عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 05:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بذكر هود عليه السلام وقومه عاد على جهة المثال لقريش، وهذه الأخوة هي أخوة القرابة، لأن هودا عليه السلام كان من أشراف القبيلة التي هي عاد.
واختلف الناس في هذه الأحقاف، أين كانت؟ فقال ابن عباس، والضحاك: هي جبل بالشام، وقيل: كانت بلاد نخيل، وقيل: هي الرمال بين مهرة وعدن، وقال ابن عباس أيضا: بين عمان ومهرة، وقال قتادة: هي بلاد الشحر المواصلة للبحر اليماني، وقال ابن إسحاق: هي بين حضرموت وعمان، والصحيح من الأقوال أن بلاد عاد كانت في اليمن ولهم إرم ذات العماد، و"الأحقاف": جمع حقف، وهو الجبل المستطيل والمعوج من الرمل، قال الخليل: هي الرمال العظام، وكثيرا ما تحدث هذه الأحقاف في بلاد الرمل في الصحاري، لأن الريح تصنع ذلك.
وقوله تعالى: {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه} اعتراض مؤكد مقيم للحجة أثناء قصة هود عليه السلام، لأن قوله تعالى: {ألا تعبدوا إلا الله} هو من نذارة هود عليه السلام، و"خلت": معناه: مضت إلى الخلاء ومرت أزمانها، وفي مصحف عبد الله رضي الله عنه: "وقد خلت النذر من قبله وبعده"، وروي فيه: "وقد خلت النذر من بين يديه ومن بعده"، والنذر: جمع نذير بناء اسم فاعل). [المحرر الوجيز: 7/ 625]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقولهم: "لتأفكنا" معناه: لتصرفنا، وقولهم: {فأتنا بما تعدنا} تصميم على التكذيب وتعجيز منهم له في زعمهم). [المحرر الوجيز: 7/ 625]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون * فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين * ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}
المعنى: قال لهم هود عليه السلام: إن هذا الوعيد ليس من قبلي، وإنما الأمر لله تعالى وعلم وقته عنده، وإنما علي أن أبلغ فقط، وقرأ جمهور الناس: "وأبلغكم" بفتح الباء وشد اللام، قال أبو حاتم: وقرأ أبو عمرو في كل القرآن بسكون الباء وتخفيف اللام، وأراكم قوما تجهلون أي: مثل هذا من أمر الله تعالى، وتجهلون خلق أنفسكم). [المحرر الوجيز: 7/ 625-626]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في: "رأوه" يحتمل أن يعود على العذاب، ويحتمل أن يعود على الشيء المرئي الطارئ عليهم، وهو الذي فسره قوله: "عارضا"، والعارض ما يعرض في الجو من السحاب الممطر، ومنه قول الأعشى:
يا من رأى عارضا قد بت أرمقه ... كأنما البرق في حافاته الشعل
وقال أبو عبيدة: العارض: الذي في أقطار السماء عشيا ثم يصبح من الغد قد استوى، وروي في معنى قوله تعالى: {مستقبل أوديتهم} أن هؤلاء القوم كانوا قد قحطوا مدة، فطلع عليهم هذا العارض على الهيئة والجهة التي يمطرون بها أبدا، جاءهم من قبل واد لهم يسمونه المغيث، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ففرحوا به وقالوا: هذا عارض ممطرنا، وقد كذب هو فيما أوعد به، فقال لهم هود عليه السلام: ليس الأمر كما رأيتم، بل هو ما استعجلتم به في قولكم: فأتنا بما تعدنا، ثم قال: {ريح فيها عذاب أليم}، وفي قراءة ابن مسعود: " ممطرنا قال هود بل هو" بإظهار المقدر، لأن قراءة الجمهور هي كقوله تعالى: {يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم}، أي: يقولون: سلام عليكم.
قال الزجاج: وقرأ قوم: "بل هو ما استعجلتم به" بضم التاء الأولى وكسر الجيم، و"ريح" بدل من المبتدأ في قوله: "هو ما"، و"ممطرنا" هو نعت لـ "عارض"، وهو نكرة إضافته غير محضة، لأن التقدير: ممطر لنا في المستقبل، فهو في حكم الانفصال، وقد مضى في غير هذه السورة قصص الريح التي هبت عليهم، وأنها كانت تحمل الظعينة كجرادة). [المحرر الوجيز: 7/ 626]

تفسير قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(و "تدمر" معناه: تهلك، والدمار: الهلاك، ومنه قول جرير:
وكان لهم كبكر ثمود لما ... رغا دهرا فدمرهم دمارا
وقوله تعالى: {كل شيء} ظاهره العموم ومعناه: الخصوص في كل ما أمرت بتدميره، وروي أن هذه الريح رمتهم أجمعين في البحر.
وقرأ حمزة وعاصم: "لا يرى بالياء على بناء الفعل للمفعول، "مساكنهم" رفعا. التقدير: لا يرى شيء منهم، وقرأ جمهور القراء: "لا ترى إلا مساكنهم" أي: لا ترى أيها المخاطب شيئا منهم، [وهي قراءة ابن مسعود، وعمرو بن ميمون، والحسن -بخلاف عنه- ومجاهد وعيسى وطلحة]، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، والجحدري، وقتادة، وعمرو بن ميمون، والأعمش، وابن أبي إسحاق، وأبو رجاء، ومالك بن دينار يعني بلا خلاف عنهما خاصة ممن ذكر-: "لا ترى" بالتاء المنقوطة من فوق مضمومة "إلا مساكنهم" رفعا، ورويت عن ابن عامر، وهذا نحو قول ذي الرمة:
كأنه جمل وهم وما بقيت ... إلا النجيزة والألواح والعصب
ونحو قوله:
... ... ... ... ... فما بقيت إلا الضلوع الجراشع
وفي هذه القراءة استكراه، وقرأ الأعمش، وعيسى: "مسكنهم" على الإفراد الذي هو اسم الجنس، والجمهور على الجمع في اللفظة، ووجه الإفراد تصغير الشأن وتقريبه، كما قال تعالى: {ثم يخرجكم طفلا}).[المحرر الوجيز: 7/ 627-628]

رد مع اقتباس