عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 05:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {حم (1) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم * أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين * وكم أرسلنا من نبي في الأولين * وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون * فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين * ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم}
تقدم القول في الحروف في أوائل السور). [المحرر الوجيز: 7/ 532]

تفسير قوله تعالى: {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "والكتاب" خفض بواو القسم. و"المبين": يحتمل أن يكون من "أبان" الذي هو بمعنى "بان"، أي: ظهر، فلا يحتاج إلى مفعول، ويحتمل أن يكون معدى من "بان"، فهذا لابد من مفعول تقديره: المبين الهدى أو الشرع ونحوه.
وقوله تعالى: {إنا جعلناه} معناه: سميناه وصيرناه، وهو إخبار عليه وقع القسم، والضمير في: "جعلناه" عائد على: "الكتاب"، و"عربيا": معناه: بلسانكم لئلا يبقى لكم عذر، وقوله تعالى: {لعلكم}: ترج بحسب معتقد البشر، أي: إذا أبصر المبصر من البشر هذا الفعل منا يُرجى منه أن يعقل الكلام ويفهم.
وقوله تعالى: "وإنه" عطف على قوله تعالى: {إنا جعلناه}، وهذا الإخبار الثاني واقع أيضا تحت القسم، و"أم الكتاب": اللوح المحفوظ، وهذا فيه تشريف للقرآن وترفيع، واختلف المتأولون، كيف هو في "أم الكتاب"؟ فقال قتادة وعكرمة والسدي وعطية بن سعيد: القرآن بأجمعه فيه منسوخ، ومنه كان جبريل صلى الله عليه وسلم ينزل، وهنالك هو علي حكيم. وقال جمهور الناس: إنما في اللوح المحفوظ ذكره ودرجته ومكانته من العلو والحكمة، وقرأ جمهور الناس: "في أم الكتاب" بضم الهمزة، وقرأها بكسر الهمزة يوسف والي العراق وعيسى بن عمر). [المحرر الوجيز: 7/ 532-533]

تفسير قوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "أفنضرب"، بمعنى: أفنترك، تقول العرب: أضربت عن كذا وضربت إذا أعرضت وتركته، و"الذكر" هو الدعاء إلى الله تعالى والتذكير بعذابه والتخويف من عقابه، وقال أبو صالح: "الذكر" هنا هو العذاب نفسه، وقال مجاهد والضحاك: "الذكر": القرآن، وقوله تعالى: "صفحا" انتصابه كانتصاب صنع الله، فيحتمل أن يكون بمعنى العفو والغفر للذنب، فكأنه تعالى يقول: أفنترك تذكيركم وتخويفكم عفوا عنكم وغفرا لإجرامكم أن كنتم، أو من أجل أن كنتم قوما مسرفين؟ هذا لا يصلح، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، ويحتمل قوله تعالى: "صفحا" أن يكون بمعنى: مغفولا عنه، أي نتركه يمر لا تؤخذون بقبوله ولا بتدبره، ولا تنبهون عليه، وهذا المعنى نظير قول الشاعر:
تمر الصبا صفحا بساكن ذي الغضى ... ويصدع قلبي أن يهب هبوبها
أي: تمر مغفولا عنها، فكأن هذا المعنى: أفنترككم سدى؟ وهذا هو منحى قتادة وغيره، ومن اللفظة قول كثير:
صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة ... فمن مل منها ذلك الوصل ملت
وقرأ السميط بن عمرو، والسدوسي: "صفحا" بضم الصاد.
وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: "إن كنتم" بكسر الألف، وهو جزاء دل ما تقدم على جوابه، وقرأ الباقون، والأعرج، وقتادة: "أن كنتم" بفتح الألف، بمعنى: من أجل أن كنتم، وفي قراءة ابن مسعود: "إذ كنتم"، و"الإسراف" في الآية: هو الكفر والضلال البعيد في عبادة غير الله تعالى والتشريك به). [المحرر الوجيز: 7/ 533-534]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (7) فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وكم أرسلنا من نبي في الأولين} الآيات تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم، وذكره أسوة له ووعيد لهم وتهديد بأن يصيبهم ما أصاب من هو أشد بطشا منهم، و"الأولون": هم الأمم الماضية، كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم.
والضمير في قوله تعالى: {كانوا به يستهزئون} ظاهره العموم، والمراد به: الخصوص فيمن استهزءوا، وإلا فقد كان في الأولين من لم يستهزئ.
والضمير في: "منهم" عائد على قريش، وقوله تعالى: {ومضى مثل الأولين} أي: سلف أمرهم وسنتهم، وصاروا عبرة غابر الدهر). [المحرر الوجيز: 7/ 534]

رد مع اقتباس