عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:41 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا (88) لقد جئتم شيئًا إدًّا (89) تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا (90) أن دعوا للرّحمن ولدًا (91) وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولدًا (92) إن كلّ من في السّماوات والأرض إلا آتي الرّحمن عبدًا (93) لقد أحصاهم وعدّهم عدًّا (94) وكلّهم آتيه يوم القيامة فردًا (95)}.
لـمّا قرّر تعالى في هذه السّورة الشّريفة عبوديّة عيسى، عليه السّلام، وذكر خلقه من مريم بلا أبٍ، شرع في مقام الإنكار على من زعم أنّ له ولدًا -تعالى وتقدّس وتنزّه عن ذلك علوًّا كبيرًا- فقال: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا * لقد جئتم} أي: في قولكم هذا، {شيئًا إدًّا} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، ومالكٌ: أي عظيمًا.
ويقال: {إدًّا} بكسر الهمزة وفتحها، ومع مدّها أيضا، ثلاث لغات، أشهرها الأولى).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 265]

تفسير قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا * أن دعوا للرّحمن ولدًا} أي: يكاد يكون ذلك عند سماعهنّ هذه المقالة من فجرة بني آدم، إعظامًا للرّبّ وإجلالًا؛ لأنّهنّ مخلوقاتٌ ومؤسّساتٌ على توحيده، وأنّه لا إله إلّا هو، وأنّه لا شريك له، ولا نظير له ولا ولد له، ولا صاحبة له، ولا كفء له، بل هو الأحد الصّمد:
وفي كلّ شيءٍ له آيةٌ = تدل على أنّه واحد
قال ابن جريرٍ: حدّثني عليٌّ، حدّثنا عبد اللّه، حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا * أن دعوا للرّحمن ولدًا} قال: إنّ الشّرك فزعت منه السّماوات والأرض والجبال، وجميع الخلائق إلّا الثّقلين، فكادت أن تزول منه لعظمة اللّه، وكما لا ينفع مع الشّرك إحسان المشرك، كذلك نرجو أن يغفر اللّه ذنوب الموحّدين، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لقّنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلّا اللّه، فمن قالها عند موته وجبت له الجنّة". قالوا: يا رسول اللّه، فمن قالها في صحّته؟ قال: "تلك أوجب وأوجب". ثمّ قال: "والّذي نفسي بيده، لو جيء بالسّماوات والأرضين وما فيهنّ، وما بينهنّ، وما تحتهنّ، فوضعن في كفّة الميزان، ووضعت شهادة أن لا إله إلّا اللّه في الكفّة الأخرى، لرجحت بهنّ"
هكذا رواه ابن جريرٍ، ويشهد له حديث البطاقة، واللّه أعلم.
وقال الضّحّاك: {تكاد السّماوات يتفطّرن منه} أي: يتشقّقن فرقًا من عظمة اللّه.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: {وتنشقّ الأرض} أي: غضبًا للّه، عزّ وجلّ.
{وتخرّ الجبال هدًّا} قال ابن عبّاسٍ: هدمًا.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {هدًّا} ينكسر بعضها على بعضٍ متتابعاتٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن سويد المقبريّ، حدّثنا سفيان بن عيينة، حدّثنا مسعرٌ، عن عون بن عبد اللّه قال: إنّ الجبل لينادي الجبل باسمه: يا فلان، هل مرّ بك اليوم ذاكر اللّه عزّ وجلّ ؟ فيقول: نعم، ويستبشر. قال عونٌ: لهي للخير أسمع، أفيسمعن الزّور والباطل إذا قيل ولا يسمعن غيره، ثمّ قرأ: {تكاد السّماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا * أن دعوا للرّحمن ولدًا}
وقال ابن أبي حاتمٍ أيضًا: حدّثنا المنذر بن شاذان، حدّثنا هوذة، حدّثنا عوفٌ، عن غالب بن عجرد، حدّثني رجلٌ من أهل الشّام في مسجد منى قال: بلغني أنّ اللّه لمّا خلق الأرض وخلق ما فيها من الشّجر، لم يكن في الأرض شجرةٌ يأتيها بنو آدم إلّا أصابوا منها منفعةً -أو قال: كان لهم فيها منفعةٌ-ولم تزل الأرض والشّجر بذلك، حتّى تكلّم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة، قولهم: {اتّخذ الرّحمن ولدًا} فلمّا تكلّموا بها اقشعرّت الأرض، وشكاك الشّجر.
وقال كعب الأحبار: غضبت الملائكة، واستعرت النّار، حين قالوا ما قالوا.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، عن أبي موسى، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ما أحدٌ أصبر على أذًى يسمعه من اللّه، إنّه يشرك به، ويجعل له ولدًا، وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم".
أخرجاه في الصّحيحين وفي لفظٍ: "إنّهم يجعلون له ولدًا، وهو يرزقهم ويعافيهم"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 266-267]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما ينبغي للرّحمن أن يتّخذ ولدًا} أي: لا يصلح له، ولا يليق به لجلاله وعظمته؛ لأنّه لا كفء له من خلقه ؛ لأنّ جميع الخلائق عبيدٌ له؛ ولهذا قال: {إن كلّ من في السّماوات والأرض إلا آتي الرّحمن عبدًا}). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 267]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لقد أحصاهم وعدّهم عدًّا} أي: قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة، ذكرهم وأنثاهم وصغيرهم وكبيرهم).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 267]

تفسير قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكلّهم آتيه يوم القيامة فردًا} أي: لا ناصر له ولا مجير إلّا اللّه وحده لا شريك له، فيحكم في خلقه بما يشاء، وهو العادل الّذي لا يظلم مثقال ذرّة، ولا يظلم أحدا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 267]

رد مع اقتباس