عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 11:28 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "وسيق"، "وجيء" بكسر أوله، وقرأها ونظائرها بإشمام الضم الحسن، وابن وثاب، وعاصم، والأعمش. و"زمرا" معناه: جماعات متفرقة، واحدتها زمرة. وقوله تعالى: "فتحت" جواب "إذا"، والكلام هنا يقضي أن فتحها إنما يكون بعد مجيئهم، وفي وقوفهم قبل فتحها مذلة لهم، وهكذا هي حال السجون ومواضع الثقاف. والعذاب، بخلاف قوله: {في أهل الجنة}: "وفتحت"، بالواو مؤذنة بأنهم يجدونها مفتوحة كمنازل الأفراح.
وقرأ الجمهور: "[فتحت]" بشد التاء في الموضعين، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي بتخفيفها، وهي قراءة طلحة، والأعمش. ثم ذكر سبحانه وتعالى توقيف الخزنة لهم على مجيء الرسل. وقرأ الجمهور: [يأتكم] بالياء من تحت، وقرأ الأعرج: [تأتكم] بتاء من فوق، وقوله تعالى: "منكم" أعظم في الحجة، أي: رسل من جنسكم لا يصعب عليكم مراميهم ولا فهم أقوالهم.
وقوله تعالى: {قالوا بلى} جواب على التقرير على نفي الأمر، ولا يجوز هنا الجواب بـ"نعم" لأنهم كانوا يقولون: نعم لم يأتنا، وهكذا كان يترتب المعنى: ثم لا يجدوا حجة، إلا أن كلمة العذاب حقت عليهم، أي الكلمة المقتضية من الله تعالى تخليدهم في النار، وهي عبارة عن قضائه السابق لهم بذلك، وهي التي في قوله تعالى لإبليس: {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين}). [المحرر الوجيز: 7/ 414]

تفسير قوله تعالى: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"المثوى": موضع الإقامة). [المحرر الوجيز: 7/ 414]

تفسير قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين * وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين * وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين}
قوله تعالى: {وسيق الذين اتقوا} لفظ يعم كل من يدخل الجنة من المؤمنين الذين اتقوا الشرك، لأن الذين لم يتقوا المعاصي قد يساق منهم، وهم الذين سبق لهم أن يغفر الله لهم من أهل المشيئة، وأيضا فالذين يدخلون النار ثم يخرجون منها قد يساقون زمرا إلى الجنة بعد ذلك فيصيرون من أهل هذه الآية، والواو في قوله تعالى: "وفتحت" مؤذنة بأنها قد فتحت قبل وصولهم إليها، وقد قالت فرقة: هي زائدة، وجواب "إذا" هو "فتحت"، وقال الزجاج عن المبرد: جواب "إذا" محذوف، تقديره بعد قوله تعالى: "خالدين" سعدوا.
وقال الخليل: الجواب محذوف تقديره: حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها، وهذا كما قدر الخليل قول الله تعالى: {فلما أسلما وتله للجبين}.
وكما قدر أيضا قول امرئ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى
أي: أجزنا وانتحى. وقال قوم - أشار إليهم ابن الأنباري وضعف قولهم -: هذه واو الثمانية، وسقطت هذه الواو في مصحف ابن مسعود، فهي كالأولى.
وقوله: {سلام عليكم} تحية، ويحتمل أن يريد أنهم قالوا لهم: سلام عليكم وأمنة لكم، و"طبتم" معناه: أعمالا ومعتقدا ومستقرا وجزاء). [المحرر الوجيز: 7/ 415-416]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى حكاية عنهم: {وأورثنا الأرض} يريد أرض الجنة قاله قتادة، وابن زيد، والسدي، والوراثة هنا مستعارة، لأن حقيقة الميراث أن يكون تصيير شيء إلى إنسان بعد موت إنسان، وهؤلاء إنما ورثوا مواضع أهل النار أن لو كانوا مؤمنين، و"نتبوأ" معناه: نتخذ أمكنة ومساكن). [المحرر الوجيز: 7/ 416]

تفسير قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وصف حالة الملائكة من العرش وحفوفهم به. وقال قوم: واحد "حافين": حاف، وقالت فرقة: لا واحد لقوله: {حافين} لأن الواحد لا يكون حافا، إذ الحفوف الإحداق بالشيء، وهذه اللفظة مأخوذة من الحفاف وهو الجانب، ومنه قول الشاعر:
له لحظات عن حفافي سريره ... إذا كرها فيها عقاب ونائل
أي: عن جانبيه. وقالت فرقة: [من] في قوله تعالى: {من حول العرش} زائدة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والصواب أنها لابتداء الغاية.
وقوله تعالى: {يسبحون بحمد ربهم}، قالت فرقة: معناه: أن تسبيحهم يتأتى بحمد الله وفضله، وقالت فرقة: تسبيحهم هو بترديد حمد الله تبارك وتعالى وتكراره. قال الثعلبي: متلذذين لا متعبدين ولا مكلفين.
وقوله تعالى: {وقيل الحمد لله رب العالمين} ختم للأمر، وقول جزم عند فصل القضاء، أي أن هذا الحاكم العدل ينبغي أن يحمد عند نفوذ حكمه وإكمال قضائه، ومن هذه الآية جعلت "الحمد لله رب العالمين" خاتمة المجالس والمجتمعات في العلم، وقال قتادة: فتح الله أول الخلق بالحمد فقال: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وختم القيامة بالحمد في هذه الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وجعل الحمد لله رب العالمين فاتحة كتابه، فبه يبدأ كل أمر، وبه يختم، وحمد الله تبارك وتعالى وتقديسه ينبغي أن يكون من المؤمن، كما قال الشاعر:
وآخر شيء أنت في كل ضجعة ... وأول شيء أنت عند هبوبي
وقد أخرج عبد بن حميد عن وهب رضي الله عنه أنه قال: "من أراد أن يعرف قضاء الله في خلقه فليقرأ سورة الزمر".
كمل تفسير سورة الزمر والحمد لله رب العالمين). [المحرر الوجيز: 7/ 416-417]

رد مع اقتباس