عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:06 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام (32) إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره إنّ في ذلك لآياتٍ لّكلّ صبّارٍ شكورٍ}.
يقول تعالى ذكره: ومن حجج اللّه أيّها النّاس عليكم بأنّه القادر على كلّ ما يشاء، وأنّه لا يتعذّر عليه فعل شيءٍ أراده، السّفن الجارية في البحر والجواري: جمع جاريةٍ، وهي السّائرة في البحر.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الجوار في البحر} قال: السّفن.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {ومن آياته الجوار في البحر} قال: الجواري: السّفن.
وقوله: {كالأعلام} يعني كالجبال: واحدها علمٌ، ومنه قول الشّاعر:
وإنّ صخرًا لتأتمّ الهداة به = كأنّه علمٌ في رأسه نار
يعني: جبلٌ. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {كالأعلام} قال: كالجبال.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ قال: الأعلام: الجبال). [جامع البيان: 20/515-516]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ومن آياته الجوار يعني السفن كالأعلام يعني كالجبال). [تفسير مجاهد: 576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 32 - 37.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ومن آياته الجوار في البحر} قال: السفن {كالأعلام} قال: كالجبال). [الدر المنثور: 13/165]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه - في الآية قال: سفن هذا البحر تجري بالريح فإذا مسكت عنها الريح ركدت). [الدر المنثور: 13/165]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {فيظللن رواكد على ظهره} [الشورى: 33] : «يتحرّكن ولا يجرين في البحر»). [صحيح البخاري: 6/129]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فيظللن رواكد على ظهره يتحرّكن ولا يجرين في البحر وروى الطّبريّ من طريق سعيدٍ عن قتادة قال سفن هذا البحر تجري بالرّيح فإذا أمسكت عنها الرّيح ركدت وقوله يتحرّكن أي يضربن بالأمواج ولا يجرين في البحر بسكون الرّيح وبهذا التّقرير يندفع اعتراض من زعم أنّ لا سقطت في قوله يتحركن
قال لأنّهم فسّروا رواكد بسواكن وتفسير رواكد بسواكن قول أبي عبيدة ولكنّ السّكون والحركة في هذا أمرٌ نسبيٌّ). [فتح الباري: 8/563-564]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره: {فيظللن رواكد على ظهره} يتحرّكن ولا يجرين في البحر
أي: قال غير مجاهد لأن ما قبله تفسير مجاهد في قوله تعالى: {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام (32) أن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره} (الشورى: 32) وفسره بقوله: (يتحركن ولا يجرين في البحر) أي: يضطربن بالأمواج ولا يجرين في البحر لسكون الرّيح. وقال صاحب (التّلويح) : هذا أيضا عن مجاهد، ورد عليه بقوله: وقال غيره: أي: غير مجاهد كما ذكرنا. قوله: (ومن آياته) أي: ومن علاماته الدّالّة على عظمته ووحدانيته، الجواري يعني: السفن وهي جمع جارية وهي السائرة في البحر. قوله: (كالأعلام) أي: كالجبال جمع علم بفتحتين، وعن الخليل: كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم. قوله: (واكد) أي: ثوابت وقوفاً (على ظهره) أي: ظهر الماء لا تجري. فإن قلت: بين قوله: رواكد، وبين قوله: يتحركن، منافاة؟ لأن الراكد لا يتحرّك. قلت: هذا أمر نسبي، وأيضًا لا يلزم من وقوفه في الماء عدم الحركة أصلا لأنّه يجوز أن يكون راكداً وهو يتحرّك، وليس هذا الركود على ظهر الماء كالركود على ظهر الأرض، وبهذا يسقط قول من زعم أن كلمه: لا، سقطت من قوله يتحركن، قال: لأنهم فسروا رواكد بسواكن). [عمدة القاري: 19/156]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره) غير مجاهد: (فيظللن رواكد على ظهره) أي (يتحركن) يعني يضطربن بالأمواج (ولا يجرين في البحر) لسكون الريح وقول صاحب المصابيح كأنه سقط منه لا يعني قبل يتحركن ولهذا فسر رواكد بسواكن يندفع بما سبق). [إرشاد الساري: 7/330]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره} يقول تعالى ذكره: إن يشأ اللّه الّذي جرت هذه السّفن في البحر بقدرته أن لا تجري فيه، أسكن الرّيح الّتي تجري بها فيه، فثبتن في موضعٍ واحدٍ، ووقفن على ظهر الماء لا تجري، فلا تتقدّم ولا تتأخّر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام. إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره} سفن هذا البحر تجري بالرّيح فإذا أمسكت عنها الرّيح ركدت قال اللّه عزّ وجلّ: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ}.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {إن يشأ يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره} لا تجري.
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فيظللن رواكد على ظهره} يقول: وقوفًا.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} يقول: إنّ في جري هذه الجواري في البحر بقدرة اللّه لعظةٌ وعبرةٌ وحجّةٌ بيّنةٌ على قدرة اللّه على ما يشاء، لكلّ ذي صبرٍ على طاعة اللّه، شكورٌ لنعمه وأياديه عنده). [جامع البيان: 20/516-517]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، قال: كنّا نعرض المصاحف عند علقمة فقرأ هذه الآية: «إنّ في ذلك لآياتٍ للموقنين» فقال: قال عبد اللّه: اليقين الإيمان كلّه وقرأ هذه الآية: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} [إبراهيم: 5] قال: فقال عبد اللّه: «الصّبر نصف الإيمان» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/484]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما - في قوله: {فيظللن رواكد على ظهره} قال: لا يتحركن ولا يجرين في البحر). [الدر المنثور: 13/165]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما - {رواكد} قال: وقوفا {أو يوبقهن} قال: يهلكهن). [الدر المنثور: 13/165]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن أبي ظبيان قال: كنا نعرض المصاحف عند علقمة - رضي الله عنه فقرأ هذه الآية: {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} فقال: قال عبد الله: الصبر نصف الإيمان). [الدر المنثور: 13/166]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن الشعبي رضي الله عنه - قال: الشكر نصف الإيمان والصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله، وقرأ {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} و{آيات للموقنين} ). [الدر المنثور: 13/166]

تفسير قوله تعالى: (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أو يوبقهن بما كسبوا قال بذنوب أهلها). [تفسير عبد الرزاق: 2/192]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أو يوبقهنّ بما كسبوا ويعف عن كثيرٍ (34) ويعلم الّذين يجادلون في آياتنا ما لهم مّن مّحيصٍ (35) فما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا وما عند اللّه خيرٌ وأبقى للّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون}.
يقول تعالى ذكره: أو يوبق هذه الجواري في البحر بما كسبت ركبانها من الذّنوب، واجترموا من الآثام، وجزم يوبقهنّ، عطفًا على {يسكن الرّيح} ومعنى الكلام إن يسكن الرّيح فيظللن رواكد على ظهره، {أو يوبقهنّ} ويعني بقوله: {أو يوبقهنّ} أو يهلكهنّ بالغرق.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أو يوبقهنّ} يقول: يهلكهنّ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أو يوبقهنّ} أو يهلكهنّ.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {أو يوبقهنّ} قال: يغرقهنّ بما كسبوا.
وبنحو الّذي قلنا في قوله: {بما كسبوا} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أو يوبقهنّ بما كسبوا} أي بذنوب أهلها.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {أو يوبقهنّ بما كسبوا} قال: بذنوب أهلها.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أو يوبقهنّ بما كسبوا} قال: يوبقهنّ بما كسبت أصحابهنّ.
وقوله: {ويعف عن كثيرٍ} يقول: ويصفح تعالى ذكره عن كثيرٍ من ذنوبكم فلا يعاقب عليها). [جامع البيان: 20/517-519]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أو يوبقهن بما كسبوا يهلكهن بما عملوا). [تفسير مجاهد: 576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما - {رواكد} قال: وقوفا {أو يوبقهن} قال: يهلكهن). [الدر المنثور: 13/165] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك: {أو يوبقهن} قال: يغرقهن). [الدر المنثور: 13/165]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {أو يوبقهن} قال: يهلكهن). [الدر المنثور: 13/166]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة: {أو يوبقهن بما كسبوا} قال: بذنوب أهلها). [الدر المنثور: 13/166]

تفسير قوله تعالى: (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ويعلم الّذين يجادلون في آياتنا} يقول جلّ ثناؤه: ويعلم الّذين يخاصمون رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من المشركين في آياته وعبره وأدلّته على توحيده.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة: (ويعلم الّذين) رفعًا على الاستئناف، كما قال في سورة براءة: {ويتوب اللّه على من يشاء} وقرأته قرّاء الكوفة والبصرة: {ويعلم الّذين} نصبًا كما قال في سورة آل عمران {ويعلم الصّابرين} على الصّرف؛ وكما قال النّابغة:
فإن يهلك أبو قابوس يهلك = ربيع النّاس والشّهر الحرام
ونمسك بعده بذناب عنسٍ = أجبّ الظّهر له سنام
ويروى: عيشٍ.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان مشهورتان ولغتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {ما لهم من محيص} يقول تعالى ذكره: ما لهم من محيد من عقاب اللّه إذا عاقبهم على ذنوبهم، وكفرهم به، ولا لهم منه ملجأٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، قوله: {ما لهم من محيص} ما لهم من ملجأٍ). [جامع البيان: 20/519-520]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {ما لهم من محيص} من ملجأ). [الدر المنثور: 13/166]

تفسير قوله تعالى: (فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدّنيا} يقول تعالى ذكره: فما أعطيتم أيّها النّاس من شيءٍ من رياش الدّنيا من المال والبنين، فمتاع الحياة الدّنيا، يقول تعالى ذكره: فهو متاعٌ لكم تتمتّعون به في الحياة الدّنيا، وليس من دار الآخرة، ولا ممّا ينفعكم في معادكم.
{وما عند الله خيرٌ وأبقى} يقول تعالى ذكره: والّذي عند اللّه لأهل طاعته والإيمان به في الآخرة، خيرٌ ممّا أوتيتموه في الدّنيا من متاعها وأبقى، لأنّ ما أوتيتم في الدّنيا فإنّه نافدٌ، وما عند اللّه من النّعيم في جنانه لأهل طاعته باقٍ غير نافدٍ {للّذين آمنوا}: يقول: وما عند اللّه للّذين آمنوا به، وعليه يتوكّلون في أمورهم، وإليه يفوّضون في أسبابهم، وبه يثقون، خيرٌ وأبقى ممّا أوتيتموه من متاع الحياة الدّنيا). [جامع البيان: 20/520-521]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني السري بن يحيى قال: سمعت الحسن يقول في هذه الآية: {الّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم}، قال: هو الرجل يصيب اللمم من الزنا والخطرة من الخمر، ثم يتوب، فذلك مما يتجاوزا لله عنه). [الجامع في علوم القرآن: 1/87]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن أبي عيسى الخراسانيّ عن أبي سعيدٍ الخراسانيّ أنّ عليًّا سأل ابن سلامٍ عن الكبائر، فأخبره ابن سلامٍ فأخطأ، فقال رسول اللّه: يا حبر، تسأل ابن سلامٍ وتتركني، قال: فإنّي أتوب إلى اللّه وأعوذ باللّه من غضب رسول اللّه، فقال رسول اللّه: الكبائر كلّ ذنبٍ أدخل صاحبه النّار). [الجامع في علوم القرآن: 2/39] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازم أنه [سمع قتادة بن دعامة ....... ] عن قول الله: {الذين يجتنبون كبائر [الإثم والفواحش}، ........ ] الرجل يلم اللمة من الزنا، واللمة من [الجماع ....... ]). [الجامع في علوم القرآن: 2/43-44]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إن النبي قال أتدرون ما الزنا والسرقة وشرب الخمر قالوا الله ورسوله أعلم قال هي الفواحش وفيهن عقوبات). [تفسير عبد الرزاق: 2/192]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن قال النبي أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين ألا وقول الزور). [تفسير عبد الرزاق: 2/192-193]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون (37) والّذين استجابوا لربّهم وأقاموا الصّلاة وأمرهم شورى بينهم وممّا رزقناهم ينفقون}.
يقول تعالى ذكره: وما عند اللّه للّذين آمنوا وللّذين يجتنبون كبائر الإثم، وكبائر الإثم قد بيّنّا اختلاف أهل التّأويل فيها وبيّنّا الصّواب من القول عندنا فيها في سورة (النّساء)، فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا {والفواحش} قيل: إنّها الزّنى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {والفواحش} قال: الفواحش: الزّنى.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {كبائر الإثم} فقرأته عامّة قرّاء المدينة: {كبائر} على الجماع، وكذلك في (النّجم)، وقرأته عامّة قرّاء الكوفة: (كبير الإثم) على التّوحيد فيهما جميعًا؛ وكأنّ من قرأ ذلك كذلك، عنى بكبير الإثم: الشّرك، وكان الفرّاء يقول: كأنّي أستحبّ لمن قرأ: {كبائر الإثم} أن يخفض (الفواحش)، لتكون الكبائر مضافةً إلى مجموعٍ إذ كانت جمعًا، وقال: ما سمعت أحدًا من القرّاء خفض (الفواحش).
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّهما قراءتان قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماء من القرّاء على تقارب معنييهما، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقوله: {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} يقول تعالى ذكره: وإذا ما غضبوا على من اجترم إليهم جرمًا، هم يغفرون لمن أجرم إليهم ذنبه، ويصفحون عنه عقوبة ذنبه). [جامع البيان: 20/521-522]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الكبائر الموجبات). [تفسير مجاهد: 576]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا المبارك بن فضالة عن الحسن قال الكبائر كل شيء وعد الله عز وجل عليه بالنار). [تفسير مجاهد: 576]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والّذين استجابوا لربّهم وأقاموا الصّلاة} يقول تعالى ذكره: والّذين أجابوا لربّهم حين دعاهم إلى توحيده، والإقرار بوحدانيّته والبراءة من عبادة كلّ ما يعبد دونه {وأقاموا الصّلاة} المفروضة بحدودها في أوقاتها، {وأمرهم شورى بينهم} يقول: وإذا حزبهم أمرٌ تشاوروا بينهم {وممّا رزقناهم ينفقون} يقول: ومن الأموال الّتي رزقناهم ينفقون في سبيل اللّه، ويؤدّون ما فرض عليهم فيها من الحقوق لأهلها من زكاةٍ ونفقةٍ على من تجب عليه نفقته وكان ابن زيدٍ يقول: عنى بقوله: {والّذين استجابوا لربّهم} الآية الأنصار.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، وقرأ {والّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون} قال: فبدأ بهم {والّذين استجابوا لربّهم} الأنصار {وأقاموا الصّلاة} وليس فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم {وأمرهم شورى بينهم} ليس فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أيضًا). [جامع البيان: 20/522-523]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 38.
أخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه - قال: ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم ثم تلا {وأمرهم شورى بينهم} ). [الدر المنثور: 13/167]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في رواة مالك عن علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله: الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل فيه قرآن ولم يسمع منك فيه شيء قال: اجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد). [الدر المنثور: 13/167]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في رواة مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه - مرفوعا استرشدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا). [الدر المنثور: 13/167]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أمرا فشاور فيه وقضى اهتدى لأرشد الأمور). [الدر المنثور: 13/167-168]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه - قال: قال سليمان بن داود عليه السلام لابنه: يا بني عليك بخشية الله فإنها غاية كل شيء، يا بني لا تقطع أمرا حتى تؤامر مرشدا فإنك إذا فعلت ذلك رشدت عليه يا بني عليك بالحبيب الأول فإن الأخير لا يعدله). [الدر المنثور: 13/168]


رد مع اقتباس