عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 34 إلى 48]

{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48)}

تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولكلّ أمّةٍ} [الحج: 34] يعني: ولكلّ قومٍ.
تفسير السّدّيّ.
{جعلنا منسكًا} [الحج: 34] نا سعيدٌ عن قتادة قال: أي حجًّا وذبحًا.
قوله: {ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج: 34] وقد فسّرناه في الآية الأولى.
[تفسير القرآن العظيم: 1/374]
قوله: {فإلهكم إلهٌ واحدٌ فله أسلموا} [الحج: 34] يقوله للمشركين.
قوله: {وبشّر المخبتين} [الحج: 34] يعني بالجنّة.
تفسير الحسن: أنّ المخبتين الخاشعين الخائفين.
والخشوع المخافة الثّابتة في القلب.
وبعضكم يقول: {وبشّر المخبتين} [الحج: 34] يعني المطمئنّين بالإيمان.
قال: {فتخبت له قلوبهم} [الحج: 54] فتطمئنّ إليه قلوبهم.
وقال: {الّذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر اللّه} [الرعد: 28] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/375]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ:{ولكلّ أمّة جعلنا منسكا ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشّر المخبتين}

وتقرأ منسكا، والمنسك في هذا الموضع يدل على معنى النحر فكأنه قال جعلنا لكل أمّة أن تتقرب بأن تذبح الذبائح للّه، ويدل على ذلك قوله تعالى {ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} المعنى ليذكروا اسم الله على نحر ما رزقهم من بهيمة الأنعام.
وقال بعضهم: المنسك الموضع الذي يجب تعهده، وذلك جائز.
ومن قال منسك فمعناه مكان نسك مثل مخلس مكان خلوس.
ومن قال منسك فهو بمعنى المصدر نحو النّسك والنّسوك.
وقوله: {فإلهكم إله واحد} أي لا ينبغي أن تذكروا على ذبائحكم إلا اللّه وحده.
وقوله: {وبشّر المخبتين}.
قيل المخبتون المتواضعون، وقيل المخبتون المطمئنون بالإيمان بالله عزّ وجلّ، وقيل المخبتون الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا.
وكل ذلك جائز.
واشتقاقه من الخبت من الأرض وهي المكان المنخفض منها، فكل مخبت متواضع). [معاني القرآن: 3/427-426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولكل أمة جعلنا منسكا}
روى سفيان عن أبيه عن عكرمة قال مذبحا
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يقول عيدا
قال أبو إسحاق المنسك موضع الذبح والمنسك المصدر). [معاني القرآن: 4/409]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وبشر المخبتين}
روى سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال المخبتون المطمئنون بأمر الله جل وعز
وقال عمرو بن أوس المخبتون الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا
قال أبو جعفر وأصل هذا من الخبت وهو ما اطمأن من الأرض). [معاني القرآن: 4/410]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( و{الْمُخْبِتِينَ}: الخاشعين وقيل: الخائفين، وقيل: المطمئنين إلى الله. وقيل: المتواضعين. وقيل: هم الذين لا يظلمون الناس، وإذا ظلموا لم ينتصروا. وقد فسرهم الله عز وجل بعد الآية بقوله: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ...} إلى قوله: {يُنفِقُونَ} ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم} [الحج: 35] يعني خافت قلوبهم.
{والصّابرين على ما أصابهم والمقيمي الصّلاة} [الحج: 35] المفروضة، الصّلوات الخمس يحافظون على وضوئها، ومواقيتها، وركوعها، وسجودها.
{وممّا رزقناهم ينفقون} [الحج: 35] يعني الزّكاة المفروضة). [تفسير القرآن العظيم: 1/375]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والمقيمي الصّلاة...}

خفضت (الصلاة) لمّا حذفت النون وهي في قراءة عبد الله (والمقيمين الصلاة) ولو نصبت (الصلاة) وقد حذفت النون كان صواباً.
أنشدني بعضهم:

أسيّد ذو خريّطةٍ نهاراً =من المتلقّطي قرد القمام

(وقرد) وإنما جاز النصب مع حذف النون لأن العرب لا تقول في الواحد إلاّ بالنصب. فيقولون: هو الآخذ حقّه فينصبون الحقّ، لا يقولون إلاّ ذلك والنون مفقودة، فبنوا الاثنين والجميع على الواحد، فنصبوا بحذف النون. والوجه في الاثنين والجمع الخفض؛ لأن نونهما قد تظهر إذا شئت، وتحذف إذا شئت، وهي في الواحد لا تظهر. فذلك نصبوا. ولو خفض في الواحد لجاز ذلك. ولم أسمعه إلا في قولهم: هو الضارب الرجل، فإنهم يخفضون الرجل وينصبونه فمن خفضه شبهّه بمذهب قولهم: مررت بالحسن الوجه فإذا أضافوه إلى مكنّى قالوا: أنت الضاربه وأنتما الضارباه، وأنتم الضاربوه. والهاء في القضاء عليها خفض في الواحد والاثنين والجمع. ولو نويت بها النصب كان وجهاً، وذلك أنّ المكنّى لا يتبيّن فيه الإعراب. فاغتنموا الإضافة لأنها تتّصل بالمخفوض أشدّ ممّا تتصل بالمنصوب، فأخذوا بأقوى الوجهين في الاتّصال.
وكان ينبغي لمن نصب أن يقول: هو الضارب إيّاه، ولم أسمع ذلك). [معاني القرآن: 2/226-225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: لّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم والصّابرين على ما أصابهم والمقيمي الصّلاة وممّا رزقناهم ينفقون}
{والمقيمي الصّلاة}.
القراءة الخفض وإسقاط التنوين، والخفض على الإضافة، ويجوز: والمقيمين الصّلاة، إلا أنه بخلاف المصحف.
ويجوز أيضا على بعد والمقيمي الصّلاة، على حذف النون ونصب الصلاة لطول الاسم،
وأنشد سيبويه:
الحافظو عورة العشيرة لا= يأتيهم من ورائهم نطف
وزعم أنه شاذّ). [معاني القرآن: 3/427]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( وأصله في اللغة: المكان المطمئن المنخفض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والبدن جعلناها لكم من شعائر اللّه لكم فيها خيرٌ} [الحج: 36] يعني أجرٌ في نحرها والصّدقة منها تتقرّبون بها إلى اللّه.
تفسير السّدّيّ: {لكم فيها} [الحج: 36] يعني في البدن أجرٌ.
نا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم قال: {لكم فيها خيرٌ} [الحج: 36] قال: البدنة.
إن احتاج ركب وإن احتاج إلى اللّبن شرب.
[تفسير القرآن العظيم: 1/375]
قوله: فاذكروا اسم اللّه عليها صوافٍ نا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن قال: مخلصين للّه.
قال يحيى: مقرأها على هذا التّفسير غير مثقّلةٍ صوافٍ.
نا المعلّى، عن عبد الكريم، عن مجاهدٍ قال: معقّلةً قيامًا.
- حدّثنا أشعث، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، عن ابن عبّاسٍ قال: {فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ} [الحج: 36] قال: قائمةً.
حدّثنا المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: معقّلةً خالصةً للّه.
- عثمان، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّه كان يجلّلها القباطيّ إذا راح إلى منًى فإذا أراد أن ينحرها استقبل بها القبلة قال بسم اللّه واللّه أكبر، وينزع عنها جلالها لكي لا يختضب بالدّم، ويتصدّق بجلالها، ويلي نحرها بنفسه.
هذا الحديث حديث عثمان عن نافعٍ عن ابن عمر هو بعد حديث عثمان عن عائشة ابنة سعدٍ.
- نا عثمان، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّه كان ينحرها وهي قائمةٌ يصفّ بين أيديها بالقيود.
وكان يتلو هذه الآية: {فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ} [الحج: 36] قال يحيى: هي على هذا التّفسير غير خفيفةٍ: {صوافّ} [الحج: 36]
[تفسير القرآن العظيم: 1/376]
نا سعيدٌ عن قتادة قال: مصفوفةٌ بالحبال، معقولةٌ يدها اليمنى وهي قائمةٌ على ثلاثٍ.
كذلك ينحرها من نحرها في دار المنحر بمنًى.
وهي في قراءة ابن مسعودٍ: صوافن.
قال يحيى: هي مثل قوله: {الصّافنات الجياد} [ص: 31] الفرس إذا صفن رفع إحدى رجليه فقام على طرف الحافر.
- نا أشعث، عن جعفر بن أبي وحشيّة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: رأيت ابن عمر ينحر بدنته وقد ثنّى يدها وهي على ثلاثٍ.
وقال سعيد بن جبيرٍ هو قول اللّه: {فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ} [الحج: 36]
نا أشعث عن عمرو بن دينارٍ قال: رأيت عبد اللّه بن الزّبير على برذونٍ أشعر أوجرها الحربة وهي قائمةٌ.
- نا حمّادٌ عن عمرو بن دينارٍ قال: رأيت ابن عمر ينحر البدن وهي باركةٌ ورجلٌ يعينه.
- نا عثمان، عن عائشة ابنة سعد بن مالكٍ أنّ أباها كان ينحر البدن وهي مباركةٌ.
- نا إبراهيم بن محمّدٍ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحر من بدنه بيده ثلاثًا وستّين، ثمّ أعطى عليًّا الحربة فنحر ما بقي.
- نا عثمان، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّه كان يجلّلها القباطيّ إذا راح إلى منًى،
[تفسير القرآن العظيم: 1/377]
فإذا أراد أن ينحرها استقبل بها القبلة ويقول: بسم اللّه واللّه أكبر، وينزع عنها جلالها لكي لا تختضب بالدّم.
وكان يستحبّ أن يلي إشعارها.
وكان إذا فرغ من نحرها تصدّق بجلالها، ويلي نحرها بنفسه.
قوله: {فإذا وجبت جنوبها} [الحج: 36]
نا المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: إذا نحرت فسقطت جنوبها على الأرض من قيامٍ أو بروكٍ.
{فكلوا منها وأطعموا} [الحج: 36]
حدّثني أفلح بن حميدٍ، عن القاسم بن محمّدٍ أنّه كان إذا أراد أن ينحرها يصفّ بين يديها وهي قائمةٌ، ويمسك رجلٌ بخطامها ورجلٌ بذنبها، ثمّ يطعنها بالحربة ثمّ يجبذانها حتّى يصرعاها.
وكان يكره أن تعرقب.
قوله: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ} [الحج: 36]
حدّثنا سعيدٌ عن قتادة قال: القانع الفقير المتعفّف القاعد في بيته لا يسأل، والمعترّ الّذي يعتريك يسألك في كفّه.
ولكلٍّ عليك حقٌّ.
نا حمّادٌ، عن حميدٍ الطّويل، عن بكر بن عبد اللّه المزنيّ قال: القانع السّائل، والمعترّ الّذي يتعرّض لك ولا يسألك.
[تفسير القرآن العظيم: 1/378]
نا الحسن بن دينارٍ عن الحسن قال: المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: القانع السّائل الّذي يقنع بما أعطي، والمعترّ القاعد في بيته لم يشعر به اعتراه.
وقد فسّرناه في إطعامهما في الآية الأولى في البائس الفقير.
قوله: {كذلك سخّرناها لكم لعلّكم تشكرون} [الحج: 36] الأنعام.
{لعلّكم تشكرون} [الحج: 36] لكي تشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 1/379]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {صوافّ...}:

معقولة وهي في قراءة عبد الله (صوافن) وهي القائمات. قرأ الحسن (صوافي) يقول: خوالص لله.
وقوله: {القانع والمعترّ} القانع: الذي يسألك (فما أعطيته من شيء) قبله. والمعترّ: ساكت يتعرّض لك عند الذبيحة، ولا يسألك). [معاني القرآن: 2/226]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاذكروا اسم الله عليها صوافّ} أي مصطفة وتصف بين أيديها وهو من المضاعف، وبعضهم يجعلها من باب الياء
فيقول صواف يتركون الياء من الكتاب كما يقول: هذا قاض، وواحدتها صافية لله). [مجاز القرآن: 2/50]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإذا وجبت جنوبها} أي سقطت، ومنها وجوب الشمس إذا سقطت لتغيب،
وقال أوس بن حجر:
ألم تكسف الشمس والبدر والك= واكب للجبل الواجب
أي الواقع: " وأطعموا القانع والمعترّ " مجازه السائل الذي قنع إليكم تقدير فعله: ذهب يذهب ومعناه سأل وخضع ومصدره القنوع،
قال الشماخ:
لمال المرء يصلحه فيغني=مفاقره أعّف من القنوع
أي من الفقر والمسألة والخضوع. والمعتر الذي يعتريك يأتيك لتعطيه تقول: اعترني وعرني واعتريته واعتقيته إذا ألممت به قال حسان:
لعمرك ما المعتّر يأتي بلادنا= لنمنعه بالضايع المتهضّم
وقال لبيد في القنوع:
وإعطائي المولى على حين فقره=إذا قال أبصر خلّتي وقنوعي
وأما القانع في معنى الراضي فإنه من قنعت به قناعة وقناعا وقناعا وقنعا، تقديره علمت، يقال من القنوع: قنع يقنع قنوعاً، والقانع قنع يقنع قناعة وقنعاناً وقنعاً وهو القانع الراضي). [مجاز القرآن: 2/52-51]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {والبدن جعلناها لكم مّن شعائر اللّه لكم فيها خيرٌ فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ كذلك سخّرناها لكم لعلّكم تشكرون}
وقال: {صوافّ} وواحدتها: "الصافّة"). [معاني القرآن: 3/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {صواف}: مصطفة والواحدة صافة. وقرأ بعضهم {صوافي} واحدها صافية أي خالصة لله.[غريب القرآن وتفسيره: 261]
{وجبت جنوبها}: أي سقطت. ومنه وجبت الشمس ووجب القلب.
{القانع والمعتر}: {القانع} السائل الخاضع، ويقال قنع الرجل قنوعا إذا فعل ذلك، والقانع الراضي، يقال قنعت قناعة.
{والمعتر} الذي يأتيك فتعطيه). [غريب القرآن وتفسيره: 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {صوافّ} أي قد صفّت أيديها. وذلك إذا قرنت أيديها عند الذبح.
{فإذا وجبت جنوبها} أي سقطت. ومنه يقال: وجبت الشمس: إذا غابت.
{القانع} السائل. يقال: قنع يقنع قنوعا، ومن الرّضا قنع يقنع قناعة.
{المعترّ} الذي يعتريك: أي يلمّ بك لتعطيه ولا يسأل. يقال: اعترّني وعرّني، وعراني واعتراني). [تفسير غريب القرآن: 293]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {والبدن جعلناها لكم من شعائر اللّه لكم فيها خير فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ كذلك سخّرناها لكم لعلّكم تشكرون}
النصب أحسن لأن قبله فعلا، المعنى وجعلنا البدن، فنصب بفعل مضمر الذي ظهر يفسره.
وإن شئت رفعت على الاستئناف.
والبدن بتسكين الدال وضمها. بدنة وبدن، وبدن مثل قوله ثمرة وثمر وثمر.
وإنما سميت بدنة لأنها تبدن، أي تسمن.
وقوله: {فاذكروا اسم اللّه عليها صوافّ}.
{صوافّ} منصوبة على الحال، ولكنها لا تنون لأنها لا تنصرف، أي قد صفّت قوائمها، أي فاذكروا اسم الله عليها في حال نحرها.
والبعير ينحر قائما، وهذه الآية تدل على ذلك، وتقرأ صوافن، والصافن الذي يقوم على ثلاث، فالبعير إذا أرادوا نحره تعقل إحدى يديه فهو صافن، والجمع صوافن يا هذا، وقرئت صوافي بالياء وبالفتح بغير تنوين وتفسيره خوالص - أي خالصة لله عزّ وجلّ، لا تشركوا في التسمية على نحرها أحدا.
وقوله: {فإذا وجبت جنوبها}.
أي إذا سقطت إلى الأرض.
{فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ}.
بتشديد الراء، ويجوز والمعتري بالماء، ويقال: وجب الحائط يجب وجبة إذا سقط، ووجب القلب يجب وجبا ووجيبا إذا تحرك من فزع، ووجب البيع يجب وجوبا وجبة، والمستقبل في ذلك كله يجب.
وقيل في القانع الذي يقنع بما تعطيه، وقيل الذي يقنع باليسير.
وقيل وهو مذهب أهل اللغة السائل، يقال قنع الرجل قنوعا إذا سأل، فهو قانع،
وأنشدوا للشماخ:
لمال المرء يصلحه فيغني=مفاقره أعفّ من القنوع
أي أعفّ من السؤال، وقنع قناعة إذا رضي فهو قنع، والمعتر: الذي يعتريك فيطلب ما عندك، سألك إذ سئلت عن السؤال وكذلك المعتري). [معاني القرآن: 3/429-427]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله}
وقرأ ابن أبي إسحاق والبدن والمعنى واحد
قال مجاهد قيل لها بدن للبدانة
قال أبو جعفر البدانة السمن يقال بدن إذا سمن وبدن إذا أسن فقيل لها بدن لأنه تسمن). [معاني القرآن: 4/411-410]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لكم فيها خير}
قال إبراهيم يركب إذا احتاج ويشرب من اللبن
وقيل خير في الآخرة وذا أولى لأنه لو كان للدنيا كان ألا يجعلها بدنة خيرا له). [معاني القرآن: 4/411]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فاذكروا اسم الله عليها صواف}
وقرأ عبد الله بن مسعود صوافن
وقرأ الحسن وزيد بن أسلم والأعرج صوافي
روى نافع عن ابن عمر فاذكروا اسم الله عليها صواف قال قياما مصفوفة
وروى أبو ظبيان عن ابن عباس فاذكروا اسم الله عليها قال بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك
قال وصوافن قائمة على ثلاث
قال قتادة معقولة اليد اليمنى
قال الحسن وزيد بن أسلم صوافي أي خالصة لله من الشرك
قال أبو جعفر صواف جمع صافة وصافة مصفوفة ومصطفة بمعنى واحد
وصوافن جمع صافنة يقال للقائم صافن ويستعمل لما قام على ثلاث
وصوافي جمع صاف وهو الخالص أي لا تذكروا عليها غير اسم الله جل وعز حتى تكون التسمية خالصة الله جل وعز). [معاني القرآن: 4/413-411]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فإذا وجبت جنوبها}
قال مجاهد أي خرت إلى الأرض). [معاني القرآن: 4/413]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر}
قال أبو جعفر أحسن ما قيل في هذا وهو الصحيح في اللغة أن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن
قالوا القانع الذي يسأل
والمعتر الذي يتعرض ولا يسأل
وقال مالك بن أنس أحسن ما سمعت أن القانع هو الفقير وأن المعتر هو الزائر
وقال أبو جعفر يقال قنع الرجل يقنع قنوعا فهو قانع إذا سأل وأنشد أهل اللغة:
لمال المرء يصلحه فيغني = مفاقرة أعف من القنوع
وروي عن أبي رجاء أنه قرأ وأطعموا القنع
ومعنى هذا مخالف للأول يقال قنع الرجل إذا رضي فهو قنع
وروى عن الحسن أنه قرأ والمعتري معناه كمعنى المعتر يقال اعتره واعتراه وعراه إذا تعرض لما عنده أو طلبه). [معاني القرآن: 4/414-413]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فإذا وجبت} أي: سقطت بعد النحر). [ياقوتة الصراط: 370]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {القانع} الذي يسأل: وترده اللقمة والتمرة). [ياقوتة الصراط: 370]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {والمعتر}: الذي لا يسأل، فيبدأ بالصدقة). [ياقوتة الصراط: 370]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَوَافَّ}: أي قد صفت أيديها، وذلك إذا قرنت أيديها عند النحر.
{وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}: أي سقطت، ومنه قيل: وجبت الشمس، إذا غابت.
و{الْقَانِعَ}: السائل، و{الْمُعْتَرَّ}: الذي يلم بك لتعطيه ولا يسأل
وقيل: القانع: الذي يسأل، وفيه اختلاف). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَوَافَّ}: مصطـفّة.
{وَجَبَتْ}: سَقَطت.
{القَانِعَ}: الراضـي.
{المُعْتَرَّ}: الذي يأتيك فتعطيه). [العمدة في غريب القرآن: 213]

تفسير قوله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لن ينال اللّه لحومها ولا دماؤها} [الحج: 37] يقول: لا يصعد إلى اللّه لحومها ولا دماؤها.
وقد كان المشركون يذبحون لآلهتهم ثمّ ينضحون دماءها حول البيت.
قوله: {ولكن يناله التّقوى منكم} [الحج: 37] يصعد إليه التّقوى منكم.
يعني من آمن.
{كذلك سخّرها لكم} [الحج: 37] الأنعام.
{لتكبّروا اللّه على ما هداكم} [الحج: 37].
وقال في الآية الأولى {ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج: 34] إذا ذبحوا.
فالسّنّة إذا ذبح أو نحر أن يقول: بسم اللّه، واللّه أكبر.
- حدّثنا هشامٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يضحّي بكبشين أملحين، أقرنين، يذبحهما بيده، ويطأ على صفحتيهما، ويسمّي ويكبّر.
سعيدٌ، عن قتادة أنّ الحسن كان إذا ذبح الأضحية قال: بسم اللّه واللّه أكبر اللّهمّ منك ولك.
- الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: أهدي للنّبيّ عليه السّلام كبشان أملحان، أقرنان فضحّى بهما، فذبحهما بيده، فوضع رجله
[تفسير القرآن العظيم: 1/379]
اليمنى على كتف الكبش اليمنى ثمّ قال: «بسم اللّه واللّه أكبر، اللّهمّ منك ولك عنّي وعن أمّتي».
قوله: {وبشّر المحسنين} [الحج: 37] بالجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/380]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لن ينال اللّه لحومها...}

اجتمعوا على الياء. ولو قيل (تنال) كان صواباً. ومعنى ذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا نحروها نضحوا الدماء حول البيت. فلمّا حجّ المسلمون أرادوا مثل ذلك
فأنزل الله عز وجل: {لن ينال اللّه لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التّقوى منكم}: الإخلاص إليه). [معاني القرآن: 2/227]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لن ينال اللّه لحومها ولا دماؤها} كانوا في الجاهلية: إذا نحروا البدن نضحوا دماءها حول الكعبة، فأراد المسلمون أن يصنعوا ذلك، فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {لن ينال اللّه لحومها ولا دماؤها} ). [تفسير غريب القرآن: 293]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {لن ينال اللّه لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التّقوى منكم كذلك سخّرها لكم لتكبّروا اللّه على ما هداكم وبشّر المحسنين}
وقرئت: {لن تنال اللّه لحومها} بالتاء، فمن قرأ بالياء فلجمع اللحوم.
ومن قرأ بالتاء فلجماعة اللحوم - وكانوا إذا ذبحوا لطخوا البيت بالدم، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أنّ الّذي يصل إليه تقواه وطاعته فيما يأمر به.
{ولكن يناله التقوى منكم}.
وتناله - التقوى منكم - بالياء والتاء - فمن أنث فللفظ التقوى، ومن ذكر
فلأن معنى التقوى والتقى واحد). [معاني القرآن: 3/429]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها}
يروى عن ابن عباس أنهم كانوا في الجاهلية ينضحون بدماء البدن ما حول البيت فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك فأنزل الله جل وعز هذه الآية
قال إبراهيم في قوله: {ولكن يناله التقوى منكم} قال التقوى ما أريد به وجه الله عز وجل). [معاني القرآن: 4/414-415]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا}: كان المشركون ينضحون الدم حول الكعبة دم البدن، فنهي المسلمون عن ذلك).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ اللّه يدافع عن الّذين آمنوا} [الحج: 38] تفسير الحسن يدافع عنهم فيعصمهم من الشّيطان في دينهم.
سعيدٌ عن قتادة قال: واللّه ما ضيّع اللّه رجلًا بشيءٍ حفظ له دينه.
قوله: {إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوّانٍ كفورٍ} [الحج: 38]
أبو الأشهب عن الحسن في قوله: {إنّا عرضنا الأمانة على السّموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنّه كان ظلومًا جهولا {72} ليعذّب اللّه المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات} [الأحزاب: 72-73] قال: هما اللّذان ظلماها، هما اللّذان خاناها: المنافق والمشرك). [تفسير القرآن العظيم: 1/380]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّ اللّه يدافع...}

و(يدفع) وأكثر القراء على (يدافع) وبه أقرأ. وقرأ أبو عبد الرحمن السّلمي (يدافع)، (ولولا دفاع الله) وكلّ صواب). [معاني القرآن: 2/227]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ اللّه يدافع عن الّذين آمنوا إنّ اللّه لا يحبّ كلّ خوّان كفور}
ويدفع عن الذين آمنوا.
هذا يدل على النصر من عنده، أي فإذا دفعتم، أي فإذا فعلتم هذا، وخالفتم الجاهلية فيما تفعلونه في نحرهم.
وإشراكهم بالله، فإنّ اللّه يدفع عن حزبه.
وقوله: {كلّ خوّان كفور}.
(خوّان) فعّال من الخيانة، أي من ذكر اسم غير الله وتقرّب إلى الأصنام بذبيحته فهو خوّان كفور.
والبدن قيل إنها الإبل خاصّة، وقيل إنها الإبل والبقر، ولا أعلم أحدا قال: إن الشاء داخلة فيها، فأمّا من قال إنها الإبل والبقر فهم أكبر فقهاء الأمصار، ولكن الاستعمال في السّياقة إلى البيت الإبل فلذلك قال من قال إنها - الإبل). [معاني القرآن: 3/429]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}
وعدهم جل وعز النصر ثم أخبرهم أنه لا يحب من ذكر غير اسمه على الذبيحة فقال إن الله لا يحب كل خوان كفور
و{خوان} فعال من الخيانة). [معاني القرآن: 4/415]

تفسير قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} [الحج: 39] وهي قراءة أبيّ بن كعبٍ: أذن للّذين يقاتلون في سبيل اللّه بأنّهم ظلموا، ظلمهم المشركون وأخرجوهم من ديارهم، يعني من مكّة في تفسير مجاهدٍ.
خرجوا من مكّة إلى المدينة مهاجرين وكانوا يمنعون من الخروج إلى المدينة، فأدركهم المشركون فأذن للمؤمنين بقتالهم فقاتلوهم.
قال يحيى: وكان من كان يومئذٍ بمكّة من المسلمين قد وضع اللّه عنهم القتال فهو قوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا} [الحج: 39].
وهذا تفسير قتادة.
قال قتادة: أذن لهم بالقتال بعد ما أخرجهم المشركون وشرّدوا حتّى لحق طوائف منهم بالحبشة). [تفسير القرآن العظيم: 1/380]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله:
{أذن للّذين يقاتلون...}

{يقاتلون} ومعناه: أذن الله للذين يقاتلون أن يقاتلوا هذا إذ أنزلت {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وقرئت {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} والمعنى إذن لهم أن يقاتلوا وكلٌّ صواب). [معاني القرآن: 2/227]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم ظلموا وإنّ اللّه على نصرهم لقدير}
ويقرأ (أذن للّذين يقاتلون)، ويقرأ (أذن للّذين يقاتلون) ويقاتلون.
والمعنى أذن للذين يقاتلون أن يقاتلوا.
ويروى أنّها أول آية نزلت في القتال.
{بأنّهم ظلموا} أي أذن لهم أن يقاتلوا بسبب ما ظلموا
وقوله: {وإنّ اللّه على نصرهم لقدير}.
وعدهم الله النصر، ولا يجوز أن يقرأ و " أنّ " اللّه - بفتح أنّ، ولا بين أهل اللغة خلاف في أن هذا لا يجوز لأن " أنّ " إذا كانت معها اللام لم تفتح أبدا). [معاني القرآن: 3/430]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}
في الكلام حذف والمعنى أذن للذين يقاتلون أن يقاتلوا
وروى الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير أنه قرأ أذن بفتح الهمزة يقاتلون بكسر التاء وقال هي أول آية نزلت في القتال لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة).
[معاني القرآن: 4/416]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلا أن يقولوا ربّنا اللّه} [الحج: 40] قال قتادة: لمّا قال المسلمون: لا إله إلا اللّه، أنكرها المشركون وضاقها إبليس وجنوده.
وقال الحسن: ما سفكوا لهم من دمٍ، ولا أخذوا لهم من مالٍ، ولا قطعوا لهم من رحمٍ وإنّما أخرجوهم لأنّهم قالوا: ربّنا اللّه كقوله: {وما نقموا منهم إلا أن
[تفسير القرآن العظيم: 1/380]
يؤمنوا باللّه العزيز الحميد} [البروج: 8] قوله: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} [الحج: 40] يدفع عن المؤمنين بدينهم ويدفع عن الكافرين بالمؤمنين.
وقال قتادة: يبتلى المؤمن بالكافر، ويعافى الكافر بالمؤمن.
قال: {لهدّمت صوامع} [الحج: 40] قال مجاهدٌ: صوامع للرّهبان.
وقال قتادة: الصّوامع للصّابئين.
{وبيعٌ} [الحج: 40] للنّصارى، يعني كنائس النّصارى.
{وصلواتٌ} [الحج: 40] الصّلوات لليهود يعني كنائسهم.
{ومساجد} [الحج: 40] فيها مساجد المسلمين.
قوله: {يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا} [الحج: 40] يعني المساجد.
قوله: {ولينصرنّ اللّه من ينصره} [الحج: 40] يعني من ينصر دينه.
النّصر في الدّنيا والحجّة في الآخرة.
{إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ} [الحج: 40] في نقمته). [تفسير القرآن العظيم: 1/381]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ...}

يقول لم يخرجوا إلاّ بقولهم: لا إله إلا الله. فإن شئت جعلت قوله: {لاّ أن يقولوا ربّنا اللّه} في موضع خفضٍ تردّه على الباء في (بغير حقٍّ) وإن شئت جعلت (أن) مستثناةً؛ كما قال {إلاّ ابتغاء وجه ربّه الأعلى}.
وقوله: {لّهدّمت صوامع وبيعٌ} وهي مصلّى النصارى والصوامع للرهبان وأما الصلوات فهي كنائس اليهود والمساجد (مساجد الإسلام) ومعنى التهديم أن الله قال قبل ذلك {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} يدفع بأمره وأتباعه عن دين كل نبيّ؛ إلى أن بعث الله محمّد صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 2/227]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ إلاّ أن يقولوا ربّنا الله} مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك:
إلا أنهم يقولون الحق). [مجاز القرآن: 2/52]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ} مجازها مصليات). [مجاز القرآن: 2/52]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍّ إلاّ أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لّهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيراً ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويٌّ عزيزٌ}
وقال: {لّهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد} فالصّلوات لا تهدم ولكن حمله على فعل آخر كأنه قال "وتركت صلواتٌ" وقال بعضهم: "إنّما يعني مواضع الصلوات" وقال رجل من رواة الحسن {صلوتٌ} وقال: "هي كنائس اليهود تدعى بالعبرانية "صلوثا" فهذا معنى الصلوات فيما فسروا".
وقال: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ} لأنّ {بعضهم} بدل من {الناس} ). [معاني القرآن: 3/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد}: قالوا الصلوات في هذا الموضع مصلى الراهب). [غريب القرآن وتفسيره: 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لهدّمت صوامع} للصّابئين.
{وبيعٌ} للنّصاري.
{وصلواتٌ} يريد بيوت صلوات، يعني كنائس اليهود.
{ومساجد} للمسلمين. هذا قول قتادة وقال: الأديان ستة: خمسة للشيطان، وواحد للرحمن، فالصابئون: قوم يعبدون الملائكة، ويصلون للقبلة ويقرأون الزّبور. والمجوس: يعبدون الشمس والقمر، والذين أشركوا: يعبدون الأوثان. واليهود، والنصارى). [تفسير غريب القرآن: 294-293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله سبحانه: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} فالصلوات لا تهدّم، وإنما أراد بيوت الصلوات.
قال المفسرون: الصوامع للصّابئين، والبيع للنّصارى، والصلوات: كنائس اليهود، والمساجد للمسلمين). [تأويل مشكل القرآن: 210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الّذين أخرجوا من ديارهم بغير حقّ إلّا أن يقولوا ربّنا اللّه ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرا ولينصرنّ اللّه من ينصره إنّ اللّه لقويّ عزيز }
(الذين) في موضع جر، المعنى " أذن للذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا اللّه "
" أن " في موضع جر، المعنى أخرجوا بلا حقّ، إلّا بقولهم ربّنا اللّه أي لم يخرجوا إلا بأن وحدوا اللّه، فأخرجتهم عبدة الأوثان لتوحيدهم.
وقوله.: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع}.
المعنى: ولولا أن دفع اللّه بعض الناس ببعض لهدّمت صوامع.
وتقرأ (لهدمت) وهي صوامع الرهبان.
{وبيع وصلوات ومساجد}.
والبيع بيع النصارى، والصّلوات كنائس اليهود، وهي بالعبرانية صلوتا،
وقرئت صلاة ومساجد، وقيل إنها موضع صلوات الصّابئين.
وتأويل هذا: لولا أن الله - عزّ وجل - دفع بعض الناس ببعض لهدّم في شريعة كلّ نبيّ المكان الّذي كان يصلّي فيه، فكان لولا الدفع لهدم في زمن موسى عليه السلام الكنائس التي كان يصلي فيها في شريعته، وفي زمن عيسى الصوامع والبيع، وفي زمن محمد - صلى الله عليه وسلم - المساجد.
وقوله.: {ولينصرنّ اللّه من ينصره} أي من أقام شريعة من شرائعه، نصر على إقامة ذلك، إلا أنّه لا يقام في شريعة نبيّ إلّا ما أتي به ذلك النبي وينتهى عما نهى عنه).
[معاني القرآن: 3/431-430]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق}
روى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو النبي صلى الله عليه وسلم ومن خرج معه من مكة
ثم قال جل وعز: {إلا أن يقولوا ربنا الله}
هذا عند سيبويه استثناء ليس من الأول
وقال غيره المعنى إلا بأن يقولوا ربنا الله على البدل). [معاني القرآن: 4/417-416]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا}
حدثنا سعيد بن موسى بـ «قرقيسياء» قال حدثنا مخلد بن مالك عن محمد بن سلمة عن خصيف قال
أما الصوامع فصوامع الرهبان
وأما البيع فكنائس النصارى
وأما الصلوات فكنائس اليهود
وأما المساجد فمساجد المسلمين
قال أبو جعفر والمعنى على هذا لولا أن الله جل وعز يدفع بعض الناس ببعض لهدم في وقت كل نبي المصليات التي يصلي فيها
وقيل يذكر فيها اسم الله كثيرا راجع إلى المساجد خاصة هذا قول قتادة
فأما قوله: {وصلوات} والصلوات لا تهدم ففيه ثلاثة أقوال :
قال الحسن هدمها تركها
قال الأخفش هو على إضمار أي وتركت صلوات
وقال أبو حاتم هو إن شاء الله بمعنى موضع صلوات
وروي عن عاصم الجحدري أنه قرأ وصلوب بالباء المعجمة من تحت
وروي عنه أنه قرأ وصلوت بضم الصاد والتاء معجمة بنقطتين وقال هي للنصارى
وروي عن الضحاك أنه قرأ وصلوث بالثأء معجمة ولا أدري أفتح الصاد أم ضمها
إلا أن الحسن قال وصلوات هم كنائس اليهود وهي بالعبرانية صلوثا). [معاني القرآن: 4/419-417]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَوَامِعُ}: للصابئين. {وبِيَعٌ}: للنصارى، {وصَلَوَاتٌ}: أي: بيوت صلوات
يعني كنائس اليهود، {ومَسَاجِدُ}: للمسلمين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَلَـوَات}: مصلى الراهب). [العمدة في غريب القرآن: 213]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين إن مكّنّاهم في الأرض} [الحج: 41] يعني أصحاب النّبيّ.
{أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف} [الحج: 41] بعبادة اللّه.
{ونهوا عن المنكر} [الحج: 41] عن عبادة الأوثان.
{وللّه عاقبة الأمور} [الحج: 41] إليه تصير الأمور كقوله: {إنّا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون} [مريم: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/381]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(وكقوله: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} أي: مكنّا لهم.

والعرب تقول: عددتك مائة، أي عددت لك، وأستغفر الله ذنبي.
قال الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لستُ محصيَهُ = ربَّ العبادِ إليهِ الوجهُ والعملُ
وشبعت خبزا ولحما، وشربت ورويت ماء ولبنا وتعرّضت معروفك، ونزلتك ونأيتك، وبتّ القوم، وغاليت السلعة، وثويت البصرة وسرقتك مالا، وسعيت القوم، واستجبتك.
قال الشاعر:
وداعٍ دعا يا من يجيب إلى النَّدى = فلم يستجبْهُ عند ذاكَ مجيبُ
وقوله جل وعزّ: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}. أي: مسؤولا عنه.
قال أبو عبيدة: يقال: (لتسألنّ عهدي) أي عن عهدي). [تأويل مشكل القرآن: 229-230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وللّه عاقبة الأمور}
(الذين) في موضع نصب على تفسير من، المعنى ولينصرن اللّه من ينصره ثم بين صفة ناصريه فقال:
{الّذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}.
فصفة حزب اللّه الذين يوحدونه، إقامة الصلاة، وإيتاء الزّكاة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهما واجبان كوجوب الصلاة والزكاة أعني الأمر بالمعروف والّنهي عن المنكر).
[معاني القرآن: 3/431]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة}
قال الحسن هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وقال ابن أبي نجيح هم الولاة
قال أبو جعفر الذين بدل من من والمعنى ولينصرن الله الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة). [معاني القرآن: 4/420-419]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ} قوم، يذكّر ويؤنّث).[مجاز القرآن: 2/52]

تفسير قوله تعالى: {وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43)}

تفسير قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن يكذّبوك فقد كذّبت قبلهم قوم نوحٍ وعادٌ وثمود {42} وقوم إبراهيم وقوم لوطٍ {43} وأصحاب مدين} [الحج: 42-44] يعني الّذين بعث اللّه إليهم شعيبًا.
قال: {وكذّب موسى} [الحج: 44] كذّبه فرعون.
[تفسير القرآن العظيم: 1/381]
{فأمليت للكافرين} [الحج: 44] يعني جميع هؤلاء ثمّ لم أهلكهم عند تكذيبهم رسلهم حتّى جاء الوقت الّذي أردت أن أهلكهم فيه.
{ثمّ أخذتهم} [الحج: 44] بالعذاب حين جاء الوقت.
{فكيف كان نكير} [الحج: 44] يعني عقابي، أي كان شديدًا.
يحذّر بذلك المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 1/382]

تفسير قوله تعالى: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فكأيّن من قريةٍ} [الحج: 45] يعني كم من قريةٍ.
{أهلكناها} [الحج: 45] يعني أهلكها.
{فهي خاويةٌ} [الحج: 45] فالقرية خاويةٌ.
قال قتادة: ليس فيها أحدٌ، قد هلك أهلها.
{على عروشها} [الحج: 45] يعني على بنيانها.
وبعضهم يقول: العروش السّقوف، فصار أعلاها أسفلها.
{وبئرٍ معطّلةٍ} [الحج: 45] قد باد أهلها فعطّلت.
{وقصرٍ مشيدٍ} [الحج: 45] مبنًى معطّلٌ.
وقال الكلبيّ: المشيّد الحصين). [تفسير القرآن العظيم: 1/382]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ مّعطّلةٍ وقصرٍ مّشيدٍ...}

البئر والقصر يخفضان على العطف على العروش وإذا نظرت في معناها وجدتها ليست تحسن فيها (على) لأن العروش أعالي البيوت، والبئر في الأرض وكذلك القصر، لأن القرية لم تخو على القصر. ولكنه أتبع بعضه بعضاً، كما قال {وحورٍ عينٍ كأمثال اللؤلؤ} ولو خفضت البئر والقصر - إذا نويت أنهما ليسا من القرية - بمن كأنك قلت: كم من قرية أهلكت، وكم من بئر ومن قصرٍ. والأول أحبّ إليّ). [معاني القرآن: 2/228]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فكأيّن من قريةٍ} الياء من فكأيّن مثقلة وهي قراءة الستة ويخففها آخرون
قال ذو الرمة:
وكائن تخطّت ناقتي من مفازة=وهلباجةٍ لا يطلع الهمّ رامك
أي يطلب ومعناها وكم من قرية). [مجاز القرآن: 2/53-52]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وقصر مشيدٍ} مجازه مجاز مفعول من " شدت نشيد " أي زينته بالشيد وهو الجص والجيار والملاط الجيار الصاروج وهو الكلس وقال عدي بن زيد العبادي:
شاده مرمراً وجلّله كلسا فللطير في ذراه وكور
وهو الكلس وقال:
كحيّة الماء بين الطّيّ والشّيد). [مجاز القرآن: 2/53]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فكأيّن مّن قريةٍ أهلكناها وهي ظالمةٌ فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ مّعطّلةٍ وقصرٍ مّشيدٍ}
وقال: {وبئرٍ مّعطّلةٍ وقصرٍ مّشيدٍ} حمله على {كأيّن} والمشيد هو المفعول من "شدته" فـ"أنا أشيده" مثل "عنته" فـ"أنا أعينه" فـ"هو معين"). [معاني القرآن: 3/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({قصر مشيد}: مزين، والشيد الجص). [غريب القرآن وتفسيره: 262]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقصرٍ مشيدٍ} يقال: هو المبني بالشّيد. وهو الجصّ.
والمشيد: المطوّل. ويقال: المشيد المشيّد سواء في معنى المطول، وقال عدي بن زيد:
شاده مرمرا وجلّله كلـ =ـسا فللطير في ذراه وكور).
[تفسير غريب القرآن: 294]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (... وليس جهلُهم بما في هذه الآية من لطيف المعنى بأعجب من هذا جهلهم بمعنى قوله: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} حتى أبدأوا في التعجّب منه وأعادوا، حتى ضربه بعض المجّان لبارد شعره مثلا.
وهل شيء أبلغ في العبرة والعظة من هذه الآية؟ لأنه أراد: أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها، أو آذان يسمعون بها، فينظروا إلى آثار قوم أهلكهم الله بالعتوّ، وأبادهم بالمعصية، فيروا من تلك الآثار بيوتا خاوية قد سقطت على عروشها، وبئراً كانت لشرب أهلها قد عطّل رشاؤها، وغار معينُها، وقصراً بناه ملكه بالشِّيدِ قد خلا من السَّكَنِ، وتداعى بالخراب، فيتَّعِظوا بذلك، ويخافوا من عقوبةِ الله وبأسه، مثل الذي نزل بهم.
ونحوه قوله: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}
ولم يزل الصالحون يعتبرون بمثل هذا، ويذكرونه في خطبهم ومقاماتهم: فكان سليمان صلّى الله عليه وآله وسلّم، إذا مرَّ بخرابٍ قال: يا خَرِبَ الخَرِبين أين أهلُكَ الأوّلون؟.
وقال: أبو بكر رضي الله عنه، في بعض خُطَبهِ: أين بانو المدائنِ ومحصّنوها بالحوائط؟ أين مشيّدو القصورِ، وعامروها؟! أين جاعلو العَجَبَ فيها لمن بعدهم؟! تلك منازلهم خالية، وهذه منازلهم في القبور خاوية، هل تحسّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا؟.
وهذا الأسود بن يعفر يقول:

ماذا أؤمّل بعد آل محرّق = تركوا منازلهم وبعد إياد
أهل الخورنق والسّدير وبارق = والقصر ذي الشّرفات من سنداد
نزلوا بأنقرة يسيل عليهم = ماء الفرات يجيء من أطواد
أرض تخيّرها لطيب مقيظها = كعب بن مامة وابن أم دؤاد
جرت الرياح على محلّ ديارهم = فكأنهم كانوا على ميعاد
فأرَى النعيم وكلَّ ما يُلهى به = يوماً يصير إلى بِلَىً ونفادِ
وهذه الشّعراء تبكي الديار، وتصف الآثار، وإنما تسمعهم يذكرون دمنا وأوتادا، وأثافيّ ورمادا، فكيف لم يعجبوا من تذكّرهم أهل الديار بمثل هذه الآثار، وعجبوا من ذكر الله، سبحانه أحسن ما يذكر منها وأولاه بالصّفة، وأبلغه في الموعظة؟ ). [تأويل مشكل القرآن:10- 11]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فكأيّن من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطّلة وقصر مشيد}
ويقرأ أهلكتها، المعنى فكيف كان نكير أي ثم أخذتهم فأبلغت أبلغ الإنكار.
فأهلكت قرى كثيرة، لأن معنى {فكأيّن من قرية} معنى فكم من قرية، ومعنى كم من قرية عدد كثير من القرى.
ويجوز كائن بتشديد الياء، ويجوز كائن من قرية، وهو عند البصريين في معنى العدد الكبير، نقول: وكائن من رجل جاءني معناه العدد الكثير من الرجال.
{فهي خاوية على عروشها}
والعروش السقوف، فالمعنى أنها قد خربت وخلت فصارت على سقوفها كما قال في موضع آخر: {فجعلنا عاليها سافلها}، يقال خوت الدار والمدينة خواء، ممدود، فهي خاوية، وخويت المرأة وخوي الإنسان إذا خلا من الطعام خوى، مقصور فهو خو.
وقوله: {وبئر معطّلة وقصر مشيد}.
أكثر ما جاء في مشيد من التفسير مجصّص، والشيد الجصّ والكلس أيضا شيد، وقيل مشيد محصّن مرتفع، والمشيد إذا قيل مجصّص فهو مرتفع في قدره وإن لم يرتفع في سمكه، وأصل الشيد الجصّ والنورة، وكل ما بني بهما أو بأحدهما فهو مشيد). [معاني القرآن: 3/432-431]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فكأين قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها }
قال أهل التفسير المعنى فكم وهي عند النحويين أي دخلت عليها كاف التشبيه فصار التقدير كالعدد الكثير والمعنى معنى كم
وقوله جل وعز: {فهي خاوية على عروشها}
وروي معمر عن قتادة قال خالية ليس فيها أحد
قال أبو جعفر يقال خوت الدار تخوي خواء إذا خلت وخوى الرجل يخوي خوى إذا جاع والعروش السقوف). [معاني القرآن: 4/420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وبئر معطلة }
قال الضحاك أي لا أهل لها
وقصر مشيد قال عكرمة أي مجصص
قال ابن أبي نجيح أي بالقصة وهي الجص
وروي علي بن الحكم عن الضحاك وقصر مشيد قال طويل
والقول الأول أولى لأنه يقال شاده يشيده إذا بناه بالشيد وهو الجص كما قال عدي بن زيد:
شاده مرمرا وجلله كلسا = فللطين في ذاره وكور
فأما إذا طوله ورفعه فإنما يقال فيه شيده وأشاده ومنه أشاد فلان بذكر فلان). [معاني القرآن: 4/420-422]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وقَصْرٍ مَّشِيدٍ}: المبني بالشيد وهو الجص، والمشيد: المطول). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَشِيـد}: مجصّـص). [العمدة في غريب القرآن: 214]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفلم يسيروا في الأرض} [الحج: 46] يعني المشركين.
{فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها} [الحج: 46] أي لو ساروا فتفكّروا ما نزل بإخوانهم من الكفّار فيتوبون لو كانت {لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذانٌ يسمعون بها} [الحج: 46] قال: {فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور} [الحج: 46] إنّما أتوا من قبل قلوبهم، ولو أنّ رجلًا كان أعمى بعد أن يكون مؤمنًا لم يضرّه شيئًا وكان قلبه بصيرًا.
وقال قتادة: إنّما هذه الأبصار الّتي الرّءوس جعلها اللّه منفعةً وبلغةً، وأمّا البصر النّافع فهو في القلب.
قال: وذكر لنا أنّها نزلت في عبد اللّه بن زيدٍ.
حمّادٌ، عن أبي بكرٍ، عن مجاهدٍ قال: لكلّ عينٍ، يعني لكلّ نفسٍ أربع أعينٍ:
[تفسير القرآن العظيم: 1/382]
عينان في رأسه لدنياه وعينان في قلبه لآخرته، فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه لم يضرّه عماه شيئًا، وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه لم ينفعه شيئًا.
قال اللّه: {فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور} [الحج: 46] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/383]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فإنّها لا تعمى الأبصار...}

الهاء (هاء عماد) توفّى (بها) إنّ. يجوز مكانها (إنّه) وكذلك هي قراءة عبد الله {فإنه لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصّدور} والقلب لا يكون إلا في الصدر، وهو توكيد ممّا تزيده العرب على المعنى المعلوم؛ كما قيل {فصيام ثلاثة أيّامٍ في الحجّ وسبعةٍ إذا رجعتم تلك عشرةٌ كاملةٌ} والثلاثة والسّبعة معلوم أنهما عشرة. ومثل ذلك نظرة إليك بعيني. ومثله قول الله {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} وفي قراءة عبد الله (إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعٌ وتسعون نعجةً ولي نعجةٌ أٌنثى) فهذا أيضاً من التوكيد وإن قال قائل.
{كيف انصرف من العذاب} إلى أن قال: {وإنّ يوماً عند ربّك} فالجواب في ذلك أنهم استعجلوا العذاب في الدنيا فأنزل الله على نبيّه {ولن يخلف الله وعده} أي في أن ينزل بهم العذاب في الدنيا. فقوله: {وإنّ يوماً عند ربّك} من عذابهم أيضاً. فهو متّفق: أنهم يعذّبون في الدنيا والآخرة أشدّ). [معاني القرآن: 2/229-228]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. كما تقول: نفسي التي بين جنبيّ). [تأويل مشكل القرآن: 243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور}
{ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور}.
القلب لا يكون إلا في الصدر - ولكن جرى على التوكيد كما قال عز وجل {يقولون بأفواههم}، وكما قال: {ولا طائر يطير بجناحيه}.
وكما قرأ بعضهم: {له تسع وتسعون نعجة}.
فالتوكيد جار في الكلام مبالغ في الإفهام). [معاني القرآن: 3/432]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}
وفي قراءة عبد الله {فإنه لا تعمى} والمعنى واحد
قال أبو جعفر التذكير على الخبر والتأنيث على القصة
قال قتادة البصر الناظر جعل بلغة ومنفعة، والبصر النافع في القلب). [معاني القرآن: 4/422]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويستعجلونك بالعذاب} [الحج: 47] وذلك منهم استهزاءٌ وتكذيبٌ بأنّه لا يكون.
{ولن يخلف اللّه وعده} [الحج: 47] تفسير الحسن يعني: هلاكهم بالسّاعة قبل عذاب الآخرة.
{وإنّ يومًا عند ربّك كألف سنةٍ ممّا تعدّون} [الحج: 47] يومٌ من أيّام الآخرة كألف سنةٍ من أيّام الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 1/383]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإنّ يوماً عند ربّك كألف سنةٍ مّمّا تعدّون...}.

ويقال يوم من أيّام عذابهم في الآخرة كألف سنة ممّا تعدون في الدنيا). [معاني القرآن: 2/229]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف اللّه وعده وإنّ يوماً عند ربّك كألف سنةٍ مّمّا تعدّون} [معاني القرآن: 3/10]
وقال: {وإنّ يوماً عند ربّك كألف سنةٍ مّمّا تعدّون} يقول: "هو في الثقل ومما يخاف منه كألف سنة"). [معاني القرآن: 3/11]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف اللّه وعده وإنّ يوما عند ربّك كألف سنة ممّا تعدّون}
قيل إن يوما من أيام عذابهم كألف سنة، ويدل على ذلك الحديث الذي يروى أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم.
وجاء في حديث آخر تفسير هذا القول بخمسمائة عام.
فهذا يدل على أنّ اليوم من أيام القيامة ألف سنة، والذي تدل عليه الآية - واللّه أعلم - أنهم استعجلوا فأعلم اللّه عز وجلّ أنه لا يفوته شيء وأن يوما عنده وألف سنة في قدرته واحد، وأن الاستعجال في ميعادهم لا فرق فيه بين وقوع ما يستعجلون به من العذاب وتأخره في القدرة إلّا أنّ اللّه - جل ثناؤه - تفضل بالإمهال، وغفر بالتوبة، فالتأخير الفرق بينه وبين التقديم تفضل الله عزّ وجل بالنظرة). [معاني القرآن: 3/433]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم - عزّ وجل - أنّه قد أخذ قوما بعد الإملاء والتأخير عقوبة منه ليزدادوا إثما فقال بعد قوله: {ويستعجلونك بالعذاب}، وبعد تمام الآية {وكأيّن من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثمّ أخذتها وإليّ المصير}.
المعنى ثم أخذتها بالعذاب، واستغني عن ذكر العذاب لتقدم ذكره في قوله: {ويستعجلونك بالعذاب} ). [معاني القرآن: 3/433]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال يوم من الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض كألف سنة مما تعدون
وروى شعبة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال يوم من أيام الآخرة كألف سنة مما تعدون
قال ويوم كان مقداره خمسين ألف سنة يوم القيامة
قال أبو جعفر والقول الثاني حسن جدا لأنه عليه يتصل بالكلام الأول لأنهم استعجلوا بالعذاب فقال ولن يخلف الله وعده أي في عذابهم وإن يوما من أيام عذابهم في الآخرة كألف سنة مما تعدون في الدنيا فصار المعنى إن الله لن يخلف وعده في عذابهم في الدنيا وعذابهم في الآخرة أشد
قال أبو جعفر وفي معناه قول آخر بين وهو أنهم استعجلوا بالعذاب فأعلمهم الله جل وعز أنه لا يفوته شيء وإن يوما عنده وألف سنة واحد إذ كان ذلك غير فائته).
[معاني القرآن:4/ 424-422]

تفسير قوله تعالى: {وكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكأيّن من قريةٍ أمليت لها} [الحج: 48] إلى الوقت الّذي أخذتها فيه.
{وهي ظالمةٌ} [الحج: 48] مشركةٌ يعني أهلها.
{ثمّ أخذتها} [الحج: 48] يعني بالعذاب.
{وإليّ المصير} [الحج: 48] في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/383]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(ثم أعلم - عزّ وجل - أنّه قد أخذ قوما بعد الإملاء والتأخير عقوبة منه ليزدادوا إثما فقال بعد قوله: {ويستعجلونك بالعذاب}،

وبعد تمام الآية {وكأيّن من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثمّ أخذتها وإليّ المصير}.
المعنى ثم أخذتها بالعذاب، واستغني عن ذكر العذاب لتقدم ذكره في قوله: {ويستعجلونك بالعذاب} ). [معاني القرآن: 3/433] (م)


رد مع اقتباس