عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 51 إلى 86]

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77) وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل} [الأنبياء: 51] قال قتادة: هداه.
هداه صغيرًا في تفسير مجاهدٍ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/320]
وقال الحسن: النّبوّة.
{وكنّا به عالمين} [الأنبياء: 51] أنّه سيبلّغ عن اللّه الرّسالة ويمضي لأمره.
وهو كقوله: {اللّه أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/321]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولقد آتينا إبراهيم رشده...}
هداه، إذ كان في السّرب حتّى بلّغه الله ما بلّغه. ومثله {ولو شئنا لآتينا كلّ نفسٍ هداها}: رشدها). [معاني القرآن: 2/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل} أي وهو غلام). [تفسير غريب القرآن: 286]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنّا به عالمين}
أي آتيناه هداه حدثا، وهو مثل قوله: (ولو شئنا لآتينا كلّ نفس هداها) ). [معاني القرآن: 3/395]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إذ قال} [الأنبياء: 52] إبراهيم.
{لأبيه وقومه ما هذه التّماثيل} [الأنبياء: 52] قال مجاهدٌ: يعني الأصنام.
{الّتي أنتم لها عاكفون} [الأنبياء: 52] يعني: لها عابدون). [تفسير القرآن العظيم: 1/321]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التّماثيل الّتي أنتم لها عاكفون}

" إذ " في موضع نصب، المعنى آتيناه رشده في ذلك الوقت، ومعنى التماثيل ههنا الأصنام، ومعنى العكوف المقام على الشيء). [معاني القرآن: 3/395]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين {53} قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلالٍ مبينٍ {54}} [الأنبياء: 53-54] يعني: بيّنٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/321]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا أجئتنا بالحقّ أم أنت من اللّاعبين} [الأنبياء: 55] أهزءٌ هذا الّذي جئتنا به أم منك حقٌّ؟). [تفسير القرآن العظيم: 1/321]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال بل ربّكم ربّ السّموات والأرض الّذي فطرهنّ} [الأنبياء: 56] الّذي خلقهنّ وليست هذه الآلهة الّتي تعبدونها.
{وأنا على ذلكم من الشّاهدين} [الأنبياء: 56] أنّه ربّكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/321]

تفسير قوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وتاللّه} [الأنبياء: 57] يمينٌ أقسم به.
{لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولّوا مدبرين} [الأنبياء: 57] قال قتادة: نرى أنّه قال ذلك حيث لا يسمعون.
استنفعوه ليوم عيدٍ لهم
[تفسير القرآن العظيم: 1/321]
يخرجون فيه من المدينة فأبى، فقال: {إنّي سقيمٌ} [الصافات: 89] اعتلّ لهم بذلك ثمّ قال لمّا ولّوا: {وتاللّه لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولّوا مدبرين} [الأنبياء: 57] فسمع وعيده لأصنامهم رجلٌ منهم استأخر من القوم، وهو الّذي قال: {سمعنا فتًى يذكرهم يقال له إبراهيم} [الأنبياء: 60] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/322]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وتاللّه لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولّوا مدبرين...}

كانوا أرادوا الخروج إلى عيد لهم، فاعتلّ عليهم إبراهيم، فتخلّف (وقال): إني سقيم، فلمّا مضوا كسر آلهتهم إلاّ أكبرها، فلمّا رجعوا قال قائل منهم: أنا سمعت إبراهيم يقول:
وتالله لأكيدنّ أصنامكم. وهو قوله: {سمعنا فتيً يذكرهم يقال له إبراهيم}: يذكرهم بالعيب (والشتم) وبما قال من الكيد). [معاني القرآن: 2/206]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وتاللّه لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولّوا مدبرين }
معناه - واللّه أعلم - وواللّه لأكيدن، ولا تصلح التاء في القسم إلا في الله، تقول: وحق اللّه لأفعلنّ، ولا يجوز تحق اللّه لأفعلن، وتقول وحق زيد لأفعلن، والتاء بدل من الواو،
ويجوز وباللّه لأكيدنّ أصنامكم.
وقراءة أهل الأمصار تاللّه، ولا نعلم أحدا من أهل الأمصار قرأ بالباء، ومعناها صحيح جيّد). [معاني القرآن: 3/395]

تفسير قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فجعلهم جذاذًا} [الأنبياء: 58] قال قتادة: قطعًا، قطّع أيديها وأرجلها
وفقأ أعينها، ونجر وجوهها.
{إلا كبيرًا لهم} [الأنبياء: 58] قال قتادة: يعني للآلهة وأعظمها في أنفسهم، ثمّ أوثق الفأس في يد كبير تلك الأصنام.
{لعلّهم إليه يرجعون} [الأنبياء: 58] قال قتادة: كادهم بذلك لعلّهم يبصرون فيؤمنوا.
وقال مجاهدٌ: ثمّ جعل إبراهيم الفأس الّتي أهلك اللّه بها أصنامهم مسندةً إلى صدر كبيرهم الّذي ترك.
فلمّا رجعوا فرأوا ما صنع بأصنامهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/322]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فجعلهم جذاذاً...}

قرأها يحيى بن وثاب (جذاذاً) وقراءة الناس بعد (جذاذاً) بالضم فمن قال (جذاذاً) فرفع الجيم فهو واحد مثل الحطام والرفات. ومن قال (جذاذاً) بالكسر فهو جمع؛
كأنه جذيذ وجذاذ مثل خفيف وخفاف). [معاني القرآن: 2/206]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فجعلهم جذاذاً} أي مستأصلين قال جرير:

بني المهلّب جذّ الله دابرهم= أمسوا رمادا فلا أصلٌ ولا طرف
لم يبق منهم شيء ولفظ " جذاذ " يقع على الواحد والاثنين والجميع من المؤنث والمذكر سواء بمنزلة المصدر).[مجاز القرآن: 2/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فجعلهم جذاذا}: أي استأصلهم. ويقال: جذ الله أصلهم، والجذاذ مثل الرفات مصدر،
وقد قرئت {جذاذا} وكأنه جمع جذيذ، بمعنى مجذوذ كالقتيل والجريح). [غريب القرآن وتفسيره: 255]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فجعلهم جذاذاً} أي فتاتا. وكلّ شيء كسرته: فقد جذذته.
ومنه قيل للسّويق: جذيذ). [تفسير غريب القرآن: 286]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فجعلهم جذاذا إلّا كبيرا لهم لعلّهم إليه يرجعون}
وجذاذا تقرأ بالضمّ والكسر فمن قرأ (جذاذا) فإن بنية كل ما كسّر وقطّع على فعال نحو الجذاذ والحطام والرفات، ومن قال جذاذ فهو جمع جذيذ وجذاذ نحو ثقيل وثقال وخفيف وخفاف.
ويجوز جذاذا على معنى القطاع والحصاد، ويجوز نجذذ على معنى جذيد وجذذ مثل جديد وجدد.
وقوله: {إلّا كبيرا لهم} أي كسّر هذه الأصنام إلّا أكبرها، وجائز أن يكون أكبرها عندهم في تعظيمهم إياه، لا في الخلقة، ويجوز أن يكون أعظمها خلقة.
ومعنى (لعلّهم إليه يرجعون) أي لعلهم باحتجاج إبراهيم عليهم به يرجعون فيعلمون وجوب الحجة - عليهم). [معاني القرآن: 3/396-395]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جُذَاذًا}: أي فتاتاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 156]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {جُذَاذاً}: استأصلهم). [العمدة في غريب القرآن: 207]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنّه لمن الظّالمين {59} قالوا} [الأنبياء: 59-60] قال الّذي استأخر منهم وسمع وعيد إبراهيم أصنامهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/322]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {قالوا سمعنا فتًى يذكرهم} أي: يغييهم وهذا كما يقال: لئن ذكرتني لتندمنّ يريد: بسوء). [تفسير غريب القرآن: 286]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( قوله: {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم}
أي يذكرهم بالعيب، وقالوا للأصنام يذكرهم لأنهم جعلوها في عبادتهم إياها بمنزله ما يعقل، وإبراهيم يرتفع على وجهين:
أحدهما على معنى يقال له هو إبراهيم، والمعروف به إبراهيم، وعلى النداء على معنى يقال له يا إبراهيم). [معاني القرآن: 3/396]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {سمعنا فتًى يذكرهم يقال له إبراهيم {60} قالوا فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون {61}} [الأنبياء: 60-61] أنّه كسرها فتكون لكم عليه الحجّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {على أعين النّاس...}:

على رءوس الناس {لعلّهم يشهدون} عليه بما شهد به الواحد. ويقال: لعلّهم يشهدون أمره وما يفعل به). [معاني القرآن: 2/206]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأتوا به على أعين النّاس} أي أظهروه تقول العرب، إذا أظهر الأمر وشهر، كان ذلك على أعين الناس، أي بأعين الناس، ويقول بعضهم جاؤوا به على رؤوس الخلق).
[مجاز القرآن: 2/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فأتوا به على أعين الناس}: أي أظهروه). [غريب القرآن وتفسيره: 255]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأتوا به على أعين النّاس} أي بمرأى من الناس: لا تأتوا به خفية). [تفسير غريب القرآن: 286]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون }
أي لعلهم يعرفونه بهذا القول فيشهدون عليه، فيكون ما ينزله به بحجة عليه، وجائز أن يكون لعلّهم يشهدون عقوبتنا إياه). [معاني القرآن: 3/396]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قتادة: كرهوا أن يأخذوه إلا ببيّنةٍ فجاءوا به.
فـ {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم {62} قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون {63} فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظّالمون {64}} [الأنبياء: 62-64] قال قتادة: وهي هذه المكيدة الّتي كادهم بها.
وقال الحسن: إنّ كذبه في مكيدته إيّاهم موضوعٌ عنه.
وحدّثني همّامٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر في حديث الشّفاعة حيث يأتون آدم، ثمّ نوحًا، ثمّ إبراهيم، ثمّ موسى، ثمّ عيسى، ثمّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فذكر ما يقول كلّ نبيٍّ منهم، فذكر في قول إبراهيم حين سألوه أن يشفع لهم: إنّي لست هنالكم، ويذكر خطيئته الّتي أصاب، ثلاث كذباتٍ كذبهنّ، قوله: {إنّي سقيمٌ}
[الصافات: 89] وقوله: {فعله كبيرهم هذا} [الأنبياء: 63] وقوله لامرأته: إن سألوك من أنت منه، فقولي إنّك أختي). [تفسير القرآن العظيم: 1/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا...}

هذا، قال بعض الناس بل فعلّه كبيرهم مشدّدة يريد: فلعلّه
كبيرهم، وقال بعض الناس: بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون. فجعل فعل الكبير مسنداً إليه إن كانوا ينطقون وهم لا ينطقون. والمذهب الذي العوامّ عليه: بل فعله كما قال يوسف {أيّتها العير إنّكم لسارقون} ولم يسرقوا.
وقد أيّد الله أنبياءه بأكثر من هذا). [معاني القرآن: 2/207-206]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فسئلوهم إن كانوا ينطقون} فهذا من الموات وخرج مخرج الآدميين بمنزلة قوله: {رأيت أحد عشر كوكباً والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} ويقال: سألت وسلت تسال لا يهمز فهو بلغة من قال سلته). [مجاز القرآن: 2/40]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}
وقال: {فاسألوهم إن كانوا ينطقون} فذكّر الأصنام وهي من الموات لأنها كانت عندهم ممن يعقل أو ينطق). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكذلك قوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ}. أراد: بل فعله الكبير، إن كانوا ينطقون فسلوهم، فجعل النطق شرطا للفعل، أي إن كانوا ينطقون فقد فعله، وهو لا يعقل ولا ينطق.
وقد روي عن النبي، صلّى الله عليه وسلم: ((إنّ إبراهيم كذب ثلاث كذبات ما منها واحدة إلا وهو يماحل بها عن الإسلام)).
فسمّاها كذبات، لأنها شاكهت الكذب وضارعته.
ولذلك قال بعض أهل السلف لابنه: (يا بني لا تكذبن ولا تشبّهن بالكذب).
فنهاه عن المعاريض، لئلا يجري على اعتيادها، فيتجاوزها إلى الكذب، وأحبّ أن يكون حاجزا من الحلال بينه وبين الحرام). [تأويل مشكل القرآن: 269-268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}يعني الصّنم العظيم.
{فاسألوهم إن كانوا ينطقون} قال بعضهم: إنما المعنى، بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون، وجاء في التفسير أن إبراهيم نطق بثلاث كلمات على غير ما يوجبه لفظها
لما في ذلك من الصلاح، وهي قوله: {فقال إني سقيم} وقوله {فعله كبيرهم هذا}.
وقوله إنّ سارّة أختي، والثلاث لهن وجه في الصدق بيّن.
فسارّة أخته في الدّين، وقوله (إني سقيم) فيه غير وجه أحدها إني مغتمّ بضلالتكم حتى أنا كالسقيم، ووجه آخر إني سقيم عندكم، وجائز أن يكون ناله في هذا الوقت مرض.
ووجه الآية ما قلناه في قوله: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}.
واحتج قوم بأن قول إبراهيم مثل قول يوسف لإخوته: {أيّتها العير إنّكم لسارقون} ولم يسرقوا الصّاع، وهذا تأويله - واللّه أعلم - إنكم لسارقون يوسف). [معاني القرآن: 3/397-396]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قتادة: كرهوا أن يأخذوه إلا ببيّنةٍ فجاءوا به.
فـ {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم {62} قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون {63} فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظّالمون {64}} [الأنبياء: 62-64] قال قتادة: وهي هذه المكيدة الّتي كادهم بها.
وقال الحسن: إنّ كذبه في مكيدته إيّاهم موضوعٌ عنه). [تفسير القرآن العظيم: 1/323] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ نكسوا على رءوسهم} [الأنبياء: 65] خزيًا قد حجّهم وقال قتادة: أصاب القوم خزية سوءٍ فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون {65}). [تفسير القرآن العظيم: 1/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثمّ نكسوا على رءوسهم...}

يقول: رجعوا عندما عرفوا من حجّة إبراهيم فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} (والعلم والظنّ بمنزلة اليمين. فلذلك لقيت العلم بما) فقال: {علمت ما هؤلاء}
كقول القائل: والله ما أنت بأخينا، وكذلك قوله: {وظنّوا ما لهم من محيصٍ}.
ولو أدخلت العرب (أن) قبل (ما) فقيل: علمت أن ما فيك خير وظننت أن ما فيك خير كان صواباً. ولكنهم إذا لقي شيئا من هذه الحروف أداة مثل (إن) التي معها اللام أو استفهام كقولك: اعلم لي أقام عبد الله أم زيد (أو لئن) ولو اكتفوا بتلك الأداة فلم يدخلوا عليها (أن) ألا ترى قوله: {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} لو قيل: أن ليسجننّه كان صواباً؛ كما قال الشاعر:
وخبّرتما أن إنمّا بين بيشةٍ =ونجران أحوى والمحلّ خصيب
فأدخل أن على إنما فلذلك أجزنا دخولها على ما وصفت لك من سائر الأدوات). [معاني القرآن: 2/207]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ثمّ نكسوا على رؤوسهم} مجازه: قلبوا، ويقال: نكست فلاناً على رأسه، إذا قهره وعلاه ونحو ذلك). [مجاز القرآن: 2/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ثمّ نكسوا على رؤوسهم} أي ردوا إلى أول ما كانوا يعرفونها به: من أنها لا تنطق،
فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}، فحذف «قالوا» اختصارا). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}
جاء في التفسير أنه أدركت القوم حيرة.
ومعنى: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}.
أي ثم نكسوا على رؤوسهم فقالوا لإبراهيم عليه السلام: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}، فقد اعترفوا بعجز ما يعبدونه عن النطق). [معاني القرآن: 3/397]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال} [الأنبياء: 66] لهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/323]
{أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضرّكم} [الأنبياء: 66] يعني أصنامهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/324]

تفسير قوله تعالى: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون} [الأنبياء: 67] وهي الّتي كادهم بها). [تفسير القرآن العظيم: 1/324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {أفّ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون}

يقرأ (أفّ لكم) بغير تنوين، و (أفّ) بتنوين، ويجوز أفّ لكم وأفّ لكم - بالضم والتنوين وبترك التنوين - ويجوز أفّ لكم بالفتح.
فأمّا الكسر بغير تنوين فلالتقاء السّاكنين وهما الفاءان في قوله أف، لأن ما أصل الكلمة السكون لأنها بمنزلة الأصوات، وحذف التنوين لأنها معرفة لا يجب إعرابها، وتفسيرها (النّتن) لكم ولما تعبدون فمن نوّن جعله نكرة بمنزلة نتنا لكم ولما تعبدون من دون اللّه، وكسر لأن أصل التقاء السّاكنين الكسر، ولأن أكثر الأصوات مبني على الكسر نحو قوله غاق وجير وأمس وويه، ويجوز الفتح لالتقاء السّاكنين لثقل التضعيف والكسر، ويجوز الضم لضمة الألف كما قالوا: ردّ يا هذا ورد، ورد - بالكسر، ومن نوّن مع الضم فبمنزلة التنوين مع الكسر). [معاني القرآن: 3/398]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالوا حرّقوه} [الأنبياء: 68] بالنّار.
{وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين} [الأنبياء: 68] قال الحسن: فجمعوا الحطب زمانًا، حتّى إنّ الشّيخ الكبير الّذي لم يخرج من بيته قبل ذلك زمانًا كان يجيء بالحطب، فيلقيه، يتقرّب به إلى آلهتهم فيما يزعم، ثمّ جاءوا بإبراهيم فألقوه في تلك النّار.
قال يحيى: بلغني أنّهم رموا به في المنجنيق، فكان ذلك أوّل ما صنع المنجنيق). [تفسير القرآن العظيم: 1/324]

تفسير قوله تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم} [الأنبياء: 69]
- نا سفيان، عن الأعمش، عن شيخٍ، عن عليٍّ قال: قال اللّه: {يا نار كوني بردًا} [الأنبياء: 69] فكادت تقتله من البرد، وقال: {وسلامًا} [الأنبياء: 69] لا تضرّه.
وقال السّدّيّ: {وسلامًا} [الأنبياء: 69] يعني: وسلامةً من حرّ النّار ومن بردها.
نا سعيدٌ، عن قتادة أنّ كعبًا قال: ما انتفع بها يومئذٍ أحدٌ من النّاس، وما أحرقت منه يومئذٍ إلى وثاقه.
عمّارٌ، عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ، عن بكر بن عبد اللّه المزنيّ قال: إنّ إبراهيم لمّا أرادوا أن يلقوه في النّار جاءت عامّة الخليقة إلى ربّها فقالت: يا ربّ، خليلك يلقى في النّار، فأذن لنا نطفئ عنه.
فقال: هو خليلي ليس لي في الأرض خليلٌ غيره وأنا إلهه ليس له إلهٌ غيري، فإن استغاثكم فأغيثوه وإلا فدعوه.
قال فجاء ملك القطر فقال: يا ربّ خليلك يلقى في النّار فأذن لي أطفئ عنه بالقطر.
فقال: هو خليلي ليس
[تفسير القرآن العظيم: 1/324]
لي في الأرض خليلٌ غيره، وأنا إلهه ليس له في الأرض إلهٌ غيري، فإن استغاثك فأغثه، وإلا فدعه.
قال: فألقي في النّار فقال تبارك وتعالى للنّار: {يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم} [الأنبياء: 69] قال: فبردت على أهل المشرق والمغرب، فما أنضج بها يومئذٍ كراعٌ.
- نا سعيدٌ، عن أيّوب، عن نافعٍ، عن أمّ سيابة الأنصاريّة، عن عائشة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حدّثها أنّ إبراهيم لمّا ألقي في النّار كانت الدّوابّ كلّها تطفئ عنه النّار إلا الوزغة فإنّها كانت تنفخ عليه، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقتلها). [تفسير القرآن العظيم: 1/325]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {كوني برداً وسلاماً} أي وسلامة. لا تكوني بردا مؤذيا مضرا). [تفسير غريب القرآن: 287]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بردا وسلاما} أي: سلامة، وهكذا قوله - عز وجل: (فسلام لك من أصحاب اليمين) أي: إنما وقعت سلامتهم من أجلك، والسلام - في اللغة: اسم من أسماء الله - جل وعز - والسلام: السلامة، والسلام: التسليم في الصلاة وغيرها، والسلام: الاستسلام، والسلام: شجر معروف، وواحدته: سلامة، فعبد الله بن سلام واحد من هذه، ولا يجعل السلام اسما من أسماء الجبار - جل وعز - في هذا النوع). [ياقوتة الصراط: 362-361]

تفسير قوله تعالى: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأرادوا به كيدًا} [الأنبياء: 70] بتحريقهم إيّاه.
{فجعلناهم الأخسرين} [الأنبياء: 70] في النّار، خسروا أنفسهم وخسروا الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/325]

تفسير قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ونجّيناه ولوطًا إلى الأرض الّتي باركنا فيها} [الأنبياء: 71] يعني الأرض المقدّسة.
{للعالمين} [الأنبياء: 71] يعني جميع العالمين.
تفسير السّدّيّ.
هاجر من أرض العراق إلى أرض الشّام.
وقال قتادة: نجّاه اللّه من أرض العراق إلى أرض الشّام.
وكان يقال: إنّ الشّام عماد دار الهجرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/325]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ونجّيناه ولوطا إلى الأرض الّتي باركنا فيها للعالمين}

جاء في التفسير أنها من أرض الشام إلى العراق). [معاني القرآن: 3/398]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلةً} [الأنبياء: 72] وتفسير الحسن: ابن ابنٍ في تفسير قتادة ومجاهدٍ وعطاءٍ، غير أنّ الحسن قال: عطيّةً.
[تفسير القرآن العظيم: 1/325]
قال: {وكلًّا جعلنا صالحين} [الأنبياء: 72] يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب). [تفسير القرآن العظيم: 1/326]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلةً...}

النافلة ليعقوب خاصّة لأنه ولد الولد، كذلك بلغني). [معاني القرآن: 2/207]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إسحق ويعقوب نافلةً} أي غنيمة،
قال لبيد بن ربيعة:
لله نافلة الأعزّ الأفضل). [مجاز القرآن: 2/40]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وكلّا جعلنا صالحين} " وكل " يقع خبره على الواحد لأن لفظه لفظ الواحد ويقع خبره على خبر الجميع). [مجاز القرآن: 2/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نافلة}: غنيمة). [غريب القرآن وتفسيره: 255]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلةً} دعا بإسحاق فاستجيب له وزيد يعقوب نافلة كأنه تطوع من اللّه وتفضل بلا دعاء. وإن كان كلّ بفضله). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( قوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلّا جعلنا صالحين}
النافلة ههنا ولد الولد، يعني به يعقوب خاصة). [معاني القرآن: 3/398]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَافِلَةً}: زيادةً). [العمدة في غريب القرآن: 208]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وجعلناهم أئمّةً يهدون بأمرنا} [الأنبياء: 73] يعني يدعون بأمرنا.
تفسير السّدّيّ.
وقال قتادة: يهتدى بهم في أمر اللّه.
قوله: {وأوحينا إليهم فعل الخيرات} [الأنبياء: 73] وهي الأعمال الصّالحة.
{وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة} [الأنبياء: 73] قال: {وكانوا لنا عابدين} [الأنبياء: 73] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/326]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(ومنها إرشاد بالدعاء، كقوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، أي نبيّ يدعوهم.

وقوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}، أي يدعون، {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، أي تدعو). [تأويل مشكل القرآن: 444-443] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة وكانوا لنا عابدين}
{إقام الصّلاة} إقام مفرد قليل في اللغة، تقول أقمت إقامة، قاما إقام الصلاة فجائز لأن الإضافة عوض من الهاء). [معاني القرآن: 3/398]

تفسير قوله تعالى: {وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولوطًا آتيناه حكمًا وعلمًا} [الأنبياء: 74] النّبوّة فيها الحكم والعلم.
{ونجّيناه من القرية الّتي كانت تعمل الخبائث} [الأنبياء: 74] يعني أنّ أهلها كانوا يعملون الخبائث، وكانوا ممّا يعملون إتيانهم الرّجال في أدبارهم.
قال: {إنّهم كانوا قوم سوءٍ فاسقين} [الأنبياء: 74] يعني مشركين والشّرك أعظم الفسق). [تفسير القرآن العظيم: 1/326]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولوطاً آتيناه...}

نصب لوط من الهاء التي رجعت عليه من {آتيناه}، والنصب الآخ على إضمار {واذكر لوطا} أو {ولقد أرسلنا} أو ما يذكر في أوّل السورة وإن لم يذكر فإنّ الضمير إنما هو من الرسالة أو من الذكر ومثله {ولسليمان الرّيح} فنصب (الريح) بفعل مضمر معلوم معناه: إمّا سخّرنا، وإمّا آتيناه.
وكذلك قوله: {ونوحاً إذ نادى} فهو على ضمير الذكر.
وقوله: {وداود وسليمان} وجمع ما يأتيك من ذكر الأنبياء في هذه السورة نصبتهم على النسق على المنصوب بضمير الذكر). [معاني القرآن: 2/208-207]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجّيناه من القرية الّتي كانت تعمل الخبائث إنّهم كانوا قوم سوء فاسقين}
(لوطا) منصوب بفعل مضمر لأن قبله فعلا، فالمعنى وأوحينا إليهم وآتينا لوطا آتيناه حكما وعلما، والنصب ههنا أحسن من الرفع لأن قبل آتينا فعلا وقد ذكر بعض النحويين أنه منصوب على " واذكر لوطا "، وهذا جائز لأن ذكر إبراهيم قد جرى فحمل لوط على معنى واذكر). [معاني القرآن: 3/399-398]

تفسير قوله تعالى: {وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأدخلناه في رحمتنا} [الأنبياء: 75] يعني لوطًا، ورحمتنا هاهنا: الجنّة.
{إنّه من الصّالحين} [الأنبياء: 75] والصّالحون أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/326]

تفسير قوله تعالى: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ونوحًا إذ نادى من قبل} [الأنبياء: 76] وهذا حيث أمر بالدّعاء على قومه.
{فاستجبنا له فنجّيناه وأهله} [الأنبياء: 76] قال الحسن: {وأهله} [الأنبياء: 76] : أمّته المؤمنين، نجّيناه.
{من الكرب العظيم} [الأنبياء: 76] يعني: من الغرق والعذاب.
[تفسير القرآن العظيم: 1/326]
وقال قتادة: نجا مع نوحٍ في السّفينة امرأته، وثلاثة بنين له، ونساؤهم سامٌ، وحامٌ، ويافث، ونساؤهم فجميعهم ثمانيةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/327]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ {ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجّيناه وأهله من الكرب العظيم}

منصوب على واذكر، وكذلك قوله: {وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنّا لحكمهم شاهدين} ). [معاني القرآن: 3/399]

تفسير قوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ونصرناه} [الأنبياء: 77] يعني نوحًا.
{من القوم} [الأنبياء: 77] يعني على القوم.
تفسير السّدّيّ.
{الّذين كذّبوا بآياتنا} [الأنبياء: 77] كقوله: {ربّ انصرني بما كذّبون} [المؤمنون: 26] فأغرقهم اللّه.
قال: {إنّهم كانوا قوم سوءٍ فأغرقناهم أجمعين} [الأنبياء: 77] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/327]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(«من» مكان «على»

قال الله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ}، أي على القوم). [تأويل مشكل القرآن: 577]

تفسير قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} [الأنبياء: 78] وقعت فيه غنم القوم ليلًا فأفسدته.
نا سعيدٌ، عن قتادة قال: النّفش باللّيل والهمل بالنّهار.
قال قتادة: وذكر لنا أنّ غنم القوم وقعت في زرعٍ ليلًا، فرفع ذلك إلى داود فقضى بالغنم لصاحب الزّرع.
فقال سليمان: ليس كذلك، ولكن له نسلها ورسلها، وعوارضها، وجزازها، ويزرع له مثل ذلك الزّرع، حتّى إذا كان من العام المقبل كهيئته يوم أكل، دفعت الغنم إلى ربّها، يعني صاحبها وقبض صاحب الزّرع زرعه). [تفسير القرآن العظيم: 1/327]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ففهّمناها سليمان} [الأنبياء: 79] وفي تفسير الكلبيّ: أنّ أصحاب الحرث استعدوا على أصحاب
[تفسير القرآن العظيم: 1/327]
الغنم فنظر داود ثمن الحرث فإذا هو قريبٌ من ثمن الغنم، فقضى بالغنم لصاحب الحرث.
فمرّوا بسليمان فقال: كيف قضى فيكم نبيّ اللّه؟ فأخبروه.
فقال: نعم ما قضى، وغيره كان أرفق بالفريقين كليهما.
فدخل أصحاب الغنم على داود فأخبروه.
فأرسل إلى سليمان فدخل عليه، فعزم عليه داود بحقّ النّبوّة وبحقّ الملك، وحقّ الوالد لما حدّثتني كيف رأيت فيما قضيت.
فقال سليمان: قد عدل النّبيّ وأحسن، وغيره كان أرفق.
قال: ما هو؟ قال: تدفع الغنم إلى أهل الحرث فينتفعون بسمنها، ولبنها، وأصوافها، وأولادها عامهم هذا وعلى أهل الغنم أن يزرعوا لأهل الحرث مثل الّذي أفسدت غنمهم، فإذا كان مثله حين أفسدوه قبضوا غنمهم.
قال له داود: نعم ما قضيت.
نا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مسروقٍ قال: كان عنبًا.
وقال الكلبيّ: وكان الحرث عنبًا.
وتفسير مجاهدٍ: أنّ داود أعطى صاحب الحرث رقاب الغنم بأكلها الحرث.
وحكم سليمان بجزّة الغنم وألبانها لأهل الحرث، وعلى أهل الحرث رعيتها، ويحرث لهم أهل الغنم حتّى يكون كهيئته يوم أكل، ثمّ يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/328]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكنّا لحكمهم شاهدين} [الأنبياء: 78] يعني داود وسليمان، لقضائهم شاهدين). [تفسير القرآن العظيم: 1/328]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وحدّثني بحرٌ السّقّاء، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب وحرام بن محيّصة، عن البراء بن عازبٍ أنّ ناقةً له وقعت في حائط قومٍ فأفسدت فيه.
فاختصموا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «ما أجد لكم إلا قضاء سليمان بن داود.
إنّه قضى على أهل المواشي حفظ مواشيهم باللّيل وقضى على أهل الحوائط حفظ حوائطهم بالنّهار».
قال يحيى: إنّما في هذا الحديث أنّه يضمن ما يكون من الماشية باللّيل، وليس فيه كيف القضاء في ذلك الفساد اليوم.
وإنّما القضاء اليوم في ذلك الفساد ما بلغ الفساد من النّقصان.
وحدّثني عاصم بن حكيمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشّعبيّ أنّ شاةً أكلت غزل حائكٍ قال: فأتوا شريحًا: قال: فقرأ شريحٌ هذه الآية: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} [الأنبياء: 78] وقال: والنّفش لا يكون إلا باللّيل.
إن كان ليلًا ضمن، وإن كان نهارًا لم يضمن.
- قال: وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن محمّد بن زيادٍ، وحدّثني عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة كلاهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الدّابّة العجماء جبارٌ، والبئر جبارٌ، والمعدن جبارٌ، وفي الرّكاز الخمس».
[تفسير القرآن العظيم: 1/329]
قال يحيى: هي عندنا في حديث النّبيّ عليه السّلام في ناقة البراء بن عازبٍ أنّه بالنّهار، وأمّا إذا أفسدت باللّيل فصاحبها ضامنٌ.
واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 1/330]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إذ نفشت فيه غنم القوم...}

النفش بالليل، وكانت غنماً لقوم وقعت في كرم آخرين؛ فارتفعوا إلى داود، فقضى لأهل الكرم بالغنم، ودفع الكرم إلى أهل الغنم فبلغ ذلك سليمان ابنه، فقال: غير هذا كان أرفق بالفريقين. فعزم عليه داود ليحكمنّ. فقال: أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الكرم فينتفعوا بألبانها وأولادها وأصوافها، ويدفع الكرم إلى أرباب الشاء فيقوموا عليه حتى يعود كهيئته يوم أفسد، فذكر أن القيمتين كانتا في هذا الحكم مستويتين: قيمة ما نالوا من الغنم وقيمة ما أفسدت الغنم من الكرم. فذلك قوله: {ففهّمناها سليمان}. وقوله: {وكنّا لحكمهم}.
وفي بعض القراءة: (وكنّا لحكمهما شاهدين) وهو مثل قوله: {فإن كان له إخوةٌ} يريد: أخوين فما زاد. فهذا كقوله: {لحكمهم شاهدين} إذ جمع اثنين). [معاني القرآن: 2/208]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذ نفشت فيه غنم القوم} النّفش أن تدخل في زرع ليلاً فتأكله وقالت: نفشت في جدادي، الجداد من نسج الثوب تعنى الغنم). [مجاز القرآن: 2/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {إذا نفشت فيه غنم القوم}: النفش أن تدخل بالليل في زرع أو غيره فتأكله وهي نافشة. والنشر بالنهار).[غريب القرآن وتفسيره: 256]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {نفشت فيه غنم القوم}: رعت ليلا. يقال: نفشت الغنم بالليل، وهي إبل، نفش ونفّش ونفّاش. والواحد نافش. وسرحت.وسربت بالنهار). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنّا لحكمهم شاهدين }
على معنى واذكر داوود وسليمان {إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم}النفش بالليل، والهمل بالنهار.
وجاء في التفسير أن غنما على عهد داوود وسليمان مرت بحرث لقوم فأفسدته، وروي أن الحرث كان حنطة، وروي أنه كان كرما، فأفسدت ذلك الحرث فحكم داود بدفع الغنم إلى أصحاب الكرم وحكم سليمان بأن يدفع الغنم إلى أصحاب الكرم فيأخذوا منافعها من ألبانها وأصوافها وعوارضها إلى أن يعود الكرم كهيئته وقت أفسد فإذا عاد الكرم إلى هيئته ردّت الغنم إلى أربابها ويدفع الكرم إلى صاحب الكرم.
قال أبو إسحاق: يجوز أن تكون عوارضها من أحد وجهين، إما أن يكون جمع عريض وعرضان، وهو اسم للحمل، وأكثر ذلك في الجدي، ويجوز أن يكون بما يعرض من منافعها حتى يعود الكرم كما كان، وهذا - واللّه أعلم - يدل على أن سليمان علم أن قيمة ما أفسدت الغنم من الكرم بمقدار نفع الغنم). [معاني القرآن: 3/399]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَفَشَتْ فِيهِ غنم القوم}: أي رعت ليلاً، يقال: نفشت بالليل، وسرحت بالنهار ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 156]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَفَشَتْ}: رعت ليلاً). [العمدة في غريب القرآن: 208]

تفسير قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ففهّمناها سليمان} [الأنبياء: 79] وفي تفسير الكلبيّ: أنّ أصحاب الحرث استعدوا على أصحاب
[تفسير القرآن العظيم: 1/327]
الغنم فنظر داود ثمن الحرث فإذا هو قريبٌ من ثمن الغنم، فقضى بالغنم لصاحب الحرث.
فمرّوا بسليمان فقال: كيف قضى فيكم نبيّ اللّه؟ فأخبروه.
فقال: نعم ما قضى، وغيره كان أرفق بالفريقين كليهما.
فدخل أصحاب الغنم على داود فأخبروه.
فأرسل إلى سليمان فدخل عليه، فعزم عليه داود بحقّ النّبوّة وبحقّ الملك، وحقّ الوالد لما حدّثتني كيف رأيت فيما قضيت.
فقال سليمان: قد عدل النّبيّ وأحسن، وغيره كان أرفق.
قال: ما هو؟ قال: تدفع الغنم إلى أهل الحرث فينتفعون بسمنها، ولبنها، وأصوافها، وأولادها عامهم هذا وعلى أهل الغنم أن يزرعوا لأهل الحرث مثل الّذي أفسدت غنمهم، فإذا كان مثله حين أفسدوه قبضوا غنمهم.
قال له داود: نعم ما قضيت.
نا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مسروقٍ قال: كان عنبًا.
وقال الكلبيّ: وكان الحرث عنبًا.
وتفسير مجاهدٍ: أنّ داود أعطى صاحب الحرث رقاب الغنم بأكلها الحرث.
وحكم سليمان بجزّة الغنم وألبانها لأهل الحرث، وعلى أهل الحرث رعيتها، ويحرث لهم أهل الغنم حتّى يكون كهيئته يوم أكل، ثمّ يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/328] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ففهّمناها سليمان} [الأنبياء: 79] قال يحيى: كان هذا القضاء يومئذٍ، وقد تكون لأمّةٍ شريعةٌ ولأمّةٍ أخرى شريعةٌ غيرها، وقضاءٌ غير قضاء الأمّة الأخرى). [تفسير القرآن العظيم: 1/329]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكلًّا آتينا حكمًا وعلمًا} [الأنبياء: 79] يعني: أعطينا حكمًا وعلمًا، يعني: وعقلًا.
تفسير السّدّيّ، يعني بذلك: داود وسليمان.
قال: {وسخّرنا مع داود الجبال يسبّحن والطّير} [الأنبياء: 79] كانت جميع الجبال وجميع الطّير تسبح مع داود بالغداة والعشيّ ويفقه تسبيحها.
نا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: {يسبّحن} [الأنبياء: 79] قال: يصلّين، يفقه ذلك داود.
قوله: {وكنّا فاعلين} [الأنبياء: 79] أي: قد فعلنا ذلك بداود). [تفسير القرآن العظيم: 1/330]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قال اللّه عزّ وجلّ: {ففهّمناها سليمان وكلّا آتينا حكما وعلما وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن والطّير وكنّا فاعلين}

أي فهمناه القضية، والحكومة.
{وكلّا آتينا حكما وعلما}.
وقوله عزّ وجلّ: {وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن والطّير}.
ويجوز والطّير، على العطف على ما في يسبحن، ولا أعلم أحدا قرأ بها.
{وكنّا فاعلين} أي وكنا نقدر على ما نريده، ونصب " الطير " من جهتين "
إحداهما على معنى وسخرنا الطير.
والأخرى على معنى يسبحن مع الطير). [معاني القرآن: 3/400-399]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعلّمناه صنعة لبوسٍ لكم} [الأنبياء: 80] يعني دروع الحديد.
{لتحصنكم} [الأنبياء: 80] به، يعني: تجنّبكم.
{من بأسكم} [الأنبياء: 80] والبأس: القتال.
{فهل أنتم شاكرون} [الأنبياء: 80] فكان داود أوّل من عمل الدّروع، وكانت قبل ذلك صفائح). [تفسير القرآن العظيم: 1/330]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وعلّمناه صنعة لبوسٍ لّكم لتحصنكم...}

و(ليحصنكم) و(لنحصنكم) فمن قال: (ليحصنكم) بالياء كان لتذكير اللّبوس. ومن قال: (لتحصنكم) بالتاء ذهب إلى تأنيث الصنعة. وإن شئت جعلته لتأنيث الدروع لأنها هي اللبوس.
ومن قرأ: (لنحصنكم)، بالنون يقول: لنحصنكم نحن: وعلى هذا المعنى يجوز (ليحصنكم) بالياء الله من بأسكم أيضاً). [معاني القرآن: 2/209]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وعلّمناه صنعة لبوس لّكم} واللبوس: السلاح كلما من درع إلى رمح وقال الهذلي:
[مجاز القرآن: 2/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {علّمناه صنعة لبوسٍ لكم} يعني الدّروع.
{لتحصنكم من بأسكم} أي من الحرب). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعلّمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون}
وقرئت (لنحصنكم من بأسكم) بالنون، ويجوز (ليحصنكم) بالياء.
فمن قرأ بالياء أراد ليحصنكم هذا اللبوس، ويجوز على معنى ليحصنكم بالياء، فمن قرأ بالياء أراد ليحصنكم هذا اللبوس، ويجوز على معنى ليحصنكم اللّه من باسكم وهي مثل لنحصنكم – بالنون ومن قرأ بالتاء أراد لتحصنكم الصنعة.
فهذه الثلاثة الأوجه قد قرئ بهنّ، ويجوز فيها ثلاث لم يقرأ بهن، ولا ينبغي أن يقرأ بهن لأن القراءة سنة.
يجوز لنحصّنكم بالنون والتشديد، ولتحصّنكم بالتاء والتشديد.
وليحصّنكم بالياء مشددة الصاد في هذه الثلاث.
وعلّم الله داوود صنعة الدروع من الزرد، ولم تكن قبل داوود عليه السلام فجمعت الخفة والتحصين، كذا روي). [معاني القرآن: 3/400]

تفسير قوله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولسليمان الرّيح} [الأنبياء: 81] أي: وسخّرنا لسليمان الرّيح.
{عاصفةً} [الأنبياء: 81] لا تؤذيه.
{تجري بأمره} [الأنبياء: 81] مسخّرةً.
قوله: {تجري بأمره إلى الأرض الّتي باركنا فيها} [الأنبياء: 81] وهي أرض الشّام وأفضلها فلسطين.
قال: {وكنّا بكلّ شيءٍ عالمين} [الأنبياء: 81]
قال: حدّثني عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، عن عمر بن موسى، عن عقبة بن وسّاجٍ قال: ما ينقص من الأرض يزاد في الشّام، وما ينقص من الشّام يزاد بفلسطين.
نا سعيدٌ، عن قتادة قال: ما نقص من الأرض زيد في الشّام، وما نقص من الشّام زيد في فلسطين.
وذلك أنّه يقال: إنّها أرض المحشر والمنشر، وبها يجتمع النّاس.
- قال قتادة: وحدّث أبو قلابة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «رأيت فيما يرى النّائم كأنّ الملائكة حملت عمود الكتاب فوضعته بالشّام، فأوّلتها فضل الشّام، إنّ الفتن إذا وقعت كان الإيمان بالشّام».
الصّلت بن دينارٍ، عن أبي صالحٍ، عن نوفٍ البكاليّ قال: تخرب الأمصار قبل الشّام بأربعين عامًا، وإنّما ضمنت لأهلها برًّا وزيتًا حتّى تقوم السّاعة وإنّ بها قبر اثنين وسبعين نبيًّا، وإنّ إليها المحشر والمنشر، وإنّ بها الميزان، وإنّ
[تفسير القرآن العظيم: 1/331]
الصّخرة تخرج من تحتها أربعة أنهارٍ: سيحون، وجيحون، والنّيل، والفرات). [تفسير القرآن العظيم: 1/332]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {تجري بأمره إلى الأرض...}

كانت تجري بسليمان إلى كلّ موضع؛ ثم تعود به من يومه إلى منزله. فذلك قوله: {تجري بأمره إلى الأرض} ). [معاني القرآن: 2/209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {عاصفةً} شديدة الحر.
وقال في موضع آخر: {فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاءً}، أي لينة. كأنها كانت تشتدّ إذا أراد، وتلين إذا أراد). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولسليمان الرّيح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض الّتي باركنا فيها وكنّا بكلّ شيء عالمين}
وقرئت الرياح عاصفة، وقرئت الريح عاصفة - برفع الريح.
فمن قرأ الريح عاصفة بالنصب فهي عطف على الجبال.
والمعنى وسخرنا مع داود الجبال، وسخرنا لسليمان الريح، وعاصفة منصوب على الحال ومن قرأ الريح رفع كما تقول: لزيد المال، وهذا داخل في معنى التسخير،
لأنه إذا قال {تجري بأمره إلى الأرض} ففي الكلام دليل على أن اللّه جل ثناؤه - سخّرها). [معاني القرآن: 3/401-400]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن الشّياطين من يغوصون له} [الأنبياء: 82] وهذا على الجماعة.
{ويعملون عملا دون ذلك} [الأنبياء: 82] دون الغوص.
وكانوا يغوصون في البحر فيخرجون له اللّؤلؤ.
وقال في آيةٍ أخرى: {كلّ بنّاءٍ وغوّاصٍ} [ص: 37].
وقال قتادة: ورّث اللّه سليمان داود نبوّته، وملكه، وزاد سليمان على ذلك أنّ اللّه تبارك وتعالى سخّر له الرّيح والشّياطين.
قوله: {وكنّا لهم حافظين} [الأنبياء: 82] حفظهم اللّه عليه ألا يذهبوا ويتركوه، فكانوا مسخّرين له.
وقال الحسن: لم يسخّر له في هذه الأعمال وفيما يصفّد، يجعلهم في السّلاسل من الجنّ، إلا الكفّار منهم.
واسم الشّيطان لا يقع إلا على الكافر من الجنّ.
حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن عطيّة العوفيّ قال: أمر سليمان ببناء بيت المقدس، فقالوا له: زوبعة الشّيطان له عينٌ في جزيرةٍ في البحر، يردها كلّ سبعةٍ أيّامٍ يومًا.
فأتوها، فنزحوها ثمّ صبّوا فيها خمرًا.
فجاء لورده، فلمّا أبصر الخمر قال في كلامٍ له: ما علمت أنّك إذا شربك صاحبك لممًا يظهر عليه عدوّه، في أساجع.
لا أذوقك اليوم.
فذهب ثمّ رجع لظمأٍ آخر.
فلمّا رآها قال كما قال أوّل مرّةٍ.
ثمّ ذهب فلم يشرب.
ثمّ جاء لظمأٍ آخر لإحدى وعشرين ليلةً، قال: ما علمت أنّك لتذهبين الهمّ، في سجعٍ له.
فشرب منها، فسكر.
فجاءوا إليه، فأروه خاتم السّخرة فانطلق معهم إلى سليمان.
فأمرهم بالبناء، فقال زوبعة: دلّوني على بيض الهدهد.
فدلّ
[تفسير القرآن العظيم: 1/332]
على عشّه.
فأكبّ عليه جمجمةً، يعني زجاجةً.
فجاء الهدهد فجعل لا يصل إليه، فانطلق، فجاء بالماس الّذي يثقب به الياقوت، فوضعه عليها، فقطّ الزّجاجة نصفين، ثمّ ذهب ليأخذه فأعجزه، فجاءوا بالماس إلى سليمان، فجعلوا يستعرضون الجبال كأنّما يخطّون في نواحيها في طينٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/333]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويعملون عملاً دون ذلك...}

دون الغوص. يريد سوى الغوص. من البناء.
وقوله: {وكنّا لهم حافظين} للشياطين. وذلك أنهم كانوا يحفظون من إفساد ما يعملون فكان سليمان إذا فرغ بعض الشياطين من عمله وكّله بالعمل الآخر،
لأنه كان إذا فرغ ممّا يعمل فلم يكن له شغل كرّ على تهديم ما بنى فذلك قوله: {وكنّا لهم حافظين} ). [معاني القرآن: 2/209]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومن الشّياطين من يغوصون له} " ومن " يقع على الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث.
قال الفرزدق:
تعال فإن عاهدتني لا تخونني=نكن مثل من يا دئب يصطحبان
وكذلك يقع على المؤنث كقوله " ومن يقنت منكنّ لله ورسوله وتعمل صالحاً "، وقد يجوز أن يخرج لفظ فعل: " من " على لفظ الواحد والمعنى على الجميع؛
كقولك: من يفعل ذلك، وأنت تسأل عن الجميع). [مجاز القرآن: 2/41]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ومن الشّياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنّا لهم حافظين}
وقال: {ومن الشّياطين من يغوصون له} فذكر الشياطين وليسوا من الإنس إلاّ أنّهم مثلهم في الطاعة والمعصية. ألا ترى أنك تقول "الشياطين يعصون" ولا تقول: "يعصين" ،
وإنما جمع {يغوصون} و{من} في اللفظ واحد لأن {من} في المعنى لجماعة.
قال الشاعر:
لسنا كمن جعلت إيادٍ دارها = تكريت تنظر حبّها أن يحصدا
وقال:
أطوف بها لا أرى غيرها = كما طاف بالبيعة الرّاهب
فجعل "الراهب" بدلا من {ما} كأنه قال "كالذي طاف" وتقول العرب: "إنّ الحقّ من صدّق الله" أي: "الحقّ حقّ من صدّق الله"). [معاني القرآن: 3/8-7]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومن الشّياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنّا لهم حافظين}
يجوز أن يكون موضع " من " نصبا عطفا على الريح، ويجوز أن يكون " من " - في موضع رفع من جهتين:
إحداهما العطف على الريح، المعنى ولسليمان الريح وله من يغوصون من الشياطين، ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء، ويكون " له " الخبر.
وقوله: {ويعملون عملا دون ذلك}معناه سوى ذلك، أي سوى الغوص.
{وكنّا لهم حافظين}كان اللّه يحفظهم من أن يفسدوا ما عملوا). [معاني القرآن: 3/401]

تفسير قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأيّوب إذ نادى ربّه أنّي مسّني الضّرّ} [الأنبياء: 83] قال قتادة: المرض.
وقال الحسن كقوله: {أنّي مسّني الشّيطان بنصبٍ وعذابٍ} [ص: 41] قال الحسن: إنّ إبليس قال: يا ربّ، هل من عبيدك عبدٌ إن سلطّتني عليه امتنع منّي؟ قال: نعم، عبدي أيّوب.
قال: فسلّطه عليه ليجهد جهده، ويضلّه بخباله وغروره فامتنع منه.
قال إبليس: يا ربّ، إنّه قد امتنع منّي، فسلّطني على ماله.
فسلّطه على ماله فجعل يهلك ماله صنفًا صنفًا ويأتيه فيقول: يا أيّوب هلك مالك في موضع كذا وكذا فيقول: الحمد للّه، اللّهمّ أنت أعطيته، وأنت أخذته منّي، إن تبق لي نفسي أحمدك على بلائك.
قال إبليس: يا ربّ إنّ أيّوب لا يبالي بماله، فسلّطني على جسده.
فسلّطه اللّه عليه فمكث سبع سنين وأشهرًا في العذاب حتّى وقعت الأكلة في جسده.
قال يحيى: وبلغني أنّ الدّودة كانت تقع من جسده فيردّها في مكانها ويقول: كلي ممّا رزقك اللّه.
قال الحسن: فدعا ربّه: {أنّي مسّني الشّيطان بنصبٍ وعذابٍ} [ص: 41] وقال في هذه الآية: {أنّي مسّني الضّرّ وأنت أرحم الرّاحمين} [الأنبياء: 83] فأوحى اللّه إليه أن: {اركض برجلك} [ص: 42] فركض برجله ركضةً وهو لا يستطيع القيام.
فإذا عينٌ فاغتسل منها، فأذهب اللّه تبارك وتعالى ظاهر دائه، ثمّ مشى على رجليه أربعين
[تفسير القرآن العظيم: 1/333]
ذراعًا، ثمّ قيل له: {اركض برجلك} [ص: 42] أيضًا، فركض برجله ركضةً أخرى، فإذا عينٌ، فشرب منها، فأذهب اللّه تبارك وتعالى باطن دائه، وردّ عليه أهله، وولده وأمواله من البقر، والغنم، والحيوان، وكلّ شيءٍ هلك بعينه.
ثمّ أبقاه اللّه فيها حتى وهب له من نسولها أمثالها، فهو قوله: {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم} [ص: 43] قال قتادة: أحيا اللّه له أهله بأعيانهم، وأعطاه مثلهم معهم.
وقال الحسن: إنّ اللّه تبارك وتعالى أحيا ولد أيّوب بأعيانهم، وكانوا ماتوا قبل آجالهم تسليطًا من اللّه للشّيطان عليهم، فأحياهم اللّه، فوفّاهم آجالهم.
وإنّ اللّه تبارك وتعالى أبقاه فيهم حتّى أعطاه من نسولهم مثلهم.
وإنّ إبليس قال: يا أيّوب وهو يأتيه عيانًا، اذبح لي سخلةً من غنمك، قال: لا ولا كفًّا من ترابٍ.
- الصّلت بن دينارٍ، عن أبي عثمان النّهديّ قال: سمعت عبد اللّه بن مسعودٍ يقول: لا يبلغ عبدٌ الكفر والإشراك حتّى يذبح لغير اللّه، أو يصلّي لغير اللّه، أو يدعو غير اللّه.
وحدّثني أبو أميّة، عن الحسن قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى يحتجّ على النّاس يوم القيامة بثلاثةٍ من الأنبياء، فيجيء العبد فيقول: أعطيتني جمالًا في الدّنيا فأعجبت به، ولولا ذلك لعملت بطاعتك.
فيقول اللّه له تبارك وتعالى: الجمال الّذي أعطيت في الدّنيا أفضل أو الجمال الّذي أعطي يوسف؟ فيقول العبد: لا، الجمال الّذي أعطي يوسف.
فيقول اللّه: إنّ يوسف كان يعمل بطاعتي، فيحتجّ عليه بذلك.
ويأتي العبد فيقول: ابتليتني في الدّنيا، ولولا ذلك لعملت بطاعتك.
فيقول اللّه له: البلاء الّذي ابتليت به في الدّنيا أشدّ أو البلاء الّذي ابتلي به أيّوب؟ فيقول العبد: البلاء الّذي ابتلي به أيّوب.
فيقول اللّه له تبارك وتعالى: قد كان أيّوب يعمل بطاعتي، فيحتجّ عليه بذلك.
ويجيء العبد فيقول: أعطيتني ملكًا في الدّنيا فأعجبت به، ولولا ذلك لعملت بطاعتك.
فيقول اللّه تبارك وتعالى: الملك الّذي أعطيتك في الدّنيا أفضل أو الملك الّذي أعطي سليمان؟ فيقول العبد: الملك الّذي أعطي سليمان.
فيقول اللّه: قد كان سليمان يعمل بطاعتي، فيحتجّ اللّه عليه بذلك.
[تفسير القرآن العظيم: 1/334]
وحدّثني أبو أميّة عن الحسن أنّ أيّوب لم يبلغه شيءٌ يقوله النّاس كان أشدّ عليه من قولهم: لو كان نبيًّا ما ابتلي بالّذي ابتلي به.
فدعا اللّه فقال: اللّهمّ إن كنت تعلم أنّي لم أعمل حسنةً في العلانية إلا عملت في الشّرّ مثلها فاكشف ما بي من ضرٍّ وأنت أرحم الرّاحمين.
فاستجاب اللّه له، فوقع ساجدًا، وأمطر عليه فراش الذّهب فجعل يلتقطه ويجمعه). [تفسير القرآن العظيم: 1/335]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(والضُّرّ: الشدة والبلاء ... ومنه المرض، كقول أيوب عليه السّلام: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}،

{فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا}). [تأويل مشكل القرآن: 483]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأيّوب إذ نادى ربّه أنّي مسّني الضّرّ وأنت أرحم الرّاحمين}
(أيّوب) منصوب على معنى واذكر أيّوب). [معاني القرآن: 3/401]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {رحمةً من عندنا وذكرى للعابدين} [الأنبياء: 84] يعني أنّ الّذي كان ابتلي به أيّوب لم يكن من هوانه على اللّه، ولكنّ اللّه تبارك وتعالى أراد كرامته بذلك وجعل ذلك عزاءً للعابدين بعده فيما يبتلون به، وهو قوله عزّ وجلّ: {وذكرى للعابدين} [الأنبياء: 84] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/335]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وآتيناه أهله ومثلهم مّعهم...}

ذكر أنه كان لأيّوب سبعة بنين وسبع بناتٍ فماتوا في بلائه. فلمّا كشفه الله عنه أحيا الله له بنيه وبناته، وولد له بعد ذلك مثلهم.
فذلك قوله: {أهله ومثلهم مّعهم رحمةً} فعلنا ذلك رحمةً). [معاني القرآن: 2/209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضرّ وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين}
أكثر التفاسير أن اللّه - جل ثناؤه - أحيا من مات من بنيه وبناته ورزقه مثلهم من الولد، وقيل {آتيناه أهله ومثلهم معهم} آتيناه في الآخرة). [معاني القرآن: 3/401]

تفسير قوله تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كلٌّ من الصّابرين} [الأنبياء: 85]
- سعيدٌ، عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ الأشعريّ قال: إنّ ذا الكفل لم يكن نبيًّا ولكنّه كان عبدًا صالحًا، تكفّل بعمل رجلٍ صالحٍ عند موته كان يصلّي للّه كلّ يومٍ مائة صلاةٍ فأحسن اللّه عليه الثّناء.
عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: إنّ ذا الكفل كان رجلًا صالحًا وليس بنبيٍّ، تكفّل لنبيٍّ بأن يكفل له أمر قومه، ويقيمه لهم، ويقضي بينهم بالعدل). [تفسير القرآن العظيم: 1/335]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كلّ من الصّابرين}

هذا كله منصوب على (واذكر).
يقال إن ذا الكفل سمي بهذا الاسم لأنه تكفل بأمر نبّيّ في أمّته فقام بما يجب فيهم وفيه، ويقال إنه تكفل بعمل رجل صالح فقام به، والكفل في اللغة الكساء الذي يجعل وراء الرّحل على عجز البعير، وقيل الكفل أيضا النصيب،
قال اللّه عزّ وجلّ: {يؤتكم كفلين من رحمته} ). [معاني القرآن: 3/402-401]

تفسير قوله تعالى: {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأدخلناهم في رحمتنا} [الأنبياء: 86] يعني الجنّة.
{إنّهم من الصّالحين} [الأنبياء: 86] والصّالحون هم أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/335]


رد مع اقتباس