عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمـن الرّحيم
{قل أعوذ بربّ النّاس * ملك النّاس * إله النّاس * من شرّ الوسواس الخنّاس * الّذي يوسوس في صدور النّاس * من الجنّة و النّاس}.
هذه ثلاث صفاتٍ من صفات الربّ عزّ وجلّ: الرّبوبيّة، والملك، والإلهيّة، فهو ربّ كلّ شيءٍ ومليكه وإلهه، فجميع الأشياء مخلوقةٌ له مملوكةٌ عبيدٌ له، فأمر المستعيذ أن يتعوّذ بالمتّصف بهذه الصفات من شرّ الوسواس الخنّاس، وهو الشيطان الموكّل بالإنسان؛ فإنه ما من أحدٍ من بني آدم إلاّ وله قرينٌ يزيّن له الفواحش، ولا يألوه جهداً في الخبال. والمعصوم من عصمه اللّه.
وقد ثبت في الصحيح أنّه: ((ما منكم من أحدٍ إلاّ وقد وكّل به قرينه)). قالوا: وأنت يا رسول اللّه؟ قال: ((نعم، إلاّ أنّ اللّه أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلاّ بخيرٍ)).
وثبت في الصّحيح عن أنسٍ في قصّة زيارة صفيّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو معتكفٌ، وخروجه معها ليلاً ليردّها إلى منزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلمّا رأيا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أسرعا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((على رسلكما، إنّها صفيّة بنت حييٍّ)). فقالا: سبحان اللّه يا رسول اللّه! فقال: ((إنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم، وإنّي خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً، أو قال: شرًّا)).
وقال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا محمد بن بحرٍ، حدّثنا عديّ بن أبي عمارة، حدّثنا زيادٌ النّميريّ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ الشّيطان واضعٌ خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر خنس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخنّاس)). غريبٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عاصمٍ: سمعت أبا تميمة يحدّث عن رديف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: عثر بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حماره، فقلت: تعس الشّيطان. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لا تقل: تعس الشّيطان؛ فإنّك إذا قلت: تعس الشّيطان. تعاظم وقال: بقوّتي صرعته. وإذا قلت: بسم اللّه. تصاغر حتّى يصير مثل الذّباب)).
تفرّد به أحمد، وإسناده جيّدٌ قويٌّ، وفيه دلالةٌ على أنّ القلب متى ذكر اللّه تصاغر الشّيطان وغلب، وإن لم يذكر اللّه تعاظم وغلب. وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، حدّثنا الضّحّاك بن عثمان، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ أحدكم إذا كان في المسجد جاءه الشّيطان فأبسّ به كما يبسّ الرّجل بدابّته، فإذا سكن له زنقه أو ألجمه)).
قال أبو هريرة: وأنتم ترون ذلك، أما المزنوق فتراه ماثلاً -كذا- لا يذكر اللّه، وأمّا الملجم ففاتحٌ فاه، لا يذكر اللّه عزّ وجلّ. تفرّد به أحمد). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 539-540]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال سعيد بن جبيرٍ: عن ابن عبّاسٍ في قوله: {الوسواس الخنّاس}. قال: الشّيطان جاثمٌ على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر اللّه خنس، وكذا قال مجاهدٌ وقتادة.
وقال المعتمر بن سليمان، عن أبيه: ذكر لي أنّ الشيطان الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح، فإذا ذكر اللّه خنس.
وقال العوفيّ: عن ابن عبّاسٍ في قوله: {الوسواس}. قال: هو الشيطان يأمر، فإذا أطيع خنس). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 540]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذي يوسوس في صدور النّاس}. هل يختصّ هذا ببني آدم كما هو الظاهر؟ أو يعمّ بني آدم والجنّ؟ فيه قولان [؟؟] ( ) ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليباً. وقال ابن جريرٍ: وقد استعمل فيهم {رجالٍ من الجنّ}. فلا بدع في إطلاق الناس عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 540]

تفسير قوله تعالى: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {من الجنّة والنّاس}. هل هو تفصيلٌ لقوله: {الّذي يوسوس في صدور النّاس}؟ ثمّ بيّنهم فقال: {من الجنّة والنّاس}.
وهذا يقوّي القول الثاني، وقيل: قوله: {من الجنّة والنّاس}. تفسيرٌ للذي يوسوس في صدور الناس من شياطين الإنس والجنّ، كما قال تعالى: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غروراً}. وكما قال الإمام أحمد:
حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا المسعوديّ، حدّثنا أبو عمر الدّمشقيّ، حدّثنا عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذرٍّ قال: أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في المسجد، فجلست فقال: ((يا أبا ذرٍّ، هل صلّيت؟)). قلت: لا. قال: ((قم فصلّ)).
قال: فقمت فصلّيت ثمّ جلست. فقال: ((يا أبا ذرٍّ، تعوّذ باللّه من شرّ شياطين الإنس والجنّ)). قال: فقلت: يا رسول اللّه، وللإنس شياطين؟! قال: ((نعم)).
قال: فقلت: يا رسول اللّه، الصّلاة؟ قال: ((خيرٌ موضوعٌ، من شاء أقلّ، ومن شاء أكثر)). قلت: يا رسول اللّه، فالصّوم؟ قال: ((فرضٌ مجزئٌ، وعند اللّه مزيدٌ)). قلت: يا رسول اللّه، فالصّدقة؟ قال: ((أضعافٌ مضاعفةٌ)). قلت: يا رسول اللّه، فأيّها أفضل؟ قال: ((جهدٌ من مقلٍّ أو سرٌّ إلى فقيرٍ)). قلت: يا رسول اللّه، أيّ الأنبياء كان أوّل؟ قال: ((آدم)).
قلت: يا رسول اللّه، ونبيًّا كان؟
قال: ((نعم، نبيٌّ مكلّمٌ)).
قلت: يا رسول اللّه، كم المرسلون؟
قال: ((ثلاثمائةٍ وبضعة عشر، جمًّا غفيراً)).
وقال مرّةً: ((خمسة عشر)).
قلت: يا رسول اللّه، أيّما أنزل عليك أعظم؟
قال: ((آية الكرسيّ: {اللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم})).
ورواه النّسائيّ من حديث أبي عمر الدّمشقيّ، به.
وقد أخرج هذا الحديث مطوّلاً جدًّا أبو حاتم بن حبّان في صحيحه بطريقٍ آخر ولفظٍ آخر مطوّلٍ جدًّا، فاللّه أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن ذرّ بن عبد اللّه الهمدانيّ، عن عبد اللّه بن شدّادٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللّه، إنّي أحدّث نفسي بالشيء، لأن أخرّ من السماء أحبّ إليّ من أن أتكلّم به.
قال: فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((اللّه أكبر، اللّه أكبر، الحمد للّه الذي ردّ كيده إلى الوسوسة)).
ورواه أبو داود والنّسائيّ من حديث منصورٍ، زاد النّسائيّ: والأعمش، كلاهما عن ذرٍّ، به). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 540-541]


رد مع اقتباس