عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:04 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ولئن أذقنا الإنسان منّا رحمةً ثمّ نزعناها منه إنّه ليؤسٌ كفورٌ (9) ولئن أذقناه نعماء بعد ضرّاء مسّته ليقولنّ ذهب السّيّئات عنّي إنّه لفرحٌ فخورٌ (10) إلاّ الّذين صبروا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ (11)
«أذقنا» هاهنا مستعارة، لأن «الرحمة» هاهنا تعم جميع ما ينتفع به من مطعوم وملبوس وجاه وغير ذلك. والإنسان هاهنا اسم الجنس والمعنى أن هذا الخلق في سجية الناس، ثم استثنى منهم الذين ردتهم الشرائع والإيمان إلى الصبر والعمل الصالح.
ويؤس وكفورٌ بناءان للمبالغة، وكفورٌ هاهنا من كفر النعمة، والمعنى أنه ييأس ويحرج ويتسخط، ولو نظر إلى نعمة الله الباقية عليه في عقله وحواسه وغير ذلك، ولم يكفرها لم يكن ذلك، فإن اتفق هذا أن يكون في كافر أيضا بالشرع صح ذلك ولكن ليس من لفظ الآية.
وقال بعض الناس في هذه الآية: الإنسان إنما يراد به الكافر وحمله على ذلك لفظة كفورٌ، وهذا عندي مردود، لأن صفة الكفر لا تطلق على جميع الناس كما تقتضي لفظة الإنسان). [المحرر الوجيز: 4/ 546]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و«النعماء» تشمل الصحة والمال ونحو ذلك و «الضراء» من الضر وهو أيضا شامل. وقد يكثر استعمال الضراء فيما يخص البدن.
ولفظة ذهب السّيّئات عنّي تقتضي بطرا وجهلا أن ذلك بإنعام من الله، واعتقاد أن ذلك اتفاق أو بسعد من الاعتقادات الفاسدة، وإلا فلو قالها من يعتقد أن ذهابها بإنعام من الله وفضل، لم يقع ذلك.
والسّيّئات هاهنا كل ما يسوء في الدنيا.
وقرأت فرقة «لفرح» بكسر الراء، وقرأت فرقة «لفرح» بضمها، وهذا الفرح مطلق، ولذلك ذم، إذ الفرح انهمال النفس: ولا يأتي الفرح في القرآن ممدوحا إلا إذا قيد بأنه في خير). [المحرر الوجيز: 4/ 546-547]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إلّا الّذين صبروا الآية، هذا الاستثناء متصل على ما قدمناه من أن الإنسان عام يراد به الجنس: ومن قال إنه مخصوص بالكافر قال هاهنا: إن الاستثناء منقطع، وهو قول ضعيف من جهة المعنى وأما من جهة اللفظ فجيد، وكذلك قاله من النحاة قوم.
واستثنى الله تعالى من الماشين على سجية الإنسان هؤلاء الذين حملتهم الأديان على الصبر على المكاره ومثابرة عبادة الله: وليس شيء من ذلك في سجية البشر وإنما حمل على ذلك حب الله وخوف الدار الآخرة. و «الصبر» و «العمل الصالح» لا ينفع إلا مع هداية وإيمان، ثم وعد تعالى أهل هذه الصفة تحريضا عليها وحضا، بالمغفرة للذنوب والتفضل بالأجر والنعيم). [المحرر الوجيز: 4/ 547]


رد مع اقتباس