الموضوع: غير مصنف
عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 07:36 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

إذا هاجت الريح

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ)
: ([120] [و] قوله: [كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول]: «إذا هاجت الريح اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا». معنى ذلك والله أعلم أن الرياح إذا كثرت جلبت السحاب وكثر المطر فزكت الزروع والثمار وإذا لم تكثر وكانت ريحًا واحدة؛ فإنها تكون عقيمًا وربما كانت عذابًا. والعرب تقول: لا تلقح السحاب إلا من رياح.
وقال الأصمعي عن بعض الأعراب: إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض.
[121] وقد روي معنى ما ذكرناه عن ابن عباس، حدثناه الأصم، قال: حدثنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا من لا أتهم، قال: أخبرنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس، قال: في كتاب الله يعني آية الرحمة - {وأرسلنا الرياح لواقح} [الحجر: 22] وقال: {وهو الذي يرسل الرياح بشرًا بين يدي رحمته } [الأعراف: 57]. وقال يعني في آية العذاب -: {وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} [الذاريات: 41]. وقال: {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرًا} [القمر: 19].
[122] [و] قوله: «اللهم على الآكام والظراب» الآكام: جمع الأكمة، والظراب: الهضاب جمع الظرب. قال الشاعر:
إن جنبي عن الفراش لنابي
كتجافي الأسر فوق الظراب
[123] [و] قوله: «اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها [عليهم] سنين كسني يوسف» معنى الوطأة: العقوبة والمشقة، وأريد به هاهنا: ضيق المعيشة وهو مأخوذ [من وطء الدابة الشيء]، وركضها إياه برجلها، وقد يوصف بعض السلاطين بثقل الوطأة. يراد: سوء السيرة، والعنف في السياسة. قال الشاعر:
ووطئتنا وطئًا على حنق
وطء المقيد يابس الهرم
وسني يوسف: هي المجاعة التي ذكرها الله في قوله تعالى: {قال تزرعون سبع سنين دأبا} الآية [يوسف: 47].
[124] [و] قوله لعلي: «سل الله الهدى وأنت تعني بهداك هداية الطريق وسل الله السداد وأنت تعني بذلك سداد السهم» معنى هذا الكلام: أن الرامي لا يرمي إلا بالسهم الذي قد سوي قدحه وأصلح ريشه وفوقه، حتى يعتدل ويتسدد، وإنه مهما قصر عن شيء [من هذا] لم يتسدد رميه ولم يمض نحو الغرض سهمه. فأمر الداعي إذا سأله الله السداد أن يخطر بباله صفة هذا السهم المسدد، و[أن] يحضرها لذكره؛ ليكون ما يسأل الله جل وعز منه على شكله ومثاله؛ وكذلك هذا المعنى في طلب الهدى، جعل هداية الطريق مثلاً له، إذ كانت الهداة لا يجورون عن القصد، ولا يعدلون عن المحجة، إنما يركبون الجادة فيلزمون نهجها [و] يقول: فليكن ما تؤمه من الهدى، وتسلكه من سبيله كذلك.
[125] [و] قوله: «أعوذ بك من الهم والحزن وضلع الدين» [الهم: لما يستقبل، والحزن: لما مضى] وضلع الدين: ثقله، وغلظه؛ والضليع: الغليظ من كل شيء، ومنه قولهم: أكل الرجل حتى تضلع.
[126] [و] قوله: «اللهم إني أعوذ بك من فقر مرب أو ملب». الملب: المقعد الملزق بالأرض. يقال: أرب بالمكان، وألب به؛ إذا أقام، وهذا كقول الناس قد لزق فلان بالتراب إذا افتقر، قلت: وليس هذا بخلاف.
[127] لقوله: «اللهم أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين» ومعنى المسكنة، هاهنا، التواضع، والإخبات، وإنما سأل الله أن لا يجعله من الجبارين المتكبرين، وأن لا يحشره في زمرتهم، وقال بعضهم: المسكنة حرف مأخوذ من السكون، يقال: تمسكن الرجل: إذا لان، وخشع. قال: والميم فيه زيادة، وهذا كما قيل: تمدرع الرجل، وأصله: تدرع من الدراعة.
قلت: وتعوذه من الفقر في سائر الأخبار إنما هو فقر النفس، وقد يكون إنما تعوذ من سوء احتمال الفقر، وقلة الرضا به.
[128] [و] قوله: «اللهم إني أسألك غناي، وغنى مولاي» المولى: الولي هاهنا. وكل ولي للإنسان فهو مولاه، مثل الأب والأخ وابن الأخ، والعم وابن العم ومن وراءهم من العصبة كلهم؛ ومنه قول الله سبحانه: {وإني خفت الموالي من ورائي} [مريم: 5] ومما يبين لك أن المولى كل ولي.
[129] قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل» أراد بالموالي: الأولياء.
[130] [و] قوله لعائشة [رضي الله عنها]: وسمعها تدعو على سارق سرقها: «لا تسبخي عنه بدعائك عليه» قال الأصمعي: يريد لا تخففي عنه بدعائك. ويقال: اللهم سبخ عني الحمى؛ أي: سلها وخففها. ومن هذا قيل لقطع القطن إذا ندف: سبائخ.
وقال أعرابي في كلامه: الحمد لله على تسبيخ العروق، وإساغة الريق.
[131] نهيه أن يقال: «بالرفاء والبنين»، قال الأصمعي: معناه: الاتفاق، وحسن الاجتماع، ومنه أخذ رفؤ الثوب لأنه يرفأ فيضم بعضه إلى بعض، ويكون الرفاء من الهدوء والسكون أيضًا. قال أبو خراش:
رفوني وقالوا يا خويلد لم ترع
فقلت وأنكرت الوجوه: هم هم
[132] [و] قوله: «عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فشمت أحدهما، ولم يشمت الآخر» قوله: شمت، معناه: دعا له،
[133] كقوله: «يرحمكم الله، أو يهديكم الله ويصلح بالكم». [أخبرني عمر بن أحمد المتوثي، قال: سمعت أبا مسلم الكجي يقول: سمعت أبا زيد] يقول: شمت، وسمت: لغتان، والشين أعلى في كلامهم.
[134] [و] قوله صلى الله عليه وسلم: «إنه ليغان على قلبي حتى استغفر الله كذا [و] كذا مرة» [و] قال أبو عبيدة: يعني أنه يتغشى القلب ما يلبسه، وقال غير أبي عبيدة: كأنه يعني من السهو. وقال الأصمعي: غينت السماء غينا، قال: وهو إطباق الغيم السماء. قلت: وليس هذا على أنه كان يغشى قلبه شك بعد المعرفة، أو ريب بعد اليقين، وإنما ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم: كان لا يزال في مزيد م الذكر، والقربة، ودوام المراقبة. فإذا سها عن شيء منها في بعض الأحوال، وغلب عليه النسيان لما فيه من الطبع البشري عده على نفسه ذنبًا، وفزع إلى التوبة والاستغفار.
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء
[135] «اللهم ضاحت بلادنا، واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا، اللهم ارحم بهائمنا الحائمة، والأنعام السائمة، والأطفال المحثلة».
[و] قوله: «ضاحت بلادنا» [إنما هو «فاعلت»]، من ضحى المكان، وضحى لغتان إذا برز للشمس يضحى. [وضحى الرجل يضحى؛ إذا أصابه حر الشمس]؛ قال الله تعالى: {وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} [طه: 119] وقوله: «هامت دوابنا» أي: عطشت، والهيمان: العطشان، والحائمة: هي التي تنتاب أماكن الماء فتحوم عليه؛ أي: تطوف، ولا ترد. يريد: أنها لا تجد ماء ترده. والأطفال المحثلة: هم الذين انقطع رضاعهم والحثل: سوء الرضاع. قال ذو الرمة:
عواء فصيل آخر الليل محثل
[136] [و] قوله: إذا مطر: «اللهم سيبًا هنيئًا». [هكذا] قال سفيان بن عيينة في روايته: وربما روي لنا صيبًا، وهو أجود. والسيب: العطاء بفتح السين والسبب: مجرى الماء بكسرها -، يقال: ساب الله سيوبًا: إذا جرى. فأما الصيب فأصله: الصوب، يقال: صاب المطر يصوب صوبًا؛ إذا نزل، ومنه قول الله سبحانه: {أو كصيب من السماء} [البقرة: 19]. ووزنه فيعل، من صاب يصوب: إذا نزل).[شأن الدعاء: 190-201]


رد مع اقتباس