عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1435هـ/10-09-2014م, 09:49 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: «وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم» بالرفع على الابتداء والخبر في المجرور المتقدم، وقرأ الحسن في رواية هارون عنه: «عذاب» بالنصب على معنى «وأعتدنا للذين كفروا عذاب جهنم»، قالوا: وعاطفة فعل على فعل، وتضمنت هذه الآية، أن عذاب جهنم للكافرين المخلدين، وقد جاء في الأثر أنه يمر على جهنم زمن تخفق أبوابها قد أخلتها الشفاعة، فالذي قال في هذا إن جهنّم اسم تختص به الطبقة العليا من النار ثم قد تسمى الطبقات كلها جهنم باسم بعضها، وهكذا كما يقال النجم للثريا، ثم يقال ذلك للكواكب اسم جنس فالذي في هذه الآية هي جهنم بأسرها، أي جميع الطبقات، والتي في الأثر هي الطبقة العليا، لأنها مقر العصاة). [المحرر الوجيز: 8/ 354]

تفسير قوله تعالى: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والشهيق: أقبح ما يكون من صوت الحمار، فاحتدام النار وغليانها بصوت مثل ذلك). [المحرر الوجيز: 8/ 354]

تفسير قوله تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {تكاد تميّز من الغيظ} أي يزايل بعضها بعضا لشدة الاضطراب كما قال الشاعر في صفة الكلب المحتدم في جربه: [الرجز]:
يكاد أن يخرج عن إهابه
وقرأ الضحاك: «تمايز» بألف، وقرأ طلحة: «تتميز» بتاءين، وقرأ الجمهور: «تكاد تميز» بضم الدال وفتح التاء مخففة، وقرأ البزي: «تكاد» بضم الدال وشد التاء أنها «تتميز» وأدغم إحدى التاءين في الأخرى.
وقرأ أبو عمرو بن العلاء: تكاد تميّز بإدغام الدال في التاء، وهذا فيه إدغام الأقوى في الأضعف، وقوله تعالى: من الغيظ معناه على الكفرة بالله، وقوله تعالى: {كلّما ألقي فيها فوجٌ}، الفوج: الفريق من الناس، ومنه قوله تعالى: {في دين اللّه أفواجاً} [النصر: 2] الآية، تقتضي أنه لا يلقى فيها أحد إلا سئل على جهة التوبيخ عن النذر فأقر بأنهم جاؤوا وكذبوهم، وقوله: كلّما حصر. فإذا الآية تقتضي في الأطفال من أولاد المشركين وغيرهم، وفيمن نقدره صاحب فترة أنهم لا يدخلون النار لأنهم لم يأتهم نذير، واختلف الناس في أمر الأطفال، فأجمعت الأمة على أن أولاد الأنبياء في الجنة، واختلفوا في أولاد المؤمنين، فقال الجمهور: هم في الجنة، وقال قوم هم في المشيئة، واختلفوا في أولاد المشركين، فقالت فرقة: هم في النار، واحتجوا بحديث روي من آبائهم، وتأول مخالف هذا الحديث، أنهم في أحكام الدنيا، وقال: هم في المشيئة، وقال فريق: هم في الجنة، واحتج هذا الفريق بهذه الآية في مساءلة الخزنة، وبحديث وقع في صحيح البخاري في كتاب التفسير، يتضمن أنهم في الجنة. وبقوله عليه السلام: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، فالأطفال لم يبلغوا أن يصنع بهم شيء من هذا». وقوله تعالى: {إن أنتم إلّا في ضلالٍ كبيرٍ} يحتمل أن يكون من قول الملائكة للكفار حين أخبروا عن أنفسهم أنهم كذبوا النذر، ويحتمل أن يكون من كلام الكفار للنذر). [المحرر الوجيز: 8/ 354-355]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير (10) فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السّعير (11) إنّ الّذين يخشون ربّهم بالغيب لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ (12) وأسرّوا قولكم أو اجهروا به إنّه عليمٌ بذات الصّدور (13) ألا يعلم من خلق وهو اللّطيف الخبير (14) هو الّذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النّشور (15)}
المعنى وقال الكفار للخزنة في محاورتهم: لو كنّا نسمع أو نعقل سمعا أو عقلا ينتفع به ويغني شيئا لآمنا ولم نستوجب الخلود في السعير). [المحرر الوجيز: 8/ 356]

تفسير قوله تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى محمدا أنهم اعترفوا بذنبهم في وقت لا ينفع فيه الاعتراف، وقوله تعالى: {فسحقاً} نصب على جهة الدعاء عليهم وجاز ذلك فيه، وهو من قبل الله تعالى من حيث هذا القول مستقرا فيهم أزلا ووجوده لم يقع ولا يقع إلا في الآخرة، فكأنه لذلك في حيز المتوقع الذي يدعى فيه، كما تقول: سحقا لزيد وبعدا، والنصب في هذا كله بإضمار فعل، وأما ما وقع وثبت، فالوجه فيه الرفع كما قال تعالى: {ويلٌ للمطفّفين} [المطففين: 1]، {وسلامٌ عليكم} [الأنعام: 54، الأعراف: 46، الرعد: 24، القصص: 55، الزمر: 73]، وغير هذا من الأمثلة، وقرأ الجمهور: «فسحقا» بسكون الحاء، وقرأ الكسائي: «فسحقا» بضم الحاء وهما لغتان). [المحرر الوجيز: 8/ 356]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم وصف تعالى أهل الإيمان، وهم الّذين يخشون ربّهم، وقوله تعالى: {بالغيب} يحتمل معنيين، أحدهما: بالغيب الذي أخبروا به من الحشر والصراط والميزان والجنة والنار، فآمنوا بذلك، وخشوا ربهم فيه، ونحا إلى هذا قتادة والمعنى الثاني: أنهم يخشون ربهم إذا غابوا عن أعين الناس، أي في خلواتهم، ومنه تقول العرب: فلان سالم الغيب، أي لا يضر، فالمعنى يعملون بحسب الخشية في صلاتهم وعباداتهم، وانفرادهم، فالاحتمال الأول: مدح بالإخلاص والإيمان، والثاني: مدح بالأعمال الصالحة في الخلوات، وذلك أحرى أن يعملوها علانية). [المحرر الوجيز: 8/ 356]


رد مع اقتباس