عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (طسم (1) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى طسم قال اسم من أسماء القرآن). [تفسير عبد الرزاق: 2/73]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {طسم (1) تلك آيات الكتاب المبين (2) لعلّك باخعٌ نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين}.
قال أبو جعفرٍ: وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما في ابتداء فواتح سور القرآن من حروف الهجاء، وما انتزع به كلّ قائلٍ منهم لقوله ومذهبه من العلّة. وقد بيّنّا الّذي هو أولى بالصّواب من القول فيه فيما مضى من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته، وقد ذكر عنهم من الاختلاف في قوله: {طسم}، و{طس}، نظير الّذي ذكر عنهم في: {الم}، و{المر}، و{المص}.
- وقد: حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {طسم} قال: فإنّه قسمٌ أقسمه اللّه، وهو من أسماء اللّه.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {طسم} قال: اسمٌ من أسماء القرآن). [جامع البيان: 17/542]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (طسم (1)
قوله عز وجل: طسم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: طسم قال: إنّه قسمٌ أقسمه اللّه وهي من أسماء اللّه
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدسيّ، ثنا رجلٌ سمّاه، ثنا محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن كعبٍ طسم قال: الطّاء من الطّول والسّين من القدّوس والميم من الرّحمن
قال السّدّيّ: هذه حروفٌ من الهجاء من الأسماء المقطّعة
وروى، عن مجاهدٍ أنّه هجاءٌ مقطوعٌ
والوجه الثّاني
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا إسماعيل بن موسى، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي بكرٍ الهذليّ قال: لقد رأيت الحسن البصريّ قصر، عن التّفسير حين قدم عكرمة البصرة فأتيت الحسن يومًا في منزله فوجدته يصلّي، فقعدت مع ابنه حتّى قضى صلاته فلمّا قضى أتيته فقلت يا أبا سعيدٍ قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه: طسم؟ قال: فواتح افتتح اللّه بها كتابه أو القرآن.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: طسم قال: اسمٌ من أسماء القرآن أقسم به ربّك). [تفسير القرآن العظيم: 8/2747]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (طسم.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: اسم من أسماء القرآن). [الدر المنثور: 11/237-238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {طسم} قال: الطاء من ذي الطول والسين من القدوس والميم من الرحمن). [الدر المنثور: 11/238]

تفسير قوله تعالى: (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فتأويل الكلام على قول ابن عبّاسٍ والسميع: إنّ هذه الآيات الّتي أنزلتها على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم في هذه السّورة لآيات الكتاب الّذي أنزلته إليه من قبلها الّذي بيّنه لمن تدبّره بفهمٍ، وفكّر فيه بعقلٍ، أنّه من عند اللّه جلّ جلاله، لم يتخرّصه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يتقوّله من عنده، بل أوحاه إليه ربّه). [جامع البيان: 17/542]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: تلك
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الأنصاريّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: تلك يعني هذه.
قوله: آيات
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عليّ بن زنجة، ثنا علي ابن الحسين، عن الحسين بن واقدٍ، عن مطرٍ تلك آيات قال: الزبور
قوله: الكتاب
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: الكتاب يعنى القرآن وروى، عن ابن عبّاسٍ والحسن البصريّ مثل ذلك
والوجه الثّاني
- حدّثنا أبي ثنا سهل بن عثمان، ثنا ابن السّمّاك، عن أبي بكرٍ، عن الحسن في هذه الآية تلك آيات الكتاب قال: التّوراة والزّبور
حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر وثنا سعيدٌ يعنى ابن بشيرٍ، عن قتادة الر تلك آيات الكتاب قال: الكتب الّتي خلت قبل القرآن المبين ايه قال: إي واللّه تبيّن بركته وهداه ورشده). [تفسير القرآن العظيم: 8/2747-2748]

تفسير قوله تعالى: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لعلك باخع نفسك قال قاتل نفسك). [تفسير عبد الرزاق: 2/73]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لعلّك باخعٌ نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين} يقول تعالى ذكره: لعلّك يا محمّد قاتلٌ نفسك ومهلكها إن لم يؤمن قومك بك، ويصدّقوك على ما جئتهم به.
والبخع: هو القتل والإهلاك في كلام العرب؛ ومنه قول ذي الرّمّة:
ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه = لشيءٍ نحته عن يديه المقادر
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {باخعٌ نفسك} قاتلٌ نفسك.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {لعلّك باخعٌ نفسك} قال: قاتلٌ نفسك.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {لعلّك باخعٌ نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين} قال: لعلّك من الحرص على إيمانهم مخرجٌ نفسك من جسدك، قال: ذلك البخع.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لعلّك باخعٌ نفسك} عليهم حرصًا.
و(أن) من قوله: {ألاّ يكونوا مؤمنين} في موضع نصبٍ بباخعٍ، كما يقال: زرت عبد اللّه أن زارني، وهو جزاءٌ؛ ولو كان الفعل الّذي بعد أن مستقبلاً لكان وجه الكلام في أن الكسر كما يقال؛ أزور عبد اللّه إن يزورني). [جامع البيان: 17/543-544]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لعلّك باخعٌ نفسك ألّا يكونوا مؤمنين (3)
قوله تعالى: لعلّك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني، ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبير قوله: لعلّك يعنى لكي.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ في قوله لعلّك باخعٌ نفسك قال: قاتلٌ نفسك وروى، عن الحسن وعكرمة وقتادة وعطيّة والضّحّاك مثل ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا نصر بن عليٍّ قال: سألت الأصمعيّ، عن حديث النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- أتاكم أهل اليمن فقال: أفصح فقلت: إنّ أبا أحمد الزّبيريّ، حدّثني، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ لعلّك باخعٌ نفسك قال: قاتلٌ نفسك قال: هذا الّذي قلت لك بلغت بهم النّصيحة حتّى قتلوا أنفسهم.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن يزيدٍ البيروتيّ قراءةً أخبرني محمّد بن شعيب بن شابور، أخبرني عثمان ابن عطاءٍ، عن أبيه عطاء بن أبي مسلمٍ الخراساني أما لعلك باخع نفسك فيقال: فعلك مخرجٌ نفسك وقاتلها.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: لعلّك باخعٌ نفسك قال: قاتلٌ نفسك حزنًا إن لم يؤمنوا.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله: لعلّك باخعٌ نفسك ألا يكونوا مؤمنين قال: لعلّك من الحرص على إيمانهم مخرجٌ نفسك من جسدك.
قوله: ألا يكونوا مؤمنين
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: إنّ الّذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون وقوله: ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى وقوله: فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقًا حرجا وقوله: ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء اللّه قوله: ولو شئنا لآتينا كلّ نفسٍ هداها وقوله: ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلهم جميعا وقوله: جعلنا في أعناقهم أغلالا وقوله: من أغفلنا قلبه، عن ذكرنا وقوله: إنك لا تسمع الموتى وقوله: إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء ونحو هذا من القرآن فإنّ ّرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يحرص أن يؤمن جميع النّاس ويتّبعوه على الهدى، فأخبره اللّه أنّه لا يؤمن إلا من سبق له من اللّه السّعادة في الذّكر الأوّل ولا يضلّ إلا من سبق له من اللّه الشّقاء في الذّكر الأوّل). [تفسير القرآن العظيم: 8/2748-2749]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {لعلّك باخعٌ نفسك ألّا يكونوا مؤمنين} [الشعراء: 3].
- عن ابن عبّاسٍ في قوله: {فمنهم شقيٌّ وسعيدٌ} [هود: 105] ونحو هذا من القرآن قال: «إنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - كان يحرص أن يؤمن جميع النّاس ويبايعونه على الهدى، فأخبره اللّه - عزّ وجلّ - أنّه لا يؤمن إلّا من سبق له من اللّه السّعادة في الذّكر الأوّل، ولا يضلّ إلّا من سبق له من اللّه الشّقاء في الذّكر الأوّل، ثمّ قال اللّه - عزّ وجلّ - لنبيّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: {لعلّك باخعٌ نفسك ألّا يكونوا مؤمنين (3) إن نشأ ننزّل عليهم من السّماء آيةً فظلّت أعناقهم لها خاضعين} [الشعراء: 3 - 4]».
رواه الطّبرانيّ، ورجاله وثّقوا، إلّا أنّ عليّ بن أبي طلحة قيل: لم يسمع من ابن عبّاسٍ). [مجمع الزوائد: 7/84-85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: تلك آيات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين * وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون * أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لعلك باخع نفسك} قال: لعلك قاتل نفسك {ألا يكونوا مؤمنين}). [الدر المنثور: 11/238] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لها خاضعين قال لو شاء الله أنزل عليهم آية يذلون بها فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/73]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن نشأ ننزّل عليهم من السّماء آيةً فظلّت أعناقهم لها خاضعين}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {فظلّت أعناقهم}. الآية، فقال بعضهم: معناه: فظلّ القوم الّذين أنزل عليهم من السّماء آيةً خاضعةً أعناقهم لها من الذّلّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {فظلّت أعناقهم لها خاضعين} قال: فظلّوا خاضعةً أعناقهم لها.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {خاضعين} قال: لو شاء اللّه لنزّل عليه آيةً يذلّون بها، فلا يلوي أحدٌ عنقه إلى معصية اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ألاّ يكونوا مؤمنين، إن نشأ ننزّل عليهم من السّماء آيةً} قال: لو شاء اللّه لأراهم أمرًا من أمره لا يعمل أحدٌ منهم بعده بمعصيةٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فظلّت أعناقهم لها خاضعين} قال: ملقين أعناقهم.
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فظلّت أعناقهم لها خاضعين} قال: الخاضع: الذّليل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فظلّت سادتهم وكبراؤهم للآية خاضعين، ويقول: الأعناق: هم الكبراء من النّاس.
واختلف أهل العربيّة في وجه تذكير خاضعين، وهو خبرٌ عن الأعناق، فقال بعض نحويّي البصرة: يزعمون أنّ قوله {أعناقهم} على الجماعات، نحو: هذا عنقٌ من النّاس كثيرٌ، أو ذكّر كما يذكّر بعض المؤنّث، كما قال الشّاعر:
تمزّزتها والدّيك يدعو صباحه = إذا ما بنو نعشٍ دنوا فتصوّبوا
فجماعات هذا أعناقٌ، أو يكون ذكّره لإضافته إلى المذكّر كما يؤنّث لإضافته إلى المؤنّث، كما قال الأعشى:
ونشرق بالقول الّذي قد أذعته = كما شرقت صدر القناة من الدّم
وقال العجّاج:
لمّا رأى متن السّماء أبعدت
وقال الفرزدق:
إذا القنبضات السّود طوّفن بالضّحى = رقدن عليهنّ الحجال المسجّف
وقال الأعشى:
وإنّ امرأً أهدى إليك ودونه = من الأرض يهماءٌ وبيداء خيفق
لمحقوقةٌ أن تستجيبي لصوته = وأن تعلمي أنّ المعان الموفّق
قال: ويقولون: بنات نعشٍ وبنو نعشٍ، ويقال: بنات عرسٍ، وبنو عرسٍ؛ وقالت امرأةٌ: أنا امرؤٌ لا أخبر السّرّ، قال: وذكر لرؤبة رجلٌ فقال: هو كان أحد بنات مساجد اللّه، يعني الحصى.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: هذا بمنزلة قول الشّاعر:
ترى أرماحهم متقلّديها = إذا صدئ الحديد على الكماة
فمعناه عنده: فظلّت أعناقهم خاضعيها هم، كما يقال: يدك باسطها، بمعنى: يدك باسطها أنت، فاكتفى بما ابتدأ به من الاسم أن يكون، فصار الفعل كأنّه للأوّل وهو للثّاني، وكذلك قوله:
لمحقوقةٌ أن تستجيبي لصوته
إنّما هو لمحقوقةٌ أن تستجيبي لصوته أنت، والمحقوقة: النّاقة، إلاّ أنّه عطفه على المرء لما عاد بالذّكر.
وكان آخر منهم يقول: الأعناق: الطّوائف، كما يقال: رأيت النّاس إلى فلانٍ عنقًا واحدةً، فيجعل الأعناق الطّوائف والعصب؛ ويقول: يحتمل أيضًا أن تكون الأعناق هم السّادّة والرّجال الكبراء، فيكون كأنّه قيل. فظلّت رءوس القوم وكبراؤهم لها خاضعين، وقال: أحبّ إليّ من هذين الوجهين في العربيّة أن يقال: إنّ الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون، فجعلت الفعل أوّلاً للأعناق، ثمّ جعلت خاضعين للرّجال، كما قال الشّاعر:
على قبضةٍ مرجوّةٍ ظهر كفّه = فلا المرء مستحيٍ ولا هو طاعم
فأنّث فعل الظّهر لأنّ الكفّ تجمع الظّهر، وتكفي منه، كما أنّك تكتفي بأن تقول: خضعت لك، من أن تقول: خضعت لك رقبتي، وقال: ألا ترى أنّ العرب تقول: كلّ ذي عينٍ ناظرٌ وناظرةٌ إليك، لأنّ قولك: نظرت إليك عيني، ونظرت إليك بمعنًى واحدٍ بترك كلٍّ، وله الفعل وبردّه إلى العين، فلو قلت: فظلّت أعناقهم لها خاضعةٌ، كان صوابًا.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب وأشبهها بما قال أهل التّأويل في ذلك أن تكون الأعناق هي أعناق الرّجال، وأن يكون معنى الكلام: فظلّت أعناقهم ذليلةٌ، للآية الّتي ينزّلها اللّه عليهم من السّماء، وأن يكون قوله خاضعين مذكّرًا، لأنّه خبرٌ عن الهاء والميم في الأعناق، فيكون ذلك نظير قول جريرٍ:
أرى مرّ السّنين أخذن منّي = كما أخذ السّرار من الهلال
وذلك أنّ قوله: مرّ لو أسقط من الكلام لأدي ما بقي من الكلام عنه ولم يفسد سقوطه معنى الكلام عمّا كان به قبل سقوطه، وكذلك لو أسقطت الأعناق من قوله: فظلّت أعناقهم لأدّى ما بقي من الكلام عنها، وذلك أنّ الرّجال إذا ذلّوا، فقد ذلّت رقابهم، وإذا ذلّت رقابهم فقد ذلّوا. فإن قيل في الكلام: فظلّوا لها خاضعين، كان الكلام غير فاسدٍ، لسقوط الأعناق، ولا متغيّرٌ معناه عمّا كان عليه قبل سقوطها، فصرف الخبر بالخضوع إلى أصحاب الأعناق، وإن كان قد ابتدأ بذكر الأعناق لما قد جرى به استعمال العرب في كلامهم، إذا كان الاسم المبتدأ به، وما أضيف إليه يؤدّي الخبر كلّ واحدٍ منهما عن الآخر). [جامع البيان: 17/544-548]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إن نشأ ننزّل عليهم من السّماء آيةً فظلّت أعناقهم لها خاضعين (4)
قوله: إن نشأ ننزّل عليهم من السّماء آيةً
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عمارة، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: إن نشأ ننزّل عليهم من السّماء آيةً قال: لو نشاء
قوله: من السّماء آيةً
حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن كثيرٍ عن دازان في قوله: ننزّل عليهم من السّماء الشّمس من مغربها.
قوله: فظلّت أعناقهم
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا الوليد، عن سعيدٍ، عن قتادة فظلّت أعناقهم لها خاضعين حتّى لا يلتفت أحدٌ إلى معصيةٍ.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ عن قتادة فظلّت أعناقهم لها خاضعين قال: لو شاء اللّه أنزل عليهم آيهً يذلّون بها فلا يلوي أحدٌ منهم عنقه إلى معصية اللّه.
قوله تعالى: خاضعين
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قوله تعالى: فظلّت أعناقهم لها خاضعين قال: الخاضع الذّليل). [تفسير القرآن العظيم: 8/2749-2750]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: تلك آيات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين * وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون * أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لعلك باخع نفسك} قال: لعلك قاتل نفسك {ألا يكونوا مؤمنين} {إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال: لو شاء الله أنزل عليهم آية يذلون بها فلا يلوى أحدهم عنقه إلى معصية الله). [الدر المنثور: 11/238] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال: العنق الجماعة من الناس قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت الحرث بن هشام وهو يقول ويذكر أبا جهل:
يخبرنا المخبر ان عمرا * امام القوم من عنق مخيل). [الدر المنثور: 11/238-239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال: ذليلين). [الدر المنثور: 11/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: الخاضع: الذليل). [الدر المنثور: 11/239]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما يأتيهم من ذكرٍ من الرّحمن محدثٍ إلاّ كانوا عنه معرضين}.
يقول تعالى ذكره: وما يجيء هؤلاء المشركين الّذين يكذّبونك ويجحدون ما أتيتهم به يا محمّد من عند ربّك من تذكيرٍ وتنبيهٍ على مواضع حجج اللّه عليهم على صدقك وحقيقة ما تدعوهم إليه ممّا يحدثه اللّه إليك ويوحيه إليك لتذكّرهم به إلاّ أعرضوا عن استماعه، وتركوا إعمال الفكر فيه وتدبّره). [جامع البيان: 17/549]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما يأتيهم من ذكرٍ من الرّحمن محدثٍ إلّا كانوا عنه معرضين (5)
قوله: وما يأتيهم من ذكرٍ من الرّحمن محدثٍ إلا كانوا عنه معرضين.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة وما يأتيهم من ذكرٍ من الرّحمن محدثٍ يقول: ما يأتيهم من شيءٍ من كتاب اللّه إلا كانوا عنه معرضين يقول إلا أعرضوا عنه وفي قوله: فقد كذبوا فسيأتيهم أنبؤا يعنى يوم القيامة ما كانوا به يستهزؤن يقول: أنباء ما استهزؤا به من كتاب اللّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2750]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: تلك آيات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين * وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون * أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لعلك باخع نفسك} قال: لعلك قاتل نفسك {ألا يكونوا مؤمنين} {إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال: لو شاء الله أنزل عليهم آية يذلون بها فلا يلوى أحدهم عنقه إلى معصية الله {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث} يقول: ما يأتيهم من شيء من كتاب الله إلا أعرضوا عنه). [الدر المنثور: 11/238] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فقد كذّبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون}.
يقول تعالى ذكره: فقد كذّب يا محمّد هؤلاء المشركون بالذّكر الّذي أتاهم من عند اللّه وأعرضوا عنه {فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون} يقول: فسيأتيهم أخبار الأمر الّذي كانوا يسخرون، وذلك وعيدٌ من اللّه لهم أنّه محلٌّ بهم عقابه على تماديهم في كفرهم، وتمرّدهم على ربّهم). [جامع البيان: 17/549]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما يأتيهم من ذكرٍ من الرّحمن محدثٍ إلّا كانوا عنه معرضين (5)
قوله: وما يأتيهم من ذكرٍ من الرّحمن محدثٍ إلا كانوا عنه معرضين.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة وما يأتيهم من ذكرٍ من الرّحمن محدثٍ يقول: ما يأتيهم من شيءٍ من كتاب اللّه إلا كانوا عنه معرضين يقول إلا أعرضوا عنه وفي قوله: فقد كذبوا فسيأتيهم أنبؤا يعنى يوم القيامة ما كانوا به يستهزؤن يقول: أنباء ما استهزؤا به من كتاب اللّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2750] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: تلك آيات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين * وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون * أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لعلك باخع نفسك} قال: لعلك قاتل نفسك {ألا يكونوا مؤمنين} {إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال: لو شاء الله أنزل عليهم آية يذلون بها فلا يلوى أحدهم عنقه إلى معصية الله {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث} يقول: ما يأتيهم من شيء من كتاب الله إلا أعرضوا عنه {فسيأتيهم} يعني يوم القيامة {أنباء} ما استهزأوا به من كتاب الله). [الدر المنثور: 11/238] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى من كل زوج كريم قال حسن). [تفسير عبد الرزاق: 2/73]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كلّ زوجٍ كريمٍ}.
يقول تعالى ذكره: أولم ير هؤلاء المشركون المكذّبون بالبعث والنّشر إلى الأرض، كم أنبتنا فيها بعد أن كانت ميتةً لا نبات فيها {من كلّ زوجٍ كريمٍ} يعني بالكريم: الحسن، كما يقال للنّخلة الطّيّبة الحمل: كريمةٌ، وكما يقال للشّاة أو النّاقة إذا غزرتا فكثرت ألبانهما: ناقةٌ كريمةٌ، وشاةٌ كريمةٌ.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثني أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {أنبتنا فيها من كلّ زوجٍ كريمٍ} قال: من نبات الأرض، ممّا تأكل النّاس والأنعام.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {من كلّ زوجٍ كريمٍ} قال: حسنٌ). [جامع البيان: 17/549-550]

قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كلّ زوجٍ كريم
[الوجه الأول]
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: من كلّ زوجٍ كريمٍ قال: من نبات الأرض ممّا يأكل النّاس والأنعام
الوجه الثّاني
- حدّثنا أبي، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن رجلٍ، عن الشّعبيّ في قوله كم أنبتنا فيها من كلّ زوجٍ كريمٍ قال: النّاس من نبات الأرض فمن دخل الجنّة فهو كريمٌ ومن دخل النّار فهو لئيمٌ.
قوله: كريمٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ قوله: كريمٌ يعنى حسن وروي، عن قتادة مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 8/2750]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله من كل زوج كريم يعني من نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام). [تفسير مجاهد: 459]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: تلك آيات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين * وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين * فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون * أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لعلك باخع نفسك} قال: لعلك قاتل نفسك {ألا يكونوا مؤمنين} {إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} قال: لو شاء الله أنزل عليهم آية يذلون بها فلا يلوى أحدهم عنقه إلى معصية الله {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث} يقول: ما يأتيهم من شيء من كتاب الله إلا أعرضوا عنه {فسيأتيهم} يعني يوم القيامة {أنباء} ما استهزأوا به من كتاب الله وفي قوله {كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} قال: حسن). [الدر المنثور: 11/238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} قال: من نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام). [الدر المنثور: 11/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الشعبي {كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} قال: الناس من نبات الأرض، فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم). [الدر المنثور: 11/239]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين (8) وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم}.
يقول تعالى ذكره: إنّ في إنباتنا في الأرض من كلّ زوجٍ كريمٍ لآيةً. يقول: لدلالةٌ لهؤلاء المشركين المكذّبين بالبعث على حقيقته، وأنّ القدرة الّتي بها أنبت اللّه في الأرض ذلك النّبات بعد جدوبها لن يعجزه أن ينشر بها الأموات بعد مماتهم أحياءً من قبورهم.
وقوله: {وما كان أكثرهم مؤمنين} يقول: وما كان أكثر هؤلاء المكذّبين بالبعث الجاحدين نبوّتك يا محمّد بمصدّقيك على ما تأتيهم به من عند اللّه من الذّكر. يقول جلّ ثناؤه: وقد سبق في علمي أنّهم لا يؤمنون، فلا يؤمن بك أكثرهم للسّابق من علمي فيهم). [جامع البيان: 17/550]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ في ذلك لآيةً وما كان أكثرهم مؤمنين (8)
قوله تعالى: إنّ في ذلك لآيةً
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو أسامة، ثنا سفيان، عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ إنّ في ذلك لآيةً قال: علامةً ألم تر إلى الرّجل إذا أراد أن يرسل إلى أهله في حاجةٍ أرسل بخاتمه أو بثوبه فعرفوا أنّه حقٌّ وروى، عن سعيد بن جبيرٍ نحو ذلك.
قوله: وما كان أكثرهم مؤمنين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى حدّثنا ابن لهيعة، حدثني عطا، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: مؤمنين يعنى مصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2751]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم} يقول: وإنّ ربّك يا محمّد لهو العزيز في نقمته، لا يمتنع عليه أحدٌ أراد الانتقام منه. يقول تعالى ذكره: وإنّي إن أحللت بهؤلاء المكذّبين بك يا محمّد المعرضين عمّا يأتيهم من ذكر من عندي عقوبتي بتكذيبهم إيّاك، فلن يمنعهم منّي مانعٌ، لأنّي أنا العزيز الرّحيم، يعني أنّه ذو الرّحمة بمن تاب من خلقه من كفره ومعصيته، أن يعاقبه على ما سلف من جرمه بعد توبته.
وكان ابن جريجٍ يقول في معنى ذلك ما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني الحجّاج، عن ابن جريجٍ، قال: كلّ شيءٍ في الشّعراء من قوله (عزيزٌ رحيمٌ) فهو ما أهلك ممّن مضى من الأمم، يقول عزيزٌ حين انتقم من أعدائه، رحيمٌ بالمؤمنين حين أنجاهم ممّا أهلك به أعداءه.
قال أبو جعفرٍ: وإنّما اخترنا القول الّذي اخترناه في ذلك في هذا الموضع، لأنّ قوله: {وإنّ ربّك لهو العزيز الرّحيم} عقيب وعيد اللّه قومًا من أهل الشّرك والتّكذيب بالبعث، لم يكونوا أهلكوا، فيوجّه إلى أنّه خبرٌ من اللّه عن فعله بهم وإهلاكه. ولعلّ ابن جريجٍ بقوله هذا أراد ما كان من ذلك عقيب خبر اللّه عن إهلاكه من أهلك من الأمم، وذلك إن شاء اللّه إذا كان عقيب خبرهم كذلك). [جامع البيان: 17/551]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: وإنّ ربّك لهو العزيز
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العلية العزيز قال: عزيزٌ في نقمته إذا انتقم، وروي، عن قتادة والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان، ثنا مسلمة قال: محمّد بن إسحاق العزيز قال: العزيز في نصرته ممّن كفر به إذا شاء.
قوله: الرّحيم
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ في قول اللّه: الرحيم يعني رحيمًا بهم بعد التّوبة). [تفسير القرآن العظيم: 8/2751]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: كل شيء في الشعراء من قوله: {العزيز الرحيم} فهو ما هلك ممن مضى من الامم يقول {عزيز} حين انتقم من أعدائه {رحيم} بالمؤمنين حين أنجاهم مما أهلك به أعداءه). [الدر المنثور: 11/239-240]


رد مع اقتباس