عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 17 محرم 1440هـ/27-09-2018م, 04:43 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ربّ هب لي حكمًا وألحقني بالصّالحين (83) واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين (84) واجعلني من ورثة جنّة النّعيم (85) واغفر لأبي إنّه كان من الضّالّين (86) ولا تخزني يوم يبعثون (87) يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون (88) إلا من أتى اللّه بقلبٍ سليمٍ (89)}.
وهذا سؤالٌ من إبراهيم، عليه السّلام، أن يؤتيه ربّه حكما.
قال ابن عبّاسٍ: وهو العلم. وقال عكرمة: هو اللّبّ. وقال مجاهدٌ: هو القرآن. وقال السّدّيّ: هو النّبوّة. وقوله: {وألحقني بالصّالحين} أي: اجعلني مع الصّالحين في الدّنيا والآخرة، كما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عند الاحتضار: " [اللّهمّ الرّفيق الأعلى" قالها ثلاثًا. وفي الحديث في الدّعاء]: اللّهمّ أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين، وألحقنا بالصّالحين، غير خزايا ولا مبدّلين").[تفسير ابن كثير: 6/ 147]

تفسير قوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين} أي: واجعل لي ذكرًا جميلًا بعدي أذكر به، ويقتدى بي في الخير، كما قال تعالى: {وتركنا عليه في الآخرين. سلامٌ على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين} [الصّافّات:108-110].
قال مجاهدٌ، وقتادة: {واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين} يعني: الثّناء الحسن. قال مجاهدٌ: وهو كقوله تعالى: {وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} [العنكبوت:27]، وكقوله: {وآتيناه في الدّنيا حسنةً وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} [النّحل:122].
قال ليث بن أبي سليمٍ: كلّ ملّةٍ تحبّه وتتولّاه. وكذا قال عكرمة). [تفسير ابن كثير: 6/ 147]

تفسير قوله تعالى: {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واجعلني من ورثة جنّة النّعيم} أي: أنعم عليّ في الدّنيا ببقاء الذّكر الجميل بعدي، وفي الآخرة بأن تجعلني من ورثة جنّة النّعيم). [تفسير ابن كثير: 6/ 147]

تفسير قوله تعالى: {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واغفر لأبي إنّه كان من الضّالّين} كقوله: {ربّنا اغفر لي ولوالديّ} [إبراهيم:41]، وهذا ممّا رجع عنه إبراهيم، عليه السّلام، كما قال تعالى: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إيّاه فلمّا تبيّن له أنّه عدوٌّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاهٌ حليمٌ} [التوبة:114].
وقد قطع [اللّه] تعالى الإلحاق في استغفاره لأبيه، فقال: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برآء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتّى تؤمنوا باللّه وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من اللّه من شيءٍ} [الممتحنة:4]). [تفسير ابن كثير: 6/ 147-148]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولا تخزني يوم يبعثون} أي: أجرني من الخزي يوم القيامة و [يوم] يبعث الخلائق أوّلهم وآخرهم.
قال البخاريّ في قوله: {ولا تخزني يوم يبعثون} وقال إبراهيم بن طهمان، عن ابن أبي ذئبٍ، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبريّ، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة".
حدّثنا إسماعيل، حدّثنا أخي، عن ابن أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يلقى إبراهيم أباه، فيقول: يا ربّ، إنّك وعدتني أنّك لا تخزيني يوم يبعثون. فيقول اللّه: إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين".
هكذا رواه عند هذه الآية. وفي أحاديث الأنبياء بهذا الإسناد بعينه منفردًا به، ولفظه: يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترةٌ وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك: لا تعصني فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك. فيقول إبراهيم: يا ربّ، إنّك وعدتني ألّا تخزيني يوم يبعثون، فأيّ خزيٍ أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول اللّه تعالى: إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين. ثمّ يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذبحٍ متلطّخٍ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النّار.
وقال أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في التّفسير من سننه الكبير قوله: {ولا تخزني يوم يبعثون}: أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثني إبراهيم بن طهمان، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "إنّ إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة، وقال له: قد نهيتك عن هذا فعصيتني. قال: لكنّي اليوم لا أعصيك واحدةً. قال: يا ربّ، وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فإن أخزيت أباه فقد أخزيت الأبعد. قال: يا إبراهيم، إنّي حرّمتها على الكافرين. فأخذ منه، قال: يا إبراهيم، أين أبوك؟ قال: أنت أخذته منّي. قال: انظر أسفل منك. فنظر فإذا ذيخٌ يتمرّغ في نتنه، فأخذ بقوائمه فألقي في النار.
هذا إسنادٌ غريبٌ، وفيه نكارةٌ.
والذّيخ: هو الذّكر من الضّباع، كأنّه حوّل آزر إلى صورة ذيخٍ متلطّخٍ بعذرته، فيلقى في النّار كذلك.
وقد رواه البزّار من حديث حمّاد بن سلمة، عن أيّوب، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وفيه غرابةٌ. ورواه أيضًا من حديث قتادة، عن جعفر بن عبد الغافر، عن أبي سعيدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه). [تفسير ابن كثير: 6/ 148-149]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون} أي: لا يقي المرء من عذاب اللّه ماله، ولو افتدى بملء الأرض ذهبًا: {ولا بنون} ولو افتدى بمن في الأرض جميعًا، ولا ينفع يومئذٍ إلّا الإيمان باللّه، وإخلاص الدّين له، والتّبرّي من الشّرك؛ ولهذا قال: {إلا من أتى اللّه بقلبٍ سليمٍ} أي: سالمٍ من الدّنس والشّرك.
قال محمّد بن سيرين: القلب السّليم أن يعلم أنّ اللّه حقٌّ، وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور.
وقال ابن عبّاسٍ: {إلا من أتى اللّه بقلبٍ سليمٍ} حيي يشهد أن لا إله إلّا اللّه.
وقال مجاهدٌ، والحسن، وغيرهما: {بقلبٍ سليمٍ} يعني: من الشّرك.
وقال سعيد بن المسيّب: القلب السّليم: هو القلب الصّحيح، وهو قلب المؤمن؛ لأنّ قلب [الكافر و] المنافق مريضٌ، قال اللّه: {في قلوبهم مرضٌ} [البقرة:10].
وقال أبو عثمان النّيسابوريّ: هو القلب الخالي من البدعة، المطمئنّ إلى السّنة). [تفسير ابن كثير: 6/ 149]

رد مع اقتباس