عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 2 محرم 1433هـ/27-11-2011م, 10:55 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161) }

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وإذا ثنّيت أو جمعت فأثبتّ النون قلت هذان الضاربان زيداً وهؤلاء الضاربون الرجل لا يكون فيه غير هذا لأنّ النون ثابتةٌ. ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ: {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} ). [الكتاب: 1/183]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما ينتصب على التعظيم والمدح
وإن شئت جعلته صفة فجرى على الأول وإن شئت قطعته فابتدأته. وذلك قولك الحمد لله الحميد هو [والحمد لله أهل الحمد] والملك لله أهل الملك. ولو ابتدأته فرفعته كان حسنا كما قال الأخطل:


نفسي فداء أمير المؤمنين إذا = أبدى النّواجذ يومٌ باسلٌ ذكر
الخائض الغمر والميمون طائره = خليفة الله يستسقى به المطر
وأما الصفة فإن كثيرا من العرب يجعلونه صفة فيتبعونه الأول
فيقولون: أهل الحمد والحميد هو وكذلك الحمد لله أهله إن شئت جررت وإن شئت نصبت. وإن شئت ابتدأت كما قال مهلهل:
ولقد خبطن بيوت يشكر خبطةً = أخوالنا وهم بنو الأعمام
وسمعنا بعض العرب يقول: (الحمد لله ربَّ العالمين) فسألت عنها يونس فزعم أنها عربية. ومثل ذلك قول الله عز وجل: {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة}. فلو كان كله رفعا كان جيدا. فأما المؤتون فمحمول على الابتداء.
وقال جل ثناؤه: {ولكنّ البرّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنّبيّين وآتى المال على حبّه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل والسّائلين وفى الرّقاب وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصّابرين في البأساء
والضّرّاء وحين البأس}. ولو رفع الصابرين على أول الكلام كان جيدا. ولو ابتدأته فرفعته على الابتداء كان جيدا كما ابتدأت في قوله: {والمؤتون الزّكاة} ). [الكتاب: 2/62-64]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: هذان الضاربان زيداً، والشاتمان عمراً، والمكرمون أخاك والنازلون دارك. ومن ذلك قول الله عز وجل: {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} وقال القطامي:

الضاربون عميراً عن ديارهم = بالتل يوم عمير ظالم عادي
فإذا أسقطت النون، أضفت وجررت، فقلت: هم الضاربو زيد، وهما الشاتما عمرو؛ كما قال الشاعر:
الفارجو باب الأمير المبهم
). [المقتضب: 4/145]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: " إنا بني نهشل "يعني نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ومن قال: "إنا بنو نهشل"، فقد خبرك، وجعل" بنو" خبر" إن"، ومن قال: " بتي"، إنما جعل الخبر:
إن تبتدر غاية يومًا لمكرمةٍ = تلق السوابق منا والمصلينا
ونصب"بني" على فعل مضمر للاختصاص، وهذا أمدح، ومثله:
نحن بني ضبة أصحاب الجمل
أراد نحن أصحاب الجمل، ثم أبان من يختص بهذا، فقال: أعني بني ضبة وقرأ عيسى بن عمر: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} أراد وامرأته: {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} ثم عرفها بحمالة الحطب، وقوله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} بعد قوله: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ} إنما هو على هذا، وهو أبلغ في التعريف، وسنشرحه على حقيقة الشرح في موضعه إنشاء الله: وأكثر العرب ينشد:

إنا بني منقرٍ قوم ذوو حسب = فينا سراة بني سعدٍ وناديها
قرأ بعض القراء: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ) ). [الكامل: 1/146-147] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن التشبيه المحمود قول الشاعر:

طليق الله لم يمنن عليه = أبو داود وابن أبي كثير
ولا الحجاج عيني بنت ماء = تقلب طرفها حذر الصقور
وهذا غاية في صفة الجبان.
ونصب عيني بنت ماء على الذم، وتأويله: إنه إذا قال: جاءني عبد الله الفاسق الخبيث فليس يقوله إلا وقد عرفه بالفسق والخبث فنصبه أعني وما أشبهه من الأفعال، نحو أذكر، وهذا أبلغ في الذم، أن يقيم الصفة مقام الاسم، وكذلك المدح. وقول الله تبارك وتعالى: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} بعد قوله: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ}. إنما هو على هذا. ومن زعم أنه أراد: "ومن المقيمين الصلاة" فمخطئ في قول البصريين، لأنهم لا يعطفون الظاهر على المضمر المخفوض، ومن أجازه من غيرهم فعلى قبح، كالضرورة. والقرآن إنما يحمل على أشرف المذاهب. وقرأ حمزة: (الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ)، وهذا مما لا يجوز عندنا إلا أن يضطر إليه شاعر، كما قال:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا = فاذهب فما بك والأيام من عجب
وقرأ عيسى بن عمر: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}. أراد: وامرأته في جيدها حبل من مسد، فنصب حمالة على الذم. ومن قال إن امرأته مرتفعة بقوله: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}: فهو يجوز. وليس بالوجه أن يعطف المظهر المرفوع على المضمر حتى يؤكد، نحو: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا} [المائدة: 24] و: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}، فأما قوله: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}. فإنه لما طال الكلام وزيدت فيه لا احتمل الحذف وهذا على قبحه جائز في الكلام، أعني: ذهبت وزيد، وأذهب وعمرو، قال جرير:

ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه = ما لم يكن وأب له لينالا
وقال ابن أبي ربيعة:

قلت إذ أقبلت وزهر تهادى = كنعاج الملا تعسفن رملا
ومما ينصب على الذم قول النابغة الذبياني:

لعمري وما عمري علي بهين = لقد نطقت بطلا علي الأقارع
أقارع عوف لا أحاول غيرها = وجوه قرود تبتغي من تجادع
وقال عروة بن الورد العبسي:

سقوني الخمر ثم تكنفوني = عداة الله من كذب وزور
والعرب تنشد قول حاتم الطائي رفعًا ونصبًا:

إن كنت كارهة معيشتنا = هاتا فحلي في بني بدر
الضربين، لدى أعنتهم = والطاعنين وخيلهم تجري
وإنما خفضوهما على النعت، وربما رفعوهما على القطع والابتداء.
وكذلك قول الخرنق بنت هفان القيسي، من بني قيس بن ثعلب:

لا يبعدن قومي الذين هم = سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك = والطيبين معاقد الأزر
وكل ما كان من هذا فعلى هذا الوجه.
وإن لم يرد مدحًا ولا ذمًا قد استقر له فوجهه النعت. وقرأ بعض القراء: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ).
وأكثر ما تنشد العرب بيت ذي الرمة نصبًا، لأنه لما ذكر ما يحن إليه ويصبو إلى قربه أشاد بذكر ما قد كان يبغي، فقال:

ديار مية إذ مي تساعفنا = ولا يرى مثلها عجم ولا عرب
وفي هذه القصيدة من التشبيه المصيب قوله:
بيضاء في دعج، صفراء في نعج = كأنها فضة قد مسها ذهب
وفيها من التشبيه المصيب قوله:
تشكو الخشاش ومجرى النسعتين كما = أن المريض إلى عاده الوصب).
[الكامل: 2/930-934]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وحيت إليه بالكلام أحيه وأوحيته إليه وهو أن يكلمه بكلام يخفيه من غيره. الأموي في الوحي مثله). [الغريب المصنف: 2/569]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (


كادت تبين وحيا بعض حاجتنا = لو أن منزل حي دارسا نطقا
...
الوحي: الإشارة والكلام الخفي). [شرح ديوان كعب بن زهير: 234]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما قوله:
قتلنا أخانا للوفاء بجارنا
فيكون على ضربين: أحدهما أن يكون فخم نفسه وعظمها، فذكرها باللفظ الذي يذكر الجميع به، والعرب تفعل هذا ويعد كبرًا، ولا ينبغي على حكم الإسلام أن يكو هذا مستعملاً إلا عن الله عز وجل، لأنه ذو الكبرياء، كما قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} و{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}، وكل صفات الله أعلى الصفات وأجلها، فما استعمل في المخلوقين على تلك الألفاظ وإن خالفت في الحكم فحسن جميل، كقولك: في فلان عالم، وفلان قادرٌ، وفلان رحيم، وفلان ودودٌ، إلا ما وصفنا قبل من ذكر التكبر، فإنك إذا قلت: فلان جبار أو متكبر كان عليه عيبًا ونقصًا، وذلك لمخالفة هاتين الصفتين الحق. وبعدهما من الصواب، لأنهما للمبدئ المعيد الخالق البارئ، ولا يليق ذلك بمن تكسره الجوعة، وتطغيه الشبعة، وتنقصه اللحظة، وهو في كل أموره مدبرٌ. وأما القول الآخر في البيت وهو" قتلنا أخانا" فمعناه أنه له ولمن شايعه من عشيرته). [الكامل: 1/466] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) }

تفسير قوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) }

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله تعالى: {فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} قال: الكسائي يقول فيها: فآمنوا يكن خيرًا لكم. والفراء قال: فآمنوا إيمانًا خيرًا لكم. والخليل يقول: أضمر افعلوا خيرًا لكم). [مجالس ثعلب: 307]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما ينتصب في هذا الباب على إضمار الفعل المتروك إظهاره: {انتهوا خيرا لكم} و(وراءك أوسع لك) وحسبك خيراً لك إذا كنت تأمر. ومن ذلك قول الشاعر وهو ابن أبي ربيعة:

فواعديه سرحتي مالكٍ = أو الرّبا بينهما أسهلا
وإنّما نصبت خيراً لك وأوسع لك لأنّك حين قلت انته فأنت تريد أن تخرجه من أمرٍ وتدخله في آخر. وقال الخليل كأنّك تحمله على ذلك المعنى كأنّك قلت انته وادخل فيما هو خيرٌ لك فنصبته لأنّك قد عرفت أنّك إذا قلت له انته أنّك تحمله على أمرٍ آخر فلذلك انتصب وحذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إيّاه في الكلام ولعلم المخاطب أنّه محمولٌ على أمرٍ حين قال له انته فصار بدلاً من
قوله ائت خيراً لك وادخل فيما هو خيرٌ لك. ونظير ذلك في الكلام قوله انته يا فلان أمراً قاصداً. فإنّما قلت انته وأت أمراً قاصدا إلاّ أنّ هذا يجوز لك فيه إظهار الفعل فإنّما ذكرت لك ذا لا مثل لك الأوّل به لأنّه قد كثر في كلامهم حتّى صار بمنزلة المثل فحذف كحذفهم ما رأيت كاليوم رجلا). [الكتاب: 1/282-284]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: ما جاءني من أحدٍ عاقلٌ. رفعت العاقل، ولو خفضته كان أحسن. وإنما جاز الرفع؛ لأن المعنى: ما جاءني أحد. ومن ذلك قراءة بعض الناس: (زُين لكثيرٍ من المشركين قتلَ أولادهم شركاؤهم). لما قال: قتل أولادهم، تم الكلام، فقال: شركاؤهم على المعنى؛ لأنه علم أن لهذا التزيين مزيناً فالمعنى: زينه شركاؤهم. ومثل ذلك قول الشاعر:

ليبك يزيد ضارعٌ لخصومةٍ = ومختبطٌ مما تطيح الطوائح
لما قال: ليبكي يزيد علم أن له باكيا. فكأنه قال: ليبكه ضارعٌ لخصومة. ومن هذا قولهم:
قد سالم الحيات منه القدمـا = الأفعوان والشجاع الشجعما
فنصب الأفعوان؛ لأنك تعلم أن القدم مسالمة؛ كما أنها مسالمة فكأنه قال: قد سالمت القدم الأفعوان والشجاع. ومن ذلك قول الله عز وجل: {انتهوا خيراً لكم}). [المقتضب: 3/281-283] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) }

تفسير قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

أحبك ما غنت بواد حمامة = مطوقة ورقاء في هدب خضر
أي لا أحبك، ومثله: {يبين الله لكم أن تضلوا} المعنى: أن لا تضلوا). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 12]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال الله عز وجل: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم}، فمعناه: لئلا تميد بكم، فاكتفى بـ (أن) من (لا). وقال أيضا: {يبين الله لكم أن تضلوا}، فمعناه: ألا تضلوا، فاكتفى بـ (أنا) من (لا)، وقال عمرو بن كلثوم:
نزلتم منزل الأضياف منا = فعجلنا القرى أن تشتمونا
أراد ألا تشتمونا، فاكتفى بـ (أن) من (لا). وقال الراعي:
أيام قومي والجماعة كالذي = لزم الرحالة أن تميل مميلا
أراد لئلا تميل؛ فاكتفى بـ (أن) من (لا).
وقال بعض الناس: قول الله عز وجل: {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك}، فمعناه: إني أريد ألا تبوء بإثمي فحذف (لا) على ما مضى من التفسير.
قال أبو بكر: وهذا القول خطأ عند الفراء، لأن (لا) لا تضمر من الإرادة، كما لا تضمر مع العلم والظن.
وفي المسألة غير قول:
أحدهن: إني أريد أن تبوء بإثمي إذا قتلتني، وما أحب أن تقتلني، فمتى قتلتني أحببت أن تنصرف بإثم قتلي وإثمك السالف الذي من أجله لم يتقبل الله قربانك.
وقال بعضهم: كان قابيل صاحب زرع، وهابيل صاحب غنم، وكان الله عز وجل أمر آدم عليه السلام أن يزوج هابيل أخت قابيل التي ولدت معه في بطن، وأن يزوج قابيل أخت هابيل التي ولدت معه في بطن، فقال هابيل: رضيت بأمر الله، وقال قابيل: والله لا يتزوج هابيل أختي الحسناء وأتزوج أخته القبيحة أبدا، فقال آدم لهما: قربا قربانا فأيكما قبل قربانه تزوج الحسناء، فقرب هابيل شاة سمينة وزبدا، وقرب قابيل سنبلا من شر
سنبله، وصعدا بالقربان إلى الجبل، فنزلت نار فأخذت قربان هابيل، ولم تعرض لقربان قابيل، وكانت علامة قبول القربان نزول النار عليه، وأخذها إياه، فانصرف هابيل وقابيل، وقد أضمر هابيل في نفسه الطاعة والرضا، وأضمر قابيل في نفسه البلاء والخلاف، فقصد هابيل في غنمه فقال: لم تقبل الله قربانك ولم يتقبل مني؟ فقال له هابيل بعد أن توعده قابيل بالقتل: {إنما يتقبل الله من المتقين . لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين.
فرماه قابيل بالحجارة حتى قتله، ثم جزع بعد قتله إياه، وظهور عورته. ولم يدر ما يصنع به، فنظر إلى غرابين: أحدهما حي، والآخر ميت، والحي يحثي على الميت التراب، حتى واراه به}، فقال قابيل: {يا وليتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي}، فحمل هابيل ميتا فألقاه في غيضة.
وقال الآخرون: بل حثى التراب عليه على سبيل ما رأى من فعل أحد الغرابين بصاحبه.
وقال أصحاب القول المقدم: فدلت الآية والتفسير على أن قابيل لما قال لهابيل: {لأقتلنك} قال له هابيل بعد الموعظة: ما أحب أن أقتلك ولا أحب أن تقتلتني؛ فإن أبيت إلا قتلي كان انصرافك بإثم قتلي أعجب إلي من انصرافي بإثم قتلك، إذا لم يكن من أحد الفعلين بد.
وقال آخرون: معنى الآية: إني أريد بطلان أن تبوء بإثمي وإثمك، فحذف البطلان أو الزوال أو الدفع أو ما أشبههن وأقام (أن) مقام الساقط كما، قال: {واسأل القرية}.
قال أبو بكر: وفي هذا القول عندي بعد؛ لأن المحذوف ليس بمشهور ولا بين الموضع، فالقول الأول هو المختار عندنا لما مضى من الاحتجاج له وإقامة الدليل عليه. والله أعلم). [كتاب الأضداد: 311-314] (م)


رد مع اقتباس