي أتقن كلّ شيءٍ قال: هدى كلّ شيءٍ لمنفعته.
قوله تعالى: إنه خبير بما تفعلون
تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 9/2933-2934]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أتقن كل شيء قال أترص كل شيء أي أحسن وأبرم). [تفسير مجاهد: 475-476]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وترى الجبال تحسبها جامدة} قال: قائمة {صنع الله الذي أتقن كل شيء} قال: احكم). [الدر المنثور: 11/415]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وترى الجبال تحسبها جامدة} قال: ثابتة في أصولها لا تتحرك {وهي تمر مر السحاب} ). [الدر المنثور: 11/415]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {صنع الله الذي أتقن كل شيء} يقول: أحسن كل شيء خلقه وأتقنه). [الدر المنثور: 11/415]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {صنع الله الذي أتقن كل شيء} قال: أحسن كل شيء). [الدر المنثور: 11/415]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {الذي أتقن كل شيء} قال: أوثق كل شيء). [الدر المنثور: 11/415-416]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {الذي أتقن كل شيء} قال: ألم تر إلى كل دابة كيف تبقى على نفسها). [الدر المنثور: 11/416]


رد مع اقتباس