عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 05:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولما فرغ تعنيفهم على ما أتوه في جهة الله تعالى بقولهم: "الملائكة بنات الله سبحانه"، بين الله تعالى فساد مقالتهم، فعينها بجهة أخرى من الفساد، وذلك شنيع قولهم في عباد الله تعالى مختصين مقربين: "أنهم إناث"، وقرأ أكثر السبعة، وابن عباس، وابن مسعود، وابن جبير، وعلقمة: "عباد الرحمن إناثا"، وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والحسن، وأبو رجاء، وأبو جعفر، والأعرج، وشيبة، وقتادة، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "عند الرحمن إناثا"، وهذه القراءة أدل على رفع المنزلة وقربها في التكرمة، كما قيل: ملك مقرب، وقد تصرف المعنيان في كتاب الله تعالى في وصف الملائكة في غير هذه الآية، فقال تعالى: {بل عباد مكرمون}، وقال سبحانه في أخرى: {إن الذين عند ربك}، وفي مصحف ابن مسعود: "وجعلوا الملائكة عباد الرحمن إناثا".
وقرأ نافع وحده: "أأشهدوا" بهمزتين وبلا مد بينهما، وبفتح الأولى وضم الثانية وتسهيلها بين الهمزة والواو، ورواها المفضل عن عاصم بتحقيق الهمزتين، وقرأ المسيبي عن نافع بمد بين الهمزتين،. وقرأ أبو عمرو، ونافع أيضا، وعلي بن أبي طالب رضى الله عنه، وابن عباس رضى الله عنهما، ومجاهد: "أوشهدوا" بتسهيل الثانية بلا مد، وقرأ جماعة من القراء بالتسهيل في الثانية ومدة بينهما، وقرأ آخرون: "أشهدوا" بهمزة واحدة بغير استفهام، وهي قراءة الزهري، وهي صفة الإناث، أي: أشهدوا خلقهم؟، ومعنى الآية: التوبيخ وإظهار فساد عقولهم، وادعائهم وأنها مجردة من الحجة، وهذا نظير الآية الرادة على المنجمين وأهل الطبائع، في قوله تعالى: {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض}.
وقرأ جمهور الناس: "ستكتب شهادتهم" برفع "شهادة" وبناء الفعل للمفعول، وقرأ الأعرج، وابن عباس، وأبو جعفر، وأبو حيوة: "سنكتب شهادتهم" بنون الجمع، و"شهادتهم" بالنصب، وقرأت فرقة: "سيكتب" بالياء على معنى: سيكتب الله شهادتهم بالنصب، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: "ستكتب شهاداتهم" على بناء الفعل للمفعول وجمع الشهادات، وفي قوله تعالى: "ويسألون": وعيد مفصح، و"أشهدوا" في هذه الآية معناه: أحضروا؟ وليس ذلك من شهادة تحمل المعاني التي تطلب أن تؤدى). [المحرر الوجيز: 7/ 539-540]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون * أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون * بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون * وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون * قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون * فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين}
ذكر الله تعالى احتجاج الكفار بمذاهبهم ليبين فساد منزعهم، وذلك أنهم جعلوا إمهال الله تعالى لهم وإنعامه عليهم -وهم يعبدون الأصنام- دليلا على أنه يرضى عبادة الأصنام دينا، وذلك كالأمر به، فنفى الله تعالى عن الكفرة أن يكون لهم علم بهذا، وليس عندهم كتاب منزل يقتضي ذلك، وإنما هم يظنون ويحدسون ويخمنون، وهذا هو الخرص والتخرص). [المحرر الوجيز: 7/ 540]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: "على أمة" بضم الهمزة، وهي: الملة والديانة، والآية -على هذا- تعيب عليهم التقليد، وقرأ مجاهد، والجحدري، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "على إمة" بكسر الهمزة وهي بمعنى النعمة، ومنه قول الأعشى:
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بإمته يعطي القطوط ويأفق
ومنه قول عدي بن زيد:
ثم بعد الفلاح والملك والإ ... مة وارتهم القبور
فالآية -على هذا المعنى- استمرار في احتجاجهم، لأنهم يقولون: وجدنا آباءنا في نعمة من الله تعالى وهم يعبدون الأصنام، فذلك دليل رضاه عنهم، وكذلك اهتدينا نحن بذلك على آثارهم، وذكر الطبري عن قوم أن "الإمة": الطريقة، من قولك: أممت كذا إمة). [المحرر الوجيز: 7/ 540-541]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ضرب تعالى المثل لنبيه صلى الله عليه وسلم، وجعل له الأسوة فيمن مضى من النذر والرسل عليهم السلام، وذلك أن المترفين من قومهم -وهم أهل النعم والمال- قد قابلوهم بمثل هذه المقابلة). [المحرر الوجيز: 7/ 541]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور القراء: "قل أو لو"، والمعنى: فقلنا للنذير: "قل أو لو"، وقرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم: "قال أولو"، ففي "قال" ضمير يعود على النذير، وباقي الآية يدل على أن: "قل" في قراءة من قرأها ليست بأمر لمحمد صلى الله عليه وسلم، وإنما هي حكاية لما قيل للنذير، وقوله تعالى: {أولو} هي ألف الاستفهام دخلت على واو عطفت جملة كلام على جملة متقدمة، و"لو" في هذا الموضع، كأنها شرطية بمعنى "إن"، كأن معنى الآية: وإن جئتكم بأبين وأوضح مما كان آباؤكم يصحبكم لجاجكم وتقليدكم؟ فأجاب الكفار حينئذ لنذرهم: إنا بما أرسلتم به كافرون.
وقوله تعالى: {فانتقمنا منهم} الآية ..... وعيد لقريش، وضرب مثل بمن سلف من الأمم المعذبة المكذبة بأنبيائها، كما كذبت هي بمحمد صلى الله عليه وسلم،
وقرأ جمهور الناس: "أو لو جئتكم"، وقرأ أبو جعفر، وأبو شيخ [الهنائي]، وخالد: "أو لو جئناكم"، وقرأ الأعمش: "قل أو لو أتيتم"). [المحرر الوجيز: 7/ 541-542]

رد مع اقتباس