عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 09:06 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد آمنًا واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام (35) ربّ إنّهنّ أضللن كثيرًا من النّاس فمن تبعني فإنّه منّي ومن عصاني فإنّك غفورٌ رحيمٌ (36)}
يذكر تعالى في هذا المقام محتجًّا على مشركي العرب، بأنّ البلد الحرام مكّة إنّما وضعت أوّل ما وضعت على عبادة اللّه وحده لا شريك له، وأنّ إبراهيم الّذي كانت عامرةً بسببه، آهلةً تبرّأ ممّن عبد غير اللّه، وأنّه دعا لمكّة بالأمن فقال: {ربّ اجعل هذا البلد آمنًا} وقد استجاب اللّه له، فقال تعالى: {أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا ويتخطّف النّاس من حولهم} [العنكبوت: 67]، وقال تعالى: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا وهدًى للعالمين فيه آياتٌ بيّناتٌ مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنًا} [آل عمران: 96، 97]، وقال في هذه القصّة: {ربّ اجعل هذا البلد آمنًا} فعرّفه كأنّه دعا به بعد بنائها؛ ولهذا قال: {الحمد للّه الّذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق} [إبراهيم: 39]، ومعلومٌ أنّ إسماعيل أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنةً، فأمّا حين ذهب بإسماعيل وأمّه وهو رضيعٌ إلى مكان مكّة، فإنّه دعا أيضًا فقال: {ربّ اجعل هذا بلدًا آمنًا} [البقرة: 126]، كما ذكرناه هنالك في سورة البقرة مستقصًى مطوّلًا.
وقال: {واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام} ينبغي لكلّ داعٍ أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذرّيّته). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 512-513]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ذكر أنّه افتتن بالأصنام خلائق من النّاس وأنّه برئٌ ممّن عبدها، وردّ أمرهم إلى اللّه، إن شاء عذّبهم وإن شاء غفر لهم كما قال عيسى، عليه السّلام: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: 118]، وليس في هذا أكثر من الرّدّ إلى مشيئة اللّه تعالى، لا تجويز وقوع ذلك.
قال عبد اللّه بن وهبٍ: حدّثنا عمرو بن الحارث، أنّ بكر بن سوادة حدّثه، عن عبد الرّحمن بن جبير عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلا قول إبراهيم: {ربّ إنّهنّ أضللن كثيرًا من النّاس فمن تبعني فإنّه منّي ومن عصاني فإنّك غفورٌ رحيمٌ} وقول عيسى عليه السّلام: {إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم} ورفع يديه، [ثمّ] قال: "اللّهمّ أمّتي، اللّهمّ أمّتي، اللّهمّ أمّتي"، وبكى فقال اللّه: [يا جبريل] اذهب إلى محمّدٍ -وربّك أعلم وسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل، عليه السّلام، فسأله، فأخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما قال، [قال] فقال اللّه: اذهب إلى محمّدٍ، فقل له: إنّا سنرضيك في أمّتك ولا نسوءك). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 513]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ربّنا إنّي أسكنت من ذرّيّتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرّم ربّنا ليقيموا الصّلاة فاجعل أفئدةً من النّاس تهوي إليهم وارزقهم من الثّمرات لعلّهم يشكرون (37)}
وهذا يدلّ على أنّ هذا دعاءٌ ثانٍ بعد الدّعاء الأوّل الّذي دعا به عندما ولّى عن هاجر وولدها، وذلك قبل بناء البيت، وهذا كان بعد بنائه، تأكيدًا ورغبةً إلى اللّه، عزّ وجلّ؛ ولهذا قال: {عند بيتك المحرّم}
وقوله: {ربّنا ليقيموا الصّلاة} قال ابن جريرٍ: هو متعلّقٌ بقوله: "المحرّم" أي: إنّما جعلته محرّمًا ليتمكّن أهله من إقامة الصلاة عنده.
{فاجعل أفئدةً من النّاس تهوي إليهم} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ: لو قال: "أفئدة النّاس" لازدحم عليه فارس والرّوم واليهود والنّصارى والنّاس كلّهم، ولكن قال: {من النّاس} فاختصّ به المسلمون.
وقوله: {وارزقهم من الثّمرات} أي: ليكون ذلك عونًا لهم على طاعتك وكما أنّه {وادٍ غير ذي زرعٍ} فاجعل لهم ثمارًا يأكلونها. وقد استجاب اللّه ذلك، كما قال: {أولم نمكّن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كلّ شيءٍ رزقًا من لدنّا} [القصص: 57] وهذا من لطفه تعالى وكرمه ورحمته وبركته: أنّه ليس في البلد الحرام مكّة شجرةٌ مثمرةٌ، وهي تجبى إليها ثمرات ما حولها، استجابةً لخليله إبراهيم، عليه الصّلاة والسّلام). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 513-514]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ربّنا إنّك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على اللّه من شيءٍ في الأرض ولا في السّماء (38) الحمد للّه الّذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إنّ ربّي لسميع الدّعاء (39) ربّ اجعلني مقيم الصّلاة ومن ذرّيّتي ربّنا وتقبّل دعاء (40) ربّنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب (41)}
قال ابن جريرٍ: يقول تعالى مخبرًا عن إبراهيم خليله أنّه قال: {ربّنا إنّك تعلم ما نخفي وما نعلن} أي: أنت تعلم قصدي في دعائي وما أردت بدعائي لأهل هذا البلد، وإنّما هو القصد إلى رضاك والإخلاص لك، فإنّك تعلم الأشياء كلّها ظاهرها وباطنها، ولا يخفى عليك منها شيءٌ في الأرض ولا في السّماء). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 514]

تفسير قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ حمد ربّه، عزّ وجلّ، على ما رزقه من الولد بعد الكبر، فقال: {الحمد للّه الّذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إنّ ربّي لسميع الدّعاء} أي: إنّه ليستجيب لمن دعاه، وقد استجاب لي فيما سألته من الولد). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 514]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {ربّ اجعلني مقيم الصّلاة} أي: محافظًا عليها مقيمًا لحدودها {ومن ذرّيّتي} أي: واجعلهم كذلك مقيمين الصّلاة {ربّنا وتقبّل دعاء} أي: فيما سألتك فيه كلّه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 514]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ربّنا اغفر لي ولوالديّ} وقرأ بعضهم: "ولوالدي"، على الإفراد وكان هذا قبل أن يتبرّأ من أبيه لمّا تبيّن له عداوته للّه، عزّ وجلّ، {وللمؤمنين} أي: كلّهم {يوم يقوم الحساب} أي: يوم تحاسب عبادك فتجزيهم بأعمالهم، إن خيرًا فخيرٌ، وإنّ شرًّا فشرٌّ، [واللّه أعلم]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 514]

رد مع اقتباس