عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1431هـ/31-10-2010م, 10:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 21 إلى آخر السورة]


{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم...}
قرأها عبد الله بن مسعود: (واتّبعتهم ذرّيّتهم). {ألحقنا بهم ذرّيّتهم...} على التوحيد...
- حدثني قيس والمفضل الضبي عن الأعمش عن إبراهيم، فأما المفضّل فقال عن علقمة عن عبد الله، وقال قيسٌ عن رجل عن عبد الله قال: قرأ رجل على عبد الله "والّذين آمنوا واتّبعهم ذرّياتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّاتهم". قال: فجعل عبد الله يقرؤها بالتوحيد. قال حتّى ردّدها عليه نحواً من عشرين مرةً لا يقول ليس كما يقول وقرأها الحسن: كلتيهما بالجمع، وقرأ بعض أهل الحجاز، الأولى بالتوحيد، والثانية بالجمع، ومعنى قوله: {واتّبعتهم ذرّيّتهم} يقال: إذا دخل أهل الجنة الجنة فإن كان الوالد أرفع درجة من ابنه رفع ابنه إليه، وإن كان الولد أرفع رفع والده إليه.
وقوله عز وجل: {وما ألتناهم...}.
الألت: النقص، وفيه لغةٌ أخرى: (وما لتناهم من عملهم من شيء)، وكذلك هي في قراءة عبد الله، وأبي بن كعب قال الشاعر:
أبلغ بني ثملٍ عنّي مغلغلة = جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذبا
يقول: لا نقصانٌ، ولا زيادةٌ، وقال الآخر:
وليلةٍ ذات ندىً سريت = ولم يلتني عن سراها ليت
واللّيت ها هنا مصدر لم يثنني عنها نقصٌ بي ولا عجزٌ عنها). [معاني القرآن: 3/91-93]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وما ألتناهم من عملهم} أي ما نقصناهم ولا حسبنا منه شيئاً وفيه ثلاث لغات " ألت يألت " تقديرها: أفل يأفل وألات يليت، تقديرها: أقال يفيل ولات يليت قال رؤبة:
وليلةٍ ذات ندى سريت = ولم يلتني عن سراها ليت
" من عملهم من شيء " مجازها: ما ألتناهم شيئاً والعرب تفعل هذا تزيد "من" قال أبو ذؤيب:
جزيتك ضعف الحب لما استثبته = وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي
معناها أحد قبلي لأن " من " لا تنفع ولا تضر). [مجاز القرآن: 2/232]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} أي ما نقصناهم). [تفسير غريب القرآن: 425]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّاتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيّاتهم).
وقرئت (ألحقنا بهم ذرّيّتهم)، وقرئت " واتبعتم ذريّتهم " وكلا الوجهين جائز، الذرية تقع على الجماعة، والذريّات جمع، وذريّة على التوحيد أكثر.
وتأويل الآية أن الأبناء إذا كانوا مؤمنين، وكانت مراتب آبائهم في الجنة أعلى من مراتبهم ألحق الأبناء بالآباء، ولم ينقص الآباء من عملهم شيئا.
وكذلك إن كان عمل الآباء أنقص، ألحق الآباء بالأبناء.
وقوله عزّ وجلّ: {وما ألتناهم من عملهم من شيء} معناه: ما أنقصناهم، يقال ألته يألته ألتا إذا نقصه.
قال الشاعر:
أبلغ بني ثعل عنّي مغلغلة = جهد الرّسالة لا ألتا ولا كذبا
ويقال لأته يليته ليتا إذا نقصه وصرفه عن الشيء.
قال الشاعر:
وليلة ذات ندى سريت = ولم يلتني عن هواها ليت). [معاني القرآن: 5/65-66]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({وما ألتناهم} أي: نقصناهم، يقال: ألته يألته ألتا، وآلته يؤلته إيلاتا، ولاته يليته ليتا، كله إذا نقصه). [ياقوتة الصراط: 486]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَلَتْنَاهُم}: أي نقصانهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 246]

تفسير قوله تعالى: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({يتنازعون فيها كأساً} يتعاطون أي يتداولون قال الأخطل:
نازعته طيّب الراح الشّمول وقد = صاح الدّجاج وحانت وقعة الساري). [مجاز القرآن: 2/232-233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يتنازعون فيها كأساً} أي يتعاطون. قال الأخطل:
وشاربه مربح بالكأس نازعني لا بالحصور ولا فيها بسوار
أي عاطاني.
{لا لغوٌ فيها [ولا تأثيمٌ]} أي لا تذهب بعقولهم، فيلغوا أو يرفثوا، فيأثموا. كما يكون ذلك في خمر الدنيا). [تفسير غريب القرآن: 425]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم}
معنى (يتنازعون) يتعاطون فيها كأسا، يتناول هذا الكأس من يد هذا وهذا من يد هذا.
وقوله: {لا لغو فيها ولا تأثيم} معناه: لا يجري بينهم ما يلغى، أي لا يجري بينهم باطل ولا ما فيه إثم كما يجري في الدنيا لشربة الخمر.
والكأس في اللغة الإناء المملوء، فإذا كان فارغا فليس بكأس.
وتقرأ: لا لغو فيها ولا تأثيم. بالنصب.
فمن رفع فعلى ضربين:
على الرفع بالابتداء، و " فيها " هو الخبر.
وعلى أن يكون " لا " في مذهب " ليس " رافعة.
أنشد سيبويه وغيره:
من صدّ عن نيرانها = فأنا ابن قيس لا براح
ومن نصب فعلى النّفي والتبرية كما قال في قوله: لا ريب فيه، إلا أن الاختيار عند النحويين إذا كررت "لا" في هذا الموضع الرفع.
والنصب عند جميعهم جائز حسن). [معاني القرآن: 5/63-64]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَتَنَازَعُونَ}: بمعنى يتناولون أو يتعاطون
{لَّا لَغْوٌ فِيهَا}: أي لا يلغو فيها شاربها فيأثم كخمر الدنيا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 246]

تفسير قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كأنهم لؤلؤٌ مكنونٌ} مصون). [مجاز القرآن: 2/233]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين} أي خائفين). [تفسير غريب القرآن: 425]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون * قالوا إنّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين}
الكلام - واللّه أعلم - يدل ههنا أنهم يتساءلون في الجنّة عن أحوالهم التي كانت في الدنيا، كان بعضهم يقول لبعض: بم صرت إلى هذه المنزلة الرفيعة، وفي الكلام دليل على ذلك وهو قوله في جواب المسألة: (إنّا كنّا قبل في أهلنا مشفقين).
أي مشفقين من المصير إلى عذاب الله عزّ وجلّ، فعملنا بطاعته، ثم قرنوا الجواب مع ذلك بالإخلاص والتوحيد بقولهم: {إنّا كنّا من قبل ندعوه إنّه هو البرّ الرّحيم} أي: نوحّده ولا ندعو إلها غيره). [معاني القرآن: 5/64]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({عذاب السّموم} عذاب النار). [مجاز القرآن: 2/233]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({فمنّ اللّه علينا ووقانا عذاب السّموم} أي عذاب سموم جهنم). [معاني القرآن: 5/64]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {إنّا كنّا من قبل ندعوه...}.
إنّه قرأها عاصم والأعمش، والحسن ـ (إنّه) ـ بكسر الألف، وقرأها أبو جعفر المدني ونافع ـ (أنّه)، فمن: كسر استأنف، ومن نصب أراد: كنّا ندعوه بأنه برٌ رحيمٌ، وهو وجه حسنٌ.
قال الفراء: الكسائيّ يفتح (أنّه)، وأنا أكسر، وإنما قلت: حسنٌ لأن الكسائي قرأه). [معاني القرآن: 3/93]

تفسير قوله تعالى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فما أنت بنعمة ربّك بكاهنٍ ولا مجنونٍ أم يقولون} مجازها: بل يقولون، وليست بجواب استفهام قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسطٍ = غلس الظّلام من الرّباب خيالا
لم يستفهم إنما أوجب أنه أرى بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا). [مجاز القرآن: 2/233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فذكّر فما أنت بنعمة ربّك بكاهنٍ ولا مجنونٍ} كما تقول: ما أنت - بحمد اللّه - بجاهل). [تفسير غريب القرآن: 425]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: عزّ وجلّ: {فذكّر فما أنت بنعمت ربّك بكاهن ولا مجنون}
أي ذكرهم بما أعتدنا للمتقين المؤمنين والضلال للكافرين.
{فما أنت بنعمت ربّك بكاهن ولا مجنون} أي لست تقول ما تقوله كهانة، ولا تنطق إلّا بوحي من الله عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 5/64]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {نّتربّص به ريب المنون ...}.
أوجاع الدّهر، فيشغل عنكم، ويتفرّق أصحابه أو عمر أبائه، فإنّا قد عرفنا أعمارهم). [معاني القرآن: 3/93]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أم يقولون شاعرٌ نّتربّص به ريب المنون}
وقال: {نّتربّص به ريب المنون} لأنك تقول: "تربّصت زيداً" أي: تربصت به). [معاني القرآن: 4/21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ريب المنون}: قالوا الدهر. المنون من منت تمن كل شيء تبليه). [غريب القرآن وتفسيره: 351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({نتربّص به ريب المنون} أي حوادث الدهر وأوجاعه ومصائبه.

و«المنون»: الدهر، قال أبو ذؤيب:
أمن المنون وريبه تتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع؟
هكذا كان الأصمعي يريه: «وريبه»، ويذهب إلى أنه الدهر، قال: وقوله: «والدهر ليس بمعتب» يدل على ذلك، كأنه قال: «أمن الدهر وريبه تتوجع، والدهر لا يعتب من يجزع!؟».
قال الكسائي: «تقول العرب: لا أكلمك آخر المنون، أي آخر الدهر»). [تفسير غريب القرآن: 425-426]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم يقولون شاعر نتربّص به ريب المنون}
{ريب المنون} حوادث الدهر). [معاني القرآن: 5/64]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَيْبَ الْمَنُونِ}: حوادث الدهر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 246]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْمَنُونِ}: الدهر، الموت). [العمدة في غريب القرآن: 284]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قل تربّصوا فإنّي معكم من المتربّصين}
فجاء في التفسير أن هؤلاء الذين قالوا هذا - وكان فيهم أبو جهل - هلكوا كلهم قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 5/64-65]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله تبارك وتعالى: {أم تأمرهم أحلامهم بهذا...}.
الأحلام في هذا الموضع: العقول والألباب). [معاني القرآن: 3/93]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أم تأمرهم أحلامهم بهذا} بل تأمرهم أحلامهم بهذا ثم رجع فقال: {أم هم قومٌ طاغون}). [مجاز القرآن: 2/233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا}، أي تدلهم عقولهم عليه لأن الحِلْمَ يكون من العقل، فكنَى عنه به). [تأويل مشكل القرآن: 152]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون}
أي أتأمرهم أحلامهم بترك القبول ممن يدعوهم إلى التوحيد وتأتيهم على ذلك بالدلائل، ويعملون أحجارا ويعبدونها.
{أم هم قوم طاغون} أي أم هم يكفرون طغيانا وقد ظهر لهم الحق). [معاني القرآن: 5/65]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ) : ( (أحلامهم) أي: عقولهم). [ياقوتة الصراط: 487]

تفسير قوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين}
أي إذا قالوا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تقوله فقد زعموا أنه من قول البشر، فليقولوا مثله فما رام أحد منهم أن يقول مثل عشر سور ولا مثل سورة). [معاني القرآن: 5/65]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}
معناه بل أخلقوا من غير شيء.
وفي هذه الآية قولان: وهي من أصعب ما في هذه السورة.
- قال بعض أهل اللغة: ليس هم بأشد خلقا من خلق السّماوات والأرض، لأن السّماوات والأرض خلقتا من غير شيء، وهم خلقوا من آدم وآدم من تراب.
- وقيل فيها قول آخر، {أم خلقوا من غير شيء} أم خلقوا لغير شيء أي خلقوا باطلا لا يحاسبون ولا يؤمرون ولا ينهون). [معاني القرآن: 5/65]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ (36)}

تفسير قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {المصيطرون...}. و{لست عليهم بمصيطرٍ}.
كتابتها بالصاد، والقراءة بالسين والصاد. وقرأها الكسائي بالسين ومثله: بصطةٌ، وبسطةً ـ كتبت بعضها بالصاد، وبعضها بالسين. والقراءة بالسين في بسطة، ويبسط ـ وكل ذلك أحسبه قال صواب.
قال [قال] الفراء: كتب في المصاحف في البقرة ـ بسطةً، وفي الأعراف بصطةً بالصاد وسائر القرآن كتب ـ بالسين). [معاني القرآن: 3/93]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أم هم المصيطرون} أم هم الأرباب ويقال: تصيطرت علىّ اتخذتني خولاً). [مجاز القرآن: 2/233]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({المسيطرون}: الأرباب، يقال تسيطرت علي أي اتخذتني خولا). [غريب القرآن وتفسيره: 351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أم هم المصيطرون}! أي الأرباب. يقال: تسيطرت علي، أي اتخذتني خولا [لك] ). [تفسير غريب القرآن: 426]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أم عندهم خزائن ربّك أم هم المصيطرون}
المصيطرون: الأرباب المتسلّطون.
يقال: قد سيطر علينا وتسيطر وتسيطر. بالسين والصّاد.
والأصل السين، وكل سين بعدها طاء يجوز أن تقلب صادا، تقول: سيطر وصيطر، وسطا وصطا.
وتفسير {أم عندهم خزائن ربّك} أي عندهم ما في خزائن ربك من العلم.
وقيل - في " خزائن ربك " أي رزق ربك). [معاني القرآن: 5/66]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْمُصَيْطِرُونَ}: الأرباب). [العمدة في غريب القرآن: 284]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أم لهم سلّمٌ يستمعون فيه} هي السلم وهو السلم. ومجاز "فيه" به وعليه، وفي القرآن: {ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل} إنما هو على جذوع النخل.
و"السلم": السبب والمرقاة. قال الشيباني:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلةٍ = فلا عطست شيبان إلاّ بأجدعا
وقال ابن مقبل:
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا = يبنى له في السموات السّلاليم
ويقول الرجل: اتخذتني سلماً لحاجتك أي سبباً). [مجاز القرآن: 2/234]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({سلم يستمعون فيه}: السلم تؤنث وتذكر، وتجمع السلاليم والسلالم). [غريب القرآن وتفسيره: 352]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({أم لهم سلّمٌ يستمعون فيه}!؟ أي درج. قال ابن مقبل:

لا تحرز المرء أحجاء البلاد، ولا تبني له في السموات السلاليم). [تفسير غريب القرآن: 426]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ * أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ * جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ}
أخبر الله، سبحانه، عن عنادهم وتكبّرهم وتمسّكهم بآلهتهم في أول السورة، فقال: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ}، وحكى قولهم: {أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ}، أي اذهبوا ودعوه وتمسّكوا بآلهتكم فقال الله عز وجل: أعندهم بآلهتهم هذه خزائن الرحمة؟! {أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ}، أي في أبواب السماء، وأبواب السماء: أسبابها، قال الشاعر:
ولو نال أسباب السّماء بسلّم ويكون أيضا فليرتقوا في الأسباب، أي: في الحبال إلى السماء، كما سألوك أن ترقى في السماء وتأتيهم بكتاب.
ويقال للرجل إذا تقدم في العلم وغيره وبرع: قد ارتقى في الأسباب، كما يقال: قد بلغ السماء.
ونحو هذا قوله في موضع آخر: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}.
وهذا كله توبيخ، وتقرير بالعجز). [تأويل مشكل القرآن: 350-351](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أم لهم سلّم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين}
وقال أهل اللغة: - معنى يستمعون فيه، يستمعون عليه ومثله: {لأصلّبنّكم في جذوع النّخل} أي على جذوع النخل.
{فليأت مستمعهم بسلطان مبين} أي بحجة واضحة، والمعنى -واللّه أعلم- أنهم كجبريل الذي يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بالوحي ويبيّن تبيينه عن اللّه، ما كان وما يكون.
ثم سفر أحلامهم في جعلهم البنات للّه فقال: {أم له البنات ولكم البنون} أي أنتم تجعلوا للّه ما تكرهون وأنتم حكماء عند أنفسكم). [معاني القرآن: 5/66-67]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({وإدبار النجوم}:من كسر الألف جعله مصدرا ومن فتحها جمع دبر). [غريب القرآن وتفسيره: 352]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وتكون أم بمعنى ألف الاستفهام، كقوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، أراد: أيحسدون الناس؟.

وقوله: {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ}، أي زاغت عنهم الأبصار وألف اتخذناهم موصولة.
وكقوله: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ}، أراد: أله البنات {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ}. أراد: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ}، أراد: أعندهم الغيب.
وهذا في القرآن كثير، يدلّك عليه قوله: {الم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}، ولم يتقدم في الكلام: أيقولون كذا وكذا فترد عليه: أم تقولون؟ وإنما أراد أيقولون: افتراه، ثم قال: {بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}). [تأويل مشكل القرآن: 546-547](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم سفر أحلامهم في جعلهم البنات للّه فقال: {أم له البنات ولكم البنون} أي أنتم تجعلوا للّه ما تكرهون وأنتم حكماء عند أنفسكم). [معاني القرآن: 5/67] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون}
المعنى أن الحجة واجبة عليهم من كل جهة، لأنك أتيتهم بالبيان والبرهان ولم تسألهم على ذلك أجرا). [معاني القرآن: 5/67]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أم عندهم الغيب فهم يكتبون} فهم يخبرون بما شاءوا ويثبتون ما شاءوا). [مجاز القرآن: 2/234]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وتكون أم بمعنى ألف الاستفهام، كقوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، أراد: أيحسدون الناس؟.
وقوله: {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ}، أي زاغت عنهم الأبصار وألف اتخذناهم موصولة.
وكقوله: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ}، أراد: أله البنات {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} . أراد: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ}، أراد: أعندهم الغيب.
وهذا في القرآن كثير، يدلّك عليه قوله: {الم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}، ولم يتقدم في الكلام: أيقولون كذا وكذا فترد عليه: أم تقولون؟ وإنما أراد أيقولون: افتراه، ثم قال: {بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}). [تأويل مشكل القرآن: 546-547](م)

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {أم يريدون كيدا فالّذين كفروا هم المكيدون}
أي أم يريدون لكفرهم وطغيانهم كيدا.
فاللّه عزّ رجل يكيدهم ويجزيهم بكيدهم العذاب في الدنيا والآخرة). [معاني القرآن: 5/67]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أم لهم إله غير اللّه سبحان اللّه عمّا يشركون}
المعنى بل ألهم إله غير اللّه.
فإن قال قائل: هم يزعمون أن الأصنام آلهتهم، فإن قيل لهم: (أم لهم إله غير اللّه)؟
فالجواب في ذلك ألهم إله غير اللّه يخلق ويرزق ويفعل ما يعجز عنه المخلوقون، فمن يفعل ذلك إلا الله عزّ وجلّ، ثم نزه نفسه عزّ وجلّ فقال: {سبحان اللّه عمّا يشركون} جاء في التفسير وفي اللغة أن معناه تنزيه اللّه- عمّا يشركون، أي عمن يجعلون شريكا للّه عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 5/67]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وإن يروا كسفاً من السّماء ساقطاً} أي قطعاً وواحد الكسف كسفة مثل سدرة وسدر.
{سحابٌ مركومٌ} بعضه على بعض ركام). [مجاز القرآن: 2/234]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإن يروا كسفاً من السّماء ساقطاً} قد تقدم ذكره.
{سحابٌ مركومٌ} أي ركام: بعضه على بعض.
والمعنى أنهم قالوا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم: إنا لا نؤمن لك حتى تسقط السماء علينا كسفا، فقال اللّه: لو أسقطنا عليهم كسفا من السماء، قالوا: هذا سحاب مركوم، ولم يؤمنوا). [تفسير غريب القرآن: 426]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإن يروا كسفا من السّماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم}
أي وإن يروا قطعة من العذاب يقولوا لشدة طغيانهم وكفرهم: هذا سحاب مركوم، ومركوم قد ركم بعضا، على بعض، وهذا في قوم من أئمة الكفر وهم الذين قال اللّه - عزّ وجلّ - فيهم: {ولو فتحنا عليهم بابا من السّماء فظلّوا فيه يعرجون * لقالوا إنّما سكّرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون}.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن هؤلاء لا يعتبرون ولا يوقنون ولا يؤمنون بأبهر ما يكون من الآيات). [معاني القرآن: 5/67-68]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّرْكُومٌ}: أي بعضه على بعض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 246]

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {حتّى يلاقوا يومهم...} بالألف، وقد قرأ بعضهم (يلقوا) والملاقاة أعرب وكلّ حسنٌ.
وقوله عز وجل: {فيه يصعقون...} قرأها عاصم، والأعمش (يصعقون) [وأهل الحجاز (يصعقون)] وقرأها أبو عبد الرحمن السّلميّ (يصعقون) بفتح الياء ـ مثل الأعمش.
والعرب تقول: صعق الرجل، وصعق ـ وسعد، وسعد لغاتٌ كلّها صوابٌ). [معاني القرآن: 3/94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يصعقون}: يموتون). [تفسير غريب القرآن: 426]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فذرهم حتّى يلاقوا يومهم الّذي فيه يصعقون}
(يصعقون) وقرئت: (يصعقون)، أي: فذرهم إلى يوم القيامة). [معاني القرآن: 5/68]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُصْعَقُونَ}: يموتون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 246]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم أنه يعجل لهم العذاب في الدنيا فقال: {وإنّ للّذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}
المعنى: وإن للذين ظلموا عذابا دون عذاب الآخرة، يعني من القتل والأسر وسبي الذراري الّذي نزل بهم، وأعلم اللّه عزّ وجلّ أنه ناصر دينه ومهلك من عادى نبيه، ثم أمره بالصبر إلى أن يقع العذاب بهم فقال: {واصبر لحكم ربّك فإنّك بأعيننا وسبّح بحمد ربّك حين تقوم}). [معاني القرآن: 5/68]

تفسير قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({واصبر لحكم ربّك فإنّك بأعيننا وسبّح بحمد ربّك حين تقوم}
أي فإنك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك، ولا يصلون إلى مكروهك.
{وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} أي حين تقوم من منامك،
وقيل حين تقوم في صلاتك، وهو ما يقال مع التكبير: سبحانك اللهم وبحمدك). [معاني القرآن: 5/68]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وإدبار النّجوم} من كسر الألف جعله مصدراً، ومن فتحها جعلها جميع دبر). [مجاز القرآن: 2/234]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ومن اللّيل فسبّحه وإدبار النّجوم}
وقرئت (وأدبار النّجوم).
- فمن قرأ (إدبار) بالكسر فعلى المصدر أدبرت إدبارا.
- ومن قرأ (أدبار) بالفتح فهو جمع دبر.
وأجمعوا في التفسير أن معنى (أدبار السّجود) معناه صلاة الركعتين بعد المغرب، وأن (إدبار النّجوم) صلاة ركعتي الغداة). [معاني القرآن: 5/68]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وإِدْبَار}: مصدر
{وأدْبَارَ}: جمع دبر). [العمدة في غريب القرآن: 284]


رد مع اقتباس