عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:37 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}


تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فردّوا أيديهم في أفواههم...}
جاء فيها أقاويل. حدثنا محمّد قال حدّثنا الفراء قال: حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كانوا إذا جاءهم الرسول قالوا له: اسكت وأشاروا بأصابعهم إلى أفواه أنفسهم؛ كما تسكّت أنت - قال: وأشار لنا الفراء بأصبعه السبّابة على فيه - ردّا عليهم وتكذيبا. وقال بعضهم: كانوا يكذّبونهم ويردّون القول بأيديهم إلى أفواه الرسل وأشار لنا الفراء هكذا بظهر كفه إلى من يخاطبه. قال وأرانا ابن عبد الله الإشارة في الوجهين (وأرانا الشيخ ابن العباس بالإشارة بالوجهين) وقال بعضهم: فردّوا أيديهم في أفواههم يقول ردّوا ما لو قبلوه لكان نعماً وأيادي من الله في أفواههم، يقول بأفواههم أي بألسنتهم. وقد وجدنا من العرب من يجعل (في) موضع الباء فيقول: أدخلك الله بالجنّة يريد: في الجنة.
قال: وأنشدني بعضهم:
وأرغب فيها عن لقيطٍ ورهطه = ولكنّني عن سنبس لست أرغب
فقال: أرغب فيها يعني بنتاً له. أي إني أرغب بها عن لقيط). [معاني القرآن: 2/70-69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فردّوا أيديهم في أفواههم} مجازه مجاز المثل، وموضعه موضع كفوا عما أمروا بقوله من الحق ولم يؤمنوا به ولم يسلموا،
ويقال: رد يده في فمه، أي أمسك إذا لم يجب). [مجاز القرآن: 1/336]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ردوا أيديهم في أفواههم}: هذا مثل، كفوا عما أمروا به ولم يسلموا). [غريب القرآن وتفسيره: 196]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فردّوا أيديهم في أفواههم} قال أبو عبيدة: تكروا ما أمروا به، ولم يسلموا.
ولا أعلم أحدا قال: ردّ يده في فيه، إذا أمسك عن الشيء! والمعنى: ردّوا أيديهم في أفواههم، أي عضّوا عيها حنقا وغيظا، كما قال الشاعر:
يردّون في فيه عشر الحسود
يعني: أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر ونحوه قول الهذلي:
قد أفنى أنامله أزمه فأضحى بعضّ على الوظيفا
يقول: قد أكل أصابعه حتى أفناها بالعض، فأضحى بعضّ عليّ وظيف الذراع. وهكذا فسر هذا الحرف ابن مسعود واعتباره قوله عز وجل في موضع آخر: {وإذا خلوا عضّوا عليكم الأنامل من الغيظ} ). [تفسير غريب القرآن: 231-230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلّا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به وإنّا لفي شكّ ممّا تدعوننا إليه مريب}
أي ألم يأتهم أخبار أولئك والنوازل بهم، {لا يعلمهم إلّا اللّه}.
فأعلم الله أن بعد هؤلاء أمما قد مضى من كان يعلم أنباءها، ومن هذا
قيل: كذب النّسّابون لأنهم لا يعلمون من كان بعد هؤلاء.
وهذا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
{جاءتهم رسلهم بالبيّنات فردّوا أيديهم في أفواههم}.
يروى عن ابن مسعود أنهم عضوا أناملهم غيظا مما أتتهم به الرسل.
وقيل: {ردّوا أيديهم في أفواههم}، أومأوا إلى الرسل أن اسكتوا.
وقيل ردوا أيديهم، الهاء والميم يرجعان على الرسل، المعنى ردوا أيدي الرسل أي نعم الرسل لأن مجيئهم بالبيّنّات نعم، تقول: لفلان عندي يد أي نعمة، ومعنى في أفواههم بأفواههم،
أي ردوا تلك النعم بالنطق بالتكذيب لما جاءت به الرسل، والمعنى أن الردّ جاء في هذه الجهة، وفي معناها، كما تقول: جلست في البيت، وجلست بالبيت.
وقالوا: {وقالوا إنّا كفرنا بما أرسلتم به} هذا هو الرد). [معاني القرآن: 3/156-155]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله تعالى: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله}
روى سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله في قوله: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله قال كذب النسابون}
وروي عن ابن عباس قال بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون
وروي عن عروة بن الزبير أنه قال ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل
وقوله تعالى: {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم}
في معنى هذا أقوال:
أ-قال مجاهد ردوا على الرسل قولهم وكذبوهم
ب-قال قتادة ردوا على الرسل ما جاءوا به
فهذا على التمثيل وهو مذهب أبي عبيدة أي تركوا ما جاءهم به الرسل فكانوا بمنزلة من رده إلى فيه وسكت فلم يقل
وقيل فردوا أيديهم في أفواههم ردوا ما لو قبلوه كان نعما في أفواههم أي بأفواههم أي بألسنتهم
ج- وقيل ردوا نعم الرسل لأن إرسالهم نعم عليهم بالنطق وبالتكذيب
د- وفي الآية قول رابع وهو أولاها وأجلها إسنادا
قال أبو عبيد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله:
{فردوا أيديهم في أفواههم} قال عضوا عليها غيضا
قال أبو جعفر والدليل على صحة هذا القول قوله عز وجل: {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ}
قال الشاعر:

لو أن سلمى أبصرت تخددي = ودقة في عظم ساقي ويدي
وبعد أهلي وجفاء عودي = عضت من الوجد بأطراف اليد).
[معاني القرآن: 3/520-518]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فردوا أيديهم في أفواههم} أي ليعضوا عليها حنقا وغيظا. وقيل: معناه كفروا بما أمروا به.
وقيل: وضعوا أيديهم على أفواه الرسل ليسكتوهم. وقيل: جعلوا أيديهم على أفواههم يشيرون بذلك إلى تسكيت الرسل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 121]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {رَدُّوا أَيْدِيَهم}: سكتوا فلم يجيبوا). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاطر} أي خالق.
{ليغفر لكم من ذنوبكم} مجازه: ليغفر لكم ذنوبكم، ومن؛ من حروف الزوائد، وفي آية أخرى: {فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} مجازه: ما منكم أحد،
وقال أبو ذويب:
جزيتك ضعف الحبّ لمّا شكوته= وما إن جزاك الضّعف من أحدٍ قبلي
أي أحدٌ قبلي). [مجاز القرآن: 1/336]

تفسير قوله تعالى:{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولكن الله يمن على من يشاء من عباده} أي: يتفضل على من يشاء.
قال ثعلب: والمن من الله - عز وجل - محمود، لأنه تفضل منه، والمن من العباد مذموم، لأنهم يعددون نعمهم على الإنسان، ومنه قوله - جل وعز: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ}.
قال ثعلب: فأجمع أهل اللغة كلهم على أن المن من الله محمود، لأنه تفضل، وأن المن من العباد مذموم، لأنهم يعددون نعمهم، ولأن المن من العباد مذموم، وأنه من الله - جل وعز - نعمة وتفضل، ومن الآدميين تقريع وتوبيخ أو من). [ياقوتة الصراط: 286-285]

رد مع اقتباس