عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 جمادى الأولى 1434هـ/6-04-2013م, 08:58 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تكونوا كالّتي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثًا} تنكثون العهد، يعني المؤمنين، ينهاهم عن ذلك.
قال: فيكون مثلكم إن نكثتم العهد مثل الّتي نقضت غزلها من بعد ما أبرمته، فنقضته من بعد ما كان غزلا قويًّا أنكاثًا عن العهد). [تفسير القرآن العظيم: 1/85]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {تتّخذون أيمانكم}، أي: عهدكم.
{دخلا بينكم} قال قتادة: خيانةً وغدرًا.
قال الحسن: كما صنع المنافقون، فلا تصنعوا كما صنع المنافقون فتظهروا الإيمان وتسرّوا الشّرك.
والدّخل: إظهار الإيمان وإسرار الشّرك.
{أن تكون أمّةٌ هي أربى من أمّةٍ} هي أكثر من أمّةٍ، يقول: فتنقضوا عهد اللّه لقومٍ هم أكثر من قومٍ.
قال قتادة: أن يكون قومٌ هم أعدّ وأكثر من قومٍ.
وقال السّدّيّ: أن يكون قومٌ أكثر من قومٍ.
وبعضهم يقول: العهد فيما بين النّاس فيما وافق الحقّ.
- عبد القدّوس بن حبيبٍ عن مكحولٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه يوصيكم بأمّهاتكم فالأقرب الأقرب.الدّين مقضيٌّ، والأمانة مؤدّاةٌ، وأحقّ ما وفى به العبد العهد، عهد اللّه»
- جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال: قال ابن مسعودٍ: ما نزلت بعبدٍ شديدةٌ إلا قد عاهد اللّه عندها، فإن لم يتكلّم بلسانه فقد أضمر ذلك في قلبه، فاتّقوا اللّه وأوفوا بما عاهدتم له.
- الحسن بن دينارٍ عن الحسن أنّ ابن مسعودٍ قال: يا أهل المواثيق انظروا ما تعاهدون عليه ربّكم.
كم من مريضٍ قد قال: إن اللّه شفاني فعلت كذا، فعلت كذا.
قال: والمرأة الّتي ضربت مثلا في غزلها كانت حمقاء تغزل الشّعر، فإذا غزلته رجعت نقضته ثمّ عادت فغزلته.
وتفسير مجاهدٍ قال: هذا في الحلفاء، كانوا يحالفون الحلفاء، ثمّ يجدون أكثر منهم وأعزّ، فينقضون حلف هؤلاء ويحالفون الّذين هم أعزّ منهم، فنهوا عن ذلك.
قوله: {إنّما يبلوكم اللّه به} بالكثرة.
يبتليكم، يختبركم.
{وليبيّننّ لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون} من الكفر والإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 1/86-85]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا تكونوا كالّتي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ...}:
من بعد إبرام. كانت تغزل الغزل من الصوف فتبرمه ثم تأمر جارية لها بنقضه. ويقال: إنها ريطة {تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم} يقول: دغلا وخديعة.
قوله: {أن تكون أمّةٌ هي أربى من أمّةٍ} يقول: هي أكثر، ومعناه لا تغدروا بقوم لقلّتهم وكثرتكم أو قلّتكم وكثرتهم، وقد غررتموهم بالأيمان فسكنوا إليها. وموضع (أدنى) نصب.
وإن شئت رفعت؛ كما تقول: ما أظن رجلاً يكون هو أفضل منك وأفضل منك، النصب على العماد، والرفع على أن تجعل (هو) اسماً.
ومثله قول الله عزّ وجلّ: {تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً} نصب، ولو كان رفعا كان صواباً). [معاني القرآن: 2/113-112]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قوّةٍ أنكاثاً} كل حبل وغزل ونحو ذلك نقضته فهو نكث، وهو من قولهم نكثت قال المسيّب بن علس:
من غير مقليةٍ وإنّ حبالها= ليست بأنكاثٍ ولا أقطاع
{دخلاً بينكم} كل شيء وأمر لم يصح فهو دخلٌ: {هي أربى من أمّةٍ} أي أكثر). [مجاز القرآن: 1/367]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولا تكونوا كالّتي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثاً تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمّةٌ هي أربى من أمّةٍ إنّما يبلوكم اللّه به وليبيّننّ لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون}
وقال: {أنكاثاً} وواحدها "النّكث). [معاني القرآن: 2/67]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {أنكاثا} قالوا: الحبل المتين الذي له قوة واحدة وليست له قوتان، وواحد الأنكاث نكث؛ وهو ما نكث بعدها غزل؛ وقالوا: أيضًا نكثة الحبل لما انتكث منه.
وقال الأسود:
ترعية تعرف الأرباع ضجعته = له بجاد من الأنكاث والفضل.
وقوله {دخلا بينكم} وفي معنى الدخل: أنا أعلم بدخلل أمره، وبدخلل، وبداخلة، وبدخيلة، وبدخلة.
وقوله {أربى من أمة} فالمعنى: هي أكثر؛ وهو قول ابن عباس؛ وهو عندنا من ربا الشيء يربو، في الكثرة والزيادة). [معاني القرآن لقطرب: 817]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أنكاثا}: كل شيء نقضته فهو أنكاث واحدة نكث.
{دخلا بينكم}: كل شيء لم يصح في كلام فهو دخل.
{هي أربا من أمة}: أي أكثر). [غريب القرآن وتفسيره: 209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( الأنكاث: ما نقض من غزل الشعر وغيره. واحدها نكث، يقول: لا تؤكدوا على أنفسكم الإيمان والعهود ثم تنقضوا ذلك وتحنثوا فتكونوا كامرأة غزلت ونسجت، ثم نقضت ذلك النسخ فجعلته أنكاثا.
{تتّخذون أيمانكم دخلًا بينكم} أي دخلا وخيانة.
{أن تكون أمّةٌ} أي فريق منكم.
{أربى من أمّةٍ} أي أغنى من فريق). [تفسير غريب القرآن: 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ}.
هذا مثل لمن عاهد الله وحلف به، فقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} فتكونوا إن فعلتم كامرأة غزلت غزلا وقوّت مرّته وأبرمته، فلما استحكم نقضته، فجعلته أنكاثا.
والأنكاث: ما نقض من أخلاق بيوت الشعر والوبر ليغزل ثانية ويعاد مع الجديد، وكذلك ما نقض من خلق الخزّ.
ومنه قيل لمن أعطاك بيعته على السمع والطاعة ثم خرج عليك: ناكث، لأنه نقض ما وكّد على نفسه بالإيمان والعهود، كما تنقض النّاكثة غزلها.
ثم قال: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ}. أي: دغلا وخيانة وحيلا {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} أي: لأن يكون قوم أغنى من قوم، وقوم أعلى من قوم،
تريدون: أن تقتطعوا بأيمانكم حقوقا لهؤلاء، فتجعلوها لهؤلاء.
وقال المفسرون في التي نقضت غزلها: هي امرأة من قريش وكانت حمقاء، فكانت تغزل الغزل من الصوف والشّعر والوبر بمغزل في غلظ الذّراع، وصنّارة في قدر الإصبع، وفلكة عظيمة، فإذا أحكمته أمرت خادمها فنقضته). [تأويل مشكل القرآن: 387-386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تكونوا كالّتي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثا تتّخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمّة هي أربى من أمّة إنّما يبلوكم اللّه به وليبيّننّ لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون}
{أنكاثا} منصوب لأنه في معنى المصدر لأن معنى نكثت نقضت، ومعنى نقضت نكثت، وواحد الأنقاض نكث وهو ما نقض بعد أن غزل.
قال الشاعر:.
ترعيّة تعرف الأرباع ضجعته= له نكاث من الأنجاد والفضل
وقوله: {تتّخذون أيمانكم دخلا بينكم} أي غشا بينكم وغلّا.
و{دخلا} منصوب لأنه مفعول له.
المعنى: تتخذون أيمانكم للغش والدّخل، وكل ما دخله عيب قيل هو مدخول، وفيه دخل.
وقوله: {أن تكون أمّة هي أربى من أمّة}.
لتغتز إحداهما بالأخرى، وأربى مأخوذ من ربا الشيء يربو إذا كثر). [معاني القرآن: 3/217]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة} هذه آية مشكلة تحتاج إلى تدبير قال قتادة الدخل الخيانة
وقال غيره المعنى لا تحلفوا أو تؤكدوا عليكم الأيمان ثم تحنثوا فتكونوا كامرأة غزلت غزلا فأبرمته وأحكمته ثم نقضته والأنكاث ما نقض من الخز والوبر وغيرهما ليغزل ثانية ومنه قيل ناكث
وروى في التفسير أن امرأة يقال لها ربطة ابنة سعد كانت تغزل بمغزل كبير فإذا أبرمته وأتقنته أمرت جارتها فنقضته
قال الضحاك في قوله تعالى: {أن تكون أمة هي أربى من أمة} أي أكثر قال فأمروا بوفاء العهد وإن كانوا كثيرا
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كانوا يحلفون القوم ويعاهدونهم فإذا علموا أن غيرهم أكثر منهم وأقوى نقضوا عهدهم وحالفوا غيرهم فنهاهم الله جل ذكره عن ذلك
والمعنى عند أهل اللغة لأن تكون أمة وبأن تكون أمة هي أربى من أمة أي هي أغنى وأكثر أي لا تعاهدوا قوما فإذا أمنوا نقضتم العهد ليكون أصحابكم أغنى وأقوى).
[معاني القرآن: 4/103102]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم} أي: فسادا بينكم). [ياقوتة الصراط: 300]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {هي أربى من أمة} أي: هي أي أزيد). [ياقوتة الصراط: 300]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والأنكاث} ما نقض من غزل. يقول الله تبارك وتعالى: لا تؤكدوا على أنفسكم الأيمان والعهود، ثم تنقضوا ذلك وتحنثوا،
فتكونوا كامرأة غزلت ونسجت ثم نقضت ذلك.
{دخلا بينكم} أي دغلا وخيانة.
{أربى من أمة} أي أغنى من فريق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 133]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأَنْكَاثُ}: النقض.
{دَخَلاً}: فسادا ودغلاً.
{أَرْبَى}: أكثر). [العمدة في غريب القرآن: 179]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً} يعني على...
وهو تفسير السّدّيّ: على الإيمان.
قال يحيى: مثل قوله: {ولو شئنا لآتينا كلّ نفسٍ هداها}.
ومثل قوله: {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعًا}.
قال: {ولكن يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألنّ عمّا كنتم تعملون} يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 1/86]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمّة: الدّين، قال تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي: على دين.
قال النابغة:
حلفتُ فَلَمْ أتركْ لنفسكَ رِيبَةً = وهل يَأْثَمَن ذُو أُمَّةٍ وهو طائعُ؟
أي: ذو دين.
والأصل أنه يقال للقوم يجتمعون على دين واحد: أمة، فتقام الأمة مقام الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمّة محمد، صلّى الله عليه وسلم، لأنهم على أمر واحد،
قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}. مجتمعة على دين وشريعة.
وقال الله عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}، أي: مجتمعة على الإسلام). [تأويل مشكل القرآن: 446] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أمة واحدة} أي: دينا واحد، وملة واحدة). [ياقوتة الصراط: 301]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تتّخذوا أيمانكم دخلا بينكم} تفسير الحسن: أن تسرّوا الشّرك، فترتدّوا عن الإسلام.
{فتزلّ قدمٌ بعد ثبوتها} تزلّ إلى الكفر بعد ما كانت على الإيمان فتزلّ إلى النّار.
{وتذوقوا السّوء بما صددتم عن سبيل اللّه ولكم عذابٌ عظيمٌ} والسّوء: عذاب الدّنيا، القتل بالسّيف.
يقول: إن ارتددتم عن الإسلام قتلتم في الدّنيا، ولكم في الآخرة عذابٌ عظيمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/87]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال يحيى: قدم وفدٌ من كندة وحضرموت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فبايعوه على الإسلام ولم يهاجروا،
وأقرّوا بإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة.
ثمّ إنّ رجلا من حضرموت قام فتعلّق برجلٍ من كندة يقال له: امرؤ القيس، فقال: يا رسول اللّه إنّ هذا جاورني في أرضٍ لي، فقطع طائفةً منها فأدخلها في أرضه.
فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ألك بيّنةٌ بما تزعم؟ فقال: القوم كلّهم يعلمون أنّي صادقٌ وأنّه كاذبٌ، ولكنّه أكرم عليهم منّي.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا امرأ القيس، ما يقول هذا؟ فقال: ما يقول إلا الباطل.
قال: فقم فاحلف باللّه الّذي لا إله إلا هو ما له قبلك شيءٌ ممّا يقول، وأنّه الكاذب فيما يقول.
فقال: نعم.
فقال الحضرميّ: إنّا للّه، تجعلها يا رسول اللّه إليه؟ إنّه رجلٌ فاجرٌ، لا يبالي بما حلف عليه.
فقال رسول اللّه عليه السّلام: إنّه من اقتطع مال رجلٍ مسلمٍ بيمينٍ كاذبةٍ لقي اللّه وهو عليه ساخطٌ.
فقام امرؤ القيس ليحلف، فنزلت هاتان الآيتان: {ولا تشتروا بعهد اللّه ثمنًا قليلا إنّما عند اللّه هو خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون * ما عندكم ينفد وما عند اللّه باقٍ ولنجزينّ الّذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} فقام الأشعث بن قيسٍ فأخذ بمنكبي امرئ القيس فقال: ويلك يا امرأ القيس، إنّه قد نزلت آيتان فيك وفي صاحبك، خيرتهما له،
والأخرى لك.
وقد قال رسول اللّه عليه السّلام: «من اقتطع مال امرئٍ مسلمٍ بيمينٍ كاذبةٍ لقي اللّه وهو عليه ساخطٌ».
فأقبل امرؤ القيس فقال: يا رسول اللّه ما نزل فيّ؟ فتلا عليه الآيتين، فقال امرؤ القيس: أمّا ما عندي فينفد، وأمّا صاحبي فيجزى بأحسن ما كان يعمل.
اللّهمّ إنّه صادقٌ، وإنّي أشهد اللّه أنّه صادقٌ، ولكن واللّه ما أدري ما يبلغ ما يدّعي من أرضه في أرضي فقد أصبتها منذ زمانٍ، فله ما ادّعى في أرضي، ومثلها معها.
فنزلت هذه الآية: {من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}
فقال امرؤ القيس: ألي هذه يا رسول اللّه؟ قال: نعم.
فكبّر امرؤ القيس). [تفسير القرآن العظيم: 1/88-87]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فتزلّ قدمٌ بعد ثبوتها} مثل يقال: لكل مبتلى بعد عافية أو ساقط في ورطة بعد سلامة ونحو ذلك: زلّت قدمه.
{من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً} ). [مجاز القرآن: 1/367]


رد مع اقتباس