عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 07:45 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربّك كذلك فعل الّذين من قبلهم وما ظلمهم اللّه ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (33) فأصابهم سيّئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون (34)}
يقول تعالى متهدّدًا للمشركين على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدّنيا: هل ينتظر هؤلاء إلّا الملائكة أن تأتيهم بقبض أرواحهم، قاله قتادة.
{أو يأتي أمر ربّك} أي: يوم القيامة وما يعاينونه من الأهوال.
وقوله: {كذلك فعل الّذين من قبلهم} أي: هكذا تمادى في شركهم أسلافهم ونظراؤهم وأشباههم من المشركين حتّى ذاقوا بأس اللّه، وحلّوا فيما هم فيه من العذاب والنّكال. {وما ظلمهم اللّه}؛ لأنّه تعالى أعذر إليهم، وأقام حججه عليهم بإرسال رسله وإنزال كتبه، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} أي: بمخالفة الرّسل والتّكذيب بما جاءوا به، فلهذا أصابتهم عقوبة اللّه على ذلك، {وحاق بهم} أي: أحاط بهم من العذاب الأليم {ما كانوا به يستهزئون} أي: يسخرون من الرّسل إذا توعّدوهم بعقاب اللّه؛ فلهذا يقال يوم القيامة: {هذه النّار الّتي كنتم بها تكذّبون} [الطّور: 14]).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 569]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الّذين أشركوا لو شاء اللّه ما عبدنا من دونه من شيءٍ نحن ولا آباؤنا ولا حرّمنا من دونه من شيءٍ كذلك فعل الّذين من قبلهم فهل على الرّسل إلا البلاغ المبين (35) ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقّت عليه الضّلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذّبين (36) إن تحرص على هداهم فإنّ اللّه لا يهدي من يضلّ وما لهم من ناصرين (37)}
يخبر تعالى عن اغترار المشركين بما هم فيه من الشّرك واعتذارهم محتجّين بالقدر، في قولهم: {لو شاء اللّه ما عبدنا من دونه من شيءٍ نحن ولا آباؤنا ولا حرّمنا من دونه من شيءٍ} أي: من البحائر والسّوائب والوصائل وغير ذلك، ممّا كانوا ابتدعوه واخترعوه من تلقاء أنفسهم، ما لم ينزّل اللّه به سلطانًا.
ومضمون كلامهم: أنّه لو كان تعالى كارهًا لما فعلنا، لأنكره علينا بالعقوبة ولما مكّنا منه. قال اللّه رادًّا عليهم شبهتهم: {فهل على الرّسل إلا البلاغ المبين} أي: ليس الأمر كما تزعمون أنّه لم يعيّره عليكم ولم ينكره، بل قد أنكره عليكم أشدّ الإنكار، ونهاكم عنه آكد النّهي، وبعث في كلّ أمّةٍ رسولًا أي: في كلّ قرنٍ من النّاس وطائفةٍ رسولًا وكلّهم يدعو إلى عبادة اللّه، وينهى عن عبادة ما سواه: {أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت} فلم يزل تعالى يرسل إلى النّاس الرّسل بذلك، منذ حدث الشّرك في بني آدم، في قوم نوحٍ الّذين أرسل إليهم نوحٌ، وكان أوّل رسولٍ بعثه اللّه إلى أهل الأرض إلى أن ختمهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي طبّقت دعوته الإنس والجنّ في المشارق والمغارب، وكلّهم كما قال اللّه تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنّه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25]، وقال تعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرّحمن آلهةً يعبدون} [الزّخرف: 45]، وقال تعالى في هذه الآية الكريمة: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت} فكيف يسوغ لأحدٍ من المشركين بعد هذا أن يقول: {لو شاء اللّه ما عبدنا من دونه من شيءٍ} فمشيئته تعالى الشّرعيّة منتفيةٌ ؛ لأنّه نهاهم عن ذلك على ألسنة رسله، وأمّا مشيئته الكونيّة، وهي تمكينهم من ذلك قدرًا، فلا حجّة لهم فيها لأنّه تعالى خلق النّار وأهلها من الشّياطين والكفرة، وهو لا يرضى لعباده الكفر، وله في ذلك حجّةٌ بالغةٌ وحكمةٌ قاطعةٌ.
ثمّ إنّه تعالى قد أخبر أنّه عيّر عليهم، وأنكر عليهم بالعقوبة في الدّنيا بعد إنذار الرّسل؛ فلهذا قال: {فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقّت عليه الضّلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذّبين} أي: اسألوا عمّا كان من أمر من خالف الرّسل وكذّب الحقّ كيف {دمّر اللّه عليهم وللكافرين أمثالها} [محمّدٍ: 10]، {ولقد كذّب الّذين من قبلهم فكيف كان نكير} [الملك: 18]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 569-570]

رد مع اقتباس