عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18 ذو القعدة 1431هـ/25-10-2010م, 04:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 29 إلى 52]

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45) قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48) فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49) قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (51) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) }

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فيه شركاء متشاكسون...}
مختلفون, هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن, فجعل الذي فيه شركاء الذي يعبد الآلهة المختلفة.
وقوله: {ورجلاً سلماً لّرجلٍ} : هو المؤمن الموحّد, وقد قرأ العوامّ (سلماً) , وسلمٌ وسالم متقاربان في المعنى، وكأنّ (سلما) مصدر لقولك: سلم له سلماً والعرب تقول: ربح ربحاً وربحاً، وسلم سلماً وسلماً وسلامة, فسالم من صفة الرّجل، وسلم مصدرٌ لذلك, والله أعلم...
- حدثني أبو إسحاق التيميّ -وليس بصاحب هشيم - عن أبي روق, عن إبراهيم التيميّ , عن ابن عباس: أنه قرأ : (ورجلاً سالماً) .
- وحدثني ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد أنه قرأ : (سالماً).
وقوله: {هل يستويان مثلاً...} , ولم يقل مثلين، لأنهما جميعاً ضربا مثلا واحداً، فجرى المثل فيهما بالتوحيد ومثله {وجعلنا ابن مريم وأمّه آيةً} ولم يقل: آيتين؛ لأن شأنهما واحد, ولو قيل مثلين أو آيتين كان صوابا؛ لأنهما اثنان في اللفظ). [معاني القرآن: 2/419]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون } : مجازها من الرجل الشكس, " سالماً " خالصاً , وسلماً لرجل , أي : صلحاً). [مجاز القرآن: 2/189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({متشاكسون}: متضايقون، والشكس الضيق من الرجال). [غريب القرآن وتفسيره: 326]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({رجلًا فيه شركاء متشاكسون} :أي: مختلفون: يتنازعون , ويتشاحون فيه, يقال: رجل شكس :أي متعب الخلق.
قال قتادة: (هو الرجل الكافر، والشركاء: الشياطين, {ورجلًا سلماً لرجلٍ} : هو: المؤمن يعمل للّه وحده).
ومن قرأ: {سلماً لرجلٍ}، أراد: سلم إليه، فهو سلم له). [تفسير غريب القرآن: 383]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقد جاء في القرآن التعريض...ومنه قول إبراهيم صلّى الله عليه وسلم: {إِنِّي سَقِيمٌ} أي سأسقم، لأن من كتب عليه الموت، فلا بد من أن يسقم.
ومنه قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} أي: ستموت ويموتون.
فأوهمهم إبراهيم بمعاريض الكلام أنه سقيم عليل، ولم يكن عليلا سقيما، ولا كاذبا). [تأويل مشكل القرآن: 267-268] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله: {فَنَظَرَ نَظْرَةًفِي النُّجُومِ}
ولم يقل: إلى النجوم. وهذا كما يقال: فلان ينظر في النجوم، إذا كان يعرف حسابها، وفلان ينظر في الفقه والحساب والنحو.
وإنما أراد بالنظر فيها: أن يوهمهم أنه يعلم منها ما يعلمون، ويتعرف في الأمور من حيث يتعرفون، وذلك أبلغ في المحال، وألطف في المكيدة {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} أي سأسقم فلا أقدر على الغدوّ معكم. هذا الذي أوهمهم بمعاريض الكلام، ونيّته أنه سقيم غدا لا محالة، لأن من كانت غايته الموت ومصيره إلى الفناء- فسيسقم.
ومثله قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ولم يكن النبي، صلّى الله عليه وسلم، ميّتا في ذلك الوقت، وإنما أراد: أنك ستموت وسيموتون). [تأويل مشكل القرآن: 335-336] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {ضرب اللّه مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون (29)}
ويقرأ: (سلما) , و (سلما)، فسالما على معنى اسم الفاعل.
سلم فهو سالم، وسلم , وسلم مصدران وصف بهما على معنى : ورجلا ذا سلم.
ومثله مما جاء من المصادر فعلا وفعلا , قولهم: ربحت ربحا وربحا.
قال الشاعر:
إذا الحسناء لم ترحض يديها= ولم يقصر لها بصر بستر
قروا أضيافهم ربحا ببحّ= يعيش بفضلهنّ الحيّ سمر
أي: قروا أضيافهم بذبح القداح التي يضربون بها في الميسر.
وتفسير هذا المثل : أنه ضرب لمن وحّد اللّه، ولمن جعل له شريكا, فالذي وحد الله مثله : مثل السّالم لرجل , لا يشركه فيه غيره, ومثل الذي عبد غير اللّه مثل صاحب الشركاء المتشاكسين.
و " الشركاء المتشاكسون " المختلفون العسيرون الذين لا يتفقون.
وقوله: {هل يستويان مثلا} أي: هل يستوي مثل الموحّد , ومثل المشرك.). [معاني القرآن: 4/352-352]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون}
قال قتادة : هو الكافر , والشركاء هم الشياطين .
قال : ورجلا سلما: هو المؤمن يعمل لله وحده .
قال مجاهد والضحاك : (هذا مثل للحق , والباطل , والشركاء هم الأوثان)
قال الفراء:{ متشاكسون }: مختلفون.
قال أبو جعفر: من قرأ رجلا سالما , أخرجه على الفعل , ومن قرأ سلما جعله مصدرا , فمعناه ذا سلم). [معاني القرآن: 6/171-172]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {متشاكسون}: أي: مختلفون). [ياقوتة الصراط: 446]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ}: أي: مختلفون , وقيل معناه: متعاسرون , ويقال: رجل شكس الأخلاق , أي: عسرها , والرجل هاهنا الكافر , والشركاء: الشياطين يعمل لهم, {وَرَجُلًا سَلَمًا}: الرجل هو المؤمن يعمل لله وحده). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 213-214]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُتَشَاكِسُونَ}: متصانعون.).[العمدة في غريب القرآن: 262]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ إنّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون (31)}: يختصم المؤمن والكافر، ويخاصم المظلوم الظالم). [معاني القرآن: 4/353]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}
أي : يخاصم المظلوم الظالم , والمؤمن الكافر.
قال ابن عمر : (ما كنا ندري , فيم نختصم؟!, حتى وقعت الفتنة , فقلنا : هو ذا).
وفي الحديث : أن الزبير قال: (يا رسول الله, أنختصم يوم القيامة بعدما كان بيننا ؟).
قال:((نعم, حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه .)).
قال: (إن الأمر إذا لشديد).). [معاني القرآن: 6/172]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فمن أظلم ممّن كذب على اللّه وكذّب بالصّدق إذ جاءه أليس في جهنّم مثوى للكافرين (32)}
المعنى : أي : أحد أظلم ممن كذب على اللّه , وكذّب نبيّه صلى الله عليه وسلم ). [معاني القرآن: 4/353]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): قوله: {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به...}
(الذي) غير موقّت، فكأنه في مذهب جماعٍ في المعنى, وفي قراءة عبد الله {والذين جاءوا بالصّدق وصدّقوا به}, فهذا دليل أنّ (الذي) في تأويل جمعٍ). [معاني القرآن: 2/419]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ والذي جاء بالصّدق }: في موضع الجميع , وصدق به , قال الأشهب ابن رميلة:
وإن الذي حانت بفلجٍ دماؤهم= هم القوم كل القوم يا أمّ خالد). [مجاز القرآن: 2/190]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذي جاء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون}
وقال: {والّذي جاء بالصّدق} , ثم قال: {أولئك هم المتّقون} , فجعل "الذي" في معنى جماعة بمنزلة : {من} ).[معاني القرآن: 3/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والّذي جاء بالصّدق} : هو: النبي صلّى اللّه عليه وسلم {وصدّق به}: هم: أصحابه رضي اللّه عنهم.
قال أبو عبيدة: {الّذي جاء بالصّدق} : في موضع جميع, وهي قراءة عبد اللّه: {والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به}.).[تفسير غريب القرآن :383]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والّذي جاء بالصّدق وصدّق به أولئك هم المتّقون (33)}
روي عن علي رحمه اللّه أنه قال: (الّذي جاء بالصّدق محمد صلى الله عليه وسلم , والذي صدّق به أبو بكر- رحمه اللّه-).
وروي : (أن الّذي جاء بالصّدق جبريل، والذي صدّق به محمد صلى اللّه عليهما).
وروي: (أن الّذي جاء بالصّدق محمد صلى الله عليه وسلم , وصدّق به المؤمنون), وجميع هذه الوجوه صحيح.
والذي جاء في حرف ابن مسعود: {والّذين جاءوا بالصّدق وصدّقوا به } , و (الذين) ههنا , و (الذي) في معنى واحد، توحيده - لأنه غير موقت – جائز وهو بمنزلة قولك من جاء بالصّدق , وصدّق به.
{أولئك هم المتقون}:-
و(الذي) ههنا للجنس، المعنى , والقبيل الذي جاء بالصدق, وقوله (أولئك هم المتقون) : يدل على معنى الجماعة.
ومثله من الشعر:
إنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم= هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد)[معاني القرآن: 4/354]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}
حدثنا بكر بن سهل قال : حدثنا أبو صالح , عن معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس {والذي جاء بالصدق }: يقول : (جاء بلا إله إلا الله) , {وصدق به }: (يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم) {أولئك هم المتقون }, يقول : (اتقوا الشرك) .
وروى ابن عيينة , عن منصور قال : قلت لمجاهد : يا أبا الحجاج : ما معنى قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به} : قال: (الذي جاء بالقرآن , وصدق به) .
قال أبو جعفر : وهذا يشبه القول الأول , وهو قول أكثر أهل اللغة , ويدل على صحته: أن عبد الله بن مسعود قرأ : {والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به أولئك هم المتقون }: فالذي ههنا , والذين واحد .
وقال الحسن : (هو المؤمن جاء بالصدق يوم القيامة , وصدق به في الدنيا) .
وبعض أهل اللغة بقول: حذف من (الذين )النون , لطول الاسم.
وبعضهم يقول : الذي بمعنى الذين , وبعضهم يقول : (الذي ) واحد يؤدي عن معنى الجماعة.
قال أبو جعفر : وهذا القول أصحها , يكون الذي مثل من ؛ لأنه لا يقصد قصده , وحقيقته أن المعنى والقبيل الذي جاء بالصدق وصدق به
وقد قيل في الآية غير هذا.
قال قتادة ,وأبو العالية : (الذي جاء بالصدق النبي صلى الله عليه وسلم , وأبو بكر رضي الله عنه)
وقيل : النبي صلى الله عليه وسلم , وعلي عليه السلام.
حدثنا علي بن سعيد , قال : حدثنا الحسين بن نصر , حدثني أبي , قال : حدثنا عمر بن سعيد, عن ليث , عن مجاهد: والذي جاء بالصدق محمد , وصدق به علي بن أبي طالب عليه السلام .
ونظير الذي جاء بالصدق , في أنه واحد يؤدي عن جماعة , قوله:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم = هم القوم كل القوم يا أم خالد
وحذف النون وقوله:
أبني كليب إن عمي اللذا = قتلا الملوك وفككا الأغلالا) [معاني القرآن: 6/173-176]

تفسير قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أليس اللّه بكافٍ عبده...}
قرأها يحيى بن وثّاب , وأبو جعفر المدني {أليس الله بكافٍ عباده} على الجمع, وقرأها لناس {عبده} , وذلك أن قريشاً , قالت للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أما تخاف أن تخبلك آلهتنا لعيبك إيّاها! , فأنزل الله: {أليس اللّه بكافٍ عبده} : محمّدا صلى الله عليه وسلم، فكيف يخوّفونك بمن دونه,والذين قالوا {عباده} قالوا: قد همّت أمم الأنبياء بهم، ووعدوهم مثل هذا، فقالوا لشعيب {إن نقول إلاّ اعتراك بعض آلهتنا بسوءٍ} , فقال الله {أليس اللّه بكافٍ عباده} : أي: محمداً عليه الصلاة والسلام , والأنبياء قبله, وكلّ صواب). [معاني القرآن: 2/419-420]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أليس اللّه بكاف عبده ويخوّفونك بالّذين من دونه ومن يضلل اللّه فما له من هاد (36)}
(أليس اللّه بكاف عبده): ويقرأ (عباده)، ولو قرئت " كافي عبده " , و " كافي عباده " لجازت، ولكن القراءة سنة لا تخالف.
ومعنى بكاف عبده : يدل على النصر، وعلى أنه كقوله:{ليظهره على الدّين كلّه} ، وهو مثل: {إنّا كفيناك المستهزئين (95)}
{ويخوّفونك بالّذين من دونه}:أي: يخوفون بآلهتهم , وأوثانهم.
ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى العزى ليكسرها، فلما جاء خالد قال له سادنها: أحذركها يا خالد , إن لها شدة , لا يقوم لها شيء, فعمد خالد إلى العزى فهشم أنفها، فهذا معنى {ويخوّفونك بالّذين من دونه}؛ لأن تخويفهم خالدا , هو تخويفهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه وجهه). [معاني القرآن: 4/354-355]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله عز وجل: {أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه} : هذا يدل على النصر , وأكثر الكوفيين يقرأ بكاف عباده.
والتوحيد أحسن , لأنه يروى : أنه يراد به النبي صلى الله عليه وسلم , ويدل عليه :{ويخوفونك بالذين من دونه} .
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال: (الأوثان) .
قال قتادة: (أخذها خالد بن الوليد فأسا , فجاء إلى العزى ليكسرها , فقال له قيمها : إن سبلها لا يطاق , فخف منها , فجاء حتى كسر أنفها) .
ويروى : أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لئن لم تنته عن سبها , لنأمرنها فلتخبلنك .
قال مجاهد : (نزلت هذه الآية : حين قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم عند باب الكعبة)). [معاني القرآن: 6/176-178]

تفسير قوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {هل هنّ كاشفات ضرّه...}
{ممسكات رحمته...} : نوّن فيهما عاصم , والحسن , وشيبة المدنيّ, وأضاف يحيى بن وثّاب, وكلّ صواب, ومثله {إنّ الله بالغ أمره} , و{بالغٌ أمره} , و{موهن كيد الكافرين} , و{موهنٌ كيد الكافرين} , وللإضافة معنى مضّى من الفعل, فإذا رأيت الفعل قد مضى في المعنى فآثر الإضافة فيه، تقول أخوك أخذ حقه، فتقول ها هنا: أخوك آخذ حقّه, ويقبح أن تقول: آخذٌ حقّه. فإذا كان مستقبلاً لم يقع بعد قلت: أخوك آخذٌ حقّه عن قليل، وآخذ حقّه عن قليل: ألا ترى أنك لا تقول: هذا قاتلٌ حمزة مبغّضاً؛ لأن معناه ماضٍ , فقبح التنوين؛ لأنه اسم). [معاني القرآن: 2/420]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ قل أفرايتم ما تدعون من دون اللّه إن أرادني اللّه بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه }: ما ها هنا في موضع الجميع مجازها مجاز الذي مثل بيت الأشهب هذا , وقوله { هل هن كاشفات ضره }: يعني ما تعبدون من حجر ووثن، وأنت لأنهن موات, كما قال { إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً }: إلا مواتاً). [مجاز القرآن: 2/190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم - مع عبادتهم العزى والأوثان - أنهم مقرون بأن اللّه خالقهم فقال: {ولئن سألتهم من خلق السّماوات والأرض ليقولنّ اللّه قل أفرأيتم ما تدعون من دون اللّه إن أرادني اللّه بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمة هل هنّ ممسكات رحمته قل حسبي اللّه عليه يتوكّل المتوكّلون (38)}
ويقرأ كاشفات ضره , بترك التنوين , والخفض في ضره ورحمته, فمن قرأ بالتنوين , فلأنه غير واقع في معنى : هل يكشفن ضره , أو يمسكن رحمته , ومن أضاف وخفض , فعلى الاستخفاف , وحذف التنوين.
, وكلا الوجهين حسن قرئ بهما). [معاني القرآن: 4/355]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عامل فسوف تعلمون (39)}
و{على مكاناتك}: هذا اللفظ أمر على معنى الوعيد , والتهدّد , بعد أن أعلموا ما يجب أن يعملوا به، ثم قيل لهم: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}, وهذا كلام يستعمله الناس في التهدد , والوعيد.
تقول: متى أسأت إلى فلان انتقمت منك، ومتى أحسنت إليه أحسنت إليك , فاعمل ما شئت, واختر
لنفسك، فخوطب العباد على قدر مخاطباتهم وعلمهم.
وقوله على {مكاناتكم} و {مكانتكم}: معناه على ناحيتكم التي اخترتموها، وجهتكم التي تمكنتم - عند أنفسكم - في العلم بها.
{إنّي عامل} : ولم يقل على جهتي، لأن في الكلام دليلا على ذلك). [معاني القرآن: 4/356]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون}
قال مجاهد : (على مكانتكم : أي : على ناحيتكم) .
قال أبو جعفر : وهذا قول صحيح , والمعنى : على ناحيتكم التي اخترتموها , وتمكنت عندكم .
إني عامل : المعنى إني عامل على ناحيتي , ثم حذف). [معاني القرآن: 6/178]

تفسير قوله تعالى: {ِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّا أنزلنا عليك الكتاب للنّاس بالحقّ فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها وما أنت عليهم بوكيل (41)}
{وما أنت عليهم بوكيل}: أي: ما أنت عليهم بحفيظ .). [معاني القرآن: 4/356]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها...}
والمعنى : فيه يتوفّى الأنفس حين موتها، ويتوفّى التي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها, ويقال: إن توفّيها نومها, وهو أحبّ الوجهين إليّ لقوله: {فيمسك الّتي قضى عليها الموت}.
ولقوله: {وهو الذي يتوفّاكم بالليل} , وتقرأ: {قضى عليها الموت} , {وقضي عليها الموت} ). [معاني القرآن: 2/420]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الله يتوفى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمًّى }: فجعل النائم متوفى أيضاً إلا أنه يرده إلى الدنيا). [مجاز القرآن: 2/190]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أصل قضى: حتم، كقول الله عز وجل: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} أي حتمه عليها.
ثم يصير الحتم بمعان، كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} أي أمر؛ لأنه لما أمر حتم بالأمر). [تأويل مشكل القرآن: 441] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أخبر بأنه الحفيظ عليهم القدير فقال: {اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها والّتي لم تمت في منامها فيمسك الّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمّى إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون (42)}
أي : ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها، فالميتة المتوفاة -وفاة الموت - , التي قد فارقتها النفس التي يكون بها الحياة, والحركة، والنفس التي تميز بها, والتي تتوفى في النوم نفس التمييز لا نفس الحياة، لأن نفس الحياة إذا زالت زال معها النفس، والنائم يتنفس, فهذا الفرق بين توفّي نفس النائم في النوم , ونفس الحي.ّ). [معاني القرآن: 4/356]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}
روى جعفر بن أبي المغيرة , عن سعيد بن جبير قال: (تجمع أرواح الأحياء , وأرواح الأموات , فتعارف بينهما ما شاء الله , فيمسك التي قضى عليها الموت , ويرسل الأخرى إلى أجسادها) .
قال الفراء : المعنى : والتي لم تمت في منامها عند انقضاء أجلها , قال : وقد يكون توفاها نومها .
قال أبو جعفر : وقيل المعنى الله يتوفى الأنفس حين موتها بإزالة أنفسها , وتمييزها , ثم أضمر للثاني فعل لأنه مخالف للأول .
فالمعنى : ويتوفى التي لم تمت في منامها , بإزالة تمييزها فقط , لأن النائم يتنفس
قال أبو جعفر : أحسن ما قيل في هذا أن المعنى يتوفى , ويستوفي واحد إذا انقضى الشيء , كما يقال تبينت , واستبنت , وتيقن , واستيقن , فالميت , والنائم في هذا واحد , ويدل عليه قوله: {فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} ).[معاني القرآن: 6/178-180]

تفسير قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أم اتخذوا من دونه شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون}
قال قتادة: قالوا : إنما عبدناها حتى تشفع لنا .
ثم قال جل وعز: {أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون}
قال سيبويه : هذا باب الواو , إذا دخلت عليها ألف الاستفهام , وذلك قولك : أفلان عند فلان ؟, فيقول: أهو ممن يكون عند فلان ؟.
قال أبو العباس: هذا على الاسترشاد أو على الإنكار , وما جاء منه في القرآن , فمعناه : الإنكار , والتقرير ووقوع الشيء). [معاني القرآن: 6/180]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قل لله الشفاعة جميعا}
كما قال تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ). [معاني القرآن: 6/181]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اشمأزّت قلوب }, تقول العرب: اشمأزّ قلبي عن فلان , أي: نفر). [مجاز القرآن: 2/190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزّت قلوب الّذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الّذين من دونه إذا هم يستبشرون (45)}
معنى (اشمأزّت) : نفرت، وكانوا - أعني المشركين - إذا ذكر اللّه , فقيل: " لا إله إلا اللّه " نفروا من هذا، ؛ لأنهم كانوا يقولون: اللات والعزى، وهذه الأوثان آلهة). [معاني القرآن: 4/356]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة}
روى معمر , عن قتادة قال: (اشمأزت: استكبرت , وكفرت) .
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: (انقبضت) .
قال أبو جعفر يقال : اشمأز من كذا , إذا نفر منه .
ويروى أنهم كانوا إذا سمعوا من يقول: لا إله إلا الله وحده , نفروا , وقالوا: لم تذكر آلهتنا.). [معاني القرآن: 6/181]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {اشمأزت}: أي: اقشعرت). [ياقوتة الصراط: 447]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({اشْمَأَزَّتْ}: نفرت.). [العمدة في غريب القرآن: 262]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وبدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون} : يقال: إنهم عملوا في الدنيا أعمالا كانوا يرون أنها تنفعهم، فلم تنفعهم مع شركهم).[تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون}
يروى : أنهم عملوا أعمالا توهموا أنها تنفعهم , فلم تنفعهم؛ لأنهم كانوا مشركين.). [معاني القرآن: 6/182]

تفسير قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وحاق بهم }: مثل أحاط بهم , ولزمهم.). [مجاز القرآن: 2/190]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بل هي فتنةٌ...}
خرجت (هي) بالتأنيث لتأنيث الفتنة, ولو قيل: بل هو فتنة لكان صواباً؛ كما قال {هذا رحمةٌ من ربّي} , ومثله كثير في القرآن, وكذلك قوله: {قد قالها الذين من قبلهم} أنثت إرادة الكلمة .
ولو قيل: قد قاله الذين من قبلهم كان صوابا, ومثله في الكلام أن تقول: قد فعلتها , وفعلت ذاك: ومثله, قوله: {وفعلت فعلتك التي فعلت}: يجوز مكانها لو أتى: وفعلت فعلك). [معاني القرآن: 2/420-421]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والضُّرّ: الشدة والبلاء ... ومنه المرض، كقول أيوب عليه السّلام: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}، {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا}). [تأويل مشكل القرآن: 483] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فإذا مسّ الإنسان ضرّ دعانا ثمّ إذا خوّلناه نعمة منّا قال إنّما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكنّ أكثرهم لا يعلمون (49)}
{ثمّ إذا خوّلناه}: أعطيناه ذلك تفضلا، وكل من أعطى على غير جزاء , فقد خول.
{قال إنّما أوتيته على علم} : أي: أعطيته على شرف, وفضل يجب له به هذا الّذي أعطيت، فقد علمت أني سأعطى هدى، فأعلم اللّه أنه قد يعطى اختبارا , وابتلاء فقال:{بل هي فتنة}: أي : تلك العطيّة فتنة من الله, وبلوى يبتلى بها العبد ليشكر , أو يكفر). [معاني القرآن: 4/357]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا}
قال مجاهد :{خولناه}: (أعطيناه) .
قال أبو جعفر : يقال خولته كذا , أي: أعطيته إياه تفضلا من غير جزاء.
وقوله جل وعز: {قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون}
قال مجاهد: (إنما أوتيته على علم , أي: على شرف) .
وقال قتادة: (أي على خير عندي)
قال أبو جعفر: المعنى إن لي علما بالكسب : إما بتجارة , أو غيرها , فقد علمت إني أوتي هذا.
ومن أحسن ما قيل فيه : أن المعنى : قد علمت إذا أوتيت هذا في الدنيا أن لي عند الله منزلة, فرد الله جل وعز ذا عليه , فقال : {أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون } الآية , فعرف الله جل وعز : أنه ليس يعطي المال كل من له منزلة .
ثم قال جل وعز: {بل هي فتنة} : أي بل العطية فتنة يمتحن بها العبد ليظهر منه أيشكر , أم يكفر). [معاني القرآن: 6/182-183]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قد قالها الّذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (50)}: يقول: فأحبطت أعمالهم.). [معاني القرآن: 4/357]


تفسير قوله تعالى: {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (51) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فأصابهم سيّئات ما كسبوا والّذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيّئات ما كسبوا وما هم بمعجزين (51)} : أي : إلى الله مرجعهم ؛ فيجازيهم بأعمالهم). [معاني القرآن: 4/357]
تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) }


رد مع اقتباس