عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 09:55 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (وقال اللحياني: تخوّفت الشيء تنقصه، قال الله عزّ وجلّ: {أو يأخذهم على تخوّفٍ} [النحل: 47] : أي على تنقصّ.
ويقال: تحوّفت الشيء بالحاء غير معجمة، إذا أخذت من حافاته.
وقال أبو نصر: وجمع مخيف إذا أخاف من ينظر إليه.
وحائط مخوف، وثغر مخوف، إذا كان يفرق منه.
وقال اللحياني: وقد يقال: ثغر مخيف إذا كان يخيف أهله.
ويقال: خفت من الشيء أخاف خوفًا وخيفةً وخيفًا، وهو جمع خيفة، قال الهذلي:

فلا تقعدنّ على زخّة = وتضمر في القلب وجدا وخيفا
والزخة: الدّفعة، يقال: زخّ في صدره يزخّ زخًّا: أي دفع، ومنه قيل للمرأة مزخّة.
ويقال: فلان خائف والقوم خائفون وخوّف وخيّف، قال الله تبارك وتعالى: {أن يدخلوها إلا خائفين} [البقرة: 114] وفي حرف أبيٍّ وابن مسعود: (أن يدخلوها إلا خيّفًا) والخافة: خريطة من أدم ضيّقة الرأس واسعة الأسفل، تكون مع مشتار العسل إذا صعد ليشتار). [الأمالي: 1/212-213] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت شهرا في صلاة الصبح بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان.
قال: حدثناه معاذ بن معاذ العنبري عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: قنت شهرا هو ههنا القيام قبل الركوع أو بعده في صلاة الفجر يدعو.
وأصل القنوت في أشياء:
فمنها القيام، وبهذا جاءت الأحاديث في قنوت الصلاة، لأنه إنما يدعو قائما.
ومن أبين ذلك الحديث الآخر:
قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل؟ قال: ((طول القنوت)).
يريد طول القيام.
ومنه حديث ابن عمر:
قال: حدثني يحيى بن سعيد عن عبيد الله
ابن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن القنوت فقال:
ما أعرف القنوت إلا طول القيام ثم قرأ: {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما}.
وقد يكون القنوت في حديث ابن عمر هذا الصلاة كلها، ألا تراه يقول: ساجدا وقائما.
ومما يشهد على هذا الحديث المرفوع:
قال: حدثنيه إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم)).
يريد بالقانت المصلي ولم يرد القيام دون الركوع والسجود. وقد يكون القنوت أن يكون ممسكا عن الكلام في صلاته. ومنه حديث زيد بن أرقم قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال:
كنا نتكلم في الصلاة يكلم أحدنا صاحبه إلى جنبه حتى نزلت هذه الآية: {وقوموا لله قانتين} فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
قال: والقنوت أيضا الطاعة لله تعالى
قال: حدثني يحيى بن سعيد عن وائل بن داود عن عكرمة في قوله تعالى: {كل له قانتون}. قال: الطاعة). [غريب الحديث: 2/568-574] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقوله: {سُبْحَانَهُ} مختلف في تأويله؛ لأن تأويله الإضافة عند الفراء وهو تنزيه وضع موضع المصدر، في الأصل سبحت تسبيحًا وسبحانًا، فإذا أسقطت الكاف فتح. وأنشد:

سبحان من علقمة الفاخر
قال الفراء: طلب الكاف ففتح. وقال أهل البصرة: لم يجره. وهذا باطل، لأنهم قد أنشدوا:
فسبحانا فسبحانا
بالنصب. فيجوز فلا يكون نكرة، وما أضيف فأسقط فلا يكون نكرة). [مجالس ثعلب: 216-217]

تفسير قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) }
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والآيات: العلامات واحدتها آية). [الأمالي: 2/318]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (حدثنا عباد بن العوام، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس في قول الله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته} قال: «يتبعونه حق اتباعه». قال: وقال عكرمة: «ألا ترى أنك تقول: فلان يتلو فلانا، أي يتبعه ؛ {والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها} أي: تبعها».
حدثنا هشيم، عن داود، عن عكرمة في قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته} مثل ذلك، ولم يذكره عن ابن عباس.
حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن قيس بن سعد، عن مجاهد، في هذه الآية مثل ذلك). [فضائل القرآن: 130-131] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث أبي موسى الأشعري إن هذا القرآن كائن لكم أجرا وكائن عليكم وزرا فاتبعوا القرآن ولا يتبعنكم القرآن، فإنه من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة، ومن يتبعه القرآن يزخ في قفاه حتى يقذف به في نار جهنم.
حدثناه هشيم وابن علية، كلاهما عن زياد بن مخراق، عن أبي إياس، عن أبي كنانة، عن أبي موسى الأشعري.
قوله: اتبعوا القرآن: أي اجعلوه أمامكم ثم اتلوه، كقوله جل وعز: {الذين آتينهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}.
حدثنا عباد بن العوام عن داود بن أبي هند عن عكرمة في قوله: «يتلونه حق تلاوته»، قال: يتبعونه حق اتباعه ألا ترى أنك تقول:
فلان يتلو فلانا: {والشمس وضحها والقمر إذا تلها} ). [غريب الحديث: 5/195-196] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122) }

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر المدينة فقال: ((من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله إلى يوم القيامة لا يقبل منه صرف ولا عدل)).
قال: سمعت هشيما يحدثه عن شيخ له قد سماه عن مكحول قال: الصرف التوبة، والعدل الفدية
وفي القرآن ما يصدق هذا التفسير قوله: {وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها}.
وقوله: {ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} فهذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل منه عدل)). فأما الصرف فلا أدري أقوله: {فما تستطيعون صرفا ولا نصرا} من هذا أم لا.
وبعض الناس يحمله على هذا ويقال: إن الصرف النافلة والعدل الفريضة.
والتفسير الأول أشبه بالمعنى). [غريب الحديث: 2/662-664] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} جزى يجزي، إذ كفى وأجزأ يجزئ، إذ قام مقامه. ولم يكن أهل البصرة يقولون أجزأ بالهمز، والكسائي يقول يجزئ فيه. والفراء يقول يجزئ فيه ويجزيه جميعًا). [مجالس ثعلب: 403]


تفسير قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخلت عليه عجوز فسأل بها
فأحفى، وقال:
((إنها كانت تأتينا في زمان خديجة وإن حسن العهد من الإيمان)).
هو من حديث ابن المبارك قال: بلغني ذلك عنه عن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن زيد بن مهاجر يرفعه.
والعهد في أشياء مختلفة.
فمنها الحفاظ ورعاية الحرمة والحق، وهو هذا الذي في الحديث ومنه الوصية، وهو أن يوصي الرجل إلى غيره كقول سعيد حين خاصم عبد بن زمعة في ابن أمته فقال: ابن أخي عهد فيه إلي أخي، أي أوصى إلي فيه.
وقال الله تبارك وتعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم} يعني الوصية والأمر.
ومن العهد أيضا الأمان، قال الله تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين} وقال: {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}.
ومن العهد أيضا: اليمين يحلف بها الرجل، يقول: علي عهد الله.
ومن العهد أيضا: أن تعهد الرجل على حال أو في مكان، فتقول: عهدي به في مكان كذا وكذا وبحال كذا وكذا، وعهدي به يفعل كذا وكذا.
وأما قول الناس: أخذت عليه عهد الله وميثاقه، فإن العهد ههنا اليمين، وقد ذكرناه). [غريب الحديث: 2/580-583] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

ولا ألفينكم تعكفون بقنة = بتثليث أنتم جندها وقطينها
يقال: عكف الرجل بالمكان يعكف ويعكف، بضم الكاف وكسرها، وذلك إذا أقام به كالحابس نفسه. ومن ذلك الاعتكاف في المساجد). [شرح ديوان كعب بن زهير: 207]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والمقام: الإقامة بالضم والمقام بالفتح الموضع، ويقال المقام بالفتح مقام ساعة، وهو من قول الله عز ذكره: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلىً}). [شرح المفضليات: 493]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقال ذو الرمة:
وأنّي متى أشرف على الجانب الذي = به أنت من بين الجوانب ناظر
أي ناظرٌ متى أشرف فجاز هذا في الشعر وشبهوه بالجزاء إذا كان جوابه منجزماً لأن المعنى واحد كما شبه الله يشكرها وظالم فإذا هم يقنطون جعله بمنزلة يظلم ويشكرها الله كما كان هذا بمنزلة قنطوا وكما قالوا في اضطرارٍ إن تأتني أنا صاحبك يريد معنى الفاء فشبهه ببعض ما يجوز في الكلام حذفه وأنت تعنيه.
وقد يقال إن أتيتني آتك وإن لم تأتني أجزك لأن هذا في موضع الفعل المجزوم وكأنه قال إن تفعل أفعل.
ومثل ذلك قوله عز وجل: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها} فكان فعل وقال الفرزدق

دسّت رسولاً بأنًّ القوم إن قدروا = عليك يشفوا صدوراً ذات توغير
وقال الأسود بن يعفر:

ألا هل لهذا الدّهر من متعلّل = عن النّاس مهما شاء بالناس يفعل
وقال إن تأتني فأكرمك أي فأنا أكرمك فلا بد من رفع فأكرمك إذا سكت عليه لأنه جواب وإنما ارتفع لأنه مبني على مبتدأ.
ومثل ذلك قوله عز وجل: {ومن عاد فينتقم الله منه} ومثله: {ومن كفر فأمتعه قليلا} ومثله: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا}). [الكتاب: 3/68-69] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل عن سحائب مرت فقال: كيف ترون قواعدها وبواسقها ورحاها، أجون أم غير ذلك؟ أم كيف ترون رحاها؟
ثم سأل عن البرق فقال: أخفوا أم وميضا أم يشق شقا فقالوا: يشق شقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جاءكم الحيا)).
فالقواعد هي أصولها المعترضة في آفاق السماء.
وأحسبها مشبهة بقواعد البيت وهي حيطانه، والواحدة منها:
قاعدة.
وقال الله عز وجل: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت}.
وأما البواسق، ففروعها المستطيلة إلى وسط السماء وإلى الأفق الآخر، وكذلك كل طويل فهو باسق قال الله تبارك وتعالى: {والنخل باسقات لها طلع نضيد} ). [غريب الحديث: 2/449-501]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( والسميع من الأضداد؛ يقال: السميع للذي يسمع، والسميع للذي يسمع غيره، والأصل فيه مسمع.

فصرف عن (مُفْعِل) إلى (فَعِيل)، كما قال تبارك وتعالى: {ولهم عذاب أليم}، أراد مؤلم موجع. وقال عمرو بن معدي كرب:
أمن ريحانة الداعي السميع = يؤرقني وأصحابي هجوع
أراد المسمع. وقال ذو الرمة:
وترفع من صدور شمردلات = يصك وجوهها وهج أليم
أراد (مؤلم) ). [كتاب الأضداد: 83-84]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والأمة: تباع الأنبياء، والأمة: الجماعة، والأمة: الصالح الذي يؤتم به، والأمة: الدين والأمة: المنفرد بالدين، والأمة: الحين من الزمان، والأمة: الأم، والأمة: القامة؛ وجمعها أمم، قال الأعشى:

وإن معاوية الأكرمين = حسان الوجوه طوال الأمم
في ألفاظ كثيرة يطول إحصاؤها وتعديدها، تصحبها العرب من الكلام ما يدل على المعنى المخصوص منها). [كتاب الأضداد: 6]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه مالك بن مرارة الرهاوي فقال: يا رسول الله
إني قد أوتيت من الجمال ما ترى ما يسرني أن أحدا يفضلني بشراكين فما فوقهما فهل ذلك من البغي؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما ذلك من سَفِه الحق وغَمِط الناس)).
قال: حدثنيه معاذ بن معاذ عن ابن عون عن عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أما قوله: ((من سفه الحق)): فإنه أن يرى الحق سفها وجهلا، قال الله تبارك وتعالى: {إلا من سفه نفسه}.
وبعض المفسرين يقول في قوله تعالى: {إلا من سفه نفسه} يقول سَفَّهَهَا). [غريب الحديث: 3/312-314]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) }

تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال مالك بن ضيغم: لما احتُضِر أبي قلنا له: ألا تُوصي قال: بلى، أوصيكم بما أوصى به إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ: {يَا بَنِيً إنً الله اصطَفَى لَكُمُ الدينَ فَلاَ تَمُوتن إلا وأنتُمْ مسْلِمُونَ} وأوصيكم بصلة الرحم وحسنِ الجوار وفعل ما استطعتم من المعروف، وادفنوني مع المساكين). [عيون الأخبار: 6/312]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: (ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين). وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:

فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:

ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) }


رد مع اقتباس