عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 10:09 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن لا إذا دخلت على أن جاز أن تريد ب أن الثقيلة، وأن تريد الخفيفة.
فإن أردت الثقيلة رفعت ما بعدها؛ لأنه لا يحذف منها التثقيل إلا مع الإضمار. وهذا لك في باب إن وأن. وإنما تقع الخفيفة والثقيلة على ما قبلها من الأفعال ولا يجوز الإضمار إلا أن تأتي بعوض.
و العوض: لا، أو السين، أو سوف، أو نحو ذلك مما يلحق الأفعال.
فأما لا وحدها فإنه يجوز أن تريد ب أن التي قبلها الخفيفة، وتنصب ما بعدها؛ لأن لا لا تفصل بين العامل والمعمول به، تقول: مررت برجل لا قائم ولا قاعد؛ كما تقول: مررت برجل قائم، وقاعد. وذلك قولك: أخاف ألا تذهب يا فتى، وأظن ألا تقوم يا فتى؛ كما قال: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله}.
و في ظننت وبابها تكون الخفيفة والثقيلة كما وصفت لك. قال الله عز وجل: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} وأن لا يكون فالرفع على: أنها لا تكون فتنة. وكذلك {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً}: أي أنه لا يرجع إليهم قولاً. لا يرون في معنى يعلمون، فهو واقع ثابت.
فأما السين وسوف، فلا يكون قبلهما إلا المثقلة. تقول: علمت أن سيقومون، وظننت أن سيذهبون، وأن سوف تقومون؛ كما قال: {علم أن سيكون منكم مرضى}. ولا يجوز أن تلغى من العمل والعمل كما وصفت لك.
و لا يجوز ذلك في السين وسوف؛ لأنهما لا يلحقان على معنى لا، فإنما الكلام بعد لا على قدر الفصل. قال: {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون}. فـ (يعلم) منصوبةٌ، ولا يكون إلا ذلك؛ لأن لا زائدة. وإنما هو لأن يعلم. وقوله: {أن لا يقدرون} إنما هو: أنهم لا يقدرون. وهي في بعض المصاحف (أنهم لا يقدرون) ). [المقتضب: 2/30-31]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وخفت حرف من الأضداد، يكون بمعنى الشك، ويكون بمعنى اليقين؛ فأما كونه على الشك فكثير واضح لا يحتاج إلى شاهد، وأما كونه على اليقين فشاهده قول الله عز وجل: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا}، قال أبو عبيدة وقطرب: معناه علمت.
وقال في قوله عز وجل: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله}، معناه إلا أن يعلما). [كتاب الأضداد: 137] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فأما ظننت وحسبت وخلت ورأيت فإن أن تكون فيها على وجهين على أنها تكون أن التي تنصب الفعل وتكون أن الثقيلة فإذا رفعت قلت قد حسبت أن لا يقول ذاك وأرى أن سيفعل ذاك ولا تدخل هذه السين في الفعل ههنا حتى تكون أنه وقال عز وجل: { وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} كأنك قلت قد حسبت أنه لا يقول ذاك وإنما حسنت أنه ههنا لأنك قد أثبت هذا في ظنك كما أثبته في علمك وأنك أدخلته في ظنك على أنه ثابتٌ الآن كما كان في العلم ولولا ذلك لم يحسن
أنك ههنا ولا أنه فجرى الظن ههنا مجرى اليقين لأنه نفيه وإن شئت نصبت فجعلتهن بمنزلة خشيت وخفت فتقول ظننت أن لا تفعل ذاك.
ونظير ذلك: {تظن أن يفعل بها فاقرة} و: {إن ظنا أن يقيما حدود الله} فلا إذا دخلت ههنا لم تغير الكلام عن حاله). [الكتاب: 3/166-167] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما الأفعال التي تشترك فيها الخفيفة والثقيلة فما كان من الظن. فأما وقوع الثقيلة فعلى أنه قد استقر في ظنك: كما استقر الأول في علمك. وذلك قولك: ظننت أنك تقوم، وحسبت أنك منطلق. فإذا أدخلت على المحذوفة العوض قلت: حسبت أن سيقومون، وكذلك تقول: ظننت أن لا تقول خيرا، تريد: أنك لا تقول خيرا. وأما النصب فعلى أنه شيء لم يستقر، فقد دخل في باب رجوت وخفت بهذا المعنى. وهذه الآية تقرأ على وجهين: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} و{أن لا تكون فتنةٌ}، فانتصب ما بعد لا وهي عوضٌ؛ كما أوقعت الخفيفة الناصبة بعد ظننت بغير عوض. وذلك قوله عز وجل: {تظن أن يفعل بها فاقرةٌ}، لأن معناها معنى ما لم يستقر. وكذلك: {إن ظنا أن يقيما حدود الله}. وزعم سيبويه أنه يجوز: خفت أن لا تقوم يا فتى، إذا خاف شيئاً كالمستقر عنده، وهذا بعيد. وأجاز أن تقول: ما أعلم إلا أن تقوم، إذا لم يرد علماً واقعا، وكان هذا القول جارياً على باب الإشارة؛ أي: أرى من الرأى؛ وهذا في البعد كالذي ذكرنا قبله. وجملة الباب تدور على ما شرحت لك من التبيين والتوقع. فأما قول الله عز وجل: {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم} فإن الوجه فيه الرفع، والمعنى: أنه لا يرجع إليهم قولا؛ لأنه علم واقع. والوجه في قول الشاعر:

أفنى عرائكها وخدد لحمهـا = أن لا تذوق مع الشكائم عودا
الرفع؛ لأنه يريد: إن الذي أفنى عرائكها هذا. فهذا على المنهاج الذي ذكرت لك). [المقتضب: 3/7-8] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عمر رضي الله عنه حين قال: أعضل بي أهل الكوفة ما يرضون بأمير ولا يرضاهم أمير.
...
قال الأموي: قوله: أعضل بي، هو من العضال، وهو الأمر الشديد الذي لا يقوم له صاحبه، يقال: قد أعضل الأمر فهو معضل.
ويقال: قد عضلت المرأة تعضيلا - إذا نشب الولد فخرج بعضه ولم يخرج بعض فبقي معترضا.
وكان أبو عبيدة يحمل هذا على الإعضال في الأمر ويراه منه، فيقول:
أنزلوا بي أمرا معضلا لا أقوم به. قال ذو الرمة:
ولم أقذف لمؤمنة حصان = بأمر الله موجبة عضالا
ويقال في غير هذا: عضل الرجل أخته وابنته يعضلها عضلا إذا منعها من التزويج، وكذلك عضل الرجل امرأته قال الله تبارك وتعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن} يقال في تفسيره: أنه أن يطلقها واحدة حتى إذا كادت تنقضي عدتها ارتجعها، ثم طلقها أخرى، ثم كذلك الثانية والثالثة يطول عليها العدة يضارها بذلك.
ويقال في قوله: {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} إنه من هذا أيضا). [غريب الحديث: 4/178-180]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) }
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال التميمي: العضل أن يحبس الرجل المرة في البيت فلا يتركها تزوج ولا ينفق عليها، عضلها يعضل). [كتاب الجيم: 2/258]

تفسير قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
عوجا على الطلل المحيل لعلنا = نبكي الديار كما بكى ابن خذام
...
والمحيل: الذي أتى عليه حول. يقال: محيل ومحول. قال: وسمي الحول؛ لانقلاب سنة إلى أخرى، وسمي الأحول أحول لانقلاب عينه عن حال
العيون. ويقال: حال عن العهد؛ إذا انقلب). [شرح ديوان امرئ القيس: 474-475]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وحدّثني الزيادي قال. حدّثنا عبد الوارث عن يونس عن الحسن أن عمر أتي بامرأة ولدت لستة أشهر فهم بها؛ فقال له عليّ: قد يكون هذا، قال اللّه عز وجل. {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا}، وقال. {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} ). [عيون الأخبار: 4/69]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
موانع الأسرار إلا لأهلها = ويخلفن ما ظن الغيور المشفشف
...
قال الأسرار واحدها سر وهو النكاح من قوله تعالى: {لا تواعدهن سرا} يعني نكاحا والله أعلم). [نقائض جرير والفرزدق: 550]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
كانت إذا هجر الحليل فراشها = خزن الحديث وعفت الأسرار
...
يقول وإن هجرها حليلها وهو زوجها لم تظهر له سرا وإن غضبت على زوجها عند هجرانه فراشها قال والسر هو النكاح بعينه وهو من قول الله عز وجل: {ولكن لا تواعدوهن سرا} يعني نكاحا). [نقائض جرير والفرزدق: 851]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (ثم النكاح

يقال: ناك الرجل نيكا، ونكح ينكح نكاحا وهما سواء. وباضع مباضعة، وبضاعا.
وجامع مجامعة.
ولامس لماسا.
وغشى غشيانا). [كتاب الفَرْق: 83]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والسر النكاح. قال الأعشى:

ولا تقربن جارة إن سرها = عليك حرام فانكحن أو تأبدا
رجل مئر إذا كان كثير النكاح). [الغريب المصنف: 1/256]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (كننت الشيء في الكن وأكننته؛ وفي النفس مثلهما جميعًا. الكسائي: كننت الشيء فهو مكنون وأكننت في نفسي). [الغريب المصنف: 2/568]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والسر النكاح قال الله جل وعز: {ولكن لا تواعدوهن سرا} وقال رؤبة بن العجاج:

فعف عن أسرارها بعد العسق
والعسق اللزوم قال الأعشى

(ولا تقربن جارة إن سرها = عليك حرام فانكحن أو تأبدا)
وقال امرؤ القيس:
وأن لا يحسن السر أمثالي
والسر واحد الأسرار وهي خطوط الكف قال

(فانظر إلى كف وأسرارها = هل أنت إن أوعدتني ضائري)
ويقال فلان في سر قومه إذا كان في أفضلهم وسر الودى أفضل موضع فيه وهي السرارة أيضا والسر من الأسرار التي تكتم). [إصلاح المنطق: 21]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال قد
أكننت الشيء إذا سترته قال الله عز وجل: {أو أكننتم في أنفسكم} وقد كننته إذا صنته قال الله عز وجل: {كأنهن بيض مكنون} وقال الشماخ:
(ولو أني أشاء كننت جسمي = إلى بيضاء بهكنة شموع)
). [إصلاح المنطق: 233-234]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني = كبرت وأن لا يشهد اللهو أمثالي
...
وروى أبو عبيدة: «وأن لا يحسن السِّر».
والسِّر: النكاح هاهنا من قوله عز وجل: {لا تواعدوهن سرا} ). [شرح ديوان امرئ القيس: 314]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (
وكأنهن وقد صدرن لواغباٌ = بيض بأفنية المقام مركم
اللاغب المعيي، قال الله عز وجل: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} والمركم: الذي بعضه على بعض، والمرأة تشبه ببيضة النعامة كما تشبه بالدرة، قال الله عز وجل: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} والمكنون: المصون، والمكن: المستور، يقال: أكننت السر، قال الله عز وجل: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} وقال أبو دهبل، وأكثر الناس يرويه لعبد الرحمن بن حسان:
وهي زهراء مثل لؤلؤة الغو = اص ميزت من جوهر مكنون
وقال ابن الرقيات:
واضحٌ لونها كبيضة أدحي = لها في النساء خلقٌ عميم
العميم: التام، والأدحي: موضع بيض النعامة خاصة، وشعر عبد الرحمن هذا شعر مأثور مشهور عنه). [الكامل: 1/386-387] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال أبو العباس في المثل السائر: قيل لرجل: ما خفي? قال: ما لم يكن.
وفي تفسير هذه الآية: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}. قال: ما حدَّثت به نفسك. كما قال: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ}، تقديره في العربية: وأخفى منه). [الكامل: 2/876] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويقال للنكاح: السرُّ؛ على غير وجه وهذا ليس من الباب الذي كنا فيه، ولكني ذكر الشيء بالشيء، وهذا حرف يغلط فيه، لأن قومًا يجعلون السرَّ الزنا، وقومٌ يجعلونه الغشيانَ، وكلا القولين خطأَ، إنما هو الغشيانُ من غير وجهه. قال الله جلَّ وعزّ: {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفًا}، فليس هذا موضع الزنا.
وقال الحطيئة:

ويحرم سرُّ جارتهم عليهم = ويأكل جارهم أنف القصاعِ
وقال الأعشى لسلامة ذي فائشٍ الحميري:

وقومك إن يضمنوا جارةً = وكانوا بموضِعِ أنضادها
فلن يطلبوا سرها للغنى = ولن يسلموها لإزهادها
). [الكامل: 2/886-887]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الله عز وجل: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، وقال تبارك وتعالى: {كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ}.
والمكنون: المصون، يقال: كننت الشيء إذا صنته. وأكننته، إذا أخفيته، فهذا المعروف، قال الله تبارك وتعالى: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 235] وقد يقال: كننته، أخفيته). [الكامل: 2/951] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال يعقوب: كننت صنت وأكننت سترت). [شرح المفضليات: 835]

تفسير قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما يضم من السواكن إذا حذفت بعد ألف الوصل
وذلك الحرف الواو التي هي علامة الإضمار إذا كان ما قبلها مفتوحاً وذلك قوله عز وجل: {ولا تنسوا الفضل بينكم} ورموا ابنك واخشوا الله فزعم الخليل أنهم جعلوا حركة الواو منها ليفصل بينها وبين الواو التي من نفس الحرف نحو واو لو وأو.
وقد قال قوم: {ولا تنسوا الفضل بينكم} جعلوها بمنزلة ما كسروا من السواكن وهي قليلة وقد قال قوم: (لوُ استطعنا) شبهوها بواو اخشوا الرجل ونحوها حيث كانت ساكنة مفتوحا ما قبلها وهي في القلة بمنزلة: {ولا تنسوا الفضل بينكم}.
وأما الياء التي هي علامة الإضمار وقبلها حرف مفتوح فهي مكسورة في ألف الوصل وذلك اخشي الرجل للمرأة لأنهم لما جعلوا حركة الواو من الواو جعلوا حركة الياء من الياء فصارت تجرى ههنا كما
تجرى الواو ثم وإن أجريتها مجرى: {ولا تنسوا الفضل بينكم} كسرت فهي على كل حال مكسورة.
ومثل هذه الواو واو مصطفون لأنها واوٌ زائدة لحقت للجمع كما لحقت واو أخشوا لعلامة الجمع وحذفت من الاسم ما حذفت واو أخشوا فهذه في الاسم كتلك في الفعل والياء في مصطفين مثلها في اخشي وذلك مصطفو الله ومن مصطفي الله). [الكتاب: 4/155]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والضمة مستثقلة في الواو، لأنها من مخرجها، وهما جميعا من أقل المخارج حروفا. ونبين هذا في بابه إن شاء الله .
فمتى انضمت الواو من غير علة فهمزها جائز. وذلك قولك في وجوع: أجوه، وفي وعد: أعد.
ومن ذلك قوله {وإذا الرسل أقتت} إنما هي فُعِّلت من الوقت، وكان أصلها وقتت.
وأما قولنا: إذا انضمت لغير علة، فإن العلة أن يحدث فيها حادث إعراب وذلك قولك: هذا غزوٌ وعدو.
ويكون لالتقاء الساكنين كقولك: اخشوا الرجل {لترون الجحيم} {ولا تنسوا الفضل بينكم}.
وإنما وجب في الأول ما لم يجب في هذا، لأن الضمة هناك لازمة). [المقتضب: 1/230-231] (م)


رد مع اقتباس