عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 07:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 16]

{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10) اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) }

تفسير قوله تعالى:{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم} قد فسّرناه في أوّل سورة البقرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/643]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقوله: {غلبت الرّوم} [الروم: 2] غلبتهم فارس). [تفسير القرآن العظيم: 2/643]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({في أدنى الأرض} [الروم: 3] قال السّدّيّ: يعني: أرض الأردنّ وفلسطين.
وقال يحيى: {أدنى الأرض} [الروم: 3] أرض الرّوم بأذرعاتٍ من الشّام، بها كانت الوقعة فلمّا بلغ ذلك أهل مكّة شمتوا أن غلب إخوانهم على أهل الكتاب، وكان المسلمون يعجبهم أن تظهر الرّوم على فارس لأنّ الرّوم أهل كتابٍ، وكان مشركو العرب يعجبهم أن تظهر المجوس على أهل الكتاب.
قال اللّه تبارك وتعالى: {وهم من بعد غلبهم} [الروم: 3]، يعني: الرّوم من بعد ما غلبتهم فارس.
[تفسير القرآن العظيم: 2/643]
{سيغلبون} [الروم: 3] فارس). [تفسير القرآن العظيم: 2/644]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({في بضع سنين للّه الأمر من قبل} [الروم: 4] أن تهزم الرّوم.
{ومن بعد} [الروم: 4] ما هزمت.
{ويومئذٍ} يوم تغلب الرّوم فارس.
{يفرح المؤمنون {4} بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم {5}} [الروم: 4-5] قال أبو بكرٍ للمشركين: لم تشمتون، فواللّه لتظهرنّ الرّوم على فارس إلى ثلاث سنين، فقال أبيّ بن خلفٍ: أنا أبايعك ألا تظهر الرّوم على فارس إلى ثلاث سنين، فتبايعا على خطارٍ: سبعٍ من الإبل، ثمّ رجع أبو بكرٍ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم: اذهب فبايعهم إلى سبع سنين، مدّ في الأجل، وزد في الخطار، ولم يكن حرّم ذلك يومئذٍ، وإنّما حرّم القمار، وهو الميسر، والخمر بعد غزوة الأحزاب، فرجع أبو بكرٍ إليهم، فقال: اجعلوا الوقت إلى سبع سنين وأزيدكم في الخطار، ففعلوا فزادوا في الخطار ثلاثًا فصارت عشرًا من الإبل، وفي السّنين أربعًا، فكانت السّنون سبعًا، ووضع الخطار على يدي أبي بكرٍ، فلمّا مضت ثلاث
سنين قال المشركون: قد مضى الوقت، فقال المسلمون: هذا قول ربّنا وتبليغ رسولنا، والبضع ما بين الثّلاث إلى التّسع ما لم يبلغ العشر، والموعود كائنٌ، فلمّا كان تمام سبع سنين ظهرت الرّوم على فارس، وكان اللّه تبارك وتعالى وعد المؤمنين أن إذا غلبت الرّوم فارس أظهرهم على المشركين، فظهرت الرّوم على فارس، والمؤمنون على المشركين في يومٍ واحدٍ، يوم بدرٍ، وفرح
المسلمون بذلك وبأن صدق اللّه قولهم وصدق رسولهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/644]
قال: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون {4} بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم {5}). [تفسير القرآن العظيم: 2/645]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (قوله: {غلبت الرّوم...}
القراء مجتمعون على {غلبت} إلاّ ابن عمر فإنه قرأها : {غلبت الرّوم}, فقيل له: علام غلبوا؟ فقال: (على أدنى ريف الشأم). والتفسير يردّ قول ابن عمر, وذلك أن فارس ظفرت بالروم فحزن لذلك المسلمون، وفرح مشركو أهل مكّة؛ لأن أهل فارس يعبدون الأوثان , ولا كتاب لهم، فأحبّهم المشركون لذلك، , ومال المسلمون إلى الروم، لأنهم ذوو كتابٍ , ونبوة, والدليل على ذلك قول الله : {وهم مّن بعد غلبهم سيغلبون} .ثم قال بعد ذلك: ويوم يغلبون يفرح المؤمنون إذا غلبوا, وقد كان ذلك كلّه.). [معاني القرآن: 2/319]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّن بعد غلبهم}: كلام العرب غلبته غلبةً، فإذا أضافوا , أسقطوا الهاء كما أسقطوها في قوله: {وإقام الصّلاة} , والكلام : إقامة الصّلاة.). [معاني القرآن: 2/319]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {للّه الأمر من قبل ومن بعد...}القراءة بالرفع بغير تنوينٍ؛ لأنهما في المعنى يراد بهما الإضافة إلى شيء لا محالة, فلمّا أدّتا عن معنى ما أضيفتا إليه , وسموهما بالرفع , وهما مخفوضتان؛ ليكون الرفع دليلاً على ما سقط ممّا أضفتهما إليه, وكذلك ما أشبههما، كقول الشاعر:
= إن تأت من تحت أجئها من عل
ومثله قول الشاعر:
إذا أنا لم أومن عليك ولم يكن = لقاؤك إلاّ من وراء وراء
ترفع إذا جعلته غايةً , ولم تذكر بعده الذي أضفته إليه , فإن نويت أن تظهره , أو أظهرته قلت: لله الأمر من قبل ومن بعد, كأنك أظهرت المخفوض الذي أسندت إليه (قبل) و(بعد).
وسمع الكسائيّ بعض بني أسدٍ يقرؤها : {للّه الأمر من قبل ومن بعد}, يخفض (قبل) , ويرفع (بعد) على ما نوى , وأنشدني هو , يعني: الكسائيّ:
أكابدها حتى أعرّس بعد ما = يكون سحيراً أو بعيد فأهجعا
أراد بعيد السحّر , فأضمره, ولو لم يرد ضمير الإضافة لرفع , فقال: بعيد, ومثله قول الشّاعر:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل= على أيّنا تعدو المنيّة أوّل
رفعت (أوّل) لأنه غاية؛ ألا ترى أنها مسندة إلى شيء , هي أوّله؛ كما تعرف أنّ (قبل) لا يكون إلاّ قبل شيء، وأنّ (بعد) كذلك, ولو أطلقتهما بالعربيّة فنوّنت , وفيهما معنى الإضافة فخفضت في الخفض , ونوّنت في النصب والرفع ؛ لكان صواباً، قد سمع ذلك من العرب، وجاء في أشعارها، فقال بعضهم:
وساغ لي الشراب وكنت قبلاً = أكاد أغصّ بالماء الحميم
فنوّن , وكذلك تقول: جئتك من قبل فرأيتك, وكذلك قوله:
مكرٍّ مفرٍّ مقبل مدبرٍ معاً= كجلمود صخرٍ حطّه السيل من عل
فهذا مخفوض, وإن شئت نوّنت , وأن شئت لم تنون على نيّتك, وقال الآخر فرفع:
كأنّ محطّا في يدي حارثيّةٍ = صناعٍ علت منّي به الجلد من عل
المحطّ: منقاش تشم به يدها.وأمّا قول الآخر:
هتكت به بيوت بني طريفٍ = على ما كان قبلٌ من عتاب
فنوّن ورفع فإن ذلك لضرورة الشعر، كما يضطرّ إليه الشاعر فينوّن في النداء المفرد , فيقول: يا زيدٌ أقبل, قال:
قدّموا إذ قيل قيسٌ قدّموا = وارفعوا المجد بأطراف الأسل
وأنشدني بعض بني عقيل:
ونحن قتلنا الأسد أسد شنوءة = فما شربوا بعدٌ على لذّة خمرا
ولو ردّه إلى النصب إذ نوّن كان وجهاً؛ كما قال:
وساغ لي الشراب وكنت قبلاً = أكاد أغصّ بالماء الحميم
وكذلك النداء لو ردّ النصب إذا نوّن فيه كان وجهاً؛ كما قال:
فطر خالداً إن كنت تسطيع طيرةً = ولا تقعن إلاّ وقلبك حاذر
ولا تنكرنّ أن تضيف قبل وبعد وأشباههما , وإن لم يظهر فقد قال:
إلاّ بداهة أو علالة = سابحٍ نهد الجزاره
وقال الآخر:
يا من يرى عرضاً أكفكفه = بين ذراعي وجبهة الأسد
وسمعت أبا ثروان العكلي يقول: قطع الله الغداة يد , ورجل من قاله, وإنما يجوز هذا في الشيئين يصطحبان؛ مثل اليد والرجل، ومثل قوله: عندي نصف , أو ربع درهمٍ، وجئتك قبل , أو بعد العصر. ولا يجوز في الشيئين يتباعدان؛ مثل الدار والغلام: فلا تجيزنّ: اشتريت دار أو غلام زيد؛ ولكن عبد أو أمة زيدٍ، وعين أو أذن، ويد أو رجل، وما أشبهه.). [معاني القرآن: 2/319-322]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الم غلبت الرّوم }: ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي , ومجاز موضعه في المعنى , كمجار ابتداء فواتح سائر السور.). [مجاز القرآن: 2/119]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في بضع سنين }, والبضع ما بين ثلاث سنين , وخمس سنين.). [مجاز القرآن: 2/119]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الـم (1)غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم مّن بعد غلبهم سيغلبون(3)}قال: {الـم(1) غلبت الرّوم(2)وهم مّن بعد غلبهم سيغلبون(3)}: أي: من بعدما غلبوا, وقال بعضهم : {غلبت} , و{سيغلبون}؛ لأنهم كانوا حين جاء الإسلام غلبوا , ثم غلبوا حين كثر الإسلام.). [معاني القرآن: 3/26]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({في بضع سنين للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون}وقال: {من قبل ومن بعد} , رفع لأن "قبل" , و"بعد" مضمومتان ما لم تضفهما لأنهما غير متمكنتين ,فإذا أضفتهما تمكنتا.). [معاني القرآن: 3/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({بضع سنين}: قالوا مابين الواحد إلى الأربع). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الم (1) غلبت الرّوم في أدنى الأرض} , مفسر في كتاب «تأويل مشكل القرآن».). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ}.كانت (فارس) غلبت (الروم) على أرض الجزيرة، وهي أدنى أرض الروم من سلطان فارس، فسرّ بذلك مشركو قريش.
وكان المسلمون يحبّون أن تظهر الروم على أهل فارس؛ لأن الروم أهل كتاب، وأهل فارس مجوس، فساءهم أن غلبوهم على شيء من بلادهم، فأنزل الله تعالى: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} أي: والروم من بعد أن غلبوا {سَيَغْلِبُونَ} أهل فارس. وغلبهم يكون للغالبين والمغلوبين جميعا، كما تقول: والشهداء من بعد قتلهم سيرزقون، أي: من بعد أن قتلوا). [تأويل مشكل القرآن: 538] (م)

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({في بضع سنين} والبضع: ما فوق الثلاث ودون العشر. فغلبت الروم أهل فارس وأخرجوهم من بلادهم يوم الحديبية.{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} أي: له الغلبة لمن شاء من قبل ومن بعد {وَيَوْمَئِذٍ} أي: يوم يغلب الروم أهل فارس {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} أهل الكتاب على المجوس). [تأويل مشكل القرآن: 538] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم (1) غلبت الرّوم (2)}, قد شرحنا ما جاء في {الم} ).[معاني القرآن: 4/175]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقرئت : (غلبت) بضم الغين.
وقرأ أبو عمرو : (غلبت) بفتح الغين , والمعنى على {غلبت} , وهي إجماع القراء. وذلك أن فارس كانت قد غلبت الروم في ذلك الوقت، والروم مغلوبة, فالقراءة : غلبت .). [معاني القرآن: 4/175]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3)}: قيل : في أطراف الشام، وتأويله : أدنى الأرض من أرض العرب.
وقوله:{وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين}هذه من الآيات التي تدل على أن القرآن من عند اللّه؛ لأنه أنبأ بما سيكون، وهذا لا يعلمه إلا اللّه عزّ وجلّ , وكان المشركون سرّوا بأن غلبت فارس الرّوم، وذلك لأنّهم قالوا: أئنكم أيها المسلمون تزعمون بأنكم تنصرون بأنكم أهل كتاب، فقد غلبت فارس الروم, وفارس ليست أهل كتاب، والروم أهل كتاب، فكذلك سنغلبكم نحن.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن الروم سيغلبون في بضع سنين، وسيسرّ المسلمون بذلك , فراهن المسلمون المشركين, وبايعوهم على صحة هذا الخبر.
والبضع : ما بين الثلاث إلى التسع، فلما مضى بعض البضع طالب المشركون المسلمين , وقالوا : قد غلبناكم، لأنه قد مضت بضع سنين , ولم تغلب الروم فارس، واحتج عليهم المسلمون بأن البضع لم يكمل، وزادوهم , وأخروهم إلى تمام البضع، فغلبت الروم فارس , وقمر المسلمون , وذلك قبل أن يحرّم القمار , وفرح المسلمون , وخزي الكافرون.
وقوله عزّ وجلّ: {للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون (4)} القراءة الضم، وعليه أهل العربية، والقراء كلّهم مجمعون عليه، فأمّا النحويون فيجيزون من قبل ومن بعد بالتنوين.
وبعضهم يجيز من قبل ومن بعد بغير تنوين، وهذا خطأ لأن قبل وبعد ههنا أصلهما الخفض , ولكن بنيتا على الضم؛ لأنهما غايتان.ومعنى (غاية) : أن الكلمة حذفت منها الإضافة، وجعلت غاية الكلمة ما بقي بعد الحذف, وإنما بنيتا على الضم؛ لأن إعرابهما في الإضافة النصب , والخفض.تقول: رأيته قبلك ومن قبلك، ولا يرفعان لأنهما لا يحدّث عنهما لأنهما استعملتا ظرفين، فلما عدلا عن بابهما حركا بغير الحركتين اللتين كانتا تدخلان عليهما بحق الإعراب.
فأمّا وجوب ذهاب إعرابهما، وبناؤهما , فلأنهما عرفا من غير جهة التعريف، لأنه حذف منهما ما أضيفتا إليه.
والمعنى : للّه الأمر من قبل أن يغلب الروم , ومن بعد ما غلبت، وأما الخفض والتنوين , فعلى من جعلهما نكرتين.المعنى: للّه الأمر من تقدّم , وتأخّر, والضم أجود، فأما الكسر بلا تنوين , فذكر الفراء : أنه تركه على ما كان يكون عليه في الإضافة , ولم ينوّن، واحتج بقول الأول:بين ذراعي وجبهة الأسد وبقوله:
= ألا غلالة أو بداهة قارح نهد الجرارة
وليس هذا كذلك ؛ لأن معنى بين ذراعي وجبهة الأسد, بين ذراعيه وجبهته , فقد ذكر أحد المضافين إليهما، وذلك لو كان للّه الأمر من قبل ومن بعد كذا لجاز , وكان المعنى من قبل كذا ومن بعد كذا, وليس هذا القول مما يعرّج عليه , ولا قاله أحد من النحويين المتقدمين.
وقوله عزّ وجلّ: {من بعد غلبهم}الغلب , والطلب مصدران، تقول: غلبت غلبا، وطلبت طلبا.وزعم بعض النحويين أنه في الأصل من بعد غلبتهم، وذكر أن الإضافة لما وقعت حذفت هاء الغلبة، وهذا خطأ.الغلبة , والغلب مصدر غلبت , مثل : الجلب والجلبة.). [معاني القرآن: 4/177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {الم غلبت الروم في أدنى الأرض}
قال مجاهد : (هي الجزيرة , كانت أقرب أرض الروم إلى فارس).
حدثنا محمد بن سلمة الأسواني , قال: حدثنا محمد بن سنجر , قال : حدثنا معاوية بن عمرو , قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري , عن سفيان الثوري , عن حبيب بن أبي عمرة , عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : في قول الله جل وعز: {الم غلبت الروم} , قال: (كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم ؛ لأنهم أهل أوثان , وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس ؛ لأنهم أهل الكتاب فذكر لأبي بكر , فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أما إنهم سيغلبون)) .قال : فذكره أبو بكر لهم , فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلا , فإن ظهرنا , كان لنا كذا وكذا , وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا , فجعل أجلا خمس سنين فلم يظهروا , فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : ((ألا جعلتها ما دون أراه))
قال: دون العشر-قال سعيد : والبضع ما دون العشر- ثم ظهرت الروم بعد ذلك , فذلك قوله جل وعز: {الم غلبت الروم في أدنى الأرض} , إلى قوله: {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله}) .
قال الشعبي : (وكان القمار ذلك الوقت حلالا)
قال : وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : ((كم البضع ؟)). قال : ما بين الثلاث إلى التسع).
وقرأ عبد الله بن عمر : (غلبت الروم) بفتح الغين واللام , وقال : (غلبت على أدنى ريف الشام).
قال أبو جعفر : المعنى على قراءة من قرأ : (غلبت الروم و هم من بعد غلبهم سيغلبون) : الروم من بعد غلبهم , أي : من بعد أن غلبوا سيغلبون . ومن قرأ : (سيغلبون) , فالمعنى عنده :وفارس من بعد غلبهم ,أي : من بعد أن غلبوا , سيغلبون.). [معاني القرآن: 5/241-243]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {في بضع سنين}البضع عند قتادة : أكثر من الثلاث , ودون العشر .
وعند الأخفش ,
والفراء : ما دون العشر .
وعند أبي عبيدة : ما بين ثلاث وخمس .
وحكى أبو زيد : بضع , وهو مشتق من قولهم بضعة إذا قطعه , ومنه بضعة من لحم , ومنه هو يملك بضع المرأة, إنما هو كناية عن عضوها .
وفي رواية ابن أبي طلحة , عن ابن عباس :{في أدنى الأرض }, قال : (يقول : في طرف الشام).
قال أبو جعفر : التقدير في أدنى الأرض من فارس .ثم قال جل وعز: {لله الأمر من قبل ومن بعد}
قال محمد بن يزيد : إذا قلت من قبل ومن بعد , فمعناه : من قبل ما تعلم , ومن بعد ما تعلم , ومن قبل كل شيء , ومن بعد كل شيء .
قال أبو جعفر : المعنى لله القضاء بالغلبة من قبل الغلبة , ومن بعدها .
ثم قال جل وعز: {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} أي : يفرحون بنصر الله الروم ؛ لأنهم أهل كتاب على فارس , وهم مجوس , ويفرحون بالآية العظيمة التي لا يعلمها إلا الله جل وعز ؛ لأنه خبرهم بما سيكون.).[معاني القرآن: 5/243-245]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بِضْعِ}: من ثلاثة إلى تسع.). [العمدة في غريب القرآن: 238]

تفسير قوله تعالى: (بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({في بضع سنين للّه الأمر من قبل} [الروم: 4] أن تهزم الرّوم.
{ومن بعد} [الروم: 4] ما هزمت.
{ويومئذٍ} يوم تغلب الرّوم فارس.
{يفرح المؤمنون {4} بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم {5}} [الروم: 4-5] قال أبو بكرٍ للمشركين: لم تشمتون، فواللّه لتظهرنّ الرّوم على فارس إلى ثلاث سنين، فقال أبيّ بن خلفٍ: أنا أبايعك ألا تظهر الرّوم على فارس إلى ثلاث سنين، فتبايعا على خطارٍ: سبعٍ من الإبل، ثمّ رجع أبو بكرٍ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم: اذهب فبايعهم إلى سبع سنين، مدّ في الأجل، وزد في الخطار، ولم يكن حرّم ذلك يومئذٍ، وإنّما حرّم القمار، وهو الميسر، والخمر بعد غزوة الأحزاب، فرجع أبو بكرٍ إليهم، فقال: اجعلوا الوقت إلى سبع سنين وأزيدكم في الخطار، ففعلوا فزادوا في الخطار ثلاثًا فصارت عشرًا من الإبل، وفي السّنين أربعًا، فكانت السّنون سبعًا، ووضع الخطار على يدي أبي بكرٍ، فلمّا مضت ثلاث
سنين قال المشركون: قد مضى الوقت، فقال المسلمون: هذا قول ربّنا وتبليغ رسولنا، والبضع ما بين الثّلاث إلى التّسع ما لم يبلغ العشر، والموعود كائنٌ، فلمّا كان تمام سبع سنين ظهرت الرّوم على فارس، وكان اللّه تبارك وتعالى وعد المؤمنين أن إذا غلبت الرّوم فارس أظهرهم على المشركين، فظهرت الرّوم على فارس، والمؤمنون على المشركين في يومٍ واحدٍ، يوم بدرٍ، وفرح
المسلمون بذلك وبأن صدق اللّه قولهم وصدق رسولهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/644]
قال: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون {4} بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم {5}). [تفسير القرآن العظيم: 2/645] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} أهل الكتاب على المجوس.


قال الشّعبي في سورة الفتح: (أنزلت بعد الحديبية، فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبايعوه مبايعة الرّضوان، وأطعموا نخل خيبر، وظهرت الرّوم على فارس، وفرح المؤمنون بتصديق كتاب الله، وظهرت الروم على المجوس)).
[تأويل مشكل القرآن: 424]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هل: تكون للاستفهام، ويدخلها من معنى التقوير والتّوبيخ ما يدخل الألف التي يستفهم بها، كقوله تعالى: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ}، وهذا استفهام فيه تقرير وتوبيخ.
وكذلك قوله تعالى: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}). [تأويل مشكل القرآن: 538] (م)

تفسير قوله تعالى:{وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون {6}} [الروم: 6]، يعني: المشركين لا يعلمون.
- حدّثني عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا مات كسرى فلا كسرى بعده، وإذا مات قيصر فلا قيصر بعده».
قال يحيى: يعني: ملك الرّوم بالشّام.
- وحدّثني شريك بن عبد اللّه، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن جابر بن سمرة، عن عتبة بن نافعٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تقاتلون فارس فيفتح اللّه عليكم، وتقاتلون جزيرة العرب فيفتح اللّه عليكم، ثمّ تقاتلون الرّوم فيفتح اللّه عليكم، وتقاتلون الدّجّال فيفتح اللّه عليكم».
قال: فكان عتبة بن نافعٍ يحلف باللّه لا يخرج الدّجّال حتّى تفتح الرّوم.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن محمّد بن المنكدر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا بلغ ملك العرب أرض بني إسرائيل لم يخرج منها أبدًا»). [تفسير القرآن العظيم: 2/645]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ وعد الّله لا يخلف الله وعده }: وعد الله " منصوب من موضعين:

أحدهما: على قولك: وهم من بعد غلبهم سيغلبون، وعداً من الله, فصار في موضع مصدر " سيغلبون " , وقد ينصبون المصدر إذا كان غير المصدر الفعل الذي قبله لأنه في موضع مصدر ذلك الفعل،
والثاني: لأنه قد يجوز أن يكون في موضع " فعل " وفي موضع " يفعل " منه , قال أبو عمرو بن العلاء , والبيت لكعب:
تسعى الوشاة جنابيها وقيلهم= إنك يا بن أبي سلمى لمقتول
أي : ويقولون , فلذاك نصب " وقيلهم ")). [مجاز القرآن: 2/119]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (6)}القراءة النصب في وعد، ويجوز الرفع، ويجوز النصب، ولا أعلم أحدا قرأ بالرفع, فالنصب على أنه مصدر مؤكد، لأن قوله :{وهم من بعد غلبهم سيغلبون}: هو وعد من اللّه للمؤمنين.
وقوله : {وعد الله} بمنزلة وعد اللّه وعدا , ومن قال: وعد الله , كان على معنى ذلك وعد اللّه كما قال:{كأنّهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلّا ساعة من نهار بلاغ}. ). [معاني القرآن: 4/178]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} [الروم: 7]، يعني: ما بدا لهم من معاشهم وحرثهم، تفسير السّدّيّ.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: يعلمون حين زرعهم، وحين حصادهم وحين نتاجهم.
وقال الكلبيّ: وحين تجاراتهم.
- وحدّثنا موسى بن عليٍّ، عن أبيه قال: كنت عند عمرو بن العاص
[تفسير القرآن العظيم: 2/645]
بالأسكندريّة، فقال رجلٌ من القوم: زعم جسطان هذه المدينة أنّه يكسف بالقمر اللّيلة، أو أنّ القمر ينكسف اللّيلة، فقال رجلٌ: كذبوا، هذا هم علموا ما في الأرض فما علمهم بما في السّماء؟ قال عمرو بن العاص: إنّما الغيب خمسةٌ: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما
تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت} [لقمان: 34] وما سوى ذلك يعلمه قومٌ ويجهله آخرون.
- وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن، قال: أضلّ رجلٌ من المسلمين راحلته فذهب في طلبها، فلقي رجلا من المشركين، فأنشده إيّاها، فقال: ألست مع هذا الرّجل الّذي يزعم أنّه نبيٌّ، أفلا تأتيه، فيخبرك بمكان راحلتك؟ فمضى الرّجل قليلا، فردّ اللّه عليه راحلته، فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره فقال: «فما قلت له؟» قال: وما عسى أن أقول لرجلٍ من
المشركين مكذّبٍ؟ قال: " أفلا قلت له: إنّ الغيب لا يعلمه إلا اللّه، وإنّ الشّمس لم تطلع قطّ إلا بزيادةٍ أو نقصانٍ ".
قوله عزّ وجلّ: {وهم عن الآخرة هم غافلون} [الروم: 7]، يعني: المشركين لا يقرّون بها، هم منها في غفلةٍ كقوله: {لقد كنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديدٌ} [ق: 22] أبصر حين لم ينفعه البصر). [تفسير القرآن العظيم: 2/646]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يعلمون ظاهراً مّن الحياة الدّنيا...}
يعني : أهل مكّة, يقول: يعلمون التجارات والمعاش، فجعل ذلك علمهم, وأمّا بأمر الآخرة , فعمون.).[معاني القرآن: 2/322]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (7)}هذا في مشركي أهل مكة المعنى : يعلمون من معايش الحياة الدنيا؛ لأنهم كانوا يعالجون التجارات، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ – لما نفى , أنهم لا يعلمون ما الّذي يجهلون، ومقدار ما يعلمون , فقال:{يعلمون ظاهرا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}" هم " الأولى مرفوعة بالابتداء، و " هم " الثانية ابتداء ثان.
و{غافلون}: خبر " هم " الثانية، والجملة الثانية خبر " هم " الأولى.
والفائدة في الكلام أو ذكر " هم " ثانية، وإن كانت ابتداء تجري مجرى التوكيد كما تقول : زيد هو عالم، فهو أوكد من قولك : زيد عالم.ويصلح أن تكون " هم " بدلا من " هم " الأولى مؤكدة أيضا، كما تقول: رأيته إيّاه). [معاني القرآن: 4/178]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}
قال عكرمة , وإبراهيم : أي : (يعلمون أمر معايشهم, ومصلحة دنياهم)).[معاني القرآن: 5/245]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يتفكّروا في أنفسهم ما خلق اللّه السّموات والأرض وما بينهما إلا بالحقّ} [الروم: 8] إلا للبعث والحساب، أي: لو تفكّروا في خلق السّموات والأرض لعلموا أنّ الّذي خلقهما يبعث الخلق يوم القيامة.
قال: {وأجلٍ مسمًّى} [الروم: 8]، يعني: القيامة، خلق اللّه تبارك وتعالى
[تفسير القرآن العظيم: 2/646]
السّموات والأرض للقيامة ليجزي النّاس بأعمالهم، والقيامة اسمٌ جامعٌ يجمع النّفختين جميعًا الأولى والآخرة، وهذا قول الحسن.
قال: {وإنّ كثيرًا من النّاس} [الروم: 8]، يعني: المشركين وهم أكثر النّاس.
{بلقاء ربّهم لكافرون} [الروم: 8] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/647]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إلاّ بالحقّ وأجلٍ مّسمًّى...}
يقول: ما خلقناهما {إلاّ بالحقّ} للثواب, والعقاب , والعمل , {وأجلٍ مّسمًّى}: القيامة.). [معاني القرآن: 2/322]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{أولم يتفكّروا في أنفسهم ما خلق اللّه السّماوات والأرض وما بينهما إلّا بالحقّ وأجل مسمّى وإنّ كثيرا من النّاس بلقاء ربّهم لكافرون (8)} معناه: أولم يتفكّروا فيعلموا، لأن في الكلام دليلا عليه، ومعنى بالحق ههنا " إلا للحق " , أي: لإقامة الحق.
{وأجل مسمّى}: أي , لإقامة الحق , وأجل مسمّى؛ وهو الوقت الذي توفّى فيه كل نفس ما كسبت.
وقوله:{وإنّ كثيرا من النّاس بلقاء ربّهم لكافرون}أي : الكافرون بلقاء ربهم، تقدّمت الباء ؛ لأنها متصلة بكافرون، وما اتصل بخبر إنّ , جاز أن يقدّم قبل اللام، ولا يجوز أن تدخل اللام بعد مضيّ الخبر. لا يجوز أن تقول : إن زيدا كافر لباللّّه؛ لأن اللام حقها أن تدخل على الابتداء والخبر, أو بين الابتداء والخبر؛ لأنها تؤكد الجملة، فلا تأتي توكيدا , وقد مضت الجملة.ولا اختلاف بين النحويين في أن اللام لا تدخل بغير الخبر). [معاني القرآن: 4/178-179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق}أي : إلا لإقامة الحق.). [معاني القرآن: 5/245]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم كانوا أشدّ منهم قوّةً} [الروم: 9]، يعني: بطشًا، وهو تفسير السّدّيّ.
{وأثاروا الأرض} [الروم: 9] قال مجاهدٌ: أي: حرثوها.
{وعمروها أكثر ممّا عمروها} [الروم: 9] هؤلاء.
{وجاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم} [الروم: 9]، يعني: كفّار الأمم الخالية الّذين كذّبوا في الدّنيا، يقول: لم يظلمهم فيعذّبهم على غير ذنبٍ.
{ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت: 40]، يعني: يضرّون بكفرهم وتكذيبهم، هذا تفسير السّدّيّ قال: {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت: 40]، أي: يضرّون، أي: قد صاروا في الأرض ورأوا آثار الّذين من قبلهم، يخوّفهم أن ينزل بهم ما نزل بهم إن لم يؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/647]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وأثاروا الأرض...}:: حرثوها {وعمروها أكثر} : مما كانوا يعمرون, يقول: كانوا يعمّرون أكثر من تعمير أهل مكّة ,فأهلكوا.).
[معاني القرآن: 2/322]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وأثاروا الأرض وعمروها }: أي : استخرجوها، ومنه قولهم: أثار ما عندي: أي: استخرجه،وأثار القوم: أي : استخرجهم.). [مجاز القرآن: 2/119]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأثاروا الأرض}: أي : قلبوها للزراعة, ويقال للبقرة: المثيرة، قال اللّه تعالى: {إنّها بقرةٌ لا ذلولٌ تثير الأرض} . ). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم كانوا أشدّ منهم قوّة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر ممّا عمروها وجاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (9)}يعني : أن الذين أهلكوا من الأمم الخالية، كانوا أكثر حرثا , وعمارة من أهل مكة، لأن أهل مكة لم يكونوا أصحاب حرث.). [معاني القرآن: 4/179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها}وأثاروا الأرض , أي: حرثوها , وزرعوها , وليس بمكة حرث ولا زرع , وقال تعالى: {تثير الأرض} .). [معاني القرآن: 5/246]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({وعمروها أكثر مما عمروها}, أي: وعمروها أولئك أكثر مما عمروها هؤلاء، فلم تنفعهم عمارتهم، ولا طول مدتهم). [ياقوتة الصراط: 403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَأَثَارُوا الْأَرْضَ}: أي: للزراعة.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ثمّ كان عاقبة الّذين} [الروم: 10]، أي: جزاء الّذين.
{أساءوا} [الروم: 10] أشركوا.
{السّوأى} [الروم: 10]، يعني: جهنّم في تفسير قتادة.
{أن كذّبوا} [الروم: 10]، يعني: بأن كذّبوا، وهو تفسير السّدّيّ.
{بآيات اللّه وكانوا بها يستهزئون} [الروم: 10] وقال الحسن: يعني: {السّوأى} [الروم: 10] العذاب في الدّنيا والآخرة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/647]
وقال السّدّيّ: {ثمّ كان عاقبة الّذين أساءوا} [الروم: 10]، يعني: أشركوا باللّه {السّوأى} [الروم: 10]، يعني: العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ثمّ كان عاقبة الّذين أساءوا السّوأى...}.
تنصب العاقبة بكان، وتجعل مرفوع (كان) في {السّوأى}, ولو رفعت العاقبة , ونصبت {السّوأى} , كان صواباً, و{السّوأى} في هذا الموضع: العذاب، ويقال: النار.وقوله: {أن كذّبوا} , لتكذيبهم، ولأن كذّبوا, فإذا ألقيت اللام كان نصبياً.). [معاني القرآن: 2/322]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ثمّ كان عاقبة الّذين أساءوا السّوءى أن كذّبوا بآيات اللّه وكانوا بها يستهزئون}وقال: {أساءوا السّوءى} , فـ"السّوأى" مصدر ههنا مثل "التقوى"). [معاني القرآن: 3/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ثمّ كان عاقبة الّذين أساؤا السّوأى} , وهي: جهنم , و«الحسني» الجنّة، في قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى}. {أن كذّبوا بآيات اللّه}: أي : كانت عاقبتهم جهنم، بأن كذّبوا بآيات اللّه). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ كان عاقبة الّذين أساءوا السّوأى أن كذّبوا بآيات اللّه وكانوا بها يستهزءون (10)}القراءة بنصب {عاقبة} ورفعها، فمن نصب جعل السوءى اسم كان , ومن رفع {عاقبة }, جعل {السّوأى} خبرا لكان، والتفسير في قوله : {أساءوا} ههنا: أنهم أشركوا، و {السّوأى} النّار، وإنما كان {أساءوا}ههنا يدل على الشرك , لقوله: {وإن كثيرا من النّاس بلقاء ربّهم لكافرون}:فإساءتهم ههنا كفرهم، وجزاء الكفر النّار.ودل أيضا على أن {أساءوا} ههنا : الكفر . {أن كذّبوا بآيات اللّه وكانوا بها يستهزءونْ}: فالمعنى: ثم كان عاقبة الكافرين النّار ؛ لتكذيبهم بآيات اللّه , واستهزائهم.). [معاني القرآن: 4/179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى}
وقرأ الأعمش: {ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء}, برفع السوء.
قال أبو جعفر : السوء : أشد الشر , والسوءى, أي : الفعلي منه , وقيل : السوءى ههنا : النار , كما أن الحسنى الجنة .
ومعنى أساءوا ههنا : أشركوا , يدل على ذلك قوله تعالى: {أن كذبوا بآيات الله} قال الكسائي : أي ؛ لأن كذبوا بآيات الله.). [معاني القرآن: 5/246-247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({السُّوأَى}: جهنم، و{الحُسْنَى}: الجنة.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه يبدأ الخلق ثمّ يعيده} [الروم: 11]، يعني: البعث {ثمّ إليه ترجعون} [الروم: 11] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يبلس المجرمون} [الروم: 12] ييأس المجرمون من الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يبلس المجرمون...}:
ييأسون من كل خير، ويقطع كلامهم وحججهم.
وقرأ أبو عبد الرحمن السلميّ {يبلس المجرمون}بفتح اللام, والأولى أجود, قال الشاعر:
يا صاح هل تعرف رسماً مكرساً = قال نعم أعرفه وأبلسا). [معاني القرآن: 2/322-323]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ويوم تقوم السّاعة يبلس المجرمون}: أي : يتندمون , ويكتئبون , وييأسون.قال العجاج:
يا صاح هل تعرف رسماً مكرساً= قال نعم أعرفه وأبلسا). [مجاز القرآن: 2/120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يبلس المجرمون}: يحزن، والمبلس الحزين). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يبلس المجرمون (12)}أعلم الله عزّ وجلّ : أنهم في القيامة ينقطعون في الحجة انقطاع يئسين من رحمة اللّه، والمبلس : الساكت , المنقطع في حجته، اليائس من أن يهتدي إليها، تقول: ناظرت فلانا , فأبلس , أي : انقطع , وأمسك , ويئس من أن يحتج.).[معاني القرآن: 4/179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون}
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: (يكتئبون) .
وروى أبو يحيى , عن مجاهد قال : (الإبلاس : الفضيحة) .
قال أبو جعفر : يقال أبلس الرجل : إذا تحير , وحزن , وانقطعت حجته , فلم يهتد لها , ويئس من الخير , كما قال:
= قال نعم أعرفه وأبلسا). [معاني القرآن: 5/247-248]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُبْلِسُ المجرمون}: يحزنون.). [العمدة في غريب القرآن: 238]

تفسير قوله تعالى: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولم يكن لهم من شركائهم} [الروم: 13] الّذين عبدوهم من دون اللّه.
{شفعاء} [الروم: 13] حتّى لا يعذّبوا.
{وكانوا بشركائهم} [الروم: 13]، يعني: ما عبدوا بعبادتهم إيّاهم.
{كافرين} [الروم: 13] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يومئذٍ يتفرّقون} [الروم: 14] فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ويوم تقوم السّاعة يومئذ يتفرّقون (14)}
جاء في التفسير : أنه افتراق لا اجتماع بعده، وفيما بعده دليل على أن التفرق هو للمسلمين , والكافرين، فقال: {يومئذ يتفرقون}.). [معاني القرآن: 4/180]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فهم في روضةٍ} [الروم: 15] كقوله: {في روضات الجنّات} [الشورى: 22] والرّوضة الخضرة.
{يحبرون} [الروم: 15] يكرمون في تفسير الكلبيّ.
وتفسير الحسن: يفرحون). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({في روضة يحبرون }: مجازه: يفرحون ويسرون , وليس شيء أحسن عند العرب من الرياض المعشبة , ولا أطيب ريحاً , قال الأعشى:

ما روضةٌ من رياض الحزن معشيبةٌ= خضراء جاد عليها مسبلٌ هطلٌ
يوماً بأطيب منها نشر رائحةٍ= ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
وقال العجاج:
والحمد لله الذي أعطى الحبر= موالي الحقّ إنّ المولى شكر
ويقال في المثل: مليت بيوتهم حبرةٍ , فهم ينتظرون العبرة.). [مجاز القرآن: 2/120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يحبرون}: من الحبرة والمحبور المكرم المنعم). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فهم في روضةٍ يحبرون} : أي :يسرّون, و«الحبرة»: السّرور. ومنه يقال: «كل حبرة، تتبعها عبرة».).[تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم بين على أي حال يتفرقون , فقال:{فأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فهم في روضة يحبرون (15)}وجاء في التفسير: أن " يحبرون " : سماع الغناء في الجنة، والحبرة في اللغة : كل نعمة حسنة، فهي حبرة، والتحبير : التحسين , والحبر : العالم أيضا هو من هذا، المعنى أنه متخلق بأحسن أخلاق المؤمنين، والحبر : المداد , إنما سمّي , لأنّه يحسّن به.).[معاني القرآن: 4/180]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون}
قال مجاهد : {يحبرون }: (أي : ينعمون).
قال أبو جعفر : حقيقته: أنهم تتبين عليهم أثر النعمة , من ذلك الحبر , وعلى أسنانه حبرة.
وروى الأوزاعي , عن يحيى بن أبي كثير : {في روضة يحبرون }, قال : (السماع في الجنة)). [معاني القرآن: 5/248]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُحْبَرُونَ}: أي يسرون، والحبرة: السرور). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُحْبَرُونَ}: ينعمون). [العمدة في غريب القرآن: 238]

تفسير قوله تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأمّا الّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون} [الروم: 16]، يعني: مدخلون). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وأمّا الّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون (16)}
أي : حال المؤمنين السماع في الجنة، والشغل بغاية النعمة, وحال الكافرين العذاب الأليم , هم حاضروه أبدا غير مخفف عنهم.). [معاني القرآن: 4/180]


رد مع اقتباس