عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:38 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ولا تكونوا كالّتي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثًا} قال عبد اللّه بن كثيرٍ، والسّدّيّ: هذه امرأةٌ خرقاء كانت بمكّة، كلمّا غزلت شيئًا نقضته بعد إبرامه.
وقال مجاهدٌ، وقتادة، وابن زيدٍ: هذا مثلٌ لمن نقض عهده بعد توكيده.
وهذا القول أرجح وأظهر، وسواءٌ كان بمكّة امرأةٌ تنقض غزلها أم لا.
وقوله: {أنكاثًا} يحتمل أن يكون اسم مصدرٍ: نقضت غزلها أنكاثًا، أي: أنقاضًا. ويحتمل أن يكون بدلًا عن خبرٍ كان، أي: لا تكونوا أنكاثًا، جمع نكثٍ من ناكثٍ؛ ولهذا قال بعده: {تتّخذون أيمانكم دخلا بينكم} أي: خديعةً ومكرًا، {أن تكون أمّةٌ هي أربى من أمّةٍ} أي: يحلفون للنّاس إذا كانوا أكثر منكم ليطمئنّوا إليكم، فإذا أمكنكم الغدر بهم غدرتم. فنهى اللّه عن ذلك، لينبّه بالأدنى على الأعلى؛ إذا كان قد نهى عن الغدر والحالة هذه، فلأن ينهى عنه مع التّمكّن والقدرة بطريق الأولى.
وقد قدّمنا -وللّه الحمد-في سورة "الأنفال" قصّة معاوية لمّا كان بينه وبين ملك الرّوم أمدٌ، فسار معاوية إليهم في آخر الأجل، حتّى إذا انقضى وهو قريبٌ من بلادهم، أغار عليهم وهم غارّون لا يشعرون، فقال له عمرو بن عبسة: اللّه أكبر يا معاوية، وفاءً لا غدرًا، سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان بينه وبين قومٍ أجلٌ فلا يحلّنّ عقدة حتّى ينقضي أمدها". فرجع معاوية بالجيش، رضي اللّه عنه وأرضاه.
قال ابن عبّاسٍ: {أن تكون أمّةٌ هي أربى من أمّةٍ} أي: أكثر.
وقال مجاهدٌ: كانوا يحالفون الحلفاء، فيجدون أكثر منهم وأعزّ، فينقضون حلف هؤلاء ويحالفون أولئك الّذين هم أكثر وأعزّ. فنهوا عن ذلك. وقال الضّحّاك، وقتادة، وابن زيدٍ نحوه.
وقوله: {إنّما يبلوكم اللّه به} قال سعيد بن جبير: يعني بالكثرة. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال ابن جريرٍ: أي: بأمره إيّاكم بالوفاء والعهد.
{وليبيّننّ لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون} فيجازي كلّ عاملٍ بعمله، من خيرٍ وشرٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 599-600]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً ولكن يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألنّ عمّا كنتم تعملون (93) ولا تتّخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزلّ قدمٌ بعد ثبوتها وتذوقوا السّوء بما صددتم عن سبيل اللّه ولكم عذابٌ عظيمٌ (94) ولا تشتروا بعهد اللّه ثمنًا قليلا إنّما عند اللّه هو خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون (95) ما عندكم ينفد وما عند اللّه باقٍ ولنجزينّ الّذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (96)}
يقول تعالى: {ولو شاء اللّه لجعلكم} أيّها النّاس {أمّةً واحدةً}، كما قال تعالى: {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعًا} [يونس: 99] أي: لوفّق بينكم. ولما جعل اختلافًا ولا تباغض ولا شحناء {ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّةً واحدةً ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربّك ولذلك خلقهم} [هودٍ: 118، 119]، وهكذا قال هاهنا: {ولكن يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء} ثمّ يسألكم يوم القيامة عن جميع أعمالكم، فيجازيكم عليها على الفتيل والنّقير والقطمير). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 600]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ حذّر تعالى عباده عن اتّخاذ الأيمان دخلًا أي خديعةً ومكرًا، لئلّا تزل قدمٌ بعد ثبوتها: مثلٌ لمن كان على الاستقامة فحاد عنها وزلّ عن طريق الهدى، بسبب الأيمان الحانثة المشتملة على الصّدّ عن سبيل اللّه، لأنّ الكافر إذا رأى أنّ المؤمن قد عاهده ثمّ غدر به، لم يبق له وثوقٌ بالدّين، فانصدّ بسببه عن الدّخول في الإسلام؛ ولهذا قال: {وتذوقوا السّوء بما صددتم عن سبيل اللّه ولكم عذابٌ عظيمٌ}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 600]

رد مع اقتباس