عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 12:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} مخاطبة للكفار، و"الحديث" المشار إليه هو القرآن المتضمن البعث، وإن الله تعالى هو خالق الكل، وإن ابن آدم مصرف بقدره وقضائه، وغير ذلك، و"مدهنون" معناه: يلاين بعضكم بعضا ويتبعه في الكفر، مأخوذ من الدهن للينه وإملاسه، وقال أبو قيس بن الأسلت:
الحزم والقوة خير من الـ ... إدهان والفهة والهاع
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو المهاودة فيما لا يحل، والمداراة هي المهاودة فيما يحل، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "مدهنون": مكذبون). [المحرر الوجيز: 8/ 211-212]

تفسير قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}، أجمع المفسرون على أن الآية توبيخ للقائلين في المطر الذي نزله الله تعالى رزقا للعباد: هذا بنوء كذا وكذا وهذا بنوء الأسد، وهذا بنوء الجوزاء وغير ذلك، والمعنى: وتجعلون شكر رزقكم، كما تقول لرجل: جعلت يا فلان إحساني إليك أن سببتني، فالمعنى: جعلت شكر إحساني، وحكى الهيثم بن عدي أن من لغة أزد شنوءة: ما رزق فلان؟ بمعنى: ما شكره؟ وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقرؤها: "وتجعلون شكركم أنكم تكذبون"، وكذلك قرأ ابن عباس رضي الله عنهما، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن ابن عباس رضي الله عنهما ضم التاء وفتح الكاف، وعلي رضي الله عنه فتح التاء وسكن الكاف وخفف الذال، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
وكان شكر القوم عند المنن ... كي الصحيحات وفقء الأعين
وقد أخبر الله تعالى أنه أنزل من السماء ماء مباركا فأنشأ به جنات وحب الحصيد، والنخل باسقات لها طلع نضيد، رزقا للعباد، فهذا معنى قوله تعالى: {أنكم تكذبون}، أي: بهذا الخبر، وقرأ عاصم في رواية المفضل عنه: "تكذبون" بفتح التاء وسكون الكاف وتخفيف الذال كقراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكذبهم في مقالهم بين لأنهم يقولون: هذا بنوء كذا، وذلك كذب منهم وتخرص. وذكر الطبري أن النبي عليه الصلاة والسلام سمع رجلا يقول: مطرنا ببعض عثانين الأسد، فقال له: "كذبت بل هو رزق الله"، والمنهي عنه المكروه هو أن يعتقد أن للطالع من النجوم تأثيرا في المطر، وأما مراعاة بعض الطوالع على مقتضى العادة فقد قال عمر للعباس رضي الله عنهما وهما في الاستسقاء: يا عباس، يا عم النبي صلى الله عليه وسلم: كم بقي من نوء الثريا؟ فقال العباس رضي الله عنه: العلماء يقولون إنها تعترض الأفق بعد سقوطها سبعا، قال ابن المسيب: فما مضت سبع حتى مطروا). [المحرر الوجيز: 8/ 212-213]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم} توقيف على موضع عجز يقتضي النظر فيه أن الله تبارك وتعالى مالك كل شيء، والضمير في "بلغت الحلقوم" لنفس الإنسان، والمعنى يقتضيها وإن لم يتقدم لها ذكر، "والحلقوم" مجرى الطعام، وهذه الحال هي نزاع المرء للموت). [المحرر الوجيز: 8/ 213]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "أنتم" إشارة إلى جميع البشر، وهذا من الاقتضاب، كقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم}. وقرأ عيسى بن عمر: "حينئذ" بكسر النون، و"تنظرون" معناه: إلى المنازع في الموت).[المحرر الوجيز: 8/ 213]

تفسير قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ونحن أقرب إليه منكم} يحتمل أن يريد ملائكته ورسله، ويحتمل أن يريد: بقدرتنا وغلبتنا، فعلى الاحتمال الأول يجيء قوله تعالى: {ولكن لا تبصرون} من النظر بالعين، وعلى التأويل الثاني يجيء من النظر بالقلب. وقال عامر بن عبد قيس: ما نظرت إلى شيء إلا رأيت الله تعالى أقرب إليه مني). [المحرر الوجيز: 8/ 213]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم عاد التوقيف والتقرير ثانية بلفظ التحضيض، و"المدين": المملوك، هذا أصح ما يقال في معنى اللفظة هنا، ومن عبر عنها بالمجازى أو المحاسب فذلك هنا قلق، والمملوك يقلب كيف يشاء المالك، ومن هذا الملك قول الأخطل:
ربت فربى في حجرها ابن مدينة ... تراه على مسحاته يتركل
أراد: ابن أمة مملوكة، وهو عبد يخدم الكرم، وقد قيل في معنى هذا البيت: أراد أكارا حضريا لأن الأعراب في البادية لا يعرفون الفلاحة وعمل الكرم، فنسبه إلى المدينة لما كان من أهلها، فمعنى الآية: فلولا ترجعون النفس البالغة الحلقوم إن كنتم غير مملوكين ولا مقهورين، ودين الملك حكمه وسلطانه، وقد نحا إلى هذا المعنى الفراء، وذكره مستوعبا النقاش. وقوله تعالى: "ترجعونها" سدت مسد الأجوبة والبيانات التي تقتضيها التخصيصات، وإذا من قوله تعالى: "فلولا إذا" و"إن" المتكررة، وحمل بعض القول بعضا إيجازا واقتضابا).[المحرر الوجيز: 8/ 213-214]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان وجنت نعيم * وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين * وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم * وتصلية جحيم * إن هذا لهو حق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم}
ذكر الله تعالى في هذه الآية حال الأزواج الثلاثة المذكورة في أول السورة، وحال كل امرئ منهم، فأما المرء من السابقين المقربين فسيلقى عند موته روحا وريحانا، و"الروح": الرحمة والسعة والفرج والفرح، ومنه: روح الله، و"الريحان": الطيب، وهو دليل النعيم، وقال مجاهد: الريحان: الرزق، وقال أبو العالية، وقتادة، والحسن: الريحان هو الشجر المعروف في الدنيا، يلقى المقرب ريحانا من الجنة، وقرأ ابن عباس، والحسن، وجماعة كثيرة: "فروح" بضم الراء، وقال الحسن: معناه: روحه يخرج في ريحانه، وقال الضحاك: الريحان: الاستراحة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
الريحان ما تنبسط إليه النفوس، وقال الخليل: هو طرف كل بقلة طيبة فيها أوائل النور، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما: "هما ريحانتاي من الدنيا"، وقال النمر بن تولب:
سلام الإله وريحانه ورحمته وسماء درر
وقالت عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: "فروح" بضم الراء). [المحرر الوجيز: 8/ 214-215]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فسلام لك من أصحاب اليمين} عبارة تقتضي جملة مدح، وصفة تخلص وحصولا في عال من المراتب، والمعنى ليس في أمرهم إلا السلام والنجاة من العذاب، وهذا كما تقول في مدح رجل: أما فلان فناهيك به، أو بحسبك أمره، فهذا يقتضي جملة غير مفصلة من مدحه، وقد اضطربت عبارات المتأولين في قوله تعالى: {فسلام لك} فقال قوم: المعنى: فيقال له: " مسلم لك إنك من أصحاب اليمين"، وقال الطبري: المعنى: فسلام لك أنت من أصحاب اليمين، وقيل: المعنى: فسلام لك يا محمد، أي: لا ترى فيهم إلا السلامة من العذاب، فهذه الكاف في "لك" إما أن تكون للنبي صلى الله عليه وسلم -وهو الأظهر- ثم لكل معتبر فيها من أمته، وإما أن تكون لمن يخاطبه من أصحاب اليمين، وغير هذا مما قيل فيه تكلف). [المحرر الوجيز: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "المكذبون الضالون" هم الكفار أصحاب الشمال والمشأمة). [المحرر الوجيز: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"النزل": أول شيء يقدم للضيف). [المحرر الوجيز: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"التصلية" أن تباشر بهم النار، و"الجحيم" معظم النار وحيث تراكمها). [المحرر الوجيز: 8/ 215]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولما كمل تقسيم أحوالهم وانقضى الخبر بذلك أكد تعالى الإخبار بأن قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مخاطبة تدخل معه أمته فيها: إن هذا الذي أخبرتك به لهو حق اليقين، وإضافة الحق إلى اليقين عبارة فيها مبالغة لأنهما بمعنى واحد، فذهب بعض الناس إلى أنه من باب "دار الآخرة" و"مسجد الجامع"، وذهبت فرقة من الحذاق إلى أنه كما تقول في أمر تؤكده: هذا يقين اليقين أو صواب الصواب، بمعنى أنه نهاية الصواب، وهذا أحسن ما قيل فيه، وذلك لأن "دار الآخرة" وما أشبهها يحتمل أن تقدر شيئا أضفت الدار إليه ووصفته بالآخرة ثم حذفته وأقمت الصفة مقامه، كأنك قلت: "دار الرجعة الآخرة"، أو دار النشأة الآخرة"، أو "الحلقة الآخره"، وهنا لا يتجه هذا، وإنما هي عبارة مبالغة وتأكيد معناها أن هذا الخبر هو نفس اليقين وحقيقته). [المحرر الوجيز: 8/ 215-216]

تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} عبارة تقتضي الأمر بالإعراض عن أقوال الكفرة وسائر أمور الدنيا المختصة بها، والإقبال على أمور الآخرة، وعبادة الله تعالى والدعاء إليه، وروى عقبة بن عامر أنه لما نزل فسبح باسم ربك العظيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها في ركوعكم"، فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال: "اجعلوها في سجودكم"، ويحتمل أن يكون المعنى: سبح لله تعالى بذكر أسمائه العلى، و"الاسم" هنا بمعنى الجنس، أي: بأسماء ربك، و"العظيم" صفة له، فكأنه أمره أن يسبحه باسمه الأعظم وإن كان لم ينص عليه، ويؤيد هذا ويشير إليه إيصال سورة الحديد وأولها فيه التسبيح وجملة من أسماء الله تعالى، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: "اسم الله الأعظم موجود في ست آيات من أول سورة الحديد"، فتأمل هذا فإنه من دقيق النظر، ولله تعالى في كتابه العزيز غوامض لا تكاد الأذهان تدركها.
كمل تفسير سورة [الواقعة] والحمد لله رب العالمين). [المحرر الوجيز: 8/ 216]

رد مع اقتباس