عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 10:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وتقول: أادني [آدني] الحمل يؤودني أودا إذا أثقلك). [كتاب الهمز: 13]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال رجل من غطفان:

لقد علمت أم الصبيين أنني = إلى الضيف قوام السِّنات خروج
...
السنات: جمع سِنَة وهي النعاس). [النوادر في اللغة: 488]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (


إلى سلب يرتج ثم تؤوده = بأرداف بوص مثل دعص الخمائل
...
(تؤوده) تميله وتثقله). [شرح أشعار الهذليين: 3/1023]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
هو الحافظ الوسنان بالليل ميتا = على أنه حي من النوم مثقل
...
الوسن: النوم: والسنة: اختلاط النوم بالعين). [شرح ديوان كعب بن زهير: 56]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله:" قوام السنات، يريد سريع الانتباه، والسنة: شدة النعاس، وليس بالنوم بعينه، قال الله عز وجل: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}: وقال ابن الرقاع العاملي:

لولا الحياء وأن رأسي قد عسا = فيه المشيب لزرت أم القاسم
وكأنها بين النساء أعارها = عينيه أحور من جآذر جاسم
وسنان أقصده النعاس فرنقت = في عينيه سنةٌ، وليس بنائم
). [الكامل: 1/192-193]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ألا إن هندًا أمس رث جديدها = وضنت وما كان المتاع يؤودها
رث أخلق وجديدها جديد وصلها والضن البخل والمتاع ما تمتعه به من سلام ونحوه، يؤودها:
يعجزها ويثقلها، يقال آدني الشيء يؤودني أودًا إذا أعجزك وأثقلك، ومنه قول الله تعالى: {ولا يؤوده حفظهما}، وقال الطوسي: المتاع ههنا وداعها إياه وتسليمها عليه، ويقال أطال الله بك الإمتاع والمتاع والمتعة وقال حكاها ابن الأعرابي وقال يؤودها: يثقلها ويشق عليها). [شرح المفضليات:302 -303]

تفسير قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر فيه نعت أهل الجنة فقال: ((ويرفع أهل الغرف إلى غرفهم في درة بيضاء ليس فيها قصم ولا فصم)).
...
وأما الفصم –بالفاء- فهو أن ينصدع الشيء من غير أن يبين، يقال منه: فصمت الشيء أفصمه فصما إذا فعلت ذلك
به، فهو مفصوم قال ذو الرمة يذكر غزالا شبهه بدملج فضة:

كأنه دملج من فضة نبه = في ملعب من جواري الحي مفصوم
وإنما جعله مفصوما لتثنيه وانحنائه إذا نام، ولم يقل: مقصوم، فيكون بائنا باثنتين وقد قال الله تبارك وتعالى: {لا انفصام لها} ). [غريب الحديث: 3/295-296]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) }

قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«الطاغوت» أنثى، وربما بها إلى الجمع؛ قال الله عز وجل: {أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم}. قال: وهي فيما أحسب في قراءة أبي: {يخرجهم من النور إلى الظلمات}.
وهي مثل «الفلك» تذكر وتؤنث، ويذهب بها إلى الجمع؛ قال الله تعالى: {في الفلك المشحون} فجاء مذكرا. وقال الله عز وجل: {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين}، وقال تعالى: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} ). [المذكور والمؤنث: 88]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (النور في التأويل: هو الهدى. والظلمة: الضلالة. قال الله عز وجل: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور}. يعني: من الضلالة إلى الهدى. والطرق المضلة: ضلالة). [تعبير الرؤيا: 206]


تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«الشمس» الطالعة، أنثى، وما وضع في القلادة فهو «شمس» ذكر). [المذكور والمؤنث: 86]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (يقال: شمس، وأشْمُس، وشموس. قال الشاعر:
ظلت شموس يومه أشماسا
أي من شدة حرها). [الأيام والليالي: 95]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) }

قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والخوى على وجهين: إذا خفت المرأة وأصابها الخوى في
[المقصور والممدود: 2]
النفاس قيل أصابها خوى شديد مقصور يكتب بالياء، وإذا خوت الدار والمدينة وخلت من أهلها قيل قد تبين خواؤها ممدود). [المقصور والممدود: 21]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ويقال: عام، وأعوام. وأصله: عَوَم. أُبدلت الواو ألفا). [الأيام والليالي: 93]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وسمعت أبا عمرو يقول قول الله جل ثناؤه: «انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه» أي لم يتغير من قوله: {من حمأ مسنون} قال فقلت له إن مسنونا من ذوات التضعيف ويتسن من ذوات الياء قال أبدلوا النون من يتسنن ياء كما قالوا تظنيت وإنما الأصل تظننت وقال العجاج:

(تقضى البازي إذا البازي كسر)
أراد تقضض وحكى الفراء عن القناني قصيت أظفاري وحكى ابن الأعرابي خرجنا نتلعى أي نأخذ اللعاعة وهو بقل ناعم في أول ما يبدو قال الأصمعي وقولهم تسريت أصلها تسررت من السر وهو النكاح). [إصلاح المنطق: 302]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والفرس يقع للمذكر والأنثى. فإن قصدت إلى الذكر قلت: فريس، وإن قصدت إلى الأنثى قلت: فريسة.
وأما ما جاء على ثلاثة أحرف أحدها هاء التأنيث فنحو: شاة تقول في تصغيرها: شويهة فترد الهاء الساقطة.
والدليل على أن الذاهب منه هاء قولك في الجمع: شياهٌ فاعلم. وتقول في تحقير شفةٍ: شفيهة؛ لأن الذاهب كان هاء. يدلك على ذلك قولك: شافهت الرجل، وشفة وشفاةٌ فاعلم.
ومن ذلك سنة فتقول في تصغيرها: سنية وسنيهة، لأنه يجتذبها أصلان: الواو، والهاء. فمن قال: سنوات، واكتريته مساناة، وقرأ: (فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسن وانظر) فوصل بغير هاء فهو على قول من أذهب الواو. فهذا يقول سنية. والأصل سنوة. لا يجوز غيره في قوله. ومن قال: {لم يتسنه وانظر} وقال: اكتريته مسانهةً، فهذا يزعم أن الذاهب الهاء. ولا يجوز على قوله إلا سنيهة، والأصل عنده سنهة). [المقتضب: 2/239]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الشاعر:
هذا طريق يأزم المآزما = وعضوات تقطع اللهازما
ونظير عضة، سنة؛ على أن الساقط الهاء في قول بعض العرب، والواو في قول بعضهم، تقول في جمعها سنوات. وسانيت الرجل. وبعضهم يقول: سهات. وأكريته مسانهة.
وهذا الحرف في القرآن يقرأ على ضروب. فمن قرأ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} فوصل بالهاء - هو مأخوذ من: سانهت، التي هي سنيهة. ومن جعله من الواو قال في الوصل: لم يتسن وانظر. فإذا وقف قال: {لَمْ يَتَسَنَّه} فكانت الهاء زائدة لبيان الحركة. بمنزلة الهاء في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. و{كِتَابِيَهْ}. و{حِسَابِيَهْ}. والمعنى واحد. وتأويله: لم تغيره السنون. ومن لم يقصد إلى السنة، قال: لم يتأسن. والآسن: المتغير، قال الله جل وعز: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، ويقال: أسن في هذا المعنى، كما يقال: رجل حاذر وحذر). [الكامل: 2/967-968]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله تعالى: {إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}: نرفع بعضها على بعض). [مجالس ثعلب: 569]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والمسنون: الذي أتت عليه السنون فأنتن، قال الله جل اسمه: {لم يتسنه}، أي لم يتغير لمرور السنين به). [كتاب الأضداد: 398] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومنه: صرهن، أي: اجمعهن. وصرهن: اقطعهن. وقال الشاعر:

وفرع يصير الجيد وحف كأنه = على الجيد قنوان الكروم الدوالح
قال أبو محمد: عذاق النخل ويقال: عذق وعذق. وقالوا: صرت الشيء أصوره صورا: ضممته إلي. وسمعنا العرب تقول: «صر فرسك»، أي: اعطفه. فهذا على قراءة ابن عباس «فَصرهن» بالضم ومن قرأ: «فَصِرْهن» بالكسر: وهي قراءة ابن مسعود، فالفعل صار يصير صيرا وصيورا، وهي لغة بني سليم. وقال العديل:

وقد كنت إذا لم يصرني الهوى = ولامحتها كان همي يعود
يصرني: يعطفني. وقال الآخر في صرهن:
عفائف إلا ذاك أن أن يصورها = هوى والهوى للعاشقين صروع
أي: يعطفها. وقال ذو الرمة:

ظللنا نعوج العيس في عرصاتها = وقوفا ونستعدي بها فنصورها
قال أبو خيرة العدوي: نصورها: نعطفها. وقال: انصار الغصن انصيارا: انفعل، من «صرهن إليك». وقال لبيد:

من فقد مولى تصور الحي جفنته = ورزء مال ورزء المال يجتبر
يعني: يجبر). [الأضداد: 132-133]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
إذا حسرت عنها الجلابيب وارتدت = إلى الزوج ميالا يكاد يصورها
وقوله يصور يقول يكاد يجمعها ويعطفها شعرها من كثرته وهو من قول الله تعالى: {فصرهن إليك} كذا فسره ابن عباس رضي الله عنهما). [نقائض جرير والفرزدق: 514-515]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (*صار* قال ويقال: صرته أصوره إذا ضممته إليك وصرت أيضا قطعت وفرقت، قالت الخنساء (البسيط):

لظت الشم منها وهي تنصار
ويروى الشهب، أي: تنقطع وتنفلق وتنصدع). [كتاب الأضداد: 33]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فما إن حب غانية عناني = ولكن رجل راية يوم صيروا
(صيروا) دعوا، وقوله عز وجل: {فصرهن إليك} أي ادعهن. أبو عمرو: (رجل قرنة)، وهو شعب. و(صيروا) أميلوا، (صار يصور). [شرح أشعار الهذليين: 2/727]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: جئته إعطاءً لم يجز؛ لأن الإعطاء ليس من المجيء، ولكن جئته سعياً، فهذا جيد؛ لأن المجيء يكون سعياً. قال الله عز وجل: {ثم ادعهن يأتينك سعياً}. فهذا اختصار يدل على ما يرد مما يشاكلها، ويجري مع كل صنف منها). [المقتضب: 3/234]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن من المصادر مصادر تقع في موضع الحال، وتغني غناءه، فلا يجوز أن تكون معرفة؛ لأن الحال لا تكون معرفة. وذلك قولك: جئتك مشياً، وقد أدى عن معنى قولك: جئتك ماشيا، وكذلك قوله عز وجل: {ثم ادعهن يأتينك سعياً} ). [المقتضب: 3/268-269]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وصار حرف من الأضداد. يقال: صرت الشيء إذا جمعته، وصرته إذا قطعته وفرقته.
وفسر الناس قول الله عز وجل: {فصرهن إليك}، على ضربين، فقال ابن عباس: معناه قطعهن. وقال غيره: معناه ضمهن إليك، فالذين قالوا: معناه قطعهن، قالوا «إلى» مقدمة في المعنى، والتأويل: (فخذ أربعة من الطير إليك فصرهن): أي قطعهن. وقال الفراء: بنو سليم يقولون: (فَصرْهن).
وقال: وأنشدني الكسائي عن بعض بني سليم:

وفرع يصير الجيد وحف كأنه = على الليت قنوان الكروم الدوالح
أراد يضم الجيد.
قال أبو بكر: واستضعف الفراء مذهب من قال: صرهن قطعهن، وقال: لا نعرف (صار) بمعنى (قطع)؛ إلا أن يكون الأصل فيه «صرَىَ»، فقدمت الراء إلى موضع العين، وأخرت العين إلى موضع اللام؛ كما قالوا: عاث في الأرض وعثا، وقاع على الناقة وقعا.
وقال الآخر حجة لمن قال: صار جمع:

مأوى يتامى تصور الحي جفنته = ولا يظل لديه اللحم موشوما
وقال الآخر:

فانصرن من فزع وسد فروجه = غبر ضوار وافيان وأجدع
وقالت الخنساء:
لظلت الشم منه وهي تنصار
أرادت تنقطع.
وأنشد أبو عبيدة للمعلى بن حمال العبدي:

وجاءت خلعة دهس صفايا = يصور عنوقها ِأحوى زنيم
يفرق بينها صدع رباع = له ظأب كما صخب الغريم
الخلعة: الخيار من شائه. والدهس: التي لونها لون التراب، وهي مشبهة بالدهاس من الرمل. والصفايا: الغزيرات، يقال: نخلة صفية، إذا كانت موقرة بالحمل. والظأب: الصوت.
وقال الآخر:

فذلت لي الأنساع حتى بلغتها = هدوءا وقد كان ارتقائي يصورها
وقال الآخر:

فما تقبل الأحياء في حب خندف = ولكن أطراف العوالي تصورها
أي تجمعها، وقال الآخر، وهو الطرماح:
عفائف إلا ذاك أو أن يصورها = هوى، والهوى للعاشقين صروع
وقال ذو الرمة:

ظللنا نعوج العنس في عرصاتها = وقوفا وتستنعي بنا فنصورها
تستنعي، معناه تذهب وتتقدم.
وقال بعض المفسرين: صرهن معناه: قطع أجنحتهن، وأصله بالنبطية صرية. ويحكى هذا عن مقاتل بن سليمان. فإن كان أثر هذا عن أحد من الأئمة، فإنه مما اتفقت فيه لغة العرب ولغة النبط؛ لأن الله جل وعز لا يخاطب العرب بلغة العجم؛ إذ بين ذلك في قوله جل وعلا: {إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}، وقال الشاعر:
فأصبحت من شوق إلى الشأم أصورا
فهذا مأخوذ من الميل والعطف.
ويقال: قد صار الرجل، إذا صور الصور. قال الأعشى:

فما أيبلي على هيكل = بناه وصلب فيه وصارا
الأيبلي: الراهب، وصلب، من الصلبان، وصار، من التصوير). [كتاب الأضداد: 36-39]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وَصَرى حرف من الأضداد. يقال: صَرَى الشيء، إذا جمعه، وصَرَاه إذا قطعه وفرقه؛ فمن الجمع قولهم: قد صَرَى اللبن في ضرع الشاة إذا جمعه، والمصراة: الشاة التي جمع لبنها، قال الشاعر:
رب غلام قد صَرَى في فقرته = ماء الشباب عنفوان سنبته
أراد جمع ماء الشباب، والسنبة: الدهر.
ومن القطع قولهم: قد صرى ما بيننا من المودة، أي قطعه.
وقال الفراء: يقال: بات يصري في حوضه، إذا استقى ثم قطع، ثم استقى. وأنشدنا أبو العباس:

صرت نظرة لو صادفت جوز دارع = غدا والعواصي من دم الجوف تنعر
معناه قطعت المرأة نظرة لو صادفت وسط رجل دارع غدا في حال هلاك. والعواصي: العروق التي تعصي فلا
يرقأ دمعها؛ وتنعر: تسيل؛ قال الراعي:

فظل بالأكم ما يصري أرانبها = من حد أظفاره الحجران والقلع
ما يصري: معناه ما يقطع ويمنع، والحجران جمع حاجر؛ وهو موضع له حروف تمنع الماء، والقلع: قطع من الحبال.
ويكون «صَرَى» بمعنة نجى، قال الشاعر:

صرى الفحل مني أن ضئيل سنامه = ولم يصر ذات الني مني بروعها
معناه: نجى الفحل مني صغر سنامه وقلته، ولم ينج
ذات الشحم مني كمالها وكثرة شحمها ولحمها وحسنها. والبروع، من قولهم: رجل بارع، إذا كان كاملا). [كتاب الأضداد: 39-40]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (وقال الكسائي: وقصت عنقه أقصها وقصًا، ولا يقال: وقصت العنق نفسها.
وقال الأموي: أصرته آصره أصرا: كسرته.
قال أبو علي: الأصر: العطف.
والصور مصدر صرته أصوره إذا أملته، ومن هذا قيل للمائل العنق: أصور، وقد قرئ: {فَصُرْهُنّ إليك}[البقرة: 260] أي أملهنّ، ومن قرأ: {فَصِرْهُنّ إليك} [البقرة: 260] أي قطعهن، من قولهم: صاره يصيره إذا قطّعه، ومن هذا قيل: صار فلان إلى موضع كذا وكذا، لأنه ميل وذهاب إلى ذلك الوجه). [الأمالي: 2/28]


رد مع اقتباس