عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 18 شعبان 1435هـ/16-06-2014م, 03:05 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق (50) ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ اللّه ليس بظلامٍ للعبيد (51)}
يقول تعالى: ولو عاينت يا محمّد حال توفّي الملائكة أرواح الكفّار، لرأيت أمرًا عظيمًا هائلًا فظيعًا منكرًا؛ إذ يضربون وجوههم وأدبارهم، ويقولون لهم: {ذوقوا عذاب الحريق}
قال ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وأدبارهم} أستاههم، قال: يوم بدرٍ.
قال ابن جريج، قال ابن عبّاسٍ: إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين، ضربوا وجوههم بالسّيوف، وإذا ولّوا أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم.
قال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ قوله: {إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} يوم بدرٍ.
وقال وكيع، عن سفيان الثّوريّ، عن أبي هاشمٍ إسماعيل بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ، عن شعبة، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبير: {يضربون وجوههم وأدبارهم} قال: وأستاههم ولكنّ اللّه يكني.
وكذا قال عمر مولى غفرة
وعن الحسن البصريّ قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه، إنّي رأيت بظهر أبي جهلٍ مثل الشّراك قال ما ذاك؟ قال: "ضرب الملائكة ".
رواه ابن جريرٍ وهو مرسلٌ.
وهذا السّياق -وإن كان سببه وقعة بدرٍ -ولكنّه عامٌّ في حقّ كلّ كافرٍ؛ ولهذا لم يخصّصه تعالى بأهل بدرٍ، بل قال تعالى: {ولو ترى إذ يتوفّى الّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} وفي سورة القتال مثلها وتقدّم في سورة الأنعام [عند] قوله: {ولو ترى إذ الظّالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم} [الأنعام: 93] أي: باسطو أيديهم بالضّرب فيهم، يأمرونهم إذ استصعبت أنفسهم، وامتنعت من الخروج من الأجساد أن تخرج قهرًا. وذلك إذ بشّروهم بالعذاب والغضب من اللّه، كما [جاء] في حديث البراء: إنّ ملك الموت -إذا جاء الكافر عند احتضاره في تلك الصّورة المنكرة -يقول: اخرجي أيّتها النّفس الخبيثة إلى سموم وحميمٍ، وظلٍّ من يحمومٍ، فتتفرّق في بدنه، فيستخرجونها من جسده، كما يخرج السّفّود من الصّوف المبلول فتخرج معها العروق والعصب؛ ولهذا أخبر تعالى أنّ الملائكة تقول لهم: {وذوقوا عذاب الحريق}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 76-77]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {ذلك بما قدّمت أيديكم} أي: هذا الجزاء بسبب ما عملتم من الأعمال السّيّئة في حياتكم الدّنيا، جازاكم اللّه بها هذا الجزاء، {وأنّ اللّه ليس بظلامٍ للعبيد} أي: لا يظلم أحدًا من خلقه، بل هو الحكم العدل، الّذي لا يجور، تبارك وتعالى وتقدّس وتنزّه الغنيّ الحميد؛ ولهذا جاء في الحديث الصّحيح عند مسلمٍ، رحمه اللّه، من رواية أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه تعالى يقول: يا عبادي إنّي حرّمت الظّلم على نفسي، وجعلته بينكم محرّمًا فلا تظالموا. يا عبادي، إنّما هي أعمالكم أحصيها لكم، فمن وجد خيرًا فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه" ولهذا قال تعالى: {كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم كفروا بآيات اللّه فأخذهم اللّه بذنوبهم إنّ اللّه قويٌّ شديد العقاب (52)} ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 78]

تفسير قوله تعالى: {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم كفروا بآيات اللّه فأخذهم اللّه بذنوبهم إنّ اللّه قويٌّ شديد العقاب (52)}
يقول تعالى: فعل هؤلاء المشركون المكذّبون بما أرسلت به يا محمّد، كما فعل الأمم المكذّبة قبلهم، ففعلنا بهم ما هو دأبنا، أي: عادتنا وسنّتنا في أمثالهم من المكذّبين من آل فرعون ومن قبلهم من الأمم المكذّبة بالرّسل، الكافرين بآيات اللّه. {فأخذهم اللّه بذنوبهم} [أي: بسبب ذنوبهم أهلكهم، فأخذهم أخذ عزيزٍ مقتدرٍ] {إنّ اللّه قويٌّ شديد العقاب} أي: لا يغلبه غالبٌ، ولا يفوته هارب). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 78]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ذلك بأنّ اللّه لم يك مغيّرًا نعمةً أنعمها على قومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وأنّ اللّه سميعٌ عليمٌ (53) كدأب آل فرعون والّذين من قبلهم كذّبوا بآيات ربّهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلٌّ كانوا ظالمين (54)}
يخبر تعالى عن تمام عدله، وقسطه في حكمه، بأنّه تعالى لا يغيّر نعمةً أنعمها على أحدٍ إلّا بسبب ذنبٍ ارتكبه، كما قال تعالى: {إنّ اللّه لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد اللّه بقومٍ سوءًا فلا مردّ له وما لهم من دونه منوالٍ} [الرّعد:11]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 78]

تفسير قوله تعالى: {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {كدأب آل فرعون} أي: كصنعه بآل فرعون وأمثالهم حين كذّبوا بآياته، أهلكهم بسبب ذنوبهم، وسلبهم تلك النّعم الّتي أسداها إليهم من جنّاتٍ وعيونٍ، وزروعٍ وكنوزٍ ومقامٍ كريمٍ، ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين، وما ظلمهم اللّه في ذلك، بل كانوا هم الظّالمين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 78]


رد مع اقتباس