عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:03 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليلٍ * وأرسل عليهم طيرًا أبابيل * ترميهم بحجارةٍ مّن سجّيلٍ * فجعلهم كعصفٍ مّأكولٍ}
{كيف}
نصب بـ {فعل}.
والجمهور على أنه فيلٌ واحدٌ.
وقال الضّحّاك:
«ثمانيةٌ»؛ فهو اسم الجنس. وقوله مردودٌ.
وحكى النّقّاش ثلاثة عشر.
وهذه السورة تنبيهٌ على اعتبارٍ في أخذ اللّه عزّ وجلّ لأبرهة ملك الحبشة ولجيشه حين أمّ به الكعبة ليهدمها، وكان صاحب فيلٍ يركبه.
وقصّته مشهورةٌ في السيرة طويلةٌ، واختصارها أنه بنى في اليمن بيتًا، وأراد أن يرد إليه حجّ العرب، فذهب عربيٌّ فأحدث في البيت الذي بناه أبرهة، فغضب لذلك واحتفل في جموعه وركب الفيل وقصد مكّة، وغلب من تعرّضه في طريقه من قبائل العرب، فلمّا وصل ظاهر مكة، وفرّ عبد المطّلب وقريشٌ إلى الجبال والشّعاب، وأسلموا له البلد وغلب طغيانه، ولم يكن للبيت من البشر من يعصمه - جاءت قدرة الواحد القهّار، وأخذ العزيز المقتدر الجبّار، فأصبح أبرهة ليدخل مكة ويهدم الكعبة، فبرك فيله بذي المغمّس ولم يتوجّه قبل مكة، فبضعوه بالحديد، فلم يمش إلى ناحية مكة، وكان إذا وجّهوه إلى غيرها هرول.
فبينما هم كذلك في أمر الفيل بعث اللّه تعالى عليهم طيرًا جماعاتٍ سودًا من البحر، وقيل: خضرًا، عند كلّ طيرٍ ثلاثة أحجارٍ في منقاره ورجليه، كلّ حجرٍ فوق العدسة ودون الحمّصة، فرمتهم بتلك الحجارة، وكان الحجر منها يقتل المرميّ، وتتهرّأ لحومهم جربًا وأسقامًا.
وانصرف أبرهة بمن معه يريد اليمن، فماتوا في طريقهم متفرّقين في كلّ مرحلةٍ، وتقطّع أبرهة أنملةً أنملةً حتى مات، وحمى اللّه تعالى بيته المرفّع.
فنزلت هذه السورة منبّهةً على الاعتبار بهذه القصة؛ ليعلم الكلّ أن الأمر كلّه له تعالى، ويستسلموا للإله الذي ظهرت في ذلك قدرته حين لم تغن الأصنام شيئًا.
فأصحاب الفيل هم أبرهة الملك ورجاله.
وقرأ أبو عبد الرحمن: (ألم تر) بسكون الراء). [المحرر الوجيز: 8/ 689-690]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(التّضليل): الخسار والتّلف). [المحرر الوجيز: 8/ 690]

تفسير قوله تعالى: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(الأبابيل): الجماعات تجيء شيئًا بعد شيءٍ. وقال أبو عبيدة: لا واحد له من لفظه. وهذا هو الصحيح لا ما تكلّفه بعض النّحاة. وقال كعبٌ:
كادت تهدّ من الأصوات راحلتي = إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل). [المحرر الوجيز: 8/ 690]

تفسير قوله تعالى: {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقد تقدّم تفسير (حجارة السّجّيل) غير مرةٍ، وهو من (سنج وكل) أي: ماءٍ وطينٍ، كأنها الآجرّ ونحوه مما طبخ. وهي المسوّمة عند اللّه تعالى للكفار والظالمين). [المحرر الوجيز: 8/ 690]

تفسير قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(العصف): ورق الحنطة وتبنه، ومنه قول علقمة بن عبدة:
تسقي مذانب قد زالت عصيفتها ....... حدورها من أتيّ الماء مطموم
والمعنى: صاروا طحينًا ذاهبًا كورق الحنطة أكلته الدوابّ وراثته، فجمع المهانة والخسّة والتلف.
وقرأ أبو المليح الهذليّ: (فتركهم كعصفٍ). وقال أبو حاتمٍ: وقرأ بعضهم: (فجعلتهم) - يعنون الطير- بفتح اللام وتاءٍ ساكنةٍ.
وقال عكرمة: (العصف):
«حبّ البرّ إذا أكل فصار أجوف».
وقال الفرّاء: هو أطراف الزّرع قبل أن يسنبل.
وهذه السورة متّصلةٌ في مصحف أبيّ بن كعبٍ بسورة: لإيلاف قريشٍ، لا فصل بينهما، وقال سفيان بن عيينة: كان لنا إمامٌ يقرأ بهما متّصلةً سورةً واحدةً). [المحرر الوجيز: 8/ 690-691]


رد مع اقتباس