الموضوع: غير مصنف
عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 07:39 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

تعوذوا بالله من الأعميين

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ)
: ([137] [و] قوله: «تعوذوا بالله من الأعميين، ومن قترة وما ولد». يريد بالأعميين: السيل والحريق. وقيل لهما الأعميان، لأنه لا هداية لهما، إنما يتعسفان بمنزلة العميان. ويروى أيضًا: الأيهمين ومعناهما واحد. ومن هذا قيل للمفازة التي لا يهتدي فيها للطريق اليهماء.
وقترة: اسم إبليس، ويقال: كنيته أبو قترة. وابن قترة حية خبيثة.
[138] [و] قوله: [صلى الله عليه وسلم] في الاستسقاء: «اللهم اسقنا غيثا مغيثا، وحيا ربيعا، وجدا طبقًا [غدقا]، مغدقًا مونقًا هاميًا، هنيئًا مريئًا مريعًا مربعًا مرتعا وابلا سابلا مسبلا مجللا ديما. دررًا نافعًا غير ضار [و] عاجلاً غير رائث، تحيي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضر منا والباد [اللهم أنزل علينا في أرضنا زينتها وأنزل علينا في أرضنا سكنها].
الغيث: هو المحيي بإذن الله، وكذلك الحيا، مقصور، هو الذي تحيا به الأرض، والمال. يقال: فيه إحياء الناس. والجدا: المطر العام، وهو مقصور ومنه أخذ جدي العطية والجدوى. والطبق الذي يطبق وجه الأرض، والمغدق والغدق: الكثير القطر. والمونق: المعجب، يقال: آنقني الشيء، أي: أعجبني. والمريع: ذو المراعة والخصب، يقال: أمرع الوادي: إذا أنبت، فإن قدمت العين فقلت: أمعر الوادي كان ضد ذلك. ويقال: أمعر الرجل: إذا ذهب ماله، ومتاعه، وفي الحديث:
[139] «ما أمعر حاج قط» أي: ما افتقر. والمرتع إذا رويته بالتاء، كان [من] رتعت الإبل إذا رعت؛ يريد أنه ينبت لها ما ترتع فيه، وإن رويته بالباء كان من قولك: ربعت بالمكان إذا أقمت به؛ يريد: أن هذا المطر يربعهم؛ أي: يحبسهم ويغنيهم عن الارتياد والنجعة، ويكون المربع أيضًا بمعنى: المنبت للربيع. والوابل: المطر الشديد الضخم القطر، ومنه يكون السيل. والديمة: المطر يدوم مع سكون، والجود الذي يروي كل شيء. والسابل: من السبل، وهو المطر. يقال: سبل سابل. والمجلل: الذي يجلل الأرض بمائه أو بنباته، كأنه يكسوها ذلك. ودرر: جمع درة، والرائث: البطيء، يقال: راث علينا؛ أي: أبطأ. وزينة الأرض: النبات، كقوله جل وعز: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت} [يونس: 24].
وسكنها: قوتها، وهو مأخوذ من سكنت المكان. أسكنه سكونًا. وإنما قيل له: سكن، لأنه المكان الذي يسكن به. وهو مثل قولهم: نزل العسكر؛ لأن النزول إنما يكون به لأهل العسكر.
[140] قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تطع فينا تاجرًا ولا مسافرًا» معناه لا تستجب فينا دعاءهما في إمساك المطر؛ فإن التاجر يريد الغلاء، والمسافر يكره المطر لئلا يحبسه عن السير.
روي عن قتادة أنه قال: «لو أطاع الله الناس في الناس لم يكن ناس» يريد: أن الناس يدعون الله أن يرزقهم الذكران من الولد، ولو رزقوا كلهم الذكور لم تبق أنثى، وانقطع النسل.
[141] قوله: [صلى الله عليه وسلم]: «أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي، بعرفات، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» معناه: أكثر ما أفتتح به دعائي وأقدمه أمامه من ثنائي على الله عز وجل وذلك أن الداعي يفتتح دعاءه بالثناء على الله سبحانه ويقدمه أمام مسألته، فسمى الثناء دعاءً؛ إذ كان مقدمة له وذريعة إليه على مذهبهم في تسمية الشيء باسم سببه.
وحدثني أحمد بن المظفر، قال محمد بن صالح الكيلاني، قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قال: سألت سفيان بن عيينة عن [هذا؛ فقلت له: هذا ثناء]، وليس بدعاء!.
[142] فقال: أما بلغك حديث منصور عن مالك بن الحارث: «يقول الله سبحانه: إذا شغل عبدي ثناؤه علي عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» فقلت: حدثني عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور، وحدثني أنت عن منصور عن مالك بن الحارث فقال: هذا تفسيره. ثم قال: أما بلغك ما قال أمية بن أبي الصلت حين أتى ابن جدعان يطلب فضله ونائله، فقال:
أأطلب حاجتي أم قد كفاني = حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء يومًا = كفاه من تعرضه الثناء
ثم قال: يا حسين هذا مخلوق يكتفي بالثناء عليه دون مسألته فكيف بالخالق جل وعز؟!!
[143] [قوله: عند رفع المائدة: «الحمد لله حمدا كثيرا طيبًا مباركًا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا».
معنى قوله «غير مكفي ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا: إن الله تعالى هو المطعم والكافي، وهو غير مطعم ولا مكفي، كما قال عز وجل: {وهو يطعم ولا يطعم} [الأنعام: 14] وقوله «غير مودع» أي: غير متروك الطلب إليه والرغبة مما عنده، ومنه قوله سبحانه: {ما ودعك ربك وما قلى} أي: ما تركك ولا أهانك، ومعنى المتروك: المستغني عنه».

كمل معاني الدعوات وتفسيرها من قبل الشيخ أبي سليمان
أحمد بن محمد الخطابي، رضي الله عنه، والحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا. وصلى الله على محمد وآله أفضل الصلوات وأزكاها بمنه وفضله والصلاة على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما كثيرًا).[شأن الدعاء: 202-209]


رد مع اقتباس