عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 15 رجب 1434هـ/24-05-2013م, 12:21 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

نزول قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) )

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله تعالى: {إِنَّ الَّذينَ يُنادونَكَ مِن وَراءِ الحُجُراتِ أَكثَرُهُم لا يَعقِلونَ}.
أخبرنا أحمد بن عبيد الله المخلدي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن زياد الدقاق قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا محمد بن يحيى العتكي قال: حدثنا المعتمر بن سليمان قال: حدثنا داود الطفاوي قال: حدثنا أبو مسلم البجلي قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: أتى ناس النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في الحجرة يا محمد يا محمد فأنزل الله تعالى:{إِنَّ الَّذينَ يُنادونَكَ مِن وَراءِ الحُجُراتِ أَكثَرُهُم لا يَعقِلونَ}.
وقال محمد بن إسحاق وغيره: نزلت في جفاة بني تميم قدم وفد منهم على النبي صلى الله عليه وسلم فدخلوا المسجد فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته أن اخرج إلينا يا محمد فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين فآذى ذلك من صياحهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فقالوا: إنا جئناك يا محمد نفاخرك ونزل فيهم {إِنَّ الَّذينَ يُنادونَكَ مِن وَراءِ الحُجُراتِ أَكثَرُهُم لا يَعقِلونَ} وكان فيهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم.
وكانت قصة هذه المفاخرة على ما أخبرناه أبو إسحاق أحمد بن محمد المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن الحسن السدوسي قال: حدثنا الحسن بن صالح بن هانئ قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب قال: حدثنا قاسم بن أبي شيبة قال: حدثنا معلى بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمرو بن الحكم عن جابر بن عبد الله قال: جاءت بنو تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنادوا على الباب: يا محمد اخرج إلينا فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين فسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم وهو يقول: ((إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمه شين)) فقالوا: نحن ناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بالشعر بعثت ولا بالفخار أمرت ولكن هاتوا)) فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبانهم قم فاذكر فضلك وفضل قومك فقام فقال:
الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء فنحن من خير أهل الأرض ومن أكثرهم عدة ومالاً وسلاحًا فمن أنكر علينا قولنا فليأت بقول هو أحسن من قولنا وفعال هو أحسن من فعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس: ((قم فأجبه)) فقام فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوهًا وأعظمهم أحلامًا فأجابوه فالحمد لله الذي جعلنا أنصاره ووزراء رسوله وعزا لدينه فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله فمن قالها منع منا نفسه وماله ومن أباها قتلناه وكان رغمه في الله تعالى علينا هينًا أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبانهم: قم يا فلان فقل أبياتًا تذكر فيها فضلك وفضل قومك فقام الشاب فقال:
نَحنُ الكِرامُ فَلا حَيٌّ يعادلنا = فينا الرُؤوسُ وَفينا تُقسِمُ الرَبعُ
ونطعم الناس عند القحط كلهم = من السديف إذا لم يؤنس القزع
إِذا أَبَينا فَلا يَأبى لَنا أَحَدٌ = إِنّا كَذَلِكَ عِندَ الفَخرِ نَرتَفِعُ
قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حسان بن ثابت فانطلق إليه
الرسول فقال: وما يريد مني وقد كنت عنده قال: جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس فأجابهم وتكلم شاعرهم فأرسل إليك تجيبه فجاء حسان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبه فقال حسان: مره فليسمعني ما قال فأنشده ما قال، فقال حسان:
نَصَرنا رَسولَ اللَهِ وَالدينُ عَنوَةٌ = عَلى رَغمِ باد مِن مَعدٍ وَحاضِرِ
أَلَسنا نَخوضُ المَوتَ في حَومَةِ الوَغى = إِذا طابَ وِردُ المَوتِ بَينَ العَساكِرِ
وَنَضرِبُ هامَ الدارِعينَ وَنَنتَمي = إِلى حَسَبٍ مِن جذمِ غَسّانَ قاهِرِ
فَلَولا حَياءُ اللَهِ قُلنا تَكَرُّمًا = عَلى الناسِ بِالخيفينِ هَل مِن مُنافِرِ
فَأَحياؤُنا مِن خَيرِ مَن وَطِئَ الحَصى = وَأَمواتُنا مِن خَيرِ أَهلِ المَقابِرِ
قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: إني والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء وقد قلت شعرًا فاسمعه فقال: ((هات)) فقال:
أَتَيناكَ كَيما يَعرِفُ الناسُ فَضلَنا = إِذا فاخَرونا عِندَ ذِكرِ المَكارِمِ
وَإِنّا رُؤوسُ الناسِ في كُلِّ مَعشَرٍ = وَأَن لَيسَ في أَرضِ الحِجازِ كَدارِمِ
وإن لنا المرباع في كل غارة = تكون بنجد أو بأرض التهائم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قم يا حسان فأجبه)) فقام حسان فقال:
بَني دارِمٍ لا تَفخَروا إِنَّ فَخرَكُم = يَعودُ وَبالاً عِندَ ذِكرِ المَكارِمِ
هَبَلتُم عَلَينا تَفخَرونَ وَأنتُمُ = لَنا خَولٌ مِن بَينِ ظِئرٍ وَخادِمِ
وَأَفضَلُ ما نِلتُم مِن المَجدِ وَالعُلى = رَدافَتَنا مِن بَعدِ ذِكرِ الأَكارِمِ
فَإِن كُنتُم جِئتُم لِحَقنِ دِمائِكُم = وَأَموالِكُم أَن تُقَسَموا في المَقاسِمِ
فَلا تَجعَلوا للَهِ نَدًا وَأَسلِموا = وَلا تَفخَروا عِندَ النَبِيِّ بِدارِمِ
وَإِلا وَرَبُ البَيتِ مَالَت أَكُفَنا = عَلى هامِكُم بِالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ
قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: إن محمدًا لمؤتي له والله ما أدري ما هذا الأمر تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن قولاً وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر ثم دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يضرك ما كان قبل هذا)) ثم أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكساهم وارتفعت الأصوات وكثر اللغط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآيات {لا تَرفَعوا أَصواتَكُم فَوقَ صَوتِ النَبِيِّ} إلى قوله: {وَأَجرٌ عَظيمٌ}). [أسباب النزول:408 - 412]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}
أخرج الطبراني وأبو يعلى بسند حسن عن زيد بن أرقم قال: جاء ناس من العرب إلى حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا ينادون: يا محمد يا محمد، فأنزل الله:{إن الذين ينادونك من وراء الحجرات} الآية.
(ك)، وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فناداه من وراء الحجر فقال: يا محمد إن مدحي زين، وإن شتمي شين، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ويلك ذلك هو الله)) فنزلت: {إن الذين ينادونك} الآية مرسل له شواهد مرفوعة من: حديث البراء وغيره عن الترمذي بدون نزول الآية.
(ك)، وأخرج ابن جرير نحوه عن الحسن.
(ك)، وأخرج أحمد بسند صحيح عن الأقرع بن حابس: أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات فلم يجبه، فقال: يا محمد إن حمدي لزين، وإن ذمي لشين فقال: ((ذلكم الله)).
(ك) وأخرج ابن جرير وغيره عن الأقرع أيضا: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد اخرج إلينا فنزلت). [لباب النقول:239 - 240]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين



رد مع اقتباس