عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 12:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (يُقالُ: سَرَى وأَسْرَى، إذا سارَ لَيلاً، ويُقالُ: هو السُّرَى وهِيَ السُّرَى). [شرح لامية العرب: --]
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (وسَرَتْ وأَسْرَتْ: سارَتْ ليلاً). [شرح لامية العرب: --]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

لا ينبح الكلب فيها غير واحدة = من العشاء ولا تسري أفاعيها
...
و(لا تسري) لا تجيء ليلا. و(السرى)
سير الليل). [شرح أشعار الهذليين: 2/582-583]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
طالت سراهم فذاقوا مس منزلة = فيها وقوعهم، والنوم تحليل
السُرى: سير الليل، يقال: سَرَى وأسرَى). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 55]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وتصبح عن غب السرى وكأنها = إذا ضرب الأقصى من الركب تضرب
السُّرى: سير الليل). [رواية أبي سعيد السكري لديوان أبي الأسود الدؤلي: 76]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والسرى: سير الليل يقال سرى وأسرى وقد جاء بهما القرآن العظيم). [شرح المفضليات: 679]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والسرى سير الليل يقال سرى وأسرى وقد جاء بهما القرآن الكريم وقال حسان بن ثابت:
حي النضيرة ربة الخدر = أسرت إليك ولم تكن تسري).
[شرح المفضليات: 775]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والساري: الّذي يسير بالليل، يقال سريت فأنا سارٍ، أي سرت ليلا، وأسريت أيضًا، ويروى بيت النابغة على وجهين:
سرت عليه من الجوزاء سارية = تزجي الشمال عليه جامد البرد
وأسرت
والسرى: سير الليل). [الأمالي: 1/12-13]

تفسير قوله تعالى: {وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) }

تفسير قوله تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عمر رضي الله عنه حين قال لفلان وذكر شيئا فقال له عمر: بل تحوسك فتنة.
قال العدبس الأعرابي الكناني: قوله: بل تحوسك فتنة يقول: تخالط قلبك وتحثك وتحركك على ركوبها.
وقال أبو عمرو في الحوس مثل قول العدبس أو نحوه.
الحوس والجوس بمعنى واحد، وهو كل موضع خالطته ووطئته فقد حسته وجسته سواء قال الله تبارك وتعالى: {بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا}.
ومنه قول الشاعر:
نجوس عمارة ونكف أخرى = لنا حتى نجاوزها دليل
قوله: نجوس عمارة، أي نخالطها ونطؤها حتى تبلغ ما نريد منها، ونكف أخرى، يقول: نأخذ في كفتها وهي ناحيتها، ثم ندعها ونحن نقدر عليها.
قال ابن الكلبي: العمارة هي أكبر من القبيلة.
فهذا الجوس. وقال الحطيئة في الحوس يذم رجلا:
رهط

ابن أفعل في الخطوب أذلة = دنس الثياب قناتهم لم تضرس
بالهمز من طول الثقاف وجارهم = يعطى الظلامة في الخطوب الحوس
يعني الأمور التي تنزل بهم فتغشاهم وتخلل ديارهم). [غريب الحديث: 4/294-296]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ}: جاسوا وداسوا واحد). [مجالس ثعلب: 267]

قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (ما تعاقب فيه الحاء الجيم
قال الأصمعي: يقال: تركت فلانًا يجوس بني فلان ويحوسهم إذا كان يدوسهم ويطلب فيهم.
وحدّثني أبو بكر، رحمه الله، قال: حدّثني أبو عبد الله بن الحسين، قال: حدّثنا المازني، قال: سمعت أبا سرار الغنوي، يقرأ: (فحاسوا خلال الديار) فقلت: إنما هو جاسوا فقال: حاسوا وجاسوا واحد، قال وسمعته يقرأ: {وإذ قتلتم نسمةً فادّارأتم فيها} فقلت له: إنما هو نفس، قال: النسمة والنفس واحد قال الكسائي: يقال أحم الأمر وأجم إذا حان وقته، ويقال: رجل محارف ومجارف، قال: وهم يحلبون عليك، ويجلبون أي: يعينون، قال الأصمعي: إذا حان وقوع الأمر قيل: أجمّ، يقال: أجمّ ذلك الأمر أي: حان وقته). [الأمالي: 2/78]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) }

تفسير قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) }

تفسير قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (فمن الأضداد «عسى»، تكون يقينا مرة وشكا أخرى. قال الله جل ثناؤه: {عسى ربكم أن يرحمكم}. وعسى في القرآن واجبة. قال ابن عباس: هي واجبة من الله). [الأضداد: 70]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال قد أحصره المرض إذا منعه من السفر أو من حاجة يريدها قال الله عز وجل: {فإن أحصرتم} وقد حصره العدو يحصرونه حصرا إذا ضيقوا عليه ومنه قوله: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} أي ضاقت ومنه:

(جرداء يحصر دونها جرامها )
أي: تضيق صدورهم من طول هذه النخلة ومنه قيل للمحبس حصير أي يضيق به على المحبوس قال الله جل وعز: {وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا} أي محبسا ومنه رجل حصور وحصير وهو الضيق الذي لا يخرج مع القوم ثمنا إذا اشتروا الشراب وقال الأخطل:
(وشارب مربح بالكأس نادمني = لا بالحصور ولا فيها بسوار)
أي: بمعربد). [إصلاح المنطق: 230] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

بطعن كإيزاع المخاض رشاشه = وضرب كتشقيق الحصير المشقق
...
و(الحصير) كساء). [شرح أشعار الهذليين: 1/472]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} أي ما أقربه. قال: هذه تسمى المقاربة. عسى عبد الله يقوم، مثل كاد عبد الله يقوم. وإذا أدخل أن فإنه يقول قارب أن يقوم. وأنشد:
عسى الغوير أبؤسا
أي عسى أن يكون، مثل كان عبد الله قائمًا. قال: وهو شاذ. عسى زيد قائمًا شاذ). [مجالس ثعلب: 307]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وعسى لها معنيان متضادان: أحدهما الشك والطمع، والآخر اليقين، قال الله عز وجل: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}، معناه ويقين أن ذاك يكون.
وقال بعض المفسرين: عسى في جميع كتاب الله جل وعز واجبة
وقال غيره: عسى في القرآن واجبة إلا في موضعين: في سورة بني إسرائيل: {عسى ربكم أن يرحمكم}، يعني بني النضير، فما رحمهم ربهم، بل قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوقع العقوبة بهم. وفي سورة التحريم: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن}، فما أبدله الله بهن أزواجا ولابن منه، حتى قبض عليه السلام.
وقال تميم بن أبي في كون «عسى» إيجابا:
ظن بهم كعسى وهم بتنوفة = يتنازعون جوائز الأمثال
أراد ظن بهم كيقين. ويروى: «سوائر الأمثال»، ويروى: «جوائب الأمثال».
وأنشد أبو العباس:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه = يكون وراءه فرج قريب
فـ«عسى» في هذا البيت على معنى الشك). [كتاب الأضداد: 22-23] (م)
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (تفسير قوله تعالى: {وجعلنا جهنّم للكافرين حصيرًا} [الإسراء: 8]
قال: وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، قال في قوله عز وجل: {وجعلنا جهنّم للكافرين حصيرًا} [الإسراء: 8] ، قال: معناه سجنًا وحبسًا، ويقال: حصرت الرجل أحصره حصرًا إذا حبسته وضيّقت عليه، قال الله عز وجل: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} [النساء: 90] أي ضاقت صدورهم وقرأ الحسن: حصرةً صدورهم معناه ضيقة صدورهم، ويقال: أحصره المرض إذا حبسه، والحصير: الملك لأنه حصر أن يراه الناس، قال الشاعر:
ومقامةٍ غلب الرقاب كأنهم = جنٌّ لدى باب الحصير قيام).
[الأمالي: 2/306]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وحكي عن الحارثي أنه قال: الوحدة خيرٌ من جليس السوء، وجليس السوء خير من أكيل السوء؛ لأن كل أكيلٍ جليس وليس كل جليس أكيلاً؛ فإن كان لا بدّ من المؤاكلة ولا بدّ من المشاركة فمع من لايستأثر عليّ بالمخ، ولا ينتهز بيضة البقيلة؛ ولا يلتقم كبد الدجاج، ولا يبادر إلى دماغ السّلاّءة، ولا يختطف كلية الجدي، ولا يزدرد قانصة الكركيّ، ولا ينتزع شاكلة الحمل، ولا يبتلع سرّة السمك، ولا يعرض لعيون الرؤوس، ولا يستولي على صدور الدّرّاج، ولا يسابق إلى أسقاط الفراخ، ولا يتناول إلا " ما " بين يديه، ولا يلاحظ ما بين يدي غيره، ولا يمتحن الإخوان بالأمور الثمينة، ولا ينتهك استار الناس بأن يشتهي ما عسى ألا يكون موجودًا؛ فكيف تصلح الدنيا ويطيب العيش بمن إذا رأى جزورية التقط الأكباد والأسمنة، وإذا عاين بقريةً استولى على العراق والقطنة، وإن عاين بطن سمكةٍ اخترق كلّ شيء فيه، وإن أتوا بجنب شواءٍ اكتسح ما عليه، ولا يرحم ذا سنٍّ لضعفه، ولا يرقّ على حدثٍ لحدّة شهوته، ولا ينظر للعيال، ولا يبالي كيف دارت الحال. وأشدّ من كل ما وصفناه أن الطبّاخ ربما أتى باللون الظريف الطّريف، والعادة في مثل ذلك اللون أن يكون لطيف الشخص صغير الحجم، فيقدّمه حارًّا ممتنعًا، وربما كان من جوهرٍ بطيء الفتور، وأصحابنا في سهولة ازدراد الحارّ عليهم في طبائع النّعام، وأنا في شدة الحارّ " عليّ " في طباع السّباع، فإن نظرت إلى أن يمكن أتوا على آخره، وإن أنا بادرت مخافة الفوت وأردت أن أشاركهم في بعضه لم آمن ضرره؛ والحارّ ربما قتل وربما أعقم وربما أبال الدم.
قال: وعوتب على تركه إطعام الناس معه وهو يتخذ فيكثر، فقال: أنتم لهذا أترك مني، فإن زعمتم أنني أكثر مالاً وأعدّ عدّةً، فليس بين حالي وحالكم من التفاوت أن أطعم أبدًا وتأكلوا أبدًا، فإذا أتيتم من أموالكم من البذل على قدر احتمالكم، علمت أنكم الخير أردتم، وإلى تزييني ذهبتم، وإلا فإنكم إنما تحلبون حلبًا لكم شطره.
لأبي ثمامة قال: كان أبو ثمامة أفطر ناسًا وفتح بابه فكثر عليه الناس، فقال: إن اللّه لا يستحي من الحق، وكلّكم واجب الحق، ولو استطعنا أن نعمّكم بالبرّ كنتم فيه سواءً ولم يكن بعضكم أولى به من بعضٍ؛ كذلك أنتم إذا عجزنا أو بدا لنا، فليس بعضكم أحقّ بالحرمان والاعتذار إليه من بعض، ومتى قرّبت بعضكم وفتحت بابي لهم وباعدت الآخرين، لم يك في إدخال البعض عذرٌ، ولا في منع الآخرين حجّة. فانصرفوا ولم يعودوا.
بخل محمد بن أبي المؤمل قال: وكان محمد بن أبي المؤمّل يقول: قاتل اللّه رجالاً كنّا نؤاكلهم، ما رأيت قصعةً رفعت من بين أيديهم إلا وفيها فضلٌ، وكانوا يعلمون أن إحضار الجدي إنما هو شيء من آيين الموائد الرّفيعة، وإنما جعل كالقافية وكالخاتمة وكالعلامة لليسر والفراغ، ولم يحضر للتفريق والتخريب، وأن أهله لو أرادوا به سوءًا لقدّموه لتقع الحدّة به. ولذلك قال أبو الحارث جميّز حين رآه لا يمسّ: هذا المدفوع عنه.
ولقد كانوا يتحامون بيضة البقيلة، ويدعها كلّ واحدٍ لصاحبه، وأنت اليوم إذا أردت أن تمتّع عينيك بنظرة واحدة منها ومن بيضة السّلاّءة لم تقدر على ذلك.
وكان يقول: الآدام أعداء الخبز، وأعداها له المالح؛ فولا أن اللّه أعان عليها بالماء وطلب آكله له لأتى على الحرث والنّسل.
وكان يقول: ما بال الرجل إذا قال: اسقني ماءً أتاه بقلّة على قدر الرّيّ أو أصغر، وإذا قال: أطعمني شيئًا أو هات لفلان طعامًا، أتاه من الخبز بما يفضل عن الجماعة، والطعام والشّراب أخوان. أما إنه لولا رخص الماء وغلاء الخبز لما كلبوا على الخبز وزهدوا في الماء؛ ولناس أشدّ شيءٍ تعظيمًا للمأكول إذا كثر ثمنه وكان قليلاً في منبته وعنصره. هذا الجزر الصافي والباقلاء الأخضر أطيب من كمّثرى خراسان والموز البستاني، وهذا الباذنجان أطيب من الكمأة، ولكنهم لقصر هممهم وأذهانهم في التقليد والعادة لا يشتهون إلا على قدر الثمن.
وكان يقول: لو شرب الناس الماء على طعامهم لما اتّخموا. وذلك أن الرجل لا يعرف مقدار ما أكل حتى ينال من الماء شيئًا، لأنه ربما كان شبعان وهو لا يدري. وفي قول الناس:
ماءٌ دجلة مرأ من ماء الفرات، وماء مهران أمرأ من ماء " نهر " بلخ؛ وفي قول العرب: هذا ماءٌ نميرٌ يصلح عليه " المال " دليلٌ على أن الماء يمرىء؛ حتى قالوا: إن المء الذي يكون عليه النفّاطات أمرأ من الماء الذي تكون عليه القيّارات. فعليكم بشرب الماء على الغداء " فإنّ ذلك أمرأ ".
الثوريّ وعياله قال: وكان الثّوريّ يقول لعياله: لا تلقوا نوى التمر والرّطب وتعوّدوا ابتلاعه، فإن النوى يعقد الشحم في البطن، ويدفىء الكليتين بذلك الشّحم؛ واعتبروا ذلك ببطون الصّفايا وجميع ما يعتلف النّوى. واللّه لو حملتم أنفسكم على قضم الشّعير واعتلاف القتّ لوجدتموها سريعة القبول، وقد يأكل الناس القتّ قداحًا، والشّعير فريكًا، ونوى البسر الأخضر، ونوى العجوة؛ وإنما بقيت عليكم الآن عقبة؛ أنا أقدر أن أبتلع النوى وأعلفه الشّاء، ولكني أقول هذا بالنظر لكم.
وكان يقول لهم: كلوا الباقلاء بقشوره، فإن الباقلاء يقول: من كلني بقشوري فقد أكلني، ومن لم يأكلني بقشوري فإن آكله؛ فما حاجتكم " إلى " أن تصيروا طعامًا لطعامكم، وأكلاً لما جعل أكلاً لكم.
قال: وحمّ هو وعياله فلم يقدروا على أكل الخبز، فربح قواتهم في تلك الأيام؛ ففرح وقال: لو كان في منزلي سوق الأهواز ونطاة خيبر رجوت أن أستفضل في كل سنة مائة دينار.
موسى بن جناح وجيرانه قال: ودعا موسى بن جناح جماعةً من جيرانه ليفطروا عنده " في شهر رمضان "، فلما وضعت المائدة أقبل عليهم ثم قال لهم: لا تعجلوا، فإنّ العجلة من عمل الشيطان. ثم وقف وقفةً ثم قال: وكيف لا تعجلون واللّه تعالى يقول: {وكان الإنسان عجولاً}. اسمعوا ما أقول لكم، فإن فيه حسن المؤاكلة والتبعّد من الأثرة، والعاقبة الرشيدة، والسيرة المحمودة: إذا مدّ أحدكم يده ليسقي ماءً فأمسكوا أيديكم حتى يفرغ، فإنكم تجمعون عليه خصالاً: منها أنكم تنغّصون عليه في شربه، ومنها أنه إذ أراد اللّحاق بكم فلعلّه يتسرع إلى لقمةٍ حارّة فيموت، وأدنى ذلك أن تبعثوه على الحرص وعلى عظم اللّقم. ولهذا قال بعضهم وقد قيل له: لم تبدأ بأكل اللحم؟ قال: لأن اللّحم ظاعنٌ والثريد مقيمٌ. وأنا وإن كان الطعام طعامي فإني كذلك أفعل؛ فإذ رأيتم فعلي يخالف قولي فلا طاعة لي عليكم. قال بعضهم: فربما نسي بعضنا فمدّ يده وصاحبه يشرب، فيقول له يدك يا ناسي، ولولا شيء لقلت لك: يا متغافل. قال: فأتانا بأرزّةٍ لو شاء أحدنا أن يعدّ حباتها لعدّها، لتفرّقها وقلّتها، وهي مقدار نصف سكرّجة؛ فوقعت في فمي قعطةٌ، وكنت إلى جنبه، فسمع صوتًا حين مضغتها، فقال: اجرش يا أبا كعب). [عيون الأخبار: 9/253-258]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ} قال: يدعو على ابنه وقرابته بالموت وهو لا يشتهي ذاك). [مجالس ثعلب: 163]


رد مع اقتباس