عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27 ربيع الثاني 1434هـ/9-03-2013م, 11:21 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59)}


تفسير قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) )

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الّذين كفروا} مجاز الدواب أنه يقع على الناس وعلى البهائم، وفي آية أخرى:
{وما من دابّةٍ في الأرض إلاّ على الله رزقها } [11: 6] ). [مجاز القرآن: 1/248]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الّذين كفروا فهم لا يؤمنون}
عنى أن هؤلاء لا يؤمنون أبدا، كما قال لنوح: {أنّه لن يؤمن من قومك إلّا من قد آمن} ). [معاني القرآن: 2/419]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) )
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون} [آية: 56]
قال مجاهد يعني بني قريظة). [معاني القرآن: 3/164]
تفسير قوله تعالى: (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم مّن خلفهم...}
يريد: إن أسرتهم يا محمد فنكّل بهم من خلفهم ممن تخاف نقضه للعهد {فشرّد بهم}. {لعلّهم يذّكّرون} فلا ينقضون العهد. وربما قرئت {من خلفهم} بكسر {من}، وليس لها معنى أستحبّه مع التفسير). [معاني القرآن: 1/414]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإمّا تثقفنّهم في الحرب} مجازه مجاز فإن تثقفنّهم.
{فشرّد بهم من خلفهم} مجازه فأخف واطرد بهؤلاء الذين تثقفنهم الذين بعدهم، وفرّق بينهم). [مجاز القرآن: 1/248]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو جعفر وشيبة ونافع {فشرد بهم من خلفهم}.
وقراءة أخرى "من خلفهم" لم يسم لنا صاحبها). [معاني القرآن لقطرب: 616]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فشرد بهم من خلفهم}: فرق بهم، من التفرقة). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فإمّا تثقفنّهم} أي تظفر بهم.
[تفسير غريب القرآن: 179]
{فشرّد بهم من خلفهم} أي افعل بهم فعلا من العقوبة والتّنكيل يتفرق بهم من وراءهم من أعدائك. ويقال: شرّد بهم، سمّع بهم، بلغة قريش. قال الشاعر:
أطوّف في الأباطح كلّ يوم مخافة أن يشرّد بي حكيم
ويقال: شرّد بهم، أي نكلّ بهم. أي اجعلهم عظة لمن وراءهم وعبرة). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم لعلّهم يذّكّرون}
[معاني القرآن: 2/419]
معناه افعل بهم فعلا من القتل تفرق به من خلفهم.
وقوله عزّ وجلّ: {تثقفنّهم} معناه تصادفنهم وتلقينّهم). [معاني القرآن: 2/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فإنما تثقفنهم في الحرب} [آية: 57]
أي تصادفهم وتظفر بهم فشرد بهم من خلفهم
قال سعيد بن جبير أي أنذر بهم من خلفهم وقال أبو عبيد هي لغة قريش شرد بهم سمع بهم
وقال الضحاك أي نكل بهم
والتشريد في اللغة التبديد والتفريق). [معاني القرآن: 3/164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَثْقَفَنَّهُمْ} تظفر بهم.
{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} أي افعل بهم فعلا من العقوبة والتنكيل، يتفرق به من ورائهم من أعدائك. وقيل: معناه سَمع بهم، وقيل: نكل
بهم: أي اجعلهم عظة لغيرهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 92-93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَشَرِّدْ}: فرق). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً...}
يقول: نقض عهد {فانبذ إليهم} بالنقض {على سواء} يقول: افعل كما يفعلون سواءً. ويقال في قوله: {على سواء}: جهرا غير سرّ. وقوله: {تخافنّ} في موضع جزم. ولا تكاد العرب تدخل النون الشديدة ولا الخفيفة في الجزاء حتى يصلوها بـ {ما}، فإذا وصلوها آثروا التنوين. وذلك أنهم وجدوا لـ {إمّا} وهي جزاء شبيها بـ {إمّا} من التخيير، فأحدثوا النون ليعلم بها تفرقة بينهما؛ ثم جعلوا أكثر جوابها بالفاء؛ كذلك جاء التنزيل؛ قال: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد}، {فإمّا نرينّك بعض الذي نعدهم} ثم قال: {فإلينا يرجعون} فاختيرت الفاء لأنهم إذا نوّنوا في {إمّا} جعلوها صدرا للكلام ولا يكادون يؤخّرونها. ليس من كلامهم: اضربه إمّا يقومنّ؛ إنما كلامهم أن يقدّموها، فلمّا لزمت التقديم صارت كالخارج من الشرط، فاستحبوا الفاء فيها وآثروها، كما استحبّوها في قولهم: أمّا أخوكم فقاعد، حين ضارعتها). [معاني القرآن: 1/414]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواء} مجاز وإما وإن، ومعناها وإما توقننّ منهم خيانة أي غدراً، وخلافاً وغشّاً، ونحو ذلك.
{فانبذ إليهم} مجازه: فألق إليهم وأظهر لهم أنهم حربٌ وعدوٌ وأنك ناصب لهم حتى يعلموا ذلك فتصيروا على سواء وقد أعلمتهم ما علمت منهم، يقال: نابذتك على سواءٍ). [مجاز القرآن: 1/249]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {فانبذ إليهم على سواء} فالسواء الوسط؛ كقوله {في سواء الجحيم} أي في وسط الحجحيم، و{إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} أي عدل ووسط.
قال حسان بن ثابت:
.............. = حتى أغيب في سواء الملحد
وقال الآخر:
[معاني القرآن لقطرب: 623]
ومشجج أما سواء قذاله = فبدا وغير ساره المعزاء
ساره؛ أي سائره.
وقوله عز وجل {فانبذ إليهم على سواء} المعنى فيه: ألق إليهم، وأظهر أنك عدو مناصب؛ حتى يعلموا فيصيروا على سواء). [معاني القرآن لقطرب: 624]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فانبذ إليهم على سواء}: أظهر أنك عدو لهم {على سواء} على العدل والحق). [غريب القرآن وتفسيره: 159]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فانبذ إليهم على سواءٍ}: ألق إليهم نقضك العهد، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض سواء). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الخيانة: أن يؤتمن الرجل على شيء، فلا يؤدي الأمانة فيه.
يقال لكل خائن: سارق، وليس كل سارق خائنا.
والقطع يجب على السارق، ولا يجب على الخائن، لأنه مؤتمن.
قال النّمر بن تولب:
وإنَّ بني ربيعةَ بعد وَهْبٍ = كراعي البيتِ يحفظُه فَخَانَا
ويقال: لناقض العهد: خائن، لأنه أمن بالعهد وسكن إليه، فغدر ونكث.
قال الله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58].
أي: نقضا للعهد.
[تأويل مشكل القرآن: 477]
وكذلك قوله: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} [المائدة: 13] أي غدر ونكث). [تأويل مشكل القرآن: 478]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإمّا تخافنّ من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين}
أي نقضا للعهد.
{فانبذ إليهم على سواء}.
أي انبذ عهدهم الذي عاهدتهم عليه أي ارم به.
على سواء، أي لتكون وهم سواء في العداوة.
{إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين}.
أي الذين يخونون في عهدهم وغيره.
وقوله: {كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم}.
معناه عادة هؤلاء في كفرهم كعادة آل فرعون في كفرهم، فجوزي هؤلاء بالقتل والسبي كما جوزي آل فرعون بالإغراق والإهلاك، كذا قال بعض أهل اللغة، في الدأب أنه العادة.
وقال أبو إسحاق: وحقيقة الداب إدامة العمل، تقول: فلان يداب في كذا وكذا أي يداوم عليه ويواظب، ويتعب نفسه فيه.
وهذا التفسير معنى العادة إلا أن هذا أبين وأكشف). [معاني القرآن: 2/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإما تخافن من قوم خيانة} [آية: 58]
أي غشا ونقضا للعهد فانبذ إليهم على سواء أي ألق إليهم نقض عهدهم لتكون أنت وهم على سواء في العلم يقال نبذت إليه على سواء أي أعلمته أني قد عرفت منه ما أخفاه
وروى عمر بن عنبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان بينه وبين قوم عهد إلى مدة فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء). [معاني القرآن: 3/165]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي ألقي إليهم نقضك العهد، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض سواء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَانبِذْ}: أظهر). [العمدة في غريب القرآن: 144]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون...}
بالتاء لا اختلاف فيها. وقد قرأها حمزة بالياء. ونرى أنه اعتبرها بقراءة عبد الله. وهي في قراءة عبد الله {ولا يحسبنّ الذين كفروا أنهم سبقوا إنهم لا يعجزون}
[معاني القرآن: 1/414]
فإذا لم تكن فيها (أنّهم) لم يستقم للظنّ ألا يقع على شيء. ولو أراد: ولا يحسب الذين كفروا أنهم لا يعجزون لاستقام، ويجعل لا (صلة) كقوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} يريد: أنهم يرجعون. ولو كان مع {سبقوا)}{أن} استقام ذلك، فتقول {ولا يحسب الذين كفروا أن سبقوا}.
فإن قال قائل: أليس من كلام العرب عسيت أذهب، وأريد أقوم معك، و{أن} فيهما مضمرة، فكيف لا يجوز أن تقول: أظن أقوم، وأظن قمت؟ قلت: لو فعل ذلك في ظننت إذا كان الفعل للمذكور أجزته وإن كان اسما؛ مثل قولهم: عسى الغوير أبؤساً، والخلقة لأن، فإذا قلت ذلك قلته في أظن فقلت: أظن أقوم، وأظن قمت؛ لأن الفعل لك، ولا يجوز أظن يقوم زيد، ولا عسيت يقوم زيد؛ ولا أردت يقوم زيد؛ وجاز والفعل له لأنك إذا حوّلت يفعل إلى فاعل اتصلت به وهي منصوبة بصاحبها، فيقول: أريد قائما؛ والقيام لك. ولا تقول أريد قائما زيد، ومن قال هذا القول قال مثله في ظننت. وقد أنشدني بعضهم لذي الرّمّة:
أظنّ ابن طرثوث عتيبة ذاهبا =بعاديّتي تكذابه وجعائله
[معاني القرآن: 1/415]
فهذا مذهب لقراءة حمزة؛ يجعل {سبقوا} في موضع نصب: لا يحسبن الذين كفروا سابقين. وما أحبها لشذوذها). [معاني القرآن: 1/416]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا}مجازه: فاتوا.
{إنّهم لا يعجزون} لا يفوتون). [مجاز القرآن: 1/249]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة نافع {ولا تحسبن} بالتاء وكسر السين.
أبو جعفر {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا} بالياء وفتح السين، وهذه قراءة مرغوب عنها؛ مثل لا يحسبن زيد قام، وحسب القوم قاموا، وهم فاعلون، فتصير فعلوا في موضع مفعولين، ولكن يصير كأنه: لا يحسبن الذين كفروا أنهم سبقوا، أو أن سبقوا؛ فحذف "أن" كما حذفها في: أريد أكرمك، [وأحسب] تكرمني؛ يريد أن أكرمك وثمل {ومن آياته يريكم البرق}؛ كأنه قال "أن يريكم البرق" لأن هذا الكلام مثل: من محبته يشتمك، ومن رأيه ياتيك؛ وقد فسرنا هذا كله في سورة البقرة.
وقال الشاعر في مثل ذلك:
[معاني القرآن لقطرب: 616]
أظن ابن طرثوث عتيبة ذاهبا = بعاديتي تكذابه وجعائله
وهذا مثل: أظن عبد الله قائمًا؛ كأنه قال: أظن أنه قائم، فهذا شبيه بهذه القراءة.
ووجه آخر: كأنه أضمر المفعول الأول، كأنه قال: "ولا يحسبن الذين كفروا إياهم سبقوا" كما قالوا في آية أخرى {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} كأنه قال: يخوفكم أولياءه أو يخوف الناس أولياءه؛ لأنه لو كان هو المخوف لأوليائه لم يسهل المعنى، كما تقول: هو يعطي المال ويكسوا الثياب، والمعنى يعطي الناس المال ويكسوا الثياب.
[معاني القرآن لقطرب: 617]
وهذا كله حسن؛ وإن قرب من الأول، وهو أحسن منه لأنك تريد أن تضمر في {ولا يحسبن الذين كفروا} أحد المفعولين الذي لا يستغنى عنه؛ فيصير كقولك: ظننت نائمًا وحسبت قائمًا، يريد ظننتني نائمًا أو ظننتك؛ ولكن القراءة إذا جاءت طلب لها وجه تجوز عليه). [معاني القرآن لقطرب: 618]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا} أي فاتوا. ثم ابتدأ فقال: {إنّهم لا يعجزون}). [تفسير غريب القرآن: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون}
معناها: لا يحسبنّ من أفلت من هذه الحرب قد سبق إلى الحياة.
والقراءة الجيدة {ولا تحسبنّ} بالتاء على مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكون " تحسبنّ " عاملة في الذين، ويكون {سبقوا} الخبر.
ويجوز فتح السين وكسرها، وقد قرأ بعض القراء، ولا يحسبن الذين كفروا، بالياء ووجهها ضعيف عند أهل العربية إلا أنّها جائزة على أن يكون المعنى، ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا، لأنها في حرف ابن مسعود إنهم سبقوا، فإذا كانت كذلك فهو بمنزلة قولك: حسبت أن أقوم وحسبت أقوم على حذف {أن} وتكون أقوم وقام تنوب عن الاسم والخبر كما أنك إذا قلت: ظننت لزيد خير منك.
فقد نابت الجملة عن اسم الظنّ وخبره وفيها وجه آخر:
ولا يحسبن قبيل المؤمنين الّذين كفروا سبقوا.
ويجوز فيها أوجه لم يقرأ بها، يجوز {ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا }
و {لا يحسبنّ الذين كفروا}.
أي لا يحسب المؤمنون الذين كفروا سبقوا.
ولكن القراءة سنة، لا يقرأ إلا بما قرأت به القراء.
ويجوز إنهم بكسر إنّ، ويجوز أنّهم.
فيكون المعنى: ولا يحسبن الّذين كفروا أنهم يعجزون.
ويكون {أن} بدلا من {سبقوا}.
قال أبو إسحاق: هذا الوجه ضعيف، لأن {لا } لا تكون لغوا في موضع يجوز أن تقع فيه غير لغو.
وقوله: {يعجزون} فتح النون الاختيار، ويجوز كسرها على أن يكون المعنى أنهم لا يعجزونني، بحذف النون الأولى لاجتماع النونين.
قال الشاعر:
رأته كالنعام يعلّ مسكا..=. يسوء الغاليات إذا فليني
يريد فلينني). [معاني القرآن: 2/421-422]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا} [آية: 59]
قال أبو عبيدة أي فاتوا ثم قال جل وعز إنهم لا يعجزون روي عن ابن محيصن أنه قرأ لا يعجزون بالتشديد وكسر النون
[معاني القرآن: 3/165]
قال أبو جعفر هذا خطأ من جهتين:
إحداهما : أن معنى عجزه ضعفه وضعف أمره
والأخرى: أنه كان يجب أن يكون بنونين
ومعنى أعجزه سبقه وفاته حتى لم يقدر عليه). [معاني القرآن: 3/166]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَبَقُوا} أي فاتوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 93]


رد مع اقتباس