عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أليس اللّه بكافٍ عبده ويخوّفونك بالّذين من دونه ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ (36) ومن يهد اللّه فما له من مضلٍّ أليس اللّه بعزيزٍ ذي انتقامٍ (37) ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل أفرأيتم ما تدعون من دون اللّه إن أرادني اللّه بضرٍّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمةٍ هل هنّ ممسكات رحمته قل حسبي اللّه عليه يتوكّل المتوكّلون (38) قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ فسوف تعلمون (39) من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ مقيمٌ (40)}.
يقول تعالى: {أليس اللّه بكافٍ عبده} -وقرأ بعضهم: "عباده"- يعني أنّه تعالى يكفي من عبده وتوكّل عليه.
وقال ابن أبي حاتمٍ هاهنا: حدّثنا أبو عبيد اللّه ابن أخي ابن، وهبٍ حدّثنا عمّي، حدّثنا أبو هانئٍ، عن أبي عليٍّ عمرو بن مالكٍ الجنبيّ، عن فضالة بن عبيدٍ الأنصاريّ؛ أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: "أفلح من هدي إلى الإسلام، وكان عيشه كفافًا، وقنع به".
ورواه التّرمذيّ والنّسائيّ من حديث حيوة بن شريحٍ، عن أبي هانئٍ الخولانيّ، به. وقال التّرمذيّ: صحيحٌ.
{ويخوّفونك بالّذين من دونه} يعني: المشركين يخوّفون الرّسول ويتوعّدونه بأصنامهم وآلهتهم الّتي يدعونها من دونه؛ جهلًا منهم وضلالًا؛ ولهذا قال تعالى: {ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ ومن يهد اللّه فما له من مضلٍّ أليس اللّه بعزيزٍ ذي انتقامٍ} أي: منيع الجناب لا يضام، من استند إلى جنابه ولجأ إلى بابه، فإنّه العزيز الّذي لا أعزّ منه، ولا أشدّ انتقامًا منه، ممّن كفر به وأشرك وعاند رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير ابن كثير: 7/ 100]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه} يعني: [أنّ] المشركين كانوا يعترفون بأنّ اللّه هو الخالق للأشياء كلّها، ومع هذا يعبدون معه غيره، ممّا لا يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا؛ ولهذا قال: {قل أفرأيتم ما تدعون من دون اللّه إن أرادني اللّه بضرٍّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمةٍ هل هنّ ممسكات رحمته} أي: لا تستطيع شيئًا من الأمر.
وذكر ابن أبي حاتمٍ هاهنا حديث قيس بن الحجّاج، عن حنشٍ الصّنعانيّ، عن ابن عبّاسٍ مرفوعًا: "احفظ اللّه يحفظك، احفظ اللّه تجده تجاهك، تعرّف إلى اللّه في الرّخاء يعرفك في الشّدّة، إذا سألت فاسأل اللّه، وإذا استعنت فاستعن باللّه، واعلم أنّ الأمّة لو اجتمعوا على أن يضرّوك بشيءٍ لم يكتبه اللّه عليك لم يضرّوك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيءٍ لم يكتبه اللّه لك لم ينفعوك، جفّت الصّحف، ورفعت الأقلام، واعمل للّه بالشّكر في اليقين، واعلم أنّ الصّبر على ما تكره خيرٌ كثيرٌ، وأنّ النّصر مع الصّبر، وأنّ الفرج مع الكرب، وأنّ مع العسر يسرًا".
{قل حسبي اللّه} أي: اللّه كافيّ، عليه توكّلت وعليه يتوكّل المتوكّلون، كما قال هودٌ، عليه السّلام، حين قال له قومه: {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوءٍ قال إنّي أشهد اللّه واشهدوا أنّي بريءٌ ممّا تشركون من دونه فكيدوني جميعًا ثمّ لا تنظروني إنّي توكّلت على اللّه ربّي وربّكم ما من دابّةٍ إلا هو آخذٌ بناصيتها إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ} [هود:54-56].
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، حدّثنا عبد اللّه بن بكرٍ السّهميّ، حدّثنا محمّد بن حاتمٍ، عن أبي المقدام -مولى آل عثمان- عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، حدّثنا ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما] -رفع الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من أحبّ أن يكون أقوى النّاس فليتوكّل على اللّه، ومن أحبّ أن يكون أغنى النّاس فليكن بما في يد اللّه أوثق [منه] بما في يديه، ومن أحبّ أن يكون أكرم النّاس فليتّق اللّه").[تفسير ابن كثير: 7/ 100-101]

رد مع اقتباس