عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:20 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فما آمن لموسى إلا ذرّيّةٌ من قومه على خوفٍ من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإنّ فرعون لعالٍ في الأرض وإنّه لمن المسرفين (83)}
يخبر تعالى أنّه لم يؤمن بموسى، عليه السّلام، مع ما جاء به من الآيات البيّنات والحجج القاطعات والبراهين السّاطعات، إلّا قليلٌ من قوم فرعون، من الذّرّيّة -وهم الشّباب -على وجلٍ وخوفٍ منه ومن ملئه، أن يردّوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر؛ لأنّ فرعون كان جبّارًا عنيدًا مسرفًا في التّمرّد والعتوّ، وكانت له سطوة ومهابة، تخاف رعيّته منه خوفًا شديدًا.
قال العوفيّ: عن ابن عبّاسٍ: {فما آمن لموسى إلا ذرّيّةٌ من قومه على خوفٍ من فرعون وملئهم أن يفتنهم} قال: فإنّ الذّرّيّة الّتي آمنت لموسى، من أناسٍ غير بني إسرائيل، من قوم فرعون يسيرٌ، منهم: امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه.
وروى عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {فما آمن لموسى إلا ذرّيّةٌ من قومه} يقول: بني إسرائيل.
وعن ابن عبّاسٍ، والضّحّاك، وقتادة (الذّرّيّة): القليل.
وقال مجاهدٌ في قوله: {إلا ذرّيّةٌ من قومه} يقول: بني إسرائيل. قال: هم أولاد الّذين أرسل إليهم موسى، من طول الزّمان، ومات آباؤهم.
واختار ابن جريرٍ قول مجاهدٍ في الذّرّيّة: أنّها من بني إسرائيل لا من قوم فرعون، لعود الضّمير على أقرب المذكورين.
وفي هذا نظرٌ؛ لأنّه أراد بالذّرّيّة الأحداث والشّباب وأنّهم من بني إسرائيل، فالمعروف أنّ بني إسرائيل كلّهم آمنوا بموسى، عليه السّلام، واستبشروا به، وقد كانوا يعرفون نعته وصفته والبشارة به من كتبهم المتقدّمة، وأنّ اللّه تعالى سينقذهم به من أسر فرعون ويظهرهم عليه؛ ولهذا لمّا بلغ هذا فرعون حذر كلّ الحذر فلم يجد عنه شيئًا. ولمّا جاء موسى آذاهم فرعون أشدّ الأذى، و {قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربّكم أن يهلك عدوّكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون} [الأعراف: 129]. وإذا تقرّر هذا فكيف يكون المراد إلّا ذرّيّةً من قوم موسى، وهم بنو إسرائيل؟.
{على خوفٍ من فرعون وملئهم} أي: وأشراف قومهم أن يفتنهم، ولم يكن في بني إسرائيل من يخاف منه أن يفتن عن الإيمان سوى قارون، فإنّه كان من قوم موسى، فبغى عليهم؛ لكنّه كان طاويًا إلى فرعون، متّصلًا به، متعلّقًا بحباله ومن قال: إنّ الضّمير في قوله: {وملئهم} عائدٌ إلى فرعون، وعظم الملك من أجل اتّباعه أو بحذف "آل" فرعون، وإقامة المضاف إليه مقامه -فقد أبعد، وإن كان ابن جريرٍ قد حكاهما عن بعض النّحاة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 287-288]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وممّا يدلّ على أنّه لم يكن في بني إسرائيل إلّا مؤمنٌ قوله تعالى: {وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين (84) فقالوا على اللّه توكّلنا ربّنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظّالمين (85) ونجّنا برحمتك من القوم الكافرين (86)}
يقول تعالى مخبرًا عن موسى أنّه قال لبني إسرائيل: {يا قوم إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين} أي: فإنّ اللّه كافٍ من توكّل عليه، {أليس اللّه بكافٍ عبده} [الزّمر: 36]، {ومن يتوكّل على اللّه فهو حسبه} [الطّلاق: 3].
وكثيرًا ما يقرن اللّه بين العبادة والتّوكّل، كما في قوله تعالى: {فاعبده وتوكّل عليه} [هودٍ: 123]، {قل هو الرّحمن آمنّا به وعليه توكّلنا} [الملك: 29]، {ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتّخذه وكيلا} [المزّمّل: 9]، وأمر اللّه تعالى المؤمنين أن يقولوا في كلّ صلواتهم مرّاتٍ متعدّدةً: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} [الفاتحة: 5]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 288]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقد امتثل بنو إسرائيل ذلك، فقالوا: {على اللّه توكّلنا ربّنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظّالمين} أي: لا تظفرهم بنا، وتسلّطهم علينا، فيظنّوا أنّهم إنّما سلّطوا لأنّهم على الحق ونحن على الباطل،فيفتنوا بذلك. هكذا روي عن أبي مجلز، وأبي الضّحى.
وقال ابن أبي نجيح وغيره واحدٍ، عن مجاهدٍ: لا تعذّبنا بأيدي قوم فرعون، ولا بعذابٍ من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حقٍّ ما عذّبوا، ولا سلّطنا عليهم، فيفتنوا بنا.
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا ابن عيينة، عن ابن نجيح، عن مجاهدٍ: {ربّنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظّالمين} [أي] لا تسلّطهم علينا، فيفتنونا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 288-289]

تفسير قوله تعالى: {وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ونجّنا برحمتك} أي: خلّصنا برحمةٍ منك وإحسانٍ، {من القوم الكافرين} أي: الّذين كفروا الحقّ وستروه، ونحن قد آمنا بك وتوكلنا علي). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 289]


رد مع اقتباس