عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 03:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا} الآية. هذه آية نهي عن الرشا وأخذ الأموال على فعل ما يجب على الآخذ تركه، أو ترك ما يجب عليه فعله، فإن هذه هي التي عهد الله إلى عباده فيها، فمن أخذ على ذلك مالا فقد أعطى عهد الله وأخذ قليلا من الدنيا). [المحرر الوجيز: 5/405]

تفسير قوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تبارك وتعالى أن ما عنده من نعيم الجنة ومواهب الآخرة خير لمن اتقى وعلم واهتدى، ثم بين الفرق بين حال الدنيا وحال الآخرة بأن هذه تنفد وتنقضي عن الإنسان أو ينقضي عنها، وأن الآخرة باقية دائمة، وقرأ ابن كثير، وعاصم: "ولنجزين"
[المحرر الوجيز: 5/405]
بنون، وقرأ الباقون: "وليجزين" بالياء، ولم يختلفوا في قوله: "ولنجزينهم" أنه بالنون، كذا قال أبو علي، وقال أبو حاتم: إن نافعا روي عنه: "وليجزينهم" بالياء. و"صبروا" معناه: عن الشهوات وعلى مكاره الطاعة، وهذه إشارة إلى الصبر عن شهوة كسب المال بالوجوه المذكورة، وقوله: "بأحسن" أي: بقدر أحسن ما كانوا يعملون). [المحرر الوجيز: 5/406]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {من عمل صالحا} يعم جميع أعمال الطاعة، ثم قيده بالإيمان، واختلف الناس في الحياة الطيبة -فقال ابن عباس، والضحاك: هو الرزق الحلال، وقال الحسن، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: هي القناعة، وهذا أطيب عيش الدنيا، وقال ابن عباس - أيضا: هي السعادة، وقال الحسن البصري: الحياة الطيبة هي حياة الآخرة ونعيم الجنة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهناك هو الطيب على الإطلاق، ولكن ظاهر هذا الوعد أنه في الدنيا، والذي أقول: إن طيب الحياة اللازم للصالحين إنما هو بنشاط نفوسهم ونيلها وقوة رجائهم، والرجاء للنفس أمر ملذ، فبهذا تطيب حياتهم، وبأنهم احتقروا الدنيا فزالت همومها عنهم، فإن انضاف إلى هذا مال حلال وصحة، أو قناعة فذلك كمال، وإلا فالطيب فيما ذكرناه راتب، وجاء قوله: {فلنحيينه حياة طيبة} على لفظ "من"، وجاء قوله: "ولنجزينهم" على معناها، وهذا وعد بنعيم الجنة، وباقي الآية بين.
وحكى الطبري عن أبي صالح أنه قال: نزلت هذه الآية بسبب قوم من أهل الملل تفاخروا، وقال كل منهم: ملتي أفضل، فعرفهم الله تعالى في هذه الآية أفضل الملل). [المحرر الوجيز: 5/406]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين}
الفاء في "فإذا" واصلة بين الكلامين، والعرب تستعملها في مثل هذا، وتقدير الآية:
[المحرر الوجيز: 5/406]
فإذا أخذت في قراءة القرآن، كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى}، وكما تقول لرجل: إذ أكلت فقل بسم الله. والاستعاذة ندب عند الجميع، وحكى النقاش عن عطاء أن التعوذ واجب، ولفظ الاستعاذة هو على رتبة الآية، وقد ذكرت الخلاف الذي قيل فيه في صدر هذا الكتاب. و"الرجيم": المرجوم باللعنة، وهو إبليس). [المحرر الوجيز: 5/407]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر الله تبارك وتعالى أن إبليس ليس له ملكة ولا رياسة، هذا ظاهر "السلطان" عندي في هذه الآية، وذلك أن السلطان إن جعلناه الحجة فليس له حجة في الدنيا على أحد، لا مؤمن ولا كافر، اللهم إلا أن يتأول متأول: "ليس له سلطان يوم القيامة"، فيستقيم أن يكون بمعنى الحجة، لأن إبليس له حجة على الكافرين أنه دعاهم بغير دليل فاستجابوا له من قبل أنفسهم، وهؤلاء الذين لا سلطان ولا رياسة لإبليس عليهم هم المؤمنون أجمعون; لأن الله تعالى لم يجعل سلطانه إلا على المشركين الذين يتولونه، والسلطان منفي هاهنا في الإشراك; إذ له عليهم ملكة ما في المعاصي، وهم الذين قال الله فيهم: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان، وهم الذين قال فيهم إبليس: إلا عبادك منهم المخلصين). [المحرر الوجيز: 5/407]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"يتولونه" معناه: يجعلونه وليا، والضمير في "به" يحتمل أن يعود على اسم الله عز وجل، والظاهر أنه يعود على اسم إبليس، بمعنى: من أجله وبسببه، كما تقول لمعلمك: أنا عالم بسببك، فكأنه قال: والذين هم بسببه مشركون بالله، وهذا الإخبار بأن لا سلطان للشيطان على المؤمنين بعقب الأمر بالاستعاذة تقتضي أن الاستعاذة تصرف كيده كأنها متضمنة للتوكل على الله والانقطاع إليه). [المحرر الوجيز: 5/407]

رد مع اقتباس