عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:46 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إن الذين آمنوا ثم كفروا قال هؤلاء اليهود آمنوا بالتوراة ثم كفروا بها ثم ذكر النصارى فقال ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا يقول آمنوا بالإنجيل ثم كفروا به ثم ازدادوا كفرا بمحمد). [تفسير عبد الرزاق: 1/176]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفرًا لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً}
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله: إنّ الّذين آمنوا بموسى {ثمّ كفروا} به {ثمّ آمنوا}: يعني النّصارى بعيسى {ثمّ كفروا} به {ثمّ ازدادوا كفرًا} [آل عمران] بمحمّدٍ {لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفرًا} وهم اليهود والنّصارى، آمنت اليهود بالتّوراة ثمّ كفرت؛ وآمنت النّصارى بالإنجيل، ثمّ كفرت؛ وكفرهم به: تركهم إيّاه، ثمّ ازدادوا كفرًا بالفرقان وبمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال اللّه: {لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً} يقول: لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم طريق هدًى، وقد كفروا بكتاب اللّه وبرسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا: الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا} قال: هؤلاء اليهود آمنوا بالتّوراة، ثمّ كفروا. ثمّ ذكر النّصارى، ثمّ قال: {ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفرًا} يقول: آمنوا بالإنجيل ثمّ كفروا به ثمّ ازدادوا كفرًا بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: أهل النّفاق أنّهم آمنوا ثمّ ارتدّوا، ثمّ آمنوا ثمّ ارتدّوا، ثمّ ازدادوا كفرًا بموتهم على كفرهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفرًا} قال: كنّا نحسبهم المنافقين ويدخل في ذلك من كان مثلهم {ثمّ ازدادوا كفرًا} قال: تمّوا على كفرهم حتّى ماتوا.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ: {ثمّ ازدادوا كفرًا} قال: ماتوا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {ثمّ ازدادوا كفرًا} قال: حين ماتوا.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا} الآية، قال: هؤلاء المنافقون آمنوا مرّتين، وكفروا مرّتين، ثمّ ازدادوا كفرًا بعد ذلك
وقال آخرون: بل هم أهل الكتابين: التّوراة والإنجيل، أتوا ذنوبًا في كفرهم فتابوا، فلم تقبل منهم التّوبة منها مع إقامتهم على كفرهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو خالد، عن داود بن أبي هندٍ، عن أبي العالية: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفرًا} قال: هم اليهود والنّصارى أذنبوا في شركهم، ثمّ تابوا فلم تقبل توبتهم، ولو تابوا من الشّرك لقبل منهم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: عني بذلك أهل الكتاب الّذين أقرّوا بحكم التّوراة، ثمّ كذّبوا بخلافهم إيّاه، ثمّ أقرّ من أقرّ منهم بعيسى والإنجيل، ثمّ كذّب به بخلافه إيّاه، ثمّ كذّب بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم والفرقان، فازداد بتكذيبه به كفرًا على كفره.
وإنّما قلنا: ذلك أولى بالصّواب في تأويل هذه الآية، لأنّ الآية قبلها في قصص أهل الكتابين، أعني قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا باللّه ورسوله} ولا دلالة تدلّ على أنّ قوله: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا} منقطعٌ معناه من معنى ما قبله، فإلحاقه بما قبله أولى حتّى تأتي دلالةٌ دالّةٌ على انقطاعه منه.
وأمّا قوله: {لم يكن اللّه ليغفر لهم} فإنّه يعني: لم يكن اللّه ليستر عليهم كفرهم وذنوبهم بعفوه عن العقوبة لهم عليه، ولكنّه يفضحهم على رءوس الأشهاد. {ولا ليهديهم سبيلاً} يقول: ولم يكن ليسدّدهم لإصابة طريق الحقّ فيوفّقهم لها، ولكنّه يخذلهم عنها عقوبةً لهم على عظيم جرمهم وجراءتهم على ربّهم.
وقد ذهب قومٌ إلى أنّ المرتدّ يستتاب ثلاثًا انتزاعًا منهم بهذه الآية، وخالفهم على ذلك آخرون.
ذكر من قال يستتاب ثلاثًا:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن الشّعبيّ، عن عليٍّ، عليه السّلام، قال: إن كنت لمستتيب المرتدّ ثلاثًا. ثمّ قرأ هذه الآية {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن جابرٍ، عن عامرٍ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه: يستتاب المرتدّ ثلاثًا، ثمّ قرأ: {إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفرًا}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن رجلٍ، عن ابن عمر، قال: يستتاب المرتدّ ثلاثًا.
وقال آخرون: يستتاب كلّما ارتدّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن عمرو بن قيسٍ، عمّن سمع إبراهيم، قال: يستتاب المرتدّ كلّما ارتدّ.
قال أبو جعفرٍ: وفي قيام الحجّة بأنّ المرتدّ يستتاب المرّة الأولى، الدّليل الواضح على أنّ حكم كلّ مرّةٍ ارتدّ فيها عن الإسلام حكم المرّة الأولى في أن توبته مقبولةٌ، وأنّ إسلامه حقن له دمه؛ لأنّ العلّة الّتي حقنت دمه في المرّة الأولى إسلامه، فغير جائزٍ أن توجد العلّة الّتي من أجلها كان دمه محقونًا في الحالة الأولى ثمّ يكون دمه مباحًا مع وجودها، إلاّ أن يفرّق بين حكم المرّة الأولى وسائر المرّات غيرها ما يجب التّسليم له من أصلٍ محكمٍ، فيخرج حكم القياس حينئذٍ). [جامع البيان: 7/595-600]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادوا كفرًا لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلًا (137)
قوله تعالى: إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا.
- حدّثني أبي ثنا أبو غسّان، ثنا شريكٌ، عن جابرٍ، عن عامرٍ قال: قال عليٌّ في المرتدّ: إن كنت مستتيبه ثلاثًا، ثمّ قرأ هذه الآية: إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا، ثمّ ازدادوا كفرًا.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن داود بن أبي هند عن أبي العالية إنّ الّذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثم كفروا ثمّ ازدادوا كفرًا قال: هم اليهود والنّصارى أذنبوا في شركهم فتابوا، فلم يقبل منهم، ولو تابوا من الشّرك لقبل منهم.
- حدّثنا الحسن بن أبي الربيع صلى الله عليه وسلم ثنا عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة:
إنّ الّذين آمنوا قال: هؤلاء اليهود آمنوا بالتّوراة ثمّ كفروا بها.
قوله تعالى: آمنوا ثمّ كفروا.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ، عن قتادة قال: ثمّ ذكر النّصارى فقال: ثمّ آمنوا ثمّ كفروا يقول: آمنوا بالإنجيل ثمّ كفروا به.
قوله تعالى: ثم ازدادوا كفرا.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبدة، ثنا حفص بن جميعٍ، عن سماكٍ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: ثمّ ازدادوا كفرًا قال: تمّوا على كفرهم حتّى ماتوا.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن يعني ابن مهديٍّ، عن سفيان عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ثمّ ازدادوا كفرًا قال: ماتوا.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق وأنبأ معمرٌ، عن قتادة قوله: ثمّ ازدادوا كفرًا كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، أنبأ يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: ثمّ ازدادوا كفرًا بالفرقان ومحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: لم يكن اللّه ليغفر لهم.
- وبه عن قتادة قوله: لم يكن اللّه ليغفر لهم وقد كفروا بكتب اللّه
قوله تعالى: ولا ليهديهم سبيلا.
- وبه عن قتادة قوله: ولا ليهديهم سبيلا قال: ولا ليهديهم طريق هدًى، وقد كفروا بكتب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 4/1091-1092]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في الآية قال: هم اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة ثم كفرت وآمنت النصارى بالإنجيل ثم كفرت.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {إن الذين آمنوا ثم كفروا} قال: هؤلاء اليهود آمنوا بالتوراة ثم كفروا ثم ذكر النصارى فقال {ثم آمنوا ثم كفروا} يقول: آمنوا بالإنجيل ثم كفروا به {ثم ازدادوا كفرا} بمحمد صلى الله عليه وسلم {ولا ليهديهم سبيلا} قال: طريق هدى وقد كفروا بآيات الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: هؤلاء المنافقون آمنوا مرتين وكفروا مرتين {ثم ازدادوا كفرا}.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: هم المنافقون.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن علي أنه قال في المرتد: إن كنت لمستتيبه ثلاثا ثم قرأ هذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا}.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سننه" عن فضالة بن عبيد أنه أتي برجل من المسلمين قد فر إلى العدو فأقاله الإسلام فأسلم ثم فر الثانية فأتي به فأقاله الإسلام ثم فر الثالثة فأتي به فنزع بهذه الآية {إن الذين آمنوا ثم كفروا} إلى {سبيلا} ثم ضرب عنقه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ازدادوا كفرا} قال: تموا على كفرهم حتى ماتوا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد، مثله). [الدر المنثور: 5/77-78]

تفسير قوله تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بشّر المنافقين بأنّ لهم عذابًا أليمًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {بشّر المنافقين} أخبر المنافقين، وقد بيّنّا معنى التّبشير فيما مضى بما أغنى عن إعادته {بأنّ لهم عذابًا أليمًا} يعني: بأنّ لهم يوم القيامة من اللّه على نفاقهم، عذابًا أليمًا، وهو الموجع، وذلك عذاب جهنّم). [جامع البيان: 7/601]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (بشّر المنافقين بأنّ لهم عذابًا أليمًا (138)
قوله تعالى: بشّر المنافقين بأنّ لهم عذابًا أليمًا
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية قوله: عذابًا أليمًا قال: الأليم الموجع في القرآن كلّه وكذلك فسّره ابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك بن مزاحمٍ، وقتادة، وأبو مالكٍ، وأبو عمران الجوفي، ومقاتل بن حيّان). [تفسير القرآن العظيم: 4/1092]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزّة فإنّ العزّة للّه جميعًا}
أمّا قوله جلّ ثناؤه: {الّذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} فمن صفة المنافقين. يقول اللّه لنبيّه: يا محمّد، بشّر المنافقين الّذين يتّخذون أهل الكفر بي والإلحاد في ديني أولياء: يعني أنصارًا وأخلافا من دون المؤمنين، يعني: من غير المؤمنين {أيبتغون عندهم العزّة} يقول: أيطلبون عندهم المنعة والقوّة باتّخاذهم إيّاهم أولياء من دون أهل الإيمان بي {فإنّ العزّة للّه جميعًا} يقول: فإنّ الّذين اتّخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاء العزّة عندهم، هم الأذلاّء الأقلاّء فهلا اتّخذوا الأولياء من المؤمنين، فيلتمسوا العزّة والمنعة والنّصرة من عند اللّه، الّذي له العزّة والمنعة، الّذي يعزّ من يشاءٍ، ويذلّ من يشاء فيعزّهم ويمنعهم؟
وأصل العزّة: الشّدّة؛ ومنه قيل للأرض الصّلبة الشّديدة: عزازٌ، وقيل: قد استعزّ على المريض: إذا اشتدّ مرضه وكاد يشفى، ويقال: تعزّز اللّحم: إذا اشتدّ؛ ومنه قيل: عزّ عليّ أن يكون كذا وكذا، بمعنى: اشتدّ عليّ). [جامع البيان: 7/601]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الّذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزّة فإنّ العزّة للّه جميعًا (139)
قوله تعالى: الّذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: الكافرين أولياء من دون المؤمنين قال: نهى اللّه تعالى المؤمنين أن يلاطفوا الكفّار فيتّخذوهم وليجةً من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفّار عليهم ظاهرين فيظهرون لهم ويخالفونهم في الدّين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله:
أولياء من دون المؤمنين أمّا أولياء فنواليهم في دينهم ونظهرهم على عورة المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 4/1092]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي، وابن عساكر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يقول كل يوم: أنا ربكم العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز). [الدر المنثور: 5/78]


رد مع اقتباس