عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 07:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 17 إلى 27]

{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون {18}} [الروم: 18] قال السّدّيّ: تنشرون وتنبسطون). [تفسير القرآن العظيم: 2/649]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، أنّ نافع بن الأزرق قال لابن عبّاسٍ: هل تجد الصّلوات الخمس مسمّياتٍ في كتاب اللّه؟ قال: نعم.
قال: {فسبحان اللّه حين تمسون} [الروم: 17] فهذه صلاة المغرب، {وحين تصبحون} [الروم: 17] فهذه صلاة الفجر {وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا} [الروم: 18] هذه صلاة العصر {وحين تظهرون} [الروم: 18] هذه صلاة الظّهر، وقال في روايةٍ أخرى: {ومن بعد صلاة العشاء} [النور: 58] فهذه خمس صلواتٍ.
قال يحيى: وتفسير الحسن أنّ الصّلوات الخمس كلّها في هذه الآية يقول: {فسبحان اللّه حين تمسون} [الروم: 17] المغرب والعشاء.
قال يحيى: كلّ صلاةٍ ذكرت في المكّيّ من القرآن قبل الهجرة بسنةٍ فهي ركعتان غدوةً وركعتان عشيّةً، وذلك قبل أن تفرض الصّلوات الخمس، وإنّما افترضت الصّلوات الخمس قبل أن يهاجر النّبيّ عليه السّلام بسنةٍ ليلة أسري
[تفسير القرآن العظيم: 2/649]
به، فما كان من ذكر الصّلاة بعد ذلك، يعني: فهي الصّلوات الخمس.
وهذه الآية نزلت بعدما أسري بالنّبيّ عليه السّلام، وفرضت عليه الصّلوات الخمس). [تفسير القرآن العظيم: 2/650]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فسبحان اللّه حين تمسون...}

يقول: فصلّوا لله , {حين تمسون}: وهي المغرب والعشاء , {وحين تصبحون}: صلاة الفجر.). [معاني القرآن: 2/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ({وعشيّاً}: صلاة العصر , {وحين تظهرون} : صلاة الظهر.). [معاني القرآن: 2/323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحين تظهرون}:أي: تدخلون في الظّهيرة، وهو وقت الزّوال.). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم عزّ وجلّ بعد هذا , ما تدرك به الجنّة، ويتباعد به عن النار , بقوله:
{فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون (17) وله الحمد في السّماوات والأرض وعشيّا وحين تظهرون (18)}
جاء في التفسير , عن ابن عباس :(أن الدليل على أن الصلوات خمس هذه الآية :{فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون}: فحين تمسون : صلاة المغرب , وعشاء الآخرة , وحين تصبحون: صلاة الغداة, وعشيا : صلاة العصر، وحين تظهرون : صلاة الظهر). وقد قيل إن قوله: {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}: إنها الصلاة الخامسة، فيكون على هذا التفسير قوله:{حين تمسون} لصلاة واحدة. ومعنى سبحان اللّه : تنزيه اللّه من السوء, هذا لا اختلاف فيه.). [معاني القرآن: 4/180-181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون}
قال ابن عباس : (الصلوات الخمس في كتاب الله جل وعز , وتلا الآية{فسبحان الله حين تمسون}), قال : (المغرب والعشاء) , {وحين تصبحون} , قال: (الفجر , وعشيا العصر), {وحين تظهرون} : الظهر)). [معاني القرآن: 5/249]

تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ} [الروم: 19] تفسير السّدّيّ: يعني: يخرج النّطف وهي ميّتةٌ من الحيّ، ويخرج الحيّ، النّاس الأحياء من الميّت من النّطف.
هي النّطفة الحيّة تخرج من النّطفة الميّتة، الخلق الحيّ، ويخرج من الخلق الحيّ النّطفة الميّتة، ويخرج من الحبّة اليابسة الحيّ، ويخرج من النّبات الحيّ الحبّة اليابسة، هذا تفسير مجاهدٍ.
وتفسير الحسن: يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن.
قال: {ويحيي الأرض بعد موتها} [الروم: 19] يحييها بالنّبات بعد أن كانت ميّتةً، أي: يابسةً لا نبات فيها.
قال: {وكذلك تخرجون} [الروم: 19]، يعني: البعث، يرسل اللّه تبارك وتعالى مطرًا منيًّا كمنيّ الرّجال، فتنبت به جسمانهم ولحمانهم كما تنبت الأرض الثّرى). [تفسير القرآن العظيم: 2/650]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ : {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون (19)}
جاء في التفسير : أنه يخرج النطفة وهي الميت من الحيّ من الإنسان، ويخرج الحيّ من الميّت، يخرج الإنسان من النطفة.
{ويحي الأرض بعد موتتها}:أي: يجعلها تنبت، وإحياء الأرض : إخراج النّبات منها.
وقوله: {وكذلك تخرجون}: أي: وكذلك تخرجون من قبوركم مبعوثين.وموضع الكاف نصب بـ {تخرجون}, والمعنى : أن بعثكم عليه كخلقكم، أي : هما في قدرته متساويان.). [معاني القرآن: 4/181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون}
في معناه أقوال:
قال عبد الله بن مسعود : (أي: يخرج النطفة من الرجل , والرجل من النطفة).
قال الضحاك: (وكذلك البيضة).
وقال سلمان: (يخرج المؤمن من الكافر ,والكافر من المؤمن) , وكذلك قال الحسن .
وقيل : يميت الحي , ويحيي الميت .{ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} , أي : كما يحيي الأرض بالنبات.).[معاني القرآن: 5/250 -251]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 20] تفسير السّدّيّ، يعني: ومن علامات الرّبّ تبارك وتعالى أنّه واحدٌ.
{أن خلقكم من ترابٍ} [الروم: 20]، يعني: الخلق الأوّل خلق آدم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/650]
{ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون} [الروم: 20] في الأرض.
وقال السّدّيّ: {تنتشرون} [الروم: 20] تنبسطون). [تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن خلقكم من تراب ثمّ إذا أنتم بشر تنتشرون (20)}
أي: من العلامات التي تدل على أن اللّه واحد لا مثيل له , ظهور القدرة التي يعجز عنها المخلوقون، ومعنى :{خلقكم من تراب}, أي : خلق آدم من تراب.
{ثمّ إذا أنتم بشر تنتشرون}:أي: آدم وذريته .). [معاني القرآن: 4/181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته أن خلقكم من تراب}المعنى : أن خلق أصلكم , وهو آدم عليه السلام , كما قال تعالى: {واسأل القرية} , ويجوز أن يكون الماء مخلوقا من تراب .
وقوله جل وعز: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}
فيه قولان:
أحدهما : أن حواء خلقت من آدم .
والآخر : أن المعنى : خلق لكم من جنسكم أزواجا ؛ لأن الإنسان بجنسه آنس , وإليه أسكن , ومثله قوله جل وعز: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها} , في معناه القولان جميعا أي : جعل من جنسها روجها , ودل هذا على الجنسين جميعا , ويكون الضمير في قوله تعالى: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} يعود على الجنسين , والضمير في قوله: {يشركون} يعود على الجنسين ؛ لأنهما جماعة.). [معاني القرآن: 5/252]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 21]، يعني: ومن علامات الرّبّ أنّه واحدٌ فاعرفوا توحيده في صنعه.
{أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا} [الروم: 21] قال يحيى: يعني: أزواجكم المرأة هي من الرّجل.
{لتسكنوا إليها} [الروم: 21] لتستأنسوا إليها.
{وجعل بينكم مودّةً ورحمةً} [الروم: 21]، يعني بالمودّة: الحبّ، والرّحمة للولد.
وقال السّدّيّ: {مودّةً} [الروم: 21]، يعني: محبّةً، وهو الحبّ.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون} [الروم: 21] فيؤمنوا، وإنّما يتفكّر المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون (21)}
خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، وجعل بين المرأة والزوج المودة , والرحمة من قبل اللّه، وأن الفرك , وهو البغض من قبل الشيطان، يقال: فركت المرأة زوجها , تفركه , فركا؛ إذا أبغضته). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}
قال مجاهد : (المودة: الجماع , والرحمة: الولد).
وقيل : المودة , والرحمة : عطف قلوب بعضهم على بعض. والمعنى : ومن آياته التي تدل على وحدانيته , وأنه لا شريك له , ولا نظير.). [معاني القرآن: 5/252-253]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 22] وهي مثل الأولى.
{خلق السّموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم} [الروم: 22] قال بعضهم: {واختلاف ألسنتكم} [الروم: 22] النّغمة، {وألوانكم} [الروم: 22] لا ترى اثنين على صورةٍ واحدةٍ.
وحدّثني نعيم بن يحيى، عن أبيه، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: يشبه الرّجل الرّجل ليس بينهما قرابةٌ إلا من قبل الأبّ الأكبر آدم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قال يحيى: وتفسير الكلبيّ: {واختلاف ألسنتكم} [الروم: 22] للعرب كلامٌ، ولفارس كلامٌ وللرّوم كلامٌ، ولسائرهم من النّاس كلامٌ.
قال: {وألوانكم} [الروم: 22] أبيض وأحمر وأسود.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ للعالمين} [الروم: 22] وهي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لآياتٍ لّلعالمين...}
يريد العالم من الجنّ والإنس , ومن قرأها {للعالمين} فهو وجه جيّد؛ لأنه قد قال {لآياتٍ لقومٍ يعقلون} و{لآياتٍ لأولي الألباب} ). [معاني القرآن: 2/323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( قوله: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} يريد اختلاف، اللّغات، والمناظر، والهيئات). [تأويل مشكل القرآن: 5]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن في ذلك لآيات للعالمين} للعالمين : أي: للجن والإنس , وحكى للعالمين , وهو حسن.). [معاني القرآن: 5/253]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 23] قال: هي مثل الأولى: {منامكم باللّيل والنّهار وابتغاؤكم من فضله} [الروم: 23] من رزقه كقوله: {ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه} [القصص: 73] في الليل {ولتبتغوا من فضله} [الروم: 46] بالنهار.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون} [الروم: 23] وهم المؤمنون، سمعوا من اللّه عزّ وجلّ ما أنزل عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({منامكم بالّليل والنّهار }, وهي من مصادر النوم بمنزلة قام يقوم مقاما، وقال يقول مقالاً).
[مجاز القرآن: 2/120]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 24] هي مثل الأولى.
{يريكم البرق خوفًا وطمعًا} [الروم: 24]، {خوفًا} [الروم: 24] للمسافر، يخاف أذاه ومعرّته، {وطمعًا} [الروم: 24] للمقيم، يطمع في رزق اللّه، في تفسير قتادة.
وبعضهم يقول: خوفًا من البرد يخاف أن يهلك الزّرع، وطمعًا في المطر.
قال: {وينزّل من السّماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها} [الروم: 24] يحييها بالنّبات بعد إذ كانت يابسةً ليس فيها نباتٌ.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ} وهي مثل الأولى.
{لقومٍ يعقلون} وهم المؤمنون عقلوا عن اللّه ما أنزل عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ومن آياته يريكم البرق خوفاً...}
وقبل ذلك , وبعده (أن أن) , وكلٌّ صواب, فمن أظهر (أن) فهي في موضع اسمٍ مرفوعٍ؛ كما قال : {ومن آياته منامكم باللّيل والنّهار} , فإذا حذفت (أن) جعلت (من) مؤدّية عن اسمٍ متروكٍ يكون الفعل صلةً له؛ كقول الشاعر:
وما الدهر إلاّ تارتان فمنهما = أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
كأنه أراد: فمنها ساعة أموتها، وساعة أعيشها, وكذلك من آياته آية للبرق , وآية لكذا, وأن شئت: يريكم من آياته البرق , فلا تضمر (أن) ولا غيره.). [معاني القرآن: 2/323]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزّل من السّماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يعقلون}وقال: {ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً}, فلم يذكر فيها {أن} لأن هذا يدل على المعنى. وقال الشاعر:
ألا أيّهذا الزاّجري أحضر الوغى = وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي
أراد: أن أحضر الوغى.). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزّل من السّماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون (24)} {خوفا وطمعا} منصوبان على المفعول له، المعنى : يريكم البرق للخوف والطمع، وهو خوف للمسافر، وطمع للحاضر. المعنى : ومن آياته آية يريكم بها البرق خوفا وطمعا, هذا أجود في العطف. لأنه قال: {ومن آياته خلق}, فنسق باسم على اسم، ومثله من الشعر.
وما الدّهر إلا تارتان فمنهما= أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
المعنى : فمنهما تارة أموتها , أي : أموت فيها، ويجوز أن يكون المعنى: ويريكم البرق خوفا وطمعا من آياته، فيكون عطفا بجملة على جملة.). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا} والمعنى : ويريكم البرق من آياته , وعطفت جملة على جملة . ويجوز أن يكون المعنى : ومن آياته آية يريكم بها البرق , كما قال الشاعر:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما = أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
والخوف للمسافر , والطمع للمقيم.). [معاني القرآن: 5/253-254]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته}، يعني: ومن علامات الرّبّ أنّه واحدٌ فاعرفوا توحيده بصنعه، وهذا تفسير السّدّيّ.
{أن تقوم السّماء والأرض بأمره} [الروم: 25]، يعني: بغير عمدٍ، تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: كقوله: {إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا} [فاطر: 41] لئلا تزولا، قال: {ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} [الروم: 25]، يعني: النّفخة الآخرة، وفيها تقديمٌ: إذا دعاكم دعوةً إذا أنتم من الأرض تخرجون، كقوله: {ونفخ في الصّور فإذا هم من الأجداث} [يس: 51]، أي: من القبور {إلى ربّهم ينسلون} [يس: 51]، أي: يخرجون، وهو نفخة صاحب الصّور في الصّور، وهو
قوله: {فإنّما هي زجرةٌ واحدةٌ {13} فإذا هم بالسّاهرة {14}} [النازعات: 13-14] إذا هم على الأرض، وهو قوله: {يوم يناد المناد} [ق: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/653]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أن تقوم السّماء والأرض بأمره...}: يقول: أن تدوما قائمتين بأمره بغير عمدٍ.).
[معاني القرآن: 2/323]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره ثمّ إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون (25)} أي : تقوم السماء بغير عمد، وكذلك الأرض قائمة بأمره, والسماء محيطة بها. وقوله عزّ وجلّ:{ثمّ إذا دعاكم دعوة من الأرض}: أي : للبعث بعد الموت). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره}: أي : أن تدوما قائمتين.). [معاني القرآن: 5/254]

تفسير قوله تعالى:{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وله من في السّموات والأرض كلٌّ له قانتون} [الروم: 26] يقول: مقرّون له بالعبوديّة، تفسير السّدّيّ.
وتفسير الحسن: كلٌّ له قائمٌ بالشّهادة.
وتفسير الكلبيّ: {كلٌّ له قانتون} [الروم: 26]، يعني: كلٌّ له مطيعون في الآخرة، ولا يقبل ذلك من الكفّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/653]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({كلٌّ لّه قانتون}: أي : مطيعون , و " كلٌ " لفظه لفظ الواحد , ويقع معناه على الجميع , فهو هاهنا جميع , وفي الكلام: كل له مطيع أيضاً.).
[مجاز القرآن: 2/121]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كلٌّ له قانتون}: أي مقرّون بالعبوديّة.). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (القنوت: القيام. وسئل صلّى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: ((طول القنوت)) أي طول القيام. وقال تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} [الزمر: 9]، أي أمن هو مصلّ، فسميت الصلاة قنوتا: لأنها بالقيام تكون.
وروي عنه، عليه السلام، أنه قال: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم))، يعني المصلّي الصّائم).
ثم قيل للدعاء: قنوت؛ لأنّه إنما يدعو به قائما في الصلاة قبل الركوع أو بعده.
وقيل، الإمساك عن الكلام في الصلاة قنوت، لأن الإمساك عن الكلام يكون في القيام، لا يجوز لأحد أن يأتي فيه بشيء غير القرآن.
قال زيد بن أرقم: (كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فنهينا عن الكلام وأمرنا بالسكوت).
ويقال: إن قانتين في هذا الوضع: مطيعين. والقنوت: الإقرار بالعبوديّة، كقوله: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}، أي مقرّون بعبوديته. والقنوت: الطاعة، كقوله: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}، أي: المطيعين والمطيعات.
وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}، أي مطيعا لله. ولا أرى أصل هذا الحرف إلا الطاعة؛ لأنّ جميع هذه الخلال: من الصلاة، والقيام فيها، والدعاء وغير ذلك- يكون عنها). [تأويل مشكل القرآن: 451-452] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وله من في السّماوات والأرض كلّ له قانتون (26)} معناه : مطيعون، والمعنى: وهذا من آياته، ولم يذكر " ومن آياته " ؛ لأنه قد تقدم ذكر ذلك مرات. ومعنى " قانتون " : مطيعون طاعة لا يجوز أن تقع معها معصية، لأن القنوت القيام بالطاعة.
ومعنى الطاعة ههنا: أن من في السّماوات الأرض في خلقهم دليل على أنهم مخلوقون بإرادة الله عزّ وجلّ , لا يقدر أحد على تغيير الخلقة، ولا يقدر عليه فلك مقرب، فآثار الصنعة والخلقة تدل على الطاعة، ليس يعني طاعة العباد، إنما هي طاعة الإرادة , والمشيئة.). [معاني القرآن: 4/182-183]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وله من في السموات والأرض كل له قانتون} وهذا أيضا من آياته ., وحذف ؛ لأن في الكلام دليلا عليه , والقانت القائم بالطاعة , والقيام ههنا : الانقياد لله جل وعز على ما حب العباد , أو كرهوا.). [معاني القرآن: 5/254]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ}: أي: مقرون بالعبودية.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده} [الروم: 27] بعد الموت، يعني: البعث.
{وهو أهون عليه} [الروم: 27]، يعني: وهو أسرع عليه، بدأ الخلق خلقًا
[تفسير القرآن العظيم: 2/653]
بعد خلقٍ، ثمّ يبعثهم مرّةً واحدةً.
حدّثني الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: اللّه {يبدأ الخلق ثمّ يعيده} [الروم: 27] قال: خلقًا بعد خلقٍ {وهو أهون عليه} [الروم: 27] قال: أسرع عليه، وأظنّه قال: يجمعهم.
قوله عزّ وجلّ: {وله المثل الأعلى في السّموات والأرض} [الروم: 27] عمّا قال المشركون، أي: أنّه ليس له ندٌّ ولا شبهٌ.
قال: {وهو العزيز الحكيم} [الروم: 27]، {العزيز} في نقمته، {الحكيم} في أمره، ينزّه نفسه عمّا قال المشركون أن جعلوا للّه الأنداد فعبدوهم دونه). [تفسير القرآن العظيم: 2/654]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وهو أهون عليه...}

[...] حدّث الحسن بن عمارة , عن الحكم , عن مجاهد أنه قال: (الإنشاءة أهون عليه من الابتداء), قال أبو زكريّاء: ولا أشتهي ذلك , والقول فيه أنه مثل ضربه الله فقال: أتكفرون بالبعث، فابتداء خلقكم من لا شيء أشدّ, فالإنشاءة من شيء عندكم بأهل الكفر ينبغي أن تكون أهون عليه. ثم قال : {وله المثل الأعلى} , فهذا شاهدٌ أنه مثل ضربه الله.
[...] حدثني حبّان , عن الكلبيّ , عن أبي صالح , عن ابن عباسٍ قال : {وهو أهون عليه}: (على المخلوق، لأنه يقول له يوم القيامة: كن فيكون , وأوّل خلقه نطفة, ثم من علقة , ثم من مضغةٍ)). [معاني القرآن: 2/324]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وهو الّذي يبدؤ الخلق ثمّ يعيده}: مجازه أنه خلقه , ولم يكن من البدء شيئا , ثم يحيه بعد موته , {وهو أهون عليه}: فجاز مجازه: وذلك هين عليه؛ لأن " أفعل " يوضع في موضع الفاعل , قال:
لعمرك ما أدري. وإني لأوجل= على أيّنا تعدو المنيّة أوّل
أي وإني لواجلٌ أي لوجلٌ، وقال:
= فتلك سبيلٌ لست فيها بأوحد
أي: بواحد , وفي الأذان: الله أكبر , أي: الله كبير, وقال الشاعر:
أصبحت أمنحك الصّدود وإنني= قسماً إليك مع الصدود لأميل
وقال الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا= بيتا دعائمه أعزّ وأطول
أي : عزيزة طويلة، فإن احتج محتجٌ , فقال : إن الله لا يوصف بهذا , وإنما يوصف به الخلق , فزعم أنه , وهو أهون على الخلق , وإن الحجة عليه قول الله :{وكان ذلك على اللّه يسيراً }, وفي آية أخرى: {ولا يؤده حفظهما }, أي : لا يثقله.). [مجاز القرآن: 2/121-122]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وهو أهون عليه} قال أبو عبيدة: «وهو هين عليه، كما يقال: اللّه أكبر، أي كبير, وأنت أوحد، أي: واحد الناس. وإني لأوجل، أي: وجل, وقال أوس بن حجر:
وقد أعتب أبن العمّ إن كنت ظالما = وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا
أي : أن كان جاهلا. وفي تفسير أبي صالح: {وهو أهون عليه} : أي : على المخلوق, لأنه يقال له يوم القيامة: كن، فيكون. وأول خلقه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة.). [تفسير غريب القرآن: 340-341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ضرب لكم مثلًا من أنفسكم ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}. هذا مثل ضربه الله لمن جعل له شركاء من خلقه، فقال قبل المثل:
{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} يريد: إعادته على المخلوق أهون من ابتدائه؛ لأنه ابتدأه في الرحم نطفة، وعلقة، ومضغة، وإعادته تكون بأن يقول له: {كُنْ فَيَكُونُ} فذلك أهون على المخلوق من النشأة الأولى. كذلك قال ابن عباس في رواية أبي صالح.
وإن جعلته لله، جعلت أهون بمعنى: وهو هيّن عليه، أي سهل عليه. {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} يعني: شهادة أن لا إله إلا الله.
ثم ضرب المثل فقال: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ} وذلك أقرب عليكم هل لكم من شركاء من عبيدكم الذين تملكون {فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ} وعبيدكم {سَوَاءٌ} يأمرون فيه كأمركم، ويحكمون كحكمكم، وأنتم {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أي كما يخاف الرجل الحرّ شريكه الحرّ في المال يكون بينهما، فلا يأمر فيه بشيء دون أمره، ولا يمضي فيه عطيّة بغير إذنه).
وهو مثل قوله: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي لا تعيبوا إخوانكم من المسلمين.
وقوله: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} أي بأمثالهم من المؤمنين. يقول: فإذا كنتم أنتم بهذه المنزلة فيما بينكم وبين أرقائكم، فكيف تجعلون لله من عبيده شركاء في ملكه؟
ومثله قوله: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} فجعل منكم المالك والمملوك {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا} يعني: السادة {بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} من عبيدهم حتى يكونوا فيه شركاء. يريد: فإذا كان هذا لا يجوز بينكم، فكيف تجعلونه لله؟). [تأويل مشكل القرآن: 382-383]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (27)} فيه غير قول، فمنها أن الهاء تعود على الخلق، فالمعنى : الإعادة , والبعث أهون على الإنسان من إنشائه؛ لأنه يقاسي في النشء ما لا يقاسيه في الإعادة والبعث.
وقال أبو عبيدة , وكثير من أهل اللغة: إن معناه: وهو هيّن عليه. وإن " أهون " ههنا ليس معناه أن الإعادة أهون عليه من الابتداء؛ لأن الإعادة والابتداء كل سهل عليه , ومن ذلك من الشعر:
لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل= على أيّنا تغدو المنيّة أوّل
فمعنى لأوجل : لوجل، وقالوا : الله أكبر , أي : اللّه كبير، وهو غير منكر، وأحسن من هذين الوجهين : أنه خاطب العباد بما يعقلون , فأعلمهم أنه يجب عندهم أن يكون البعث أسهل وأهون من الابتداء والإنشاء، وجعله مثلا لهم فقال:{وله المثل الأعلى في السّماوات والأرض} أي قوله: {وهو أهون عليه}, قد ضربه لكم مثلا , فبما يصعب ويسهل.). [معاني القرآن:4/183-184]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}
في معناه ثلاثة أقوال:
في رواية صالح , عن ابن عباس :{وهو أهون عليه }: (وهو أهون على المخلوق ؛ لأنه ابتدأ خلقه من نطفة , ثم من علقة , ثم من مضغة , والإعادة بأن يقول له : كن , فيكون , فذلك أهون على المخلوق) .
وقال مجاهد : (الإعادة أهون عليه من البدأة , وكل عليه هين . والمعنى على هذا : وهو أهون عليه عندكم , وفيما تعرفون على التمثيل , وبعده :{وله المثل الأعلى }).
وقال قتادة : {وهو أهون عليه} : (أي : هين) , وهذا قول حسن , ومنه الله أكبر , أي: كبير ومنه قول الشاعر:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل = على أينا تعدو المنية أول
وقول الآخر:
إن الذي سمك السماء بنى لنا = بيتا دعائمه أعز وأطول
وروى معمر عن قتادة قال في قراءة عبد الله بن مسعود: (وهو هين عليه).
ثم قال جل وعز: {وله المثل الأعلى في السموات والأرض} روى ابن أبي طلحة , عن ابن عباس قال: (يقول: ليس كمثله شيء) . وقيل : يعني : لا إله إلا الله , وحقيقته في اللغة :{وله الوصف الأعلى}.). [معاني القرآن: 5/255-257]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}: أي: على الخالق، و{أَهْوَنُ}: بمعنى هين، وقيل: هو أهون على المخلوق؛ لأنه يقال له : كن فيكون، ولا ينتقل من حال إلى حال كأول مرة. و{أَهْوَنُ} على بابه ليس بمعنى هين.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]


رد مع اقتباس