عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:11 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يسبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ (1) هو الّذي خلقكم فمنكم كافرٌ ومنكم مؤمنٌ واللّه بما تعملون بصيرٌ (2) خلق السّماوات والأرض بالحقّ وصوّركم فأحسن صوركم وإليه المصير (3) يعلم ما في السّماوات والأرض ويعلم ما تسرّون وما تعلنون واللّه عليمٌ بذات الصّدور (4)
قوله تعالى: وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ عموم معناه التنبيه، والشيء: الموجود). [المحرر الوجيز: 8/ 317]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: هو الّذي خلقكم تعديد نعمة، والمعنى فمنكم كافرٌ لنعمته في الإيجاد حين لم يوجد كافر لجهله بالله تعالى، ومنكم مؤمنٌ بالله، والإيمان به شكر لنعمته، فالإشارة في هذا التأويل في الإيمان والكفر هي إلى اكتساب العبد، هذا قول جماعة من المتأولين، وحجتهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة»، وقوله تعالى: فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها [الروم: 30]، وكأن العبارة في قوله تعالى: فمنكم تعطي هذا، وكذلك يقويه قوله: واللّه بما تعملون بصيرٌ. وقيل: المعنى «خلقكم منكم مؤمن ومنكم كافر» في أصل الخلق فهي جملة في موضع الحال، فالإشارة على هذا في الإيمان والكفر هي إلى اختراع الله تعالى وخلقه، وهذا تأويل ابن مسعود وأبي ذر، ويجري مع هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم يكون في بطن أمه نطفة أربعين يوما، ثم علقة أربعين يوما، ثم مضغة أربعين يوما، ثم يجيء الملك فيقول يا رب: أذكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد؟ فما الرزق فما الأجل؟ فيكتب ذلك في بطن أمه» فقوله في الحديث: «أشقي أم سعيد» هو في هذه الآية: فمنكم كافرٌ ومنكم مؤمنٌ ويجري مع هذا المعنى قوله في الغلام الذي قتله الخضر: إنه طبع يوم طبع كافرا، وما روى ابن مسعود أنه عليه السلام قال: «خلق الله فرعون في البطن كافرا وخلق يحيى بن زكرياء مؤمنا» وقال عطاء بن أبي رباح: فمعنى الآية: فمنكم كافرٌ بالله مؤمنٌ بالكوكب، ومؤمن بالله كافر بالكوكب، وقدم الكافر لأنه أعرف من جهة الكثرة). [المحرر الوجيز: 8/ 317-318]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: بالحقّ أي حين كان خلقها محقوقا في نفسه ليست عبثا ولا لغير معنى.
وقرأ جمهور الناس: «صوركم» بضم الصاد، وقرأ أبو رزين: «صوركم» بكسرها، وهذا تعديد النعمة في حسن الخلقة، لأن أعضاء ابن آدم متصرفة لجميع ما تتصرف به أعضاء الحيوان، وبزيادات كثيرة فضل بها ثم هو مفضل بحسن الوجه، وجمال الجوارح، وحجة هذا قوله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ [التين: 4]، وقال بعض العلماء: النعمة المعددة هنا إنما هي صورة الإنسان من حيث هو إنسان مدرك عاقل، فهذا هو الذي حسن له حتى لحق ذلك كمالات كثيرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والقول الأول أحرى في لغة العرب، لأنها لا تعرف الصور إلا الشكل). [المحرر الوجيز: 8/ 318-319]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وذكر تعالى علمه بما في السماوات والأرض، فعم عظام المخلوقات، ثم تدرج القول إلى أخفى من ذلك وهو جميع ما يقوله الناس في سر وفي علن، ثم تدرج إلى ما هو أخفى، وهو ما يهجس بالخواطر، وذات الصدور: ما فيها من خطرات واعتقادات كما يقال: الذئب مغبوط بذي بطنه، كما قال أبو بكر رضي الله عنه: إنما هو ذو بطن بنت خارجة، و «الصدور» هنا عبارة عن القلب، إذا القلب في الصدر). [المحرر الوجيز: 8/ 319]


رد مع اقتباس