الموضوع: سورة المائدة
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 6 رجب 1434هـ/15-05-2013م, 08:55 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

قوله تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَ‌هُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ‌ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ‌ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَ‌ةِ مِنَ الْخَاسِرِ‌ينَ(5)}

قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب ذكر الآية الثّانيةقال اللّه جلّ وعزّ: {اليوم أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم} [المائدة: 5]
فقالوا فيها ثلاثة أقوالٍ
فمنهم من قال: أحلّ لنا طعام أهل الكتاب وإن ذكروا عليه غير اسم اللّه فكان هذا ناسخًا لقوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} [الأنعام: 121] {وما أهلّ لغير اللّه به} [المائدة: 3]
وقال قومٌ ليس هذا نسخًا ولكنّه مستثنًى من ذاك
وقال آخرون ليس بنسخٍ ولا استثناءٍ ولكن إذا ذكر أهل الكتاب غير اسم اللّه جلّ وعزّ لم تؤكل ذبيحتهم
فالقول الأوّل عن جماعةٍ من العلماء
كما قال عطاءٌ كل من ذبيحة النّصرانيّ وإن قال باسم المسيح لأنّ اللّه تعالى قد أحلّ ذبائحهم وقد علم ما يقولون
وقال القاسم بن مخيمرة كل من ذبيحته وإن قال باسم جرجس
وهو قول ربيعة، والشّعبيّ ويروى عن صحابيّين أبي الدّرداء، وعبادة بن الصّامت
وأصحاب القول الثّاني يقولون هذا استثناءٌ وحلالٌ أكله
وأصحاب القول الثّالث يقولون إذا سمعت الكتابيّ يسمّي غير اللّه فلا تأكل وقال بهذا من الصّحابة عليّ بن أبي طالبٍ وعائشة، وابن عمر
رضي اللّه عنهم وهو قول طاوسٍ، والحسن وقال مالك بن أنسٍ أكره ذلك ولم يحرّمه
واختلفوا أيضًا في ذبائح نصارى بني تغلبٍ فأكثر العلماء يقول هم بمنزلة النّصارى تؤكل ذبائحهم وتتزوّج المحصنات من نسائهم فممّن قال هذا ابن عبّاسٍ بلا اختلافٍ عنه
وقال آخرون لا تؤكل ذبائحهم ولا يتزوّج فيهم لأنّهم عربٌ وإنّما دخلوا في النّصرانيّة، فممّن روي عنه هذا عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه
كما قرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، قال: حدّثنا أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، قال: «ما علمت أحدًا من أصحاب محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم حرّم ذبائح بني تغلب إلّا عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه»
قال أبو جعفرٍ: وهذا قول الشّافعيّ
وعارضه محمّد بن جريرٍ بأنّ الحديث المرويّ عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه الصّحيح أنّه قال:
لا تأكلوا ذبائح بني تغلب ولا تتزوّجوا فيهم فإنّهم لم يتعلّقوا من النّصرانيّة إلّا بشرب الخمر، قال: فدلّ هذا أنّهم لو كانوا على ملّة النّصارى في كلّ أمورهم لأكلت ذبائحهم وتزوّج فيهم قال وقد قامت الحجّة على أكل ذبائح النّصارى والتّزوّج فيهم وهم من النّصارى وقد احتجّ ابن عبّاسٍ في ذلك فقال:
قال اللّه جلّ وعزّ {ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم} [المائدة: 51] فلو لم تكن بنو تغلب من النّصارى إلّا بتوليتهم إيّاهم لأكلت ذبائحهم
فأمّا المجوس فالعلماء مجمعون إلّا من شذّ منهم على أنّ ذبائحهم لا تؤكل ولا يتزوّج فيهم لأنّهم ليسوا أهل كتابٍ وقد بيّن ذلك رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في كتابه إلى كسرى فلم يخاطبهم بأنّهم أهل كتابٍ
وخاطب قيصر بغير ذلك فقال:
{يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم} [آل عمران: 64] الآية، وقد عارض
معارضٌ بالحديث المرويّ عن عبد الرّحمن بن عوفٍ أنّه قال لعمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه في المجوس:
سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول أنزلوهم منزلة أهل الكتاب
قال أبو جعفرٍ: وهذا الحديث لا حجّة فيه من جهاتٍ إحداها أنّه قد غلط في متنه وأنّ إسناده غير متّصلٍ فلا تقوم به حجّةٌ، وهذا الحديث
حدّثناه بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن، أبيه، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه ما أدري كيف أعمل في أمر المجوس فشهد عنده عبد الرّحمن بن عوفٍ أنّه سمع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب))
قال أبو جعفرٍ: فالإسناد منقطعٌ لأنّ محمّد بن عليٍّ لم يولد في وقت عمر
وأمّا المتن فيقال إنّه على غير هذا
كما حدّثنا أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال: حدّثنا أحمد بن بشرٍ الكوفيّ، قال سمعت سفيان بن عيينة، يقول عمرو بن دينارٍ، سمع بجالة، يقول: «إنّ عمر لم يكن أخذ من المجوس الجزية حتّى شهد عبد الرّحمن بن عوفٍ أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أخذها من مجوس هجر»
فهذا إسناده متّصلٌ صحيحٌ ولو صحّ الحديث الأوّل ما كان فيه دليلٌ على أكل ذبائح المجوس ولا تزوّج نسائهم لأنّ قوله سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب يدلّ على أنّهم ليسوا من أهل الكتاب
وأيضًا فإنّما نقل الحديث على أنّه في الجزية خاصّةً وأيضًا فسنّوا
بهم ليس من الذّبائح في شيءٍ لأنّه لم يقل استنّوا أنتم في أمرهم بشيءٍ
فأمّا الاحتجاج بأنّ حذيفة تزوّج مجوسيّةً فغلطٌ والصّحيح أنّه تزوّج يهوديّةً
وفي هذه الآية {والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم} [المائدة: 5] وقد ذكرناه في قوله {ولا تنكحوا المشركات} [البقرة: 221] وقول من قال إنّ هذه الآية ناسخةٌ لتلك
واختلفوا في الآية الثّالثة فقالوا فيها سبعة أقوالٍ
).[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/232-315]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) :(
قوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم}:
أباح الله لنا أن نأكل طعامهم ونطعمهم طعامنا.
وقد روي عن أبي الدّرداء وعبادة بن الصامت أنهما قالا: هذا ناسخٌ لقوله: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: 121] فأحلّ لنا بهذه الآية أكل ذبائح أهل الكتاب، وإن لم يذكروا اسم الله عليه.
وقد قال جماعةٌ من أهل العلم: آية الأنعام محكمةٌ، وإذا ذبح أهل الكتاب ولم يذكروا اسم الله عليها لم تؤكل ذبيحتهم، وإنما أحلّ الله لنا أن نأكل ذبائحهم إذا ذكروا اسم الله عليها، بدلالة قوله: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: 121].
وقد قيل: إن آية الأنعام مخصوصٌ حكمها فيما ذبح للأصنام من ذبائح غير أهل الكتاب، وآية المائدة في إباحة أكل ذبائح أهل الكتاب. فالآيتان على هذا في حكمين مختلفين محكمين لا نسخ في واحدٍ منهما.
وقد قال عليٌّ وعائشة وابن عمر: إذا علم أن الكتابيّ لم يذكر اسم الله على ذبيحته لم تؤكل.
فآية الأنعام على هذا محكمة غير منسوخة عامّة في كل ما ذبح ولم يذكر اسم الله عليه، كتابيًا كان الذابح أو غير كتابي أو مسلمًا إذا تعمّد ترك التسمية وهو ظاهر التلاوة ومفهوم الخطاب. وكذلك ذبيحة المسلم إذا تعمد ترك التسمية لا تؤكل بظاهر الآية.
وكان مالك يكره أكل ذبيحة الكتابي إذا لم يذكر اسم الله عليها، ولا يحرّمه، وهذا يدل من مذهبه على أن آية الأنعام مخصوصة في غير أهل الكتاب. ولو كانت عنده عامة في أهل الكتاب وغيرهم لحرّم أكل ذبيحة الكتابي إذا علم أنه لم يذكر اسم الله عليها. وكره مالك أيضًا أكل لحوم ما ذبحوا لكنائسهم ولم يحرّمه، وكذلك إذا ذكروا عليه المسيح، وذلك منه لعموم التحليل في قوله: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم}، فأحلّ طعامهم تحليلاً عامًا، وقد علم الله أنهم لا يذكرون اسم الله على الذّبائح.
وقد أجاز ابن عباسٍ أكل ذبائح المجوس ونصارى تغلب؛ لقول النبي عليه السلام: ((سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب)).
ومنع من ذلك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره، وتأوّلوا الحديث في الجزية لا غير، وقد أجمع على منع نكاح نسائهم، فقد خرجوا بذلك عن سنّة أهل الكتاب، فدلّ ذلك على إخراجهم أيضًا من سنّة أهل الكتاب في الذبائح، وإن الحديث إنما هو في الجزية خاصة، ولو كان عامًّا في سنّة أهل الكتاب لجاز نكاح نسائهم كأهل الكتاب ومنع ذلك إجماعٌ، وقد تقدم الكلام في حكم تحليل نكاح الكتابيات، وما قيل في ذلك.
). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 255-279]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الثّانية: قوله تعالى: {وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم}.
اختلف المفسّرون في هذه الآية على ثلاثة أقوال:
أحدهما: أنّها اقتضت إباحة ذبائح أهل الكتاب على الإطلاق، وإن علمنا أنّهم قد أهلّوا عليها بغير اسم اللّه، أو أشركوا معه غيره. وهذا
مرويٌّ عن الشّعبيّ، وربيعة، والقاسم بن مخيمرة في آخرين، وهؤلاء زعموا أنّها ناسخةٌ لقوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه}.
قال أبو بكر: وبنا حرميّ بن يونس قال: أبنا أبي، يونس بن محمّدٍ، قال: بنا حمّاد بن سلمة عن حميدٍ عن الحسن، قال: قيل له: إنّهم يذكرون المسيح على ذبائحهم، قال: قد علم اللّه ما هم قائلون، وقد أحلّ ذبائحهم.
قال أبو بكر: وبنا زياد بن أيوب، قال: بنا مروان، قال بنا أيوب ابن يحيى الكنديّ، قال: سألت الشّعبيّ عن نصارى نجران فقلت: منهم من يذكروا اللّه ومنهم من يذكر المسيح. قال: كلٌّ، وأطعمني.
قال أبو بكر: وبنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيبٍ، قال: بنا يحيى عن سفيان عن ابن جريجٍ عن عطاءٍ قال: كلوا وإن ذبح للشّيطان.
قال أبو بكر: وبنا محمود بن خالد، قال: بنا الوليد، قال: أبنا ابن جابرٍ، قال: سمعت القاسم بن مخيمرة يقول: "لا بأس بأكل ما ذبحت النّصارى لأعياد كنائسها، ولو سمعته يقوله: على اسم جرجيس وبولس".
أخبرنا المبارك بن عليٍّ قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريشٍ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكيّ، قال: أبنا محمّد بن إسماعيل بن العبّاس، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما {وما أهلّ لغير اللّه به} ما ذبح اليهود والنّصارى أحلّ لكم ذبائحهم على كلّ حالٍ.
قال أبو بكر: وبنا محمد بن بشار، قال: بنا يحيى، قال: بنا عبد الملك، عن عطاءٍ، قال: إذا ذبح النّصرانيّ باسم المسيح فكل.
قال أبو بكر: وبنا عبد اللّه بن سعيدٍ، قال: بنا ابن أبي غنية، قال: بنا أبي، عن الحكم، قال: لو ذبح النّصرانيّ وسمعته يقول: "باسمك اللّهمّ المسيح لأكلت منه، لأنّ اللّه قد أحلّ لنا ذبائحهم، وهو يعلم أنّهم يقولون ذلك".
والقول الثّاني: أنّ ذلك كان مباحًا في أوّل الأمر، ثمّ نسخ بقوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه}
والقول الثّالث: أنّه إنّما أبيحت ذبيحة أهل الكتاب، لأنّ
الأصل أنّهم يذكرون اسم اللّه عليها (فمتى علم) أنهم قد ذكروا غير اسمه لم يؤكل. وهذا هو الصّحيح عندي.
وممّن قال: إذا سمعت الكتابيّ يسمّي غير اللّه فلا تأكل: عليّ بن أبي طالبٍ، وعبد اللّه بن عمر، وعائشة، وطاؤسٌ والحسن، وعن عبادة ابن الصّامت، وأبي الدّرداء (كهذا القول). وكالقول الأوّل، فعلى هذا القول الآية محكمةٌ، ولا وجه للنّسخ.
). [نواسخ القرآن: 297-322]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الثانية: {وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم} . فيها ثلاثة أقوال إحداها أنّها اقتضت إباحة ذبائح أهل الكتاب على الإطلاق وإن علمنا أنهم أهلوا عليها بغير اسم الله وأشركوا به غيره هذا قول الشعبي وآخرين والثاني أن ذلك كان مباحا في أول الإسلام ثم نسخ بقوله {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} 0. والثالث:إنما أبيحت ذبائحهم لأن الأصل أنهم يذكرون اسم الله فمتى علم أنهم قد ذكروا غير اسم الله لم يؤكل فعلى هذا الآية محكمة.). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 26-30]


روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس