عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:55 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (55) : قوله تعالى: {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الّذين كفروا فهم لا يؤمنون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حمّاد بن زيدٍ، عن أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ - في قوله عزّ وجلّ: {إنّ شرّ الدّوابّ عند الله الّذين كفروا فهم لا يؤمنون} إلى آخر الآية - قال: ستّة رهطٍ من اليهود، قال أيّوب: سماهم، منهم ابن تابوت). [سنن سعيد بن منصور: 5/222]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الّذين كفروا فهم لا يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: إنّ شرّ ما دبّ على الأرض عند اللّه الّذين كفروا بربّهم فجحدوا وحدانيّته، وعبدوا غيره. يقول: {فهم لا يؤمنون} يفهم لا يصدّقون رسل اللّه ولا يقرّون بوحيه وتنزيله). [جامع البيان: 11/234]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الّذين كفروا فهم لا يؤمنون (55)
قوله تعالى: إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا ابن نميرٍ عن ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه قال ابن عبّاسٍ: هم نفرٌ من قريشٍ من بني عبد الدّار). [تفسير القرآن العظيم: 5/1719]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 55 - 58.
أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: نزلت {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون} في ستة رهط من اليهود منهم ابن تابوت). [الدر المنثور: 7/150]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين عاهدت منهم ثمّ ينقضون عهدهم في كلّ مرّةٍ وهم لا يتّقون}.
يقول تعالى ذكره: إنّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الّذين كفروا، الّذين عاهدت منهم يا محمّد، يقول: أخذت عهودهم ومواثيقهم أن لا يحاربوك ولا يظاهروا عليك محاربًا لك كقريظة ونظرائهم ممّن كان بينك وبينهم عهدٌ وعقدٌ، ثمّ ينقضون عهودهم ومواثيقهم، كلّما عاهدوا دافعوك وحاربوك وظاهروا عليك، وهم لا يتّقون اللّه ولا يخافون في فعلهم ذلك أن يوقع بهم وقعةً تجتاحهم وتهلكهم.
- كالّذي حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الّذين عاهدت منهم ثمّ ينقضون عهدهم} قال: قريظة مالئوا على محمّدٍ يوم الخندق أعداءه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ نحوه). [جامع البيان: 11/235]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين عاهدت منهم ثمّ ينقضون عهدهم في كلّ مرّةٍ وهم لا يتّقون (56)
قوله تعالى: الّذين عاهدت منهم
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: عاهدت منهم ثمّ ينقضون عهدهم قريظة يوم الخندق مالؤوا على محمّدٍ- صلّى اللّه عليه وسلّم- أعداءه). [تفسير القرآن العظيم: 5/1719]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم بنو قريظة مالؤوا على نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق). [تفسير مجاهد: 266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم} قال: قريظة يوم الخندق مالؤا على محمد صلى الله عليه وسلم أعداءه). [الدر المنثور: 7/150]

تفسير قوله تعالى: (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير في قوله تعالى {فشرد بهم من خلفهم} قال أنذر بهم من خلفهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/261]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فإما منا بعد وإما فداء قال نسخها قوله تعالى فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/221] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثني محمّد بن عبد الرّحيم، حدّثنا سعيد بن سليمان، أخبرنا هشيمٌ، أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قلت لابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: ... شرّد: فرّق "). [صحيح البخاري: 6/61]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله شرّد فرّق هو قول أبي عبيدة أيضًا). [فتح الباري: 8/307]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (شرّد فرّق
أشار به إلى قوله تعالى: {فإمّا تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلّهم يذكرون} (الأنفال: 57) وفسّر لفظ: شرد بقوله: فرق، وكذا فسره أبو عبيدة، وقال الزّجاج: تفعل بهم فعلا من القتل والتفريق، قال: وهو بذال معجمة ومهملة لغتان، وفي التّفسير: أي نكل بهم، كذا فسره ابن عيينة، وقال ابن عبّاس والحسن والضّحّاك والسّديّ وعطاء الخراساني: معناه غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلا ليخاف من سواهم من الأعداء من العرب وغيرهم). [عمدة القاري: 18/246]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (شرّد) يريد قوله تعالى: {فإما تثقفنهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم} [الأنفال: 57] قال أبو عبيدة أي (فرق). وقال عطاء: غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلًا ليخاف من سواهم العدو). [إرشاد الساري: 7/133]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {فشرّد بهم من خلفهم} قال: نكّل بهم من خلفهم). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 101]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم لعلّهم يذّكرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فإمّا تلقينّ في الحرب هؤلاء الّذين عاهدتهم فنقضوا عهدك مرّةً بعد مرّةٍ من قريظة فتأسرهم {فشرّد بهم من خلفهم} يقول: فافعل بهم فعلاً يكون مشرّدًا من خلفهم من نظرائهم ممّن بينك وبينه عهدٌ وعقدٌ.
والتّشريد: التّطريد والتّبديد والتّفريق.
وإنّما أمر بذلك نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يفعل بالنّاقض العهد بينه وبينهم إذا قدر عليهم فعلاً يكون إخافةً لمن وراءهم ممّن كان بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبينه عهدٌ، حتّى لا يجترئوا على مثل الّذي اجترأ عليه هؤلاء الّذين وصف اللّه صفتهم في هذه الآية من نقض العهد.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم} يعني: نكّل بهم من بعدهم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {فشرّد بهم من خلفهم} يقول: نكّل بهم من وراءهم.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم} يقول: عظ بهم من سواهم من النّاس.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم} يقول: نكّل بهم من خلفهم من بعدهم من العدوّ، لعلّهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن أيّوب، عن سعيد بن جبيرٍ: {فشرّد بهم من خلفهم} قال: أنذر بهم من خلفهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: نكّل بهم من خلفهم من بعدهم.
قال ابن جريجٍ، قال عبد اللّه بن كثيرٍ: نكّل بهم من وراءهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم لعلّهم يذّكّرون} أي نكّل بهم من وراءهم لعلّهم يعقلون.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك بن مزاحمٍ، يقول في قوله: {فشرّد بهم من خلفهم} يقول: نكّل بهم من بعدهم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم} قال: أخفهم بما تصنع بهؤلاء وقرأ: {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم اللّه يعلمهم}.
وأمّا قوله: {لعلّهم يذّكّرون} فإنّ معناه: كي يتّعظوا بما فعلت بهؤلاء الّذين وصفت صفتهم، فيحذروا نقض العهد الّذي بينك وبينهم، خوف أن ينزل بهم منك ما نزل بهؤلاء إذا هم نقضوه). [جامع البيان: 11/235-238]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم من خلفهم لعلّهم يذّكّرون (57)
قوله تعالى: فإمّا تثقفنّهم في الحرب فشرّد بهم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ قوله: فشرّد بهم من خلفهم يقول: نكّل بهم.
وروي عن الحسن والضّحّاك والسّدّيّ وعطاءٍ الخراسانيّ وابن عيينة مثل ذلك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي ثنا نعيم بن حمّادٍ ومحمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ قالا: ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن أيّوب عن سعيد بن جبيرٍ قوله: فشرّد بهم من خلفهم يقول: أنذر بهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة فشرّد بهم من خلفهم يقول: عظ بهم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ أنا ابن زيدٍ في قوله فشرّد بهم من خلفهم قال: أخفهم بهم، كما تصنع بهؤلاء وقرأ: وآخرين من دونهم لا تعلمونهم اللّه يعلمهم
قوله تعالى: من
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: من خلفهم قال: الّذين خلفهم.
قوله تعالى: من خلفهم
[الوجه الأول]
- حدثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: فشرّد بهم من خلفهم يعني نكّل بهم من بعدهم. وروي عن الحسن والضّحّاك والسّدّيّ نحو ذلك.
الوجه الثّاني:
- أخبرنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد عن سعيدٍ عن قتادة قوله: فشرّد بهم من خلفهم يقول: من سواهم من النّاس.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي ثنا الحسن بن الرّبيع ثنا ابن إدريس عن ابن إسحاق فشرّد بهم من خلفهم يقول: نكّل بهم من ورائهم، يعني: العرب كلّها.
قوله تعالى: لعلّهم يذّكرون
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباط عن السّدّيّ لعلّهم يذّكرون يقول: لعلّهم يحذرون أن ينكّثوا، فيصنع بهم مثل ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس ثنا أبو غسّان محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة عن ابن إسحاق ثنا يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزّبير عن أبيه لعلّهم يذّكرون لعلهم يعقلون). [تفسير القرآن العظيم: 5/1719-1720]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال: نكل بهم من بعدهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال: نكل بهم من وراءهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال: نكل بهم الذين خلفهم.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال: أنذرهم
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فشرد بهم من خلفهم} قال: اصنع بهم كما تصنع بهؤلاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لعلهم يذكرون} يقول: لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن شهاب رضي الله عنه قال: دخل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت السلاح وما زلنا في طلب القوم فاخرج فإن الله قد أذن لك في قريظة وأنزل فيهم {وإما تخافن من قوم خيانة} الآية). [الدر المنثور: 7/150-151]

تفسير قوله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواءٍ إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين}.
يقول تعالى ذكره: وإمّا تخافنّ يا محمّد من عدوٍّ لك بينك وبينه عهدٌ وعقدٌ أن ينكث عهده وينقض عقده ويغدر بك، وذلك هو الخيانة والغدر. {فانبذ إليهم على سواءٍ} يقول: فناجزهم بالحرب، وأعلمهم قبل حربك إيّاهم أنّك قد فسخت العهد بينك وبينهم بما كان منهم من ظهور آثار الغدر والخيانة منهم، حتّى تصير أنت وهم على سواءٍ في العلم بأنّك لهم محاربٌ، فيأخذوا للحرب آلتها، وتبرأ من الغدر. {إنّ الله لا يحبّ الخائنين} الغادرين بمن كان منه في أمانٍ وعهدٍ بينه وبينه أن يغدر، فيحاربه قبل إعلامه إيّاه أنّه له حربٌ وأنّه قد فاسخه العقد.
فإن قال قائلٌ: وكيف يجوز نقض العهد بخوف الخيانة والخوف ظنٌّ لا يقينٌ؟
قيل: إنّ الأمر بخلاف ما إليه ذهبت، وإنّما معناه: إذا ظهرت آثار الخيانة من عدوّك وخفت وقوعهم بك، فألق إليهم مقاليد السّلم وآذنهم بالحرب. وذلك كالّذي كان من بني قريظة؛ إذ أجابوا أبا سفيان ومن معه من المشركين إلى مظاهرتهم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومحاربتهم معه بعد العهد الّذي كانوا عاهدوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على المسالمة، ولن يقاتلوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فكانت إجابتهم إيّاه إلى ذلك موجبًا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خوف الغدر به وبأصحابه منهم، فكذلك حكم كلّ قومٍ أهل موادعةٍ للمؤمنين ظهر لإمام المسلمين منهم من دلائل الغدر مثل الّذي ظهر لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه من قريظة منها، فحقّ على إمام المسلمين أن ينبذ إليهم على سواءٍ ويؤذنهم بالحرب.
ومعنى قوله: {على سواءٍ} أي حتّى يستوي علمك وعلمهم بأنّ كلّ فريقٍ منكم حربٌ لصاحبه لا سلم.
وقيل: نزلت الآية في قريظة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فانبذ إليهم على سواءٍ} قال قريظة.
وقد قال بعضهم: السّواء في هذا الموضع: المهل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: إنّه ممّا تبيّن لنا أنّ قوله: {فانبذ إليهم على سواءٍ} أنّه على مهلٍ، كما حدّثنا بكير عن مقاتل بن حيّان في قول اللّه: {براءةٌ من اللّه ورسوله إلى الّذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهرٍ}.
وأمّا أهل العلم بكلام العرب، فإنّهم في معناه مختلفون، فكان بعضهم يقول: معناه: فانبذ إليهم على عدلٍ، يعني حتّى يعتدل علمك وعلمهم بما عليه بعضكما لبعضٍ من المحاربة. واستشهدوا لقولهم ذلك بقول الرّاجز:
واضرب وجوه الغدّر الأعداء = حتّى يجيبوك إلى السّواء
يعني إلى العدل.
وكان آخرون يقولون: معناه الوسط، من قول حسّان:
يا ويح أنصار الرّسول ورهطه = بعد المغيّب في سواء الملحد
بمعنى في وسط اللّحد.
وكذلك هذه المعاني متقاربةٌ؛ لأنّ العدل وسطٌ لا يعلو فوق الحقّ ولا يقصر عنه، وكذلك الوسط عدلٌ، واستواء الفريقين فيما عليه بعضهم لبعضٍ بعض المهادنة عدلٌ من الفعل ووسطٌ. وأمّا الّذي قاله الوليد بن مسلمٍ من أنّ معناه المهل، فما لا أعلم له وجهًا في كلام العرب). [جامع البيان: 11/238-240]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواءٍ إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين (58)
قوله تعالى: وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ- فيما كتب إليّ- أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: وإمّا تخافنّ من قومٍ خيانةً فانبذ إليهم على سواءٍ قال: من عاهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إنّ خفت أن يختانونك ويغدروا فتأتيهم فانبذ إليهم على سواءٍ
قوله تعالى: فانبذ إليهم على سواءً
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: فانبذ إليهم على سواءٍ قال: قريظة.
قوله تعالى: إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين
- حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفّان ثنا الحسن بن عطيّة ثنا موسى بن أبي حبيبٍ عن عليّ بن حسينٍ قال: لا تقاتل عدوّك حتّى تنبذ إليهم على سواءٍ إنّ اللّه لا يحبّ الخائنين). [تفسير القرآن العظيم: 5/1721]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وأما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء يعني بني قريظة). [تفسير مجاهد: 266-267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإما تخافن من قوم خيانة} قال: قريظة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وإما تخافن من قوم خيانة} الآية
قال: من عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خفت أن يختانوك ويغدروا فتأتيهم فانبذ إليهم على سواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال: لا تقاتل عدوك حتى تنبذ إليهم على سواء {إن الله لا يحب الخائنين}.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن سليم بن عامر رضي الله عنه قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد وكان يسير حتى يكون قريبا من أرضهم فإذا انقضت المدة أغار عليهم فجاءه عمرو بن عبسة فقال: الله أكبر وفاء لا غدر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمرها أو ينبذ إليهم على سواء قال: فرجع معاوية بالجيوش.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال: ثلاثة المسلم والكافر فيهن سواء، من عاهدته فوفى بعهده مسلما كان أو كافرا فإنما العهد لله ومن كانت بينك وبينه رحم فصلها مسلما كان أو كافرا ومن ائتمنك على أمانة فأدها إليه مسلما كان أو كافرا). [الدر المنثور: 7/151-152]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون}.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والعراق: (ولا تحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم) بكسر الألف من إنّهم وبالتّاء في تحسبنّ بمعنى: ولا تحسبنّ يا محمّد الّذين كفروا سبقونا ففاتونا بأنفسهم. ثمّ ابتدئ الخبر عن قدرة اللّه عليهم، فقيل: إنّ هؤلاء الكفرة لا يعجزون ربّهم إذا طلبهم وأراد تعذيبهم وإهلاكهم بأنفسهم فيفوتوه بها.
وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة والكوفة: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا} بالياء في يحسبنّ، وكسر الألف من إنّهم، وهي قراءةٌ غير حميدةٍ لمعنيين: أحدهما خروجهما من قراءة القرّاء وشذوذها عنها، والآخر بعدها من فصيح كلام العرب، وذلك أنّ يحسب يطلب في كلام العرب منصوبًا وخبره، كقوله: عبد اللّه يحسب أخاك قائمًا ويقوم وقام، فقارئ هذه القراءة أصحب يحسب خبرًا لغير مخبرٍ عنه مذكورٍ، وإنّما كان مراده: ظنّي ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا أنّهم لا يعجزوننا، فلم يفكّر في صواب مخرج الكلام وسقمه، واستعمل في قراءته ذلك كذلك ما ظهر له من مفهوم الكلام. وأحسب أنّ الّذي دعاه إلى ذلك الاعتبار بقراءة عبد اللّه، وذلك أنّه فيما ذكر في مصحف عبد اللّه: ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّهم سبقوا إنّهم لا يعجزون وهذا فصيحٌ صحيحٌ إذا أدخلت أنّهم في الكلام؛ لأنّ يحسبنّ عاملةٌ في أنّهم، وإذا لم يكن في الكلام أنّهم كانت خاليةً من اسمٍ تعمل فيه.
وللّذي قرأ من ذلك من القرّاء وجهان في كلام العرب وإن كانا بعيدين من فصيح كلامهم: أحدهما أن يكون أريد به: ولا يحسبنّ الّذين كفروا أن سبقوا، أو أنّهم سبقوا، ثمّ حذف أنّ أنّهم، كما قال جلّ ثناؤه: {ومن آياته يريكم البرق خوفًا وطمعًا} بمعنى: أن يريكم. وقد ينشد في نحو ذلك بيتٌ لذي الرّمّة:
أظنّ ابن طرثوثٍ عيينة ذاهبًا = بعاديّتي تكذابه وجعائله
بمعنى: أظنّ ابن طرثوثٍ أن يذهب بعاديّتي تكذابه وجعائله. وكذلك قراءة من قرأ ذلك بالياء، يوجّه سبقوا إلى سابقين على هذا المعنى.
والوجه الثّاني على أنّه أراد إضمار منصوبٍ بـ (يحسب) كأنّه قال: ولا يحسب الّذين كفروا أنّهم سبقوا، ثمّ حذف الهمز وأضمر.
وقد وجّه بعضهم معنى قوله: {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه} إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف المؤمن من أوليائه، وأنّ ذكر المؤمن مضمرٌ في قوله: يخوّف إذ كان الشّيطان عنده لا يخوّف أولياءه.
وقرأ ذلك بعض أهل الشّام: ولا تحسبنّ الّذين كفروا بالتّاء من تحسبنّ سبقوا أنّهم لا يعجزون بفتح الألف من أنّهم بمعنى: ولا تحسبنّ الّذين كفروا أنّهم لا يعجزون.
ولا وجه لهذه القراءة يعقل إلاّ أن يكون أراد القارئ بـ لا الّتي في يعجزون لا الّتي تدخل في الكلام حشوًا وصلةً. فيكون معنى الكلام حينئذٍ: ولا تحسبنّ الّذين كفروا سبقوا أنّهم يعجزون. ولا وجه لتوجيه حرفٍ في كتاب اللّه إلى التّطويل بغير حجّةٍ يجب التّسليم لها وله في الصّحّة مخرجٌ.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأ: (لا تحسبنّ) بالتّاء {الّذين كفروا سبقوا إنّهم} بكسر الألف من {إنّهم لا يعجزون} بمعنى: ولا تحسبنّ أنت يا محمّد الّذين جحدوا حجج اللّه وكذّبوا بها سبقونا بأنفسهم، ففاتونا، إنّهم لا يعجزوننا: أي يفوتوننا بأنفسهم، ولا يقدرون على الهرب منّا.
- كما حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون يقول: لا يفوتون). [جامع البيان: 11/241-244]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون (59)
قوله تعالى: ولا يحسبنّ الّذين كفروا سبقوا إنّهم لا يعجزون
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ سبقوا إنّهم لا يعجزون يقول: لا يفوتونا. وروي عن السّدّيّ مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/1721]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 59.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {إنهم لا يعجزون} يقول: لا يفوتونا). [الدر المنثور: 7/153]


رد مع اقتباس