عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 12:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون * فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون * أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون}
وصف الله تعالى الدنيا في هذه الآية بأنها لهو ولعب، أي: ما كان منها لغير وجه الله تعالى، فإن ما كان لله تعالى فهو من الآخرة، وأما أمور الدنيا التي هي زائدة على الضروري الذي به قوام العيش والقوة على الطاعات فإنما هو لهو ولعب، وتأمل ذلك في الملابس والمطاعم والمشارب والأقوال وغير ذلك.
وانظر إلى حاجة الغني والفقير في الأمور الضرورية فإنها واحدة، كالتنفس في الهواء، وسد الجوع، وستر العورة، وتوقي الحر والبرد، وهذه كلها عظم أمر العيش.
و "الحيوان" والحياة بمعنى، وهو عند سيبويه والخليل مصدر كالهيمان ونحوه، والمعنى: لا موت فيها، قاله مجاهد، وهو حسن. وأصله: حييان، فأبدلت إحداهما واوا لاجتماع المثلين). [المحرر الوجيز: 6/ 659]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم تعالى على حالهم في البحر عند الخوف العظيم، فإن كل بشر ينسى كل صنم وغيره، ويتمسك بالدعاء والرغبة إلى الله تبارك وتعالى، وقوله تعالى: {إذا هم يشركون} أي: يرجعون إلى ذكر أصنامهم وتعظيمها). [المحرر الوجيز: 6/ 659]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {ليكفروا} نصب بلام كي. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: "وليتمتعوا" بكسر اللام، وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: "ولتتمتعوا" بسكون اللام على صيغة الأمر التي هي للوعيد والتهديد، والواو -على هذا- عاطفة جملة كلام لا عاطفة فعلا على فعل، وفي مصحف أبي بن كعب: "فتمتعوا فسوف تعلمون"، وفي قراءة ابن مسعود: " فلسوف" باللام). [المحرر الوجيز: 6/ 659]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم عدد تعالى على كفرة قريش نعمته عليهم في الحرم في أنه جعله لهم آمنا لا خوف فيه من أحوال العرب وعاداتهم وسوء أفعالهم من القتل وأخذ الأموال ونحوه، وذلك هو "التخطف" الذي كان الناس بسبيله، ثم قررهم -على جهة التوبيخ- على إيمانهم بالباطل وكفرهم بالله وبنعمته، وقرأ جمهور القراء: "يؤمنون" بالياء من تحت، وكذلك "يكفرون"، وقرأهما بالتاء من فوق الحسن، وأبو عبد الرحمن). [المحرر الوجيز: 6/ 660]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين * والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}
قررهم عز وجل على حال من افترى على الله كذبا أو كذب بآياته، وهذه كانت حالهم، وأعلمهم أنه لا أحد أظلم منه، وهذا في ضمنه وعيد شديد، ثم بين الوعيد أيضا بالتقرير على أمر جهنم، والمثوى: موضع الإقامة. وألفاظ هذه الآيات في غاية الاقتضاب والإيجاز وجمع المعاني). [المحرر الوجيز: 6/ 660]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى حال أوليائه والمجاهدين فيه، وقرر ذلك بذكر الكفرة الظلمة ليبين تباين الحالين، وقوله تعالى: {فينا} معناه: في مرضاتنا وبغية ثوابنا. قال السدي وغيره: نزلت هذه الآية قبل فرض القتال.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهي قبل الجهاد العرفي، وإنما هو جهاد عام في دين الله تعالى وطلب رضائه. وقال الحسن: الآية في العباد، وقال ابن عباس والحسن وإبراهيم بن أدهم: هي في الذين بما يعلمون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم، ونزع بعض العلماء إلى قوله تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله}، وقال بعض العلماء لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا، وقال أبو سليمان الداراني: "ليس الجهاد في هذه الآية قتال العدو فقط، بل هو نصر الدين، والرد على المبطلين، وقمع الظالمين، وعظمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله تعالى، وهو الجهاد الأكبر، قاله الحسن وغيره، وفيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وقال سفيان بن عيينة لابن المبارك: إذا رأيت الناس قد اختلفوا فعليك بالمجاهدين وأهل الثغور، فإن الله تعالى يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}. وقال الضحاك: معنى الآية: والذين جاهدوا في الهجرة لنهدينهم سبيل الثبوت على الإيمان" و"السبيل" هنا يحتمل أن يكون طرق الجنة ومسالكها، ويحتمل أن تكون سبيل الأعمال المؤدية إلى الجنة والعقائد النيرة. قال يوسف بن أسباط: "هي إصلاح النية في الأعمال، وحب التزيد والتفهم، وهذا هو أن يجازى العبد على حسنه بازدياد حسنه، ويعلم بجديد من علم مقدم، وهي حال من رضي الله عنه". وباقي الآية وعد.
و "مع" يحتمل أن تكون هنا اسما; ولذلك دخلت عليها لام للتأكيد، ويحتمل أن تكون حرفا، ودخلت اللام لما فيها من معنى الاستقرار، كما دخلت في: إن زيدا لفي الدار.
كمل تفسير سورة العنكبوت والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين).[المحرر الوجيز: 6/ 660-661]

رد مع اقتباس