عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 12:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: زيد في الدار قائماً، فتنصب قائماً بمعنى الفعل الذي وقع في الدار؛ لأن المعنى: استقر عبد الله في الدار؛ ولذلك انتصبت الظروف.
ألا ترى أنك تقول: زيد خلفك، وزيد دونك، فتنصب الدون، والخلف بفعل زيد. كأنك تقول: استقر زيد خلفك، وثبت دونك ونفسر هذا في باب الظروف إن شاء الله.
فإن جعلت في الدار للقيام، ولم تجعله لزيد قلت: زيد في الدار قائم؛ لأنك إنما أردت: زيد قائم في الدار، فجعلت قائماً خبرا عن زيد، وجعلت في الدار ظرفاً لقائم.
فمن قال هذا قال: إن زيدا في الدار قائم.
ومن قال الأول قال: إن زيدا في الدار قائماً. فيكون في الدار الخبر، ثم خبر على أية حال وقع استقراره في الدار، فقال قائماً، أي: على هذه الحال ولما قال قائم إنما قال في الدار ليخبر أي موضع وقع قيامه.
فنظير ذلك قوله جل وعلا {إن المتقين في جنات وعيون * آخذين}، وقوله عز وجل: {إن المتقين في جنات ونعيم * فاكهين}.
وذلك أن قوله: {في جنات} خبر إن، فنصب {آخذين} و{فاكهين} على الحال.
ولو كان الظرف هو الخبر لرفع الخبر؛ كما قال الله عز وجل: {وفي النار هم خالدون} لأن المعنى: وهم خالدون في النار. فإنما في النار ظرف للخلود.
وتقول: هذا زيد راكبا، وذاك عبد الله قائماً.
فإن قال قائل: ما الذي ينصب الحال وأنت لم تذكر فعلا? قيل له: هذا إنما هو تنبيه. كأنك قلت: انتبه له راكباً.
وإذا قلت: ذاك عبد الله قائماً. ذاك للإشارة. كأنك قلت: أشير لك إليه راكباً. فلا يجوز أن يعمل في الحال إلا فعل أو شيء في معنى الفعل؛ لأنها مفعول فيها. وفي كتاب الله جل وعلا: {وهذا بعلي شيخاً} ). [المقتضب: 4/166-168] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تسمى أفعال المقاربة
وهي مختلفة المذاهب والتقدير، مجتمعة في المقاربة
فمن تلك الأفعال عسى وهي لمقاربة الفعل، وقد تكون إيجاباً، ونحن نذكر بعد فراغنا منها شيئاً إن شاء الله. اعلم أنه لا بد لها من فاعل؛ لأنه لا يكون فعلٌ إلا وله فاعل. وخبرها مصدر؛ لأنها لمقاربته. والمصدر اسم الفعل. وذلك قولك: عسى زيدٌ أن ينطلق، وعسيت أن أقوم، أي: دنوت من ذلك، وقاربته بالنية. وأن أقوم في معنى القيام. ولا تقل: عسيت القيام، وإنما ذلك لأن القيام مصدر، لا دليل فيه يخص وقتاً من وقت، وأن أقوم مصدر لقيام لم يقع؛ فمن ثم لم يقع القيام بعدها، ووقع المستقبل. قال الله عز وجل: {فعسى الله أن يأتي بالفتح} وقال: {فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} ). [المقتضب: 3/68-69] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: عمر يعمر عمرًا أي عاش. وعمر فلان بيته يعمره. وعمر مال فلان يعمر. والعمارة بالكسر الحي العظيم. والعمور اللحم الذي بين الأسنان. والإعمار الشيء تعمره. وأتيت الأرض فأعمرتها أي وجدتها عامرة). [الغريب المصنف: 3/958] (م)

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) }

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) )}
تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث صلة بن أشيم: طلبت الدنيا مظان حلالها فجعلت لا أصيب منها إلا قوتا، أما أنا فلا أعيل فيها، وأما هي فلا تجاوزني، فلما رأيت ذلك قلت: أي نفس جعل رزقك كفافا فاربعي، فربعت ولم تكد.
حدثناه ابن علية عن يونس عن الحسن عن أبي الصهباء صلة بن أشيم.
...
وأما قوله: فلا أعيل فيها: لا أفتقر.
وقال الكسائي: يقال: قد عال الرجل يعيل عيلة: إذا احتاج وافتقر وقال الله تبارك وتعالى: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله} قال: وإذا أراد أنه كثر عياله قيل: أعال يعيل، وهو رجل معيل.
وأما قوله عز وجل: {ذلك أدنى أن لا تعولوا} فليس من الأول ولا الثاني، يقال: معناه لا تميلوا ولا تجوروا.
حدثنيه يحيى بن سعيد عن يونس بن أبي إسحاق عن
مجاهد.
والعول أيضا: عول الفريضة، وهو أن تزيد سهامها فيدخل النقصان على أهل الفرائض.
وأظنه مأخوذا من الميل، وذلك أن الفريضة إذا عالت فهي تميل على أهل الفريضة جميعا فتنقصهم). [غريب الحديث: 5/424-426]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

جهراء لا تألو إذا هي أظهرت = بصرا ولا من عيلة تغنيني
...
و(العيلة) الفقر). [شرح أشعار الهذليين: 1/415]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
وعالا وعاما حين باعا بأعنز = وكلبين لعبانية كالجلامد
علا افتقرا يقال عال الرجل يعيل إذا افتقر قال الشاعر:
لما يدري الفقير متى غناه = وما يدري الغني متى يعيل
أي متى يفتقر، {ووجدك عائلاً فأغنى}: يقال عال يعيل إذا افتقر وعال يعيل تبختر في مشيته، وأعال كثر عياله، وعال عياله يعولهم أي قام بأمورهم وأنفق عليهم، وعال يعول جار ومال، ومنه قول الله عز وجل: {أدنى ألا تعولوا}، أي لا تجوروا ولا تميلوا، والعيلة الفقر، ومنه قوله عز وجل: {وإن خفتم عيلة} ). [شرح المفضليات: 130] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
رويدكم مسح الصليب إذا دنا = هلال الجزى واستعجلوا بالدراهم
قوله الجزى يعني الجزية يريد خراج رؤوسهم يقول يؤدونه وهم صاغرون لقول الله تعالى: {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} ). [نقائض جرير والفرزدق: 402]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومثل الرفع: {طوبى لهم وحسن مآبٍ} يدلّك على رفعها رفع حسن مآبٍ.
وأمّا قوله تعالى جدّه: {ويل يومئذ للمكذبين} و{ويلٌ للمطففين} فإنّه لا ينبغي أن تقول إنّه دعاءٌ ههنا لأنّ الكلام بذلك قبيح واللفظ به قبيحٌ ولكنّ العباد إنّما كلموا بكلامهم وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون فكأنّه والله أعلم قيل لهم ويلٌ للمطففين وويل يومئذٍ للمكذبين أي هؤلاء ممن وجب هذا القول لهم لأنّ هذا الكلام إنّما يقال لصاحب الشّر والهلكة فقيل هؤلاء ممن دخل في الشرّ والهلكة ووجب لهم هذا.
ومثل ذلك قوله تعالى: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}. فالعلم قد أتى من وراء ما يكون ولكن اذهبا أنتما في رجائكما وطمعكما ومبلغكما من اعلم وليسلهما أكثر من ذا ما لم يعلما
ومثله: {قاتلهم الله} فإنما أجرى هذا على كلام العباد وبه أنزل القرآن.
وتقول ويلٌ له ويلٌ طويلٌ فإن شئت جعلته بدلاً من المبتدأ الأوّل وإن شئت جعلته صفةً له وإن شئت قلت ويلٌ لك ويلاً طويلا تجعل الويل الآخر غير مبدول ولا موصوف به ولكنّك تجعله دائماً أي ثبت لك الويل دائما). [الكتاب: 1/331-332] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: هذا زيدٌ ابن أبي عمرو، وأبو عمرو غير كنية، ولكنك أردت أن أباه أبو آخر يقال له عمرو لم يكن في زيد إلا التنوين، إلا في قول من قرأ {قل هو الله أحدُ الله الصمد} وقد مضى تفسيره. ومن قال بالبدل قال: يا زيد ابن عبد الله؛ لأنه دعا زيداً، ثم أبدل منه. فهذا كقوله: يا زيد أخا عبد الله. فعلى هذا يجري هذا الباب.
فأما القراءة فعلى ضربين: قرأ قوم {وقالت اليهود عزيرٌ ابن الله}؛ لأنه ابتداء وخبر، فلا يكون في عزير إلا التنوين.
ومن قرأ (عزيرُ ابن الله) فإنما أراد خبر ابتداء كأنهم قالوا: هو عزير بن الله، ونحو هذا مما يضمر. ويكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين وهو يريد الابتداء والخبر. فيصير كقولك: زيد الذي في الدار. فهذا وجه ضعيف جداً؛ لأن حق التنوين أن يحرك لالتقاء الساكنين إلا أن يضطر شاعر على ما ذكرت لك فيكون كقوله:

عمرو العلا هشم الثريد لقومه = ورجال مكة مسنتون عجاف
). [المقتضب: 2/314-315] (م)

تفسير قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) }

تفسير قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) }

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يخرج من النار رجل قد ذهب حِبره وسِبره».
وفي هذا الحديث اختلاف وبعضهم يرفعه وبعضهم لا يرفعه.
يقول عن مطرف بن عبد الله بن الشخير.
قال الأصمعي: قوله: «ذهب حِبره وسِبره»: هو الجمال والبهاء.
يقال: فلان حسن الحِبر والسِبر، قال ابن أحمر وذكر زمانا قد مضى:

لبسنا حِبره حتى اقتضينا = لأعمال وآجال قضينا
ويروى: حتى اقتنصنا يعني لبسنا جماله وهيئته.
وقال غيره: فلان حسن الحَبر والسَبر: إذا كان جميلا حسن الهيئة بالفتح جميعا.
وهو عندي بالحَبر أشبه لأنه مصدر من حبرته حبرا أي حسنته.
قال الأصمعي: وكان يقال لطفيل الغنوي في الجاهلية: المحبِّر لأنه كان يحسن الشعر ويحبره.
قال: وهو مأخوذ عندي من التحبير، وحسن الخط والمنطق.
قال: والحبار أثر الشيء. وأنشد:
لا تملأ الدلو وعرق فيها
ألا ترى حَبار من يسقيها
قوله: عرق فيها أي اجعل فيها ماء قليلا، ومنه قيل: طلاء معرق ومعرق، ويقال: أعرق وعرق.
وأما الحبر من قول الله جل ثناؤه: {من الأحبار والرهبان} فإن الفقهاء يختلفون فيه فبعضهم يقول: حَبْر وبعضهم يقول: حِبْر.
وقال الفراء: إنما هو حِبْر، يقال ذلك للعالم.
قال: وإنما قيل: كعب الحِبر لمكان هذا الحِبر الذي يكتب به، وذلك أنه كان صاحب كتب.
قال الأصمعي: لا أدري هو الحِبْر أو الحَبْر للرجل العالم). [غريب الحديث: 1/220-222]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) }
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (ثم الجبهة وهو موضع السجود). [خلق الإنسان: 178]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله)).
هو من حديث أهل الشام عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم:
قوله: ((دان نفسه)).
الدين يدخل في أشياء، فقوله ههنا: ((دان نفسه)).
يقول يعني: أذلها، أي استعبدها.
يقال: دنت القوم أدينهم: إذا فعلت ذلك بهم قال الأعشى يمدح قوما:

هو دان الرباب إذ كرهوا الديـ = ـن دراكا بغزوة وصيال
ثم دانت بعد الرباب وكانت = كعذاب عقوبة الأقوال
فقال: هو دان الرباب؛ يعني أذلها، ثم قال: دانت بعد الرباب، أي له وأطاعت:
والدين لله تعالى من هذا إنما هو طاعته والتعبد له.
والدين أيضا الحساب، قال الله تبارك وتعالى في الشهور:
{منها أربعة حرم ذلك الدين القيم}.
ولهذا قيل ليوم القيامة: يوم الدين، إنما هو يوم الحساب وأما قول القطامي:
رمت المقاتل من فؤادك بعدما = كانت نوار تدينك الأديانا
فهذا من الإذلال أيضا.
وقد يكون قوله: ((من دان نفسه)) أي حاسبها من الحساب.
والدين أيضا الجزاء، من ذلك قوله: {كما تدين تدان}،
والدين الحال. قال لي أعرابي: لو رأيتني على دين غير هذه، أي حال غير هذه). [غريب الحديث: 2/575-579]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (كتاب نافع إلى المحكمة من أهل البصرة

وكتب نافع إلى من بالبصرة من المحكمة:
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد: فإن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون. والله إنكم لتعلمون أن الشريعة واحدة، والدين واحد، ففيم المقام بين أظهر الكفار، ترون الظلم ليلاً ونهارًا، وقد ندبكم الله إلى الجهاد فقال: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}، ولم يجعل لكم في التخلف عذرًا في حال من الحال، فقال: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً}! وإنما عذر الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون ومن كانت إقامته لعلة، ثم فضل عليهم مع ذلك المجاهدين، فقال: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؛ فلا تغتروا ولا تطمئنوا إلى الدنيا، فإنها مرارة مكارة، لذتها نافذة، ونعمتها بائدة، حفت بالشهوات اغترارًا، وأظهرت حبرة. وأضمرت عبرة، فليس آكل منها أكلة تسره، ولا شارب شربة تؤنفه؛ إلا دنا بها درجة إلى أجله، وتباعد بها مسافة من أمله، وإنما جعلها الله دارًا لمن تزود منها إلى النعيم المقيم، والعيش السليم، فلن يرضى بها حازم دارًا، ولا حليم بها قرارًا، فاتقوا الله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}. والسلام على من اتبع الهدى). [الكامل: 3/1219-1220]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (يقال: هؤلاء وأولئك، للقليل، وهذه وتلك، للكثير، وهؤلاء النسوة، للقليل، وتلك، للكثير. وإنما ذكر القليل وأنث الكثير لأن القليل مثل الواحد والكثير مثل الجمع. يقال: هذا رجل وهؤلاء رجال. كذلك إذا قال: لإحدى عشرة خلت، ولاثنتي عشرة خلت، ولعشر خلون، فأنث الكثير وذكر القليل. وقرأ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} فأنث الكثير وذكر القليل. وحدثنا أبو العباس قال: قال الكسائي: كنت أتعجب من العرب، تقول: لعشر مضين ولإحدى عشرة مضت). [مجالس ثعلب: 227]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والنسى على وجهين: النسى عرق في الرجل مقصور يكتب بالياء، والنساء التأخير ممدود يكتب بالألف. من ذلك ولا تبيعوه نساء ممدود). [المقصور والممدود: 20]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (عرفني نساها الله. أي أخر الله أجلها وأطال عمرها). [الأمثال: 68]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، هو النسيئة بالنسيئة مهموز.
حدثنيه زيد بن الحباب، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
ومنه قولهم: أنسأ الله فلانا أجله، ونسأ الله في أجله بغير ألف. قال وقال أبو عبيدة: يقال من الكالئ: تكلات كلاة: إذا استنسأت نسيئة. والنسيئة التأخير أيضا ومنه قوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر} إنما هو تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر.
وقال الأموي في الكلأة مثله.
قال الأموي: يقال: بلغ الله بك أكلأ العمر يعني آخره وأبعده وهو من التأخير أيضا.
وقال الشاعر يذم رجلا:
وعينه كالكالئ الضمار
يعني بعينه حاضره وشاهده، يقول: فالحاضر من عطيته كالضمار وهو الغائب الذي لا يرتجى. الغائب الذي لا يرتجى. نسأ قال أبو عبيد: وقوله: النسيئة بالنسيئة، في وجوه كثيرة من البيع منها: أن يسلم الرجل إلى الرجل مائة درهم إلى سنة في كر من طعام فإذا انقضت السنة وحل الطعام عليه قال الذي عليه الطعام للدافع: ليس عندي طعام لكن بعني هذا الكر بمائتي درهم إلى شهر فهذه نسيئة انتقلت إلى نسيئة، وكل ما أشبه هذا.
ولو كان قبض الطعام منه ثم باعه منه أو من غيره بنسيئة لم يكن كالئا بكالئ
ومن الضمار قول عمر بن عبد العزيز في كتابه إلى ميمون بن مهران في الأموال التي كانت في بيت المال من المظالم أن يردها ولا يأخذ زكاتها:
فإنه كان مالا ضمارا يعني لا يرجى.
قال سمعت كثير بن هشام يحدث عن جعفر بن برقان عن ميمون قال أبو عبيد وقال الأعشى:
أرانا إذا أضمرتك البلا = د نجفى وتقطع منا الرحم).
[غريب الحديث: 1/140-142]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته:
((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)).
قال: حدثناه ابن علية، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض)).
يقال: إن بدء ذلك كان والله أعلم إن العرب كانت تحرم الشهور الأربعة وكان هذا مما تمسكت به من ملة إبراهيم عليه السلام وعلى نبينا فربما احتاجوا إلى تحليل المحرم للحرب تكون بينهم فيكرهون أن يستحلوه ويكرهون تأخير حربهم فيؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم. وهذا هو النسيء الذي قال الله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما} إلى آخر الآية.
وكان ذلك في كنانة هم الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب.
والنسيء هو التأخير.
ومنه قيل: بعت الشيء نسيئة.
فكانوا يمكثون بذلك زمانا يحرمون صفر وهم يريدون به المحرم ويقولون: هذا أحد الصفرين.
وقد تأول بعض الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا صفر))، على هذا ثم يحتاجون أيضا إلى تأخير صفر إلى الشهر الذي بعده كحاجتهم إلى تأخير المحرم فيؤخرون تحريمه إلى ربيع ثم يمكثون بذلك ما شاء الله ثم يحتاجون إلى مثله ثم كذلك فكذلك يتدافع شهرا بعد شهر حتى استدار التحريم على السنة كلها، فقام الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله تبارك وتعالى به، وذلك بعد دهر طويل فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض)).
يقول: رجعت الأشهر الحرم إلى مواضعها وبطل النسيء.
وقد زعم بعض الناس أنهم كانوا يستحلون المحرم عاما فإذا كان من قابل
ردوه إلى تحريمه والتفسير الأول أحب إلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض))، وليس في التفسير الآخر استدارة.
وعلى هذا التفسير الذي فسرناه قد يكون قوله: {يحلونه عاما ويحرمونه عاما} مصدقا لأنهم إذا حرموا العام المحرم وفي قابل صفر ثم احتاجوا بعد ذلك إلى تحليل صفر أيضا أحلوه وحرموا الذي بعده. فهذا تأويل قوله في هذا التفسير: {يحلونه عاما ويحرمونه عاما}.
وفي هذا تفسير آخر يقال: إنه في الحج.
قال: حدثناه سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {ولا جدال في الحج} قال: قد استقر الحج في ذي الحجة لا جدال فيه، وفي غير حديث سفيان يروى عن معمر، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد
قال: كانت العرب في الجاهلية يحجون عامين في ذي القعدة وعامين في ذي الحجة فلما كانت السنة التي حج فيها أبو بكر رضي الله عنه قبل حجة
النبي صلى الله عليه وسلم كان الحج في السنة الثانية في ذي القعدة، فلما كانت السنة التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم في العام المقبل عاد الحج إلى ذي الحجة.
فذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض)).
يقول: قد ثبت الحج في ذي الحجة). [غريب الحديث: 1/369-373]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (


فتقضيني مواعد منسآت = وأقضي ما علي من النذور
ويروى (منسيات) من النسيان. ومنسأت: مؤخرات؛ النسيئة: التأخير من قول الله عز وجل: {إنما النسيء زيادة في الكفر}؛ إنما هو تأخيرهم المحرم إلى صفر، ومنه: نسأ الله أجله أي أخره، ومنه: استنسأت الشيء: إذا اشتريته بتأخير). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 26]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "ولا أنسأتكم غضبي"، يقول: لم أؤخره عنكم، يقال: نسأ الله في أجلك، وأنسأ الله أجلك، والنّسيء من هذا، ومعناه تأخير شهر عن شهر، وكانت النّسأة من بني مدلج بن كنانة، فأنزل الله عز وجلّ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} لأنهم كانوا يؤخرون الشهور، فيحرمون غير الحرام، ويحلّون غير الحلال، لما يقدّرونه من حروبهم وتصرّفهم، فاستوت الشهور لمّا جاء الإسلام، وأبان ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: "إن الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّموات والأرض"). [الكامل: 2/577]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (ويقال نسأت اللبن أنسؤه نسأ، وذلك أن تأخذ حليبًا فتصب عليه ماءٍ؛و الإسم النسيء غير مشدد، وقال أبو حاتم: الأسم النسيء وأنشد:
سقوني النسء ثم تكنفوني = عداة الله من كذب وزور).
[مجالس ثعلب: 349]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (قال أبو إسماعيل بن القاسم البغدادي: قرأ أبو عمرو بن العلاء: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسأها}.
على معنى أو نؤخرها.
والعرب تقول: نسأ اللّه في أجلك، وأنسأ اللّه أجلك، أي أخر أجلك.
وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: من سرّه النّساء في الأجل، والسعة في الرزق، فليصل رحمه والنساء: التأخير، يقال: بعته بنساء وبنسيئة، أي بتأخير، وأنسأته البيع.
وقال اللّه عز وجل: {إنّما النّسيء زيادةٌ في الكفر} [التوبة: 37] ، والمعنى فيه على ما.
حدّثني أبو بكر بن الأنباري، رحمه الله: أنهم كانوا إذا صدروا عن منى قام رجل من بني كنانة يقال له: نعيم بن ثعلبة، فقال: أنا الذي لا أعاب، ولا يرد لي قضاء، فيقولون له: أنسئنا شهرًا، أي أخر عنا حرمة المحرم فاجعلها في صفرٍ، وذلك أنهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا تمكنهم الإغارة فيها، لأن معاشهم كان من الإغارة، فيحل لهم المحرم ويحرم عليهم صفرا، فإذا كان في السنة المقبلة حرم عليهم المحرم وأحل لهم صفرا، فقال اللّه عز وجل: {إنّما النّسيء زيادةٌ في الكفر} [التوبة: 37] ، وقال الشاعر:
ألسنا الناسئين على معد = شهور الحل نجعلها حراما
وقال الآخر:

وكنا الناسئين على معد = شهورهم الحرام إلى الحليل
وقال الآخر:
نسئوا الشهور بها وكانوا أهلها = من قبلكم والعز لم يتحول).
[الأمالي: 1/4]


رد مع اقتباس