عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 5 ربيع الأول 1440هـ/13-11-2018م, 03:21 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم قال تعالى: {إن هي إلا أسماء}، يعني: تعالى أن هذه الأوصاف - من أنها إناث، وأنها تعبد من دون الله آلهة ونحو هذا- ما هي إلا أسماء، أي: تسميات اخترعتموها أنتم وآباؤكم لا حقيقة لها، ولا أنزل الله تعالى بها برهانا ولا حجة، وقرأ عيسى بن عمر: "سلطان" بضم اللام، وقرأ هو وابن مسعود، وابن عباس، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش: "إن يتبعون" بالياء على الحكاية عن الغائب.
و"الظن": ميل النفس إلى أحد معتقدين متخالفين دون أن يكون ميلها بحجة ولا برهان، و"هوى الأنفس" هو إرادتها الملذة لها، وإنما تجد هوى النفس دائما في ترك الأفضل لأنها مجبولة بطبعها على حب الملذ، وإنما يردعها ويسوقها إلى حسن العاقبة العقل والشرع.
وقوله تعالى: {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} اعتراض بين الكلامين فيه توبيخ لهم; لأن سرد القول إنما هو:"إن يتبعون إلا الباطل وما تهوى الأنفس أم للإنسان ما تمنى"، ثم اعترض بعد قوله تعالى: {وما تهوى الأنفس} بقوله تعالى: {ولقد جاءهم من ربهم الهدى}، أي: يفعلون هذه القبائح والهدى حاضر والحال هذه، فقوله تعالى: {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} جملة في موضع الحال. و"الهدى" المشار إليه هو محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه، وقرأ ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم: "ولقد جاءكم من ربكم" بالكاف فيهما، وقال الضحاك عنهما: إنهما قرآ: "ولقد جاءك من ربك".
و"الإنسان" في قوله تعالى: {أم للإنسان ما تمنى} اسم الجنس، كأنه يقول: ليست الأشياء بالتمني والشهوات، إنما الأمر كله لله تعالى، والأعمال جارية على قانون أمره ونهيه، فليس لكم، أيها الكفرة مرادكم في قولكم: "هذه آلهتنا وهي تشفع لنا وتقربنا زلفى" ونحو هذا. وقال ابن زيد، والطبري: الإنسان هنا هو محمد صلى الله عليه وسلم، بمعنى أنه لم ينل كرامتنا بتأميل بل بفضل من الله تعالى، أو بمعنى: بل إنه تمنى كرامتنا فنالها; إذ الكل لله يهب ما شاء، وهذا ما تقتضيه الآية وإن كان اللفظ يعمه). [المحرر الوجيز: 8/ 118-119]

تفسير قوله تعالى: {فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الآخرة والأولى" الداران، أي: له كل أمرهما ملكا ومقدورا وتحت سلطانه). [المحرر الوجيز: 8/ 119]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وكم من ملك} الآية ... رد على قريش في قولهم: "الأوثان شفعاؤنا"، كأنه تعالى يقول: هذه حال الملائكة الكرام فكيف بأوثانكم؟ و"كم" للتكثير، وهي في موضع رفع بالابتداء، والخبر "لا تغني"، والغنى:، جلب النفع ودفع الضر بحسب الأمر الذي يكون فيه الغنى، وجمع الضمير في "شفاعتهم" على معنى "كم" ومعنى الآية أن يأذن الله تعالى في أن يشفع لشخص ما يرضى عنه كما أذن في قوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله}). [المحرر الوجيز: 8/ 119]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى * وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا * فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى * ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى}
الذين لا يؤمنون بالآخرة هم كفار العرب، وقوله تعالى: {ليسمون الملائكة} معناه: ليصفون الملائكة بأوصاف الأنوثة،
وأخبر الله تعالى عنهم أنهم لا علم لهم بذلك، وإنما هي ظنون منهم لا حجة لهم عليها، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: "من علم إلا اتباع الظن"، وقوله تعالى: {وإن الظن لا يغني من الحق شيئا} يعني: في المعتقدات والمواضع التي يريد الإنسان أن يحرر ما يفعل ويعتقد، فإنها مواضع حقائق لا تنفع الظنون فيها، وأما في الأحكام وظواهرها فيجتزأ فيها بالمظنونات). [المحرر الوجيز: 8/ 119]

تفسير قوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم سلى تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وأمره بالإعراض عن هؤلاء الكفرة، وما في الآية من موادعتهم منسوخ بآية السيف، وقوله تعالى: {ولم يرد إلا الحياة الدنيا} معناه لا يصدق بغيرها، وسعيه وعمله إنما هو لدنياه.
وقوله تعالى: {ذلك مبلغهم من العلم} معناه: هنا انتهى تحصيلهم من المعلومات، وذلك أن المعلومات منها ما هي معقولات نافعة في الآخرة، ومنها ما هي أمور فانية وأشخاص بائدة كالفلاحة وكثير من الصنائع وطلب الرياسة على الناس بالمخرقة، وكلها معلومات ولها علم، ومبلغ علم الكفرة إنما هو في هذه الدنياويات.
وقوله تعالى: {إن ربك هو أعلم} الآية ... متصل في معنى التسلية بقوله تعالى: {فأعرض عن من تولى عن ذكرنا}، وقوله تعالى: {إن ربك هو أعلم الآية} ... وعيد للكفار ووعد للمؤمنين، وأسند الضلالة والهدى إليهم بكسبهم وإن كان الجميع خلقا له واختراعا،
واللام في قوله: "ليجزي" متعلقة بقوله تعالى: "ضل"، وبقوله تعالى: "اهتدى"، فكأنه تعالى قال: ليصير أمرهم جميعا إلى أن يجزي، وقوله تعالى: {ولله ما في السماوات وما في الأرض} اعتراض بين الكلامين، وقال بعض النحويين: اللام متعلقة بما في المعنى من التقدير، لأن تقديره: ولله ما في السماوات وما في الأرض يضل من يشاء ويهدي من يشاء ليجزي. والنظر الأول أقل تكلفا من هذا الإضمار، وقال قوم: اللام متعلقة بقوله تعالى في أول السورة: {إن هو إلا وحي يوحى} وهذا بعيد). [المحرر الوجيز: 8/ 119-120]

رد مع اقتباس