عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 09:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض وأنزل من السّماء ماءً فأخرج به من الثّمرات رزقًا لكم وسخّر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخّر لكم الأنهار (32) وسخّر لكم الشّمس والقمر دائبين وسخّر لكم اللّيل والنّهار (33) وآتاكم من كلّ ما سألتموه وإن تعدّوا نعمة اللّه لا تحصوها إنّ الإنسان لظلومٌ كفّارٌ (34)}
يعدّد تعالى نعمه على خلقه، بأن خلق لهم السّماوات سقفًا محفوظًا والأرض فراشًا، وأنزل من السّماء ماءً فأخرج به أزواجًا من نباتٍ شتّى، ما بين ثمارٍ وزروعٍ، مختلفة الألوان والأشكال، والطّعوم والرّوائح والمنافع، وسخّر الفلك بأن جعلها طافيةً على تيّار ماء البحر، تجري عليه بأمر اللّه تعالى، وسخّر البحر يحملها ليقطع المسافرون بها من إقليمٍ إلى إقليمٍ آخر، لجلب ما هنا إلى هناك، وما هناك إلى هاهنا، وسخّر الأنهار تشقّ الأرض من قطرٍ إلى قطرٍ، رزقًا للعباد من شربٍ وسقيٍ وغير ذلك من أنواع المنافع). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 511]

تفسير قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وسخّر لكم الشّمس والقمر دائبين} أي: يسيران لا يقرّان ليلًا ولا نهارًا، {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} [يس: 40]، {يغشي اللّيل النّهار يطلبه حثيثًا والشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٍ بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين} [الأعراف: 54]، فالشّمس والقمر يتعاقبان، واللّيل والنّهار عارضان فتارةً يأخذ هذا من هذا فيطول، ثمّ يأخذ الآخر من هذا فيقصر، {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ} [لقمان: 29]، وقال تعالى: {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} [الزّمر: 5]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 511]

تفسير قوله تعالى: {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وآتاكم من كلّ ما سألتموه} يقول: هيّأ لكم كلّ ما تحتاجون إليه في جميع أحوالكم ممّا تسألونه بحالكم وقالكم.
وقال بعض السّلف: من كلّ ما سألتموه وما لم تسألوه.
وقرأ بعضهم: "وأتاكم من كلٍّ ما سألتموه".
وقوله: {وإن تعدّوا نعمة اللّه لا تحصوها} يخبر عن عجز العباد عن تعداد النّعم فضلًا عن القيام بشكرها، كما قال طلق بن حبيبٍ، رحمه اللّه: إنّ حقّ اللّه أثقل من أن يقوم به العباد، وإنّ نعم اللّه أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أصبحوا توّابين وامسوا توابين.
وفي صحيح البخاريّ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: "اللّهمّ، لك الحمد غير مكفيّ ولا مودع، ولا مستغنًى عنه ربّنا".
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار في مسنده: حدّثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدثنا داود بن المحبّر، حدثنا صالحٍ المريّ عن جعفر بن زيدٍ العبدي، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين، ديوانٌ، فيه العمل الصّالح، وديوانٌ فيه ذنوبه، وديوانٌ فيه النّعم من اللّه تعالى عليه، فيقول اللّه لأصغر نعمه -أحسبه. قال: في ديوان النّعم: خذي ثمنك من عمله الصّالح، فتستوعب عمله الصّالح كلّه، ثمّ تنحّى وتقول: وعزّتك ما استوفيت. وتبقى الذّنوب والنّعم فإذا أراد اللّه أن يرحم قال: يا عبدي، قد ضاعفت لك حسناتك وتجاوزت عن سيّئاتك -أحسبه قال: ووهبت لك نعمي" غريبٌ، وسنده ضعيفٌ.
وقد روي في الأثر: أنّ داود، عليه السلام، قال: يارب، كيف أشكرك وشكري لك نعمةٌ منك عليّ؟ فقال اللّه تعالى: الآن شكرتني يا داود، أي: حين اعترفت بالتّقصير عن أداء شكر النّعم.
وقال الشّافعيّ، رحمه اللّه: الحمد للّه الّذي لا يؤدّى شكر نعمةٍ من نعمه، إلّا بنعمةٍ توجب على مؤدى ماضي نعمه بأدائها، نعمةً حادثة توجب عليه شكره بها.
وقال القائل في ذلك:
لو كلّ جارحة منّي لها لغةٌ = تثني عليك بما أوليت من حسن
لكان ما زاد شكري إذ شكرت به = إليك أبلغ في الإحسان والمنن). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 511-512]

رد مع اقتباس