عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 17 ذو القعدة 1435هـ/11-09-2014م, 10:40 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ (21)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: كلّا بل تحبّون العاجلة رجوع إلى مخاطبة قريش، فرد عليهم وعلى أقوالهم في رد الشريعة بقوله: كلّا ليس ذلك كما تقولون. وإنما أنتم قوم قد غلبتكم الدنيا بشهواتها، فأنتم تحبونها حبا تتركون معه الآخرة والنظر في أمرها. وقرأ الجمهور «تحبون» بالتاء على المخاطبة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والحسن ومجاهد والجحدري وقتادة «يحبون» بالياء على ذكر الغائب وكذلك «يذرون»). [المحرر الوجيز: 8/ 477-478]

تفسير قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولما ذكر الآخرة أخبر بشيء من حال أهلها بقوله: وجوهٌ رفع بالابتداء وابتداء بالنكرة لأنها تخصصت بقوله يومئذٍ وناضرةٌ خبر وجوهٌ.
وقوله تعالى: إلى ربّها ناظرةٌ جملة هي في موضع خبر بعد خبر، وقال بعض النحويين: ناضرةٌ نعت ل وجوهٌ، وإلى ربّها ناظرةٌ خبر عن وجوهٌ، فعلى هذا كثر تخصص الوجوه فحسن الابتداء بها. وناضرةٌ معناه ناعمة، والنضرة النعمة وجمال البشرة، قال الحسن: وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق، وقوله تعالى: إلى ربّها ناظرةٌ حمل هذه الآية أهل السنة على أنها متضمنة رؤية المؤمنين لله تعالى، وهي رؤية دون محاذاة ولا تكييف ولا تحديد كما هو معلوم، موجود لا يشبه الموجودات كذلك هو لا يشبه المرئيات في شيء، فإنه ليس كمثله شيء لا إله إلا هو، وروى عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حدثتكم عن الدجال أنه أعور وأن ربكم ليس بأعور وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته»، وقال الحسن: تنظرون إلى الله تعالى بلا إحاطة، وأما المعتزلة الذين ينفون رؤية الله تعالى، فذهبوا في هذه الآية إلى أن المعنى إلى رحمة ربها ناظرة أو إلى ثوابه أو ملكه، فقدروا مضافا محذوفا، وهذا وجه سائغ في العربية كما تقول، فلان ناظر إليك في كذا، أي إلى صنعك في كذا. والرواية إنما تثبتها بأدلة قاطعة غير هذه الآية، فإذا ثبتت حسن تأويل أهل السنة في هذه الآية وقوي، وذهب بعض المعتزلة في هذه الآية إلى أن قوله إلى ليست بحرف الجر وإنما هي إلى واحد الآلاء فكأنه قال نعمة ربها منتظرة، أو ناظرةٌ من النظر بالعين، ويقال نظرتك بمعنى انتظرتك، ومنه قول الحطيئة: [البسيط]
وقد نظرتكم أبناء عائشة = للخمس طال بها حبسي وتبساسي
والتبساس أن يقال للناقة بس بس لتدر على الحالب، وفسر أبو عبيدة في غريبه هذا البيت على رواية أخرى وهي: طال بها حوزي وتنساسي بالنون وهو السير الشديد فتأمله). [المحرر الوجيز: 8/ 478-480]

تفسير قوله تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و «الباسرة» العابسة المغمومة النفوس. والبسور أشد العبوس، وإنما ذكر تعالى الوجوه لأنه فيها يظهر ما في النفس من سرور أو غم، والمراد أصحاب الوجوه). [المحرر الوجيز: 8/ 480]

تفسير قوله تعالى: {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: تظنّ أن يفعل إن جعلناه بمعنى توقن فهو لم يقع بعد على ما بيناه وإن جعلنا الظن هنا على غلبته، فذلك محتمل، و «الفاقرة»: المصيبة التي تكسر فقار الإنسان، قال ابن المسيب: هي قاصمة الظهر، وقال أبو عبيدة: هي من فقرت البعير إذا وسمت أنفه بالنار). [المحرر الوجيز: 8/ 480]

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: كلّا إذا بلغت زجر آخر لقريش وتذكير لهم بموطن من مواطن الهول وأمر الله تعالى الذي لا محيد لبشر عنه وهي حالة الموت والمنازعة التي كتبها الله على كل حيوان، وبلغت يريد النفس، والتّراقي ترقوة وهي عظام أعلى الصدر، ولكل أحد ترقوتان، لكن من حيث هذا الأمر في كثير من جمع، إذ النفس المرادة اسم جنس، والتّراقي هي موازية للحلاقيم، فالأمر كله كناية عن حال الحشرجة ونزاع الموت، يسره الله علينا بمنه). [المحرر الوجيز: 8/ 480]

تفسير قوله تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في معنى قوله تعالى: من راقٍ فقال ابن عباس والضحاك وقتادة وأبو قلابة: معناه من يرقى ويطب ويشفى ونحو هذا مما يتمناه أهل المريض، وقال ابن عباس أيضا وسليمان التيمي ومقاتل وابن سليمان: هذا القول للملائكة: والمعنى من يرقى بروحه، أي يصعد إلى السماء أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ وقرأ حفص عن عاصم بالوقف على من ويبتدئ راقٍ. وأدغم الجمهور، قال أبو علي: لا أعرف وجه قراءة عاصم، وكذلك قرأ «بل ران»). [المحرر الوجيز: 8/ 480]

تفسير قوله تعالى: {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وظنّ أنّه الفراق يريد وتيقن المريض أنه فراق الأحبة والأهل والمال والحياة، وهذا يقين فيما لم يقع بعد ولذلك استعملت فيه لفظة الظن، وقرأ ابن عباس «أيقن أنه الفراق»، وقال في تفسيره ذهب الظن). [المحرر الوجيز: 8/ 480-481]

تفسير قوله تعالى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف في معنى قوله والتفّت السّاق بالسّاق، فقال ابن عباس والحسن والربيع بن أنس وإسماعيل بن أبي خالد هذه استعارة لشدة كرب الدنيا في آخر يوم منها وشدة كرب الآخرة في أول يوم منها لأنه بين الحالين قد اختلطا له، وهذا كما تقول شمرت الحرب عن ساق، وعلى بعض التأويلات في قوله تعالى: يوم يكشف عن ساقٍ [القلم: 42] وقال ابن المسيب والحسن: هي حقيقة، والمراد ساق الميت عند تكفينه أي لفهما الكفن. وقال الشعبي وأبو مالك وقتادة: هو التفافهما بشدة المرض لأنه يقبض ويبسط ويركب هذا على هذا، وقال الضحاك: المراد أسوق حاضريه من الإنس والملائكة لأن هؤلاء يجهزون روحه إلى السماء وهولاء بدنه إلى قبره). [المحرر الوجيز: 8/ 481]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: إلى ربّك معناه إلى حكم ربك وعدله، فإما إلى جنة وإما إلى نار، والمساق مصدر من السوق). [المحرر الوجيز: 8/ 481]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: فلا صدّق ولا صلّى (31) ولكن كذّب وتولّى (32) ثمّ ذهب إلى أهله يتمطّى (33) أولى لك فأولى (34) ثمّ أولى لك فأولى (35) أيحسب الإنسان أن يترك سدىً (36) ألم يك نطفةً من منيٍّ يمنى (37) ثمّ كان علقةً فخلق فسوّى (38) فجعل منه الزّوجين الذّكر والأنثى (39) أليس ذلك بقادرٍ على أن يحيي الموتى (40)
قال جمهور المتأولين: هذه الآية كلها إنما نزلت في أبي جهل بن هشام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ثم كادت هذه الآية أن تصرح له في قوله تعالى: يتمطّى فإنها كانت مشية بني مخزوم، وكان أبو جهل يكثر منها، وقوله تعالى: فلا صدّق ولا صلّى تقديره فلم يصدق ولم يصل، وهذا نحو قول الشاعر [طرفة بن العبد]: [الطويل]
فأي خميس فإنا لا نهابه = وأسيافنا يقطرن من كبشه دما
وقول الآخر [أبي خيراش الهذلي]: [الرجز]
إن تغفر اللهم تغفر جمّا = وأي عبد لك لا ألمّا
فلا في الآية عاطفة، وصدّق معناه برسالة الله ودينه، وذهب قوم إلى أنه من الصدقة، والأول أصوب). [المحرر الوجيز: 8/ 481-482]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ويتمطّى معناه يمشي المطيطى وهي مشية بتبختر قال زيد بن أسلم: كانت مشية بني مخزوم، وهي مأخوذة من المطا وهو الظهر لأنه يتثنى فيها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مشت أمتي المطيطى وخدمتهم الروم وفارس سلط بعضهم على بعض». وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في أبي جهل). [المحرر الوجيز: 8/ 482]

تفسير قوله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: أولى لك وعيد ثان ثم كرر ذلك تأكيدا، والمعنى أولى لك الازدجار والانتهاء وهو مأخوذ من ولى، والعرب تستعمل هذه الكلمة زجرا، ومنه قوله تعالى: فأولى لهم طاعةٌ [محمد: 20]، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبب أبا جهل يوما في البطحاء وقال له: «إن الله يقول لك أولى لك فأولى»، فنزل القرآن على نحوها. وفي شعر الخنساء: [المتقارب]
سئمت بنفسي كل الهموم = فأولى لنفسي أولى لها). [المحرر الوجيز: 8/ 482-483]

تفسير قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: أيحسب توقيف وتوبيخ، وسدىً معناه مهملا لا يؤمر ولا ينهى). [المحرر الوجيز: 8/ 483]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قرر تعالى على أحوال ابن آدم في بدايته التي إذا تؤملت لم ينكر معها جواز البعث من القبور عاقل، وقرأ الجمهور: «ألم يك» بالياء من تحت، وقرأ الحسن: «ألم تك» بالتاء من فوق، و «النطفة»: القطعة من الماء. يقال ذلك للقليل والكثير، و «المني» معروف، وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم وأبو عمرو بخلاف وابن محيصن والجحدري وسلام ويعقوب: «يمنى» بالياء، يراد بذلك المني، ويحتمل أن يكون يمنى من قولك أمنى الرجل، ويحتمل أن يكون من قولك منى الله الخلق، فكأنه قال: من مني تخلق، وقرأ جمهور السبعة والناس. «تمنى» بالتاء، يراد بذلك النطفة، و «تمنى» يحتمل الوجهين اللذين ذكرت). [المحرر الوجيز: 8/ 483]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و «العلقة»: القطعة من الدم، لأن الدم هو العلق، وقوله تعالى: فخلق فسوّى معناه فخلق الله منه بشرا مركبا من أشياء مختلفة فسواه شخصا مستقلا، وفي مصحف ابن مسعود «يخلق» بالياء فعلا مستقبلا). [المحرر الوجيز: 8/ 483]

تفسير قوله تعالى: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والزّوجين: النوعين، ويحتمل أن يريد المزدوجين من البشر). [المحرر الوجيز: 8/ 483]

تفسير قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم وقف تعالى توقيف التوبيخ وإقامة الحجة بقوله: أليس ذلك بقادرٍ على أن يحيي الموتى وقرأ الجمهور بفتح الياء الأخيرة من «يحيي»، وقرأ طلحة بن مصرف وسليمان والفياض بن غزوان بسكونها، وهي تنحذف من اللفظ لسكون اللام من الموتى، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال: «سبحانك اللهم وبحمدك وبلى»، ويروى أنه كان يقول: «بلى» فقط). [المحرر الوجيز: 8/ 484]


رد مع اقتباس