الموضوع: سورة النحل
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 1 محرم 1434هـ/14-11-2012م, 07:36 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله عز وجل: {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا (67)}

قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) حدثنا همّام بن يحيى البصري قال: (ومن سورة النحل

وعن قوله عز وجل: {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} فأما الرزق فهو ما أحل مما يأكلون وينبذون ويخللون ويعصرون وأما السكر فهو خمر الأعاجم فأنزل الله عز وجل هذه الآية والخمر يومئذ لهم حلال ثم جاء تحريم الخمر في سورة المائدة فقال: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر} قرأ إلى آخرها ).[الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/44]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (أولاهن: قوله تعالى: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا...} الآية [67 مكية / النحل / 16] نسخت بقوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم} [33 / الأعراف / 7]
يعني الخمر وقيل بقوله: {فهل أنتم منتهون} [91 مدنية / المائدة / 5] أي انتهوا). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 43]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (قال أبو جعفرٍ: في هذه السّورة موضعان يصلحان في هذا الكتاب ، أحدهما قوله تعالى: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} [النحل: 67]
قال أبو جعفرٍ حدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن الأسود بن قيسٍ، عن عمرو بن سفيان، عن ابن عبّاسٍ، أنّه سئل عن هذه الآية، {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} [النحل: 67] قال: «السّكر ما حرّم من ثمراتها والرّزق الحسن ما حلّ من ثمراتها»
قال عبد الرّزّاق، وأخبرنا معمرٌ، عن قتادة، {تتّخذون منه سكرًا} [النحل: 67] قال: «خمور الأعاجم ونسخت في سورة المائدة» قال: «والرّزق الحسن ما ينتبذون ويخلّلون ويأكلون»
قال أبو جعفرٍ: والقول في أنّها منسوخةٌ يروى عن سعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ، والشّعبيّ، وإبراهيم النّخعيّ، وأبي رزينٍ
قال أبو جعفرٍ: الحقّ في هذا أنّه خبرٌ لا يجوز فيه نسخٌ ولكن يتكلّم العلماء بشيءٍ فيتأوّل عليهم ما هو غلطٌ لأنّ قول قتادة: «ونسخت يعني الخمر
أي نسخت إباحتها والدّليل على هذا
أنّ سعيدًا روى عن قتادة، قال: نزلت هذه الآية: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا} [النحل: 67] والخمر يومئذٍ حلالٌ ثمّ أنزل اللّه بعد تحريمها في سورة المائدة "
قال أبو جعفرٍ: وهذا قولٌ حسنٌ صحيحٌ أخبر اللّه تعالى أنّهم يفعلون هذا ونزل قبل تحريم الخمر على أنّ جماعةً من أهل العلم والنّظر قالوا غير ما تقدّم منهم أبو عبيدة
قال السّكر الطّعم وقال غيره السّكر ما سدّ الجوع مشتقٌّ من قولهم سكرت النّهر أي سددته فتتّخذون منه سكرًا على هذا ما كان من العجوة والرّطب وهو معنى قول أبي عبيدة إذا شرح ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/485-487]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الأولى قوله تعالى {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتّخذون منه سكراً ورزقاً حسناً} أي وتعدلون عن الرزق الحسن وهذه الآية ظاهرها التعداد بالنعمة وباطنها توبيخ وتعيير ونسخت بالآية الّتي في سورة المائدة وهي قوله تعالى {يا أيّها الّذين آمنوا إنّما الخمر} إلى قوله {لعلّكم تفلحون} وموضع التّحريم قوله تعالى {فاجتنبوه} وقيل موضع التّحريم قوله تعالى {فهل أنتم منتهون}). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 113]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {تتّخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا}:
من تأوّل أن السّكر في الآية: خمور الأعاجم، قال: هو منسوخ بتحريم الخمر في المائدة وغيرها.
وقيل: إن هذا لم ينسخ لأن الله لم يأمرنا باتخاذ ذلك ولا أباحه لنا
في هذه الآية، إنما أخبرنا بما كانوا يصنعون من النخيل من السّكر الذي حرّمه الله في المائدة.
وقيل: إن هذا الخبر وشبهه جائزٌ نسخه، والأخبار على ضربين:
- ضربٌ يخبرنا الله به عن شيءٍ أنه كان أو أنه يكون، وهذا لا يجوز نسخه وكذلك إذا أخبرنا عن شيءٍ بأن يخبرنا الله أنه ما كان أو أنه لا يكون تعالى الله عن ذلك.
- والضّرب الثاني من الخبر هو الذي يجوز نسخه: وهو أن يخبرنا أن قومًا فعلوا شيئًا، أو استباحوا أمرًا، وتمتعوا به، ولم يحرّم ذلك عليهم، ثم يخبرنا الله أنه محرّمٌ علينا، فينسخ ما أخبرنا به أنه كان مباحًا لمن كان قبلنا، فهذا نسخ المسكوت عنه من فهم الخطاب لأنه قد فهم من قوله: {تتّخذون منه سكرًا} أنه كان مباحًا لهم، فسكت عن حكمنا فيه، فجاز أن يكون مباحًا لنا أيضًا، ثم نسخ جواز إباحته لنا بالتحريم في المائدة، ولو أخبرنا في موضعٍ آخر أنهم لم يتخذوا منه
سكرًا لكان هذا نسخ الخبر، وهذا لا يجوز على الله جلّ ذكره لأنه تعالى لا يخبر بالأخبار إلا على حقيقتها.
ومن قال: إن السّكر: الطعم، وهو قول أبي عبيدة، أو قال السّكر: ما سدّ الجوع، فلا يجوز فيه نسخٌ على هذا). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 331-332]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكراً ورزقاً حسناً}.
اختلف المفسّرون بالمراد بالسكر على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنّه الخمر. قاله ابن مسعودٍ، وابن عمر، وابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهم.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا أبو الفضل البقّال، قال: أبنا أبو الحسن بن بشران، قال: أبنا إسحاق الكاذي، قال: بنا عبد الله بن أحمد ابن حنبلٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني حجّاجٌ عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما {تتّخذون منه سكراً} قال: النّبيذ فنسختها: {إنّما الخمر والميسر} الآية.
أخبرنا ابن ناصرٍ، قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا حفص بن عمر، قال:
بنا شعبة عن مغيرة عن إبراهيم، والشّعبيّ، وأبي رزينٍ أنهم قالوا: {تتّخذون منه سكراً} (قالوا) هذه منسوخةٌ.
أخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريشٍ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر، قال: أبنا محمّد بن إسماعيل بن العباس، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا عبد اللّه بن الصّبّاح، قال: بنا أبو علي الحنفي، قال: بنا إسرائيل عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {تتّخذون منه سكراً}، قال: الخمر.
أخبرنا عبد الوهّاب الحافظ، قال: أبنا أبو طاهرٍ الباقلاويّ، قال: أبنا أبو عليّ بن شاذان، قال: أبنا عبد الرحمن بن الحسن قال: بنا إبراهيم ابن الحسين قال: بنا آدم، قال بنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهد {تتّخذون منه سكراً} قال: السّكر: الخمر قبل تحريمها، وهذا قول الحسن وابن أبي ليلى والزّجّاج، وابن قتيبة ومذهب أهل هذا القول أنّ هذه الآية
نزلت (إذ كانت) الخمر مباحةٌ ثمّ نسخت بقوله: {فاجتنبوه} ومن صرّح بأنّها منسوخةٌ سعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٌ، والشّعبيّ، وقتادة، والنّخعيّ.
ويمكن أن يقال على هذا القول ليست بمنسوخةٍ، ويكون المعنى: أنّه خلق لكم هذه الثّمار لتنتفعوا بها على وجهٍ مباحٍ، فاتّخذتم أنتم منها ما هو محرّمٌ عليكم. ويؤكّد هذا أنّها خبرٌ والأخبار لا تنسخ وقد ذكر نحو هذا المعنى الّذي ذكرته (أبو الوفاء) ابن عقيلٍ فإنّه قال: ليس في الآية ما يقتضي إباحة السّكر، إنّما هي معاتبةٌ وتوبيخٌ.
والقول الثّاني: أنّ السّكر الخلّ بلغة الحبشة روي عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما.
وأخبرنا المبارك بن عليٍّ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريشٍ، قال: أبنا إبراهيم بن عمر، قال: أبنا محمّد بن إسماعيل، قال: بنا أبو بكر ابن أبي داود، قال: بنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي عن الحسين بن الحسن بن عطيّة، عن أبيه عن عطيّة، قال: قال ابن عمر أنّ الحبشة يسمّون الخلّ السّكر. وقال الضّحّاك: هو الخلّ بلسان اليمن.
والثّالث: أنّ السّكر: الطّعم. يقال هذا له سكرٌ أي: طعمٌ. وأنشدوا: جعلت (عنب الأكرمين سكرًا).
قاله: أبو عبيدة، فعلى هذين القولين الآية محكمةٌ.). [نواسخ القرآن: 383-385]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): (الأولى: {ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سكراً ورزقاً حسناً} في السكر أقوال أحدها الخمر فنسخت بقوله {فاجتنبوه} 0 ويمكن أن تكون محكمة ويكون المعنى إنما رزقناكم عنبا فتخذتم منه السكر والثاني أنه الخل بلغة الحبشة والثالث أنه الطعم يقال هذا سكر أي طعم فعلى هذا الآية محكمة).[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 41-42]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (الأول: قوله عز وجل: {تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} الآية [النحل: 67] قالوا: نسخت بقوله عز وجل في "المائدة": {فاجتنبوه} الآية [المائدة: 90] أو بقوله سبحانه: {فهل أنتم منتهون} الآية [المائدة: 91] وليس هذا بمنسوخ بهذا: لأن الله عز وجل أخبر عن حالهم في سورة "النحل" وعما كانوا يفعلون ولم يبح لهم بذلك الخمر ولا أمر باتخاذها.
قالوا: وهذا الخبر وشبهه جائز نسخه؛ لأن الخبر على ضربين: ضرب لا يجوز نسخه مثل أن يخبر الله عز وجل عن شيء أنه كان، أو أنه سيكون.
وضرب يجوز نسخه مثل أن يخبرنا عز وجل عن قوم أنهم فعلوا شيئا واستباحوه أو تمتعوا به ولم يحرم ذلك عليهم، ثم أخبرنا أنه محرم علينا، فنسخ ما كان أخبرنا به أنه كان مباحا لمن كان قبلنا، فهذا نسخ المسكوت عنه من فهم الخطاب؛ لأنه قد فهم من قوله: {تتخذون منه سكرا} الآية [النحل: 67] أي: كان مباحا لهم، وسكت عن حكمنا فيه، فجاز أن يكون لنا مباحا أيضا ثم نسخ جواز إباحته بالتحريم في "المائدة".
وهذا غير صحيح؛ لأنا لم نفهم من قوله عز وجل: {تتخذون منه سكرا} الآية [النحل: 67] أنه كان مباحا لهم، ولو فهمنا ذلك مثلا لم ندر ما حكمه فيه علينا، فكما يجوز أن يكون مباحاً لنا كذلك يجوز أن يكون محرما علينا.
ثم إن القرآن إنما ينسخ القرآن وليس تجويزنا أن يكون مباحا لنا بقرآن فينسخ، على أن الله عز وجل قد أومأ إلى تحريمه وعرض بذمه بقوله عز وجل بعده: {ورزقا حسنا} الآية [النحل: 67] فأشار بذلك إلى أن السكر رزق مذموم غير حسن.
وقال أبو عبيدة: السكر: الطعم، وقيل: السكر: ما سد الجوع. وفيما قدمته ما يغني عن هذين التأويلين). [جمال القراء:1/327]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس